اتصل بي صديقي الشاب غاضبًا للغاية وقال لي بانفعال شديد: هل صدقت كلامي؟ هؤلاء البشر لا يصلح معهم إلا العين الحمراء، الناس لا تحب الإنسان الضعيف، أقسم بالله العظيم أني سأبدأ مع زملائي التجهيز لمليونية في التحرير، ما دام من حق المعارضة التعبير عن الرأي في المقطم، فمن حقنا أن نعبر عن رأينا ونكنسهم من التحرير، بل والأكثر أننا سنتجه لفيلا (البرادعي)، في (كمبوند) جرانة بطريق إسكندرية الصحراوي لنعتصم أمامها، ولا مانع من أن نكتب على جدرانها أقذر الألفاظ، ونمنعه من الدخول أو الخروج هو ومن معه. حاولت امتصاص غضب صديقي وأنا أقدر مشاعره وأتفهم انفعاله، وبعد دقائق من تهدئته بدأنا حوارنا الهادئ.. هل تتصور يا صديقي أن تصعيد الأحداث وزيادة رقعة المواجهة هو حل المشكلة في مصر؟ هل رد الصاع بصاعين للمعارضة يحقق الاستقرار الذي يسعى إليه المواطن المصري؟ هل ترى في مصلحة الوطن أن يبادر كل طرف لأخذ حقه بذراعه من الطرف الآخر، أم أن المصلحة في الاحتكام للقانون بحيث يسري على الجميع بكل حزم؟ دعني أخرج بك صديقي العزيز من هذا المشهد الضيق إلى مشهد أكبر وأوسع بكثير، إنه مشهد مصر التي تحدثت عن نفسها على يد أبنائها في الثورة، وهي الآن تنتظر منهم أن ينقلوها إلى مرحلة التنمية والنهضة الحقيقية، أتحدث عن مشهد المؤامرات التي ينسجها الأعداء طوال الوقت ضد الوطن حتى ننشغل بتفاهات الأمور وننسى المهمة الأسمى، أعرف أن التحديات كبيرة، وأن الواقع به الكثير من الأحداث المؤلمة، وأن التوقعات والآمال كانت في السماء، ولكن سرعان ما خاب أمل الكثيرين نتيجة البطء في تحققها، أتمنى أن ننظر للصورة بشكل مختلف قد لا يرصده الإعلام أو يركز عليه، ولكن من المهم أن يشعر المواطن به في حياته، ما يحتاجه كل مصري هو الإنجاز الحقيقي الذي يؤثر أقوى من أي وسيلة إعلام، أكاد أجزم بأنه مهما حاولت وسائل الإعلام أن تفتعل من أحداث أو تسلط الضوء على أحداث أخرى، فلن تتمكن من إطفاء الوهج الذي يصنعه إنجاز ملموس يشعر به المواطن في حياته اليومية. هل تعرف يا صديقي أنه في نفس الوقت الذي كانت وسائل الإعلام لا تتناول إلا أحداث المقطم في أسبوعها الأول، كان الدكتور محمد مرسي يزور محافظة سوهاج ويعلن من هناك إنتهاء حقبة تهميش الصعيد التي استمرت لعقود طويلة، هل اجتهدت في تعريف أسرتك ومحيطك بالخطة التنفيذية لتنمية محافظات الصعيد التي دشنها الرئيس، والتي تتضمن إطلاق حزمة من المشروعات الصغيرة لمدة عام بإجمالي 713 مليون جنيه يتم من خلالها تمويل خمسة آلاف مشروع في مجالات مختلفة، وتوفر 45 ألف فرصة عمل، كما تشمل الخطة أيضًا في مجال النقل إنشاء الوصلة من الطريق الرئيسي قسطل - وادى حلفا، والانتهاء من المرافق والإنشاءات لتشغيل ميناء قسطل، وتطوير ميناء سفاجا، أظن من حقك أن تعرف يا صديقي أنه خلال التسعة شهور الماضية تم إنجاز العديد من المشروعات المهمة في محافظات الصعيد، يأتي على رأسها تنفيذ مشروعات صرف مغطى في خمسة آلاف فدان، وافتتاح وتشغيل 7 محطات رفع، وإنشاء خمسة كباري على النيل، كما تم إنشاء 5962 وحدة سكنية بمحافظات ومدن الصعيد وجار الانتهاء من بناء 22380 وحدة أخرى، أما في مجال التعليم فقد تم الانتهاء من مجمع المستشفيات الطبية بجامعة المنيا بتكلفة 250 مليون جنيه ، والانتهاء من المبنى الجديد لكلية الطب بجامعة الفيوم بتكلفة 85 مليون جنيه، ومبنى كلية الهندسة بجامعة بنى سويف بتكلفة 37 مليون جنيه، بالإضافة إلى الانتهاء من إنشاء 100 مشروع تعليمي و1275 فصلًا دراسيًا بمدارس الصعيد. يا صديقي العزيز.. أنت نفسك لم تهتم بأن تعرف أنه تم خلال الأسبوع الماضي إنشاء أول مدينة صناعية عربية على أرض مصر فى مدينة العاشر من رمضان، بدأت مرحلتها الأولى بإنشاء 50 مصنعًا سوريًا، باستثمارات 7 مليارات جنيه، وتستوعب أكثر من 50 ألف فرصة عمل، وجار التفاوض حاليًا مع 300 مستثمر سوري لنقل صناعتهم إلى مصر، إنجاز كبير للصناعة المصرية على أرض الواقع و بدون ضجيج و شعارات. صدقني يا عزيزي.. الحل في مصر ليس بالمزيد من المليونيات أو بسحق المعارضة، ولكن الحل بأن نقترب من هموم رجل الشارع ونبحث عن حل لمشكلاته، الحل هو أن نقدم لوطننا المزيد من الإنجازات الحقيقية، في أن يصبح لكل منا رسالة يقدمها من أجل بلده، وعندها أعدك وبكل ثقة أن اهتمامات رجل الشارع والتفافه حول القيادة ستتغير تمامًا، وعندها فقط.. نكون قد عبرنا الخطوات الصعبة نحو تحقيق النهوض الذي نحلم به لمصر. [email protected]