انتهت مساء أمس الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت لاختيار مكتب إرشاد جديد لجماعة "الإخوان المسلمين"، حيث لم تسفر عن حسم جميع المقاعد الستة عشر الخاصة بالمكتب الذي يعتبر الجهة التنفيذية والإدارية للجماعة، خلال عملية التصويت التي قام بها أعضاء مجلس شورى الجماعة البالغ عددهم 100 عضو يمثلون جميع محافظات الجمهورية، نظرا لعدم حصول أي منهم على نصف أصوات عدد الناخبين زائد واحد، وهو ما يعني إجراء جولة إعادة لحسم مقاعد المكتب. يأتي هذا وسط حالة من التكتم الشديد فرضتها الجماعة على نتائج الانتخابات، لكن هذا لم يمنع تسريب أنباء تحدثت عن أسماء أخرى كبيرة يتردد أنها أخفقت في الانتخابات، في الوقت الذي رفض جميع قيادات الجماعة تأكيد أو نفي هذه الأنباء، حيث قال أعضاء بمكتب الإرشاد إنهم لا يستطيعون التحدث لوسائل الإعلام، بعد أن تلقوا تعليمات صارمة أشد من الأوامر العسكرية، خاصة وأن هناك تهديدات بإحالة أي عضو يتحدث للإعلام إلى التحقيق وتوقيع عقوبات شديدة وصارمة. وتناولت الأوساط الإخوانية أنباء تفيد بأن العضوين الوحيدين المحسوبين على الجناح الإصلاحي داخل مكتب الإرشاد، وهما: الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أخفقا في الانتخابات، الأمر الذي يكشف في حال حصوله عن أن الجناح المحافظ الذي يقوده الدكتور محمود عزت قد نجح في الإمساك بيد من حديد بزمام الأمور داخل الجماعة وإقصاء جميع المحسوبين على الجناح الإصلاحي من مكتب الإرشاد. وهو الأمر الذي ينذر بتطورات خطيرة تهدد تماسك الجماعة خاصة في ظل المخاوف من أن الجماعة يمكن أن تشهد أزمة أخطر من الأزمة التي واجهتها في حقبة التسعينات أثناء انشقاق مجموعة الوسط بزعامة المهندس أبو العلا ماضي. وعلمت "المصريون" أن الجماعة ستقوم بإجراء جولة الإعادة خلال ساعات لحسم عضوية مكتب الإرشاد بصفة نهائية، تمهيدا لإجراء انتخابات أخرى خلال أيام لاختيار مرشد جديد خلفا للمرشد المنتهية ولايته محمد مهدى عاكف الذي سيغادر منصبه بصفة نهائية في 13 يناير القادم، بعد أن أصر على رفضه الاستمرار ولو لساعة واحدة في منصبه بعد انتهاء مدة ولايته الأولى، متمسكا بموقفه الرافض الترشح لولاية ثانية. وتم الاتفاق على عرض خمسة أسماء من قيادات الإخوان على مجلس الشورى العام هم الحاصلون على أعلى الأصوات لاختيار اسم المرشد الجديد من بينهم، وعلى رأس هؤلاء الدكتور محمود عزت الأمين العام للجماعة والدكتور محمد بديع عضو مكتب الإرشاد، والذي تشير التوقعات إلى أن جناح المحافظين المسيطر على غالبية مقاعد مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد سيصوت له. وكشفت مصادر إخوانية مطلعة، أنه سيتم عرض الاسمين الحاصلين على أعلى الأصوات من المرشحين الخمسة على أعضاء مجلس الشورى العام ليقوموا باختيار واحد منهما وتسميته ليكون المرشد الثامن لأكبر جماعة سياسية ودعوية على مستوى العالم وتحظى بتواجد قوي في أكثر من 80 دولة. وأكدت أن هذا الأمر لن يستغرق سوى أيام قليلة جدا حتى يتم إغلاق هذه الملفات بصفة نهائية والبدء في محاولة ترميم الصف الإخواني المهدد بتشققات خطيرة، خاصة وأن الأزمة الحالية التي تواجهها الجماعة تعتبر من أشد الأزمات التي واجهتها طوال 80 عام منذ أسسها الإمام حسن البنا عام 1928. وفي أعقاب الانتهاء من عملية فرز الأصوات، توجه أحد مسئولي اللجنة التي تولت الفرز مساء السبت إلى نادي العاصمة، حيث كان يتواجد مرشد الجماعة محمد مهدى عاكف لحضور أحد الأفراح المقامة هناك وقام بتسليمه نتائج الانتخابات التي حرص جميع قيادات الجماعة على إحاطتها بكتمان وسرية شديدة. من جهته، نفى الدكتور عصام العريان عضو مجلس شورى الجماعة وجود خلافات أو صراعات بين أعضاء المكتب أو ما يسمى بالتيار المحافظ وتيار الإصلاحي، أو وجود رفض بين أعضاء مجلس شورى الجماعة في مسألة التصويت على اعتبار أن الانتخابات أجريت على أساس باطل وغير شرعي، واعتبر أن كل ما أثير حول الانتخابات من لغط كلام لا أساس له من الصحة ولا يمت إلى الحقيقة في شيء. من ناحيته، انتقد الدكتور محمد جمال حشمت عضو مجلس شورى الجماعة القرارات المتسرعة التي اتخذت بخصوص إجراء الانتخابات، وأكد على ضرورة مناقشة أسباب وحيثيات إجراء الانتخابات بهذه الوتيرة السريعة، معتبرا أن الجماعة دخلت دائرة التنفيذ قبل إجراء الحوار، وقال إن من حق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي لم يحضر الانتخابات بسبب سفره إلى لندن للعلاج أن يعترض على نتائج الانتخابات وان يعترض على إجرائها من الأساس بهذا الشكل المتسرع. وأضاف أن اللغط الدائر حول الانتخابات سببه الرئيسي هو التسرع، وأنه لا نتائج حتى الآن أكيدة حول الانتخابات وأن الحديث عن استبعاد أي من أعضاء المكتب كلام سابق لأوانه لأنه لم تعلن النتيجة حتى الآن إلى جانب أن هناك أخبارا عن احتمال الإعادة، وأشار إلى أن كافة أعضاء اللجنة المشرفة على الانتخابات من داخل مجلس شورى الجماعة.