هل تشعر بالإحباط فى حياتك؟، هل أخفقت فى تحقيق أحلامك وطموحاتك؟، إذن.. فكل ما عليك فعله أن تشعر بمتعة الفشل، (استمتع بالفشل ولا تكن فاشلاً) هو أفضل ما يمكن إهداؤه إلى الطامحين بالنجاح، وهو الكتاب الذى تمكن من خلاله الكاتب "على الطاهر" أن ينقل لنا قصص التحول من أقصى درجات الفشل إلى أعلى سلم النجاح. العديد من التعليقات والرسائل تلقيتها بعد نشر مقال الأسبوع الماضى (كيف قامت من كبوتها)، والذى تناولت فيه قصة نجاح شركة تويوتا على يد مؤسسها الأول، وتحولها من مجرد شركة صغيرة تعمل فى صناعة الغزل، إلى أكبر شركة سيارات فى العالم، وإن كان البعض قد اعتبر أن هذا التوقيت غير مناسب للحديث فى مثل تلك المواضيع، إلا أنى أعود مجددًا لأؤكد أن البحث فى تجارب نجاح الآخرين، واستخلاص الدروس المستفادة من حضارات الأمم أيًا كانت هو الطريق الوحيد للتنمية والنهضة، بكل تأكيد لا يعنى ذلك التقليد الحرفى للغرب أو الشرق، إنما يعنى أن نفتش عن أسس التقدم العلمى والاقتصادى ونصنع منها خارطة طريق لتنمية بلادنا. إذا ما قررت أن أنظر تحت قدماى فقط؛ فسوف تشاهدون كل كتاباتى تنعى واقعنا الأليم، وتلعن اليوم الذى أصبحنا نتسول فيه رغيف العيش وأنبوبة البوتاجاز، قد يكون ذلك متنفسًا للكاتب وللقارئ، ولكنه من دون شك لا يقدم علاجًا ولا يصنع حلولاً، ولذلك فقد اخترت الطريق الأصعب فى التنقيب عن طرق النجاح ودعائم النهضة والتنمية، ومن هنا أيضًا كانت فكرة البحث فى الفلسفة التى استطاعت بها شركة تويوتا بناء هذا الصرح العملاق، والأساليب التى مكنت الشركة أن تتزعم عرش السيارات فى العالم لدرجة أن نوعًا واحدًا من منتجات الشركة (الكورولا)، تباع منه سيارة كل 40 ثانية فى مكان ما من العالم. نظام تويوتا هو درس ورؤية شاملة يمكن أن تعتمدها أى مؤسسة أو بلد تريد أن تكون ناجحة على المدى الطويل، سر نجاحها أنها مدرسة علم وأخلاق، ويمكن فهم أسلوب تويوتا فى العمل من خلال 14 مبدًأ إداريًا، سنتناول أهمها بإيجاز حتى يمكن فهمها والاقتناع بها، لنستوعب كيفية تحويلها إلى ثقافة عامة فى المجتمع، وبالتالى يمكن تطبيقها بسهولة فى كل مؤسساتنا الخاصة والحكومية. المبدأ الأول الذى تبنته تويوتا ورفعته شعارًا دائمًا هو: (مشكلة الفرد مسؤولية الجميع) فالجميع يتعاون ويهتم بحل مشكلة غيره، لأنه على المدى الطويل سوف تؤثر هذه المشكلة على سمعة القسم والشركة بأكملها، وهذه الثقافة بالذات من الأهمية بمكان أن نتفهمها ونسعى لتكون بديلاً عن مفاهيم التنصل من المسؤولية، وإلقاء تبعاتها على الآخر، والبحث الدائم عن الذات والوصولية بأى طريقة. كذلك فقد تمكنت تويوتا من تقديم مبدأ ونموذج المؤسسة المتعلمة، فهى واحدة من أفضل النماذج فى العالم التى تهتم باستثارة أفراها للحصول على اقتراحاتهم للتطوير وتطبيقها، بحيث يمكن الجمع بين ثقافة الانتماء والعمل وحل المشاكل من أجل خلق مؤسسة للتعلم، وكان نتاج ذلك افتخار كل عامل فى الشركة بأنه "رجل تويوتا"، حتى يمكنك النجاح فأنت فى حاجة إلى العمل على تنمية القادة من داخل مؤسستك عوضاً عن التوظيف من خارجها، لا تنظر إلى عمل القائد على أنه يتمّم مجموعة مهام ويتمتع بمهارات جيدة فى التعامل مع الناس، فالقادة يلعبون دور المثال الأعلى الذى يجسّد فلسفة المؤسسة وطريقة القيام بالعمل، على القائد الجيد أن يفهم العمل اليومى بأدق تفاصيله، مما يخوله أن يقوم بحل المشكلات فى موقعها من المصدر نفسه، بدلاً من التصرف عن بعد من خلف المكاتب. لقد وضعت تويوتا مبدًأ هامًا يحتاجه أيضًا كل فرد منا، ويتمثل فى الاستفادة من الأخطاء، وتحويل الفشل إلى وسيلة لإدراك النجاح، فالخطأ يدل على أن المرء خطا خطوة إلى الصواب، والفشل يؤكد أنك تتجه نحو تحقيق النجاح، ومن لم يخطئ فإنه لم يخط نحو الصواب، وبتلك الفلسفة استطاعت الشركة أن تتجاوز العديد من المشكلات والعوائق التى واجهتها والتى كادت أن تؤدى فى كثير من الأحيان إلى إفلاسها، يخطئ مَن يظن أن كل ما تقدمه الشركة يلاقى إقبالاً ونجاحاً، وعلى سبيل المثال فإن سيارة "كراون" تم سحبها من السوق لعدم فعاليتها فى السوق الأمريكية، وعلى الرغم من تأثر سمعة الشركة مع أول سيارة طرحتها، إلا أن ذلك لم يؤدِ لإحباطها، وإنما قادها للبحث عن المزيد من الحلول، وكان نتيجة ذلك تطوير المفاهيم وأسلوب العمل لتولد سيارة "كورونا" التى كانت بداية اختراق تويوتا للسوق الأمريكية واستحواذها على نصيب الأسد فيه. ما أحوجنا إلى دراسة تجارب الناجحين فى أى مجال من مجالات الحياة والإبداع، وعندها سنكتشف أن أى شخص مبدع ناجح متألق فى أى مجال، قد مر بسلسلة من الفشل فى بداية مشواره، لكنه لم يقف عند المرة الأولى أو الألف، بل أكمل محاولاته ومشواره الإبداعى والنضالى وصولاً إلى هدفه المرجو، يا سادة.. إن الفشل ما هو إلا خطوة فى درب النجاح، ومن لا يعرف الفشل لن يتعرف على النجاح، يمكنك أن تجعل الفشل سلماً للارتقاء، ولك أن تجعل منه قمقماً عندما تدخله فلن يكون لك منه مخرجًا.