بدأت في 2017.. القصة الكاملة ل رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    وظائف في القليوبية برواتب مجزية.. اعرف التفاصيل    وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: «أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم»    جولد بيليون: 2.3% زيادة في أسعار الذهب العالمية خلال الأسبوع المنقضي    «القباج» تستقبل وزير التمويلات الصغرى والاقتصاد التضامني بدولة السنغال    رئيس الوزراء: نستهدف فى 2030 الوصول لقيمة صادرات تتجاوز ال145 مليار دولار    إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء رفح في حركة الجهاد جنوب غزة    إحصاء أسبوعين، جيش الاحتلال يدمر 1400 مبنى ومنشأة برفح الفلسطينية    مدرب نهضة بركان يوجه رسالة خاصة ل«جوميز»: احترم منافسك وانظر لترتيبك في الدوري    المؤبد لعاطلين في اتهامهما بقتل «سمر دربكة» وحرق جثتها بالخانكة    سقوط 3 تشكيلات عصابية تخصصت فى سرقة السيارات والدراجات النارية والكابلات بالقاهرة    مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين في حادث تصادم بالشرقية    إصابة المخرج محمد العدل بجلطة في القلب    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة النجيلة البحرية الإثنين    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    توريد 189 ألف طن قمح بكفر الشيخ    وزير النقل يتفقد «محطة مصر»: لا وجود لمتقاعس.. وإثابة المجتهدين    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    غرة ذي الحجة تحدد موعد عيد الأضحى 2024    ضباط وطلاب أكاديمية الشرطة يزورون مستشفى «أهل مصر»    جامعة كفر الشيخ الثالث محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    ب5.5 مليار دولار.. وثيقة تكشف تكلفة إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة (تفاصيل)    نانسي صلاح تهنئ ريم سامي بحفل زفافها .. ماذا قالت؟    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الحرب العدوانية على غزة إلى 35386 شهيداً    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    معهد القلب: تقديم الخدمة الطبية ل 232 ألف و341 مواطنا خلال عام 2024    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    بعد تخفيض الأسعار.. إم جي 6 في مواجهه GAC إمباو –جراف    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 مايو 2024.. 83 جنيهًا للفراخ البيضاء    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاوف من استخدام انفجار الازهر للوقيعة بين القوى السياسية .. وتحذيرات في الاهرام من المغالبة في الضمانات المطلوبة للترشح لرئاسة الجمهورية .. وطبيب نفسي يطالب بالتأكد من السلامة العقلية للمرشحين .. ومبادرة لمصالحة شاملة بين الدولة وخصومها
نشر في المصريون يوم 12 - 05 - 2005

يبدو أن رياح الحرية التي تنسم الشارع المصري في الاونة الاخيرة بعضا من تباشيرها ، قد فعلت فعلها في رفع سقف الحرية لدى العديد من الكتاب المصريين ، خاصة في الصحف القومية ، ففي خلال جولتنا اليوم في المقالات والاعمدة المنشورة بصحيفتي الاهرام والوفد ، كانت قضايا الاصلاح قاسما مشتركا بين الصحيفتين ، كما حملت بعض المقالات مخاوفا وتحذيرات من أن يستغل انفجار الازهر لتعطيل عملية الاصلاح . وفي سياق مقارب ، فان قضايا التمويل الخارجي لبعض الجمعيات الاهلية مازالت تثير جدلا ما بين المعارضين والمؤيدين ، كما ان الضوابط التي يدرس مجلس الشعب المصري وضعها على تعديل المادة 76 من الدستور ، مثار قلق من أن تتحول لقيود تفرع التعديل من مضونه ، وأخيرا ، فان المخالفة الدستورية التي ارتكبتها الحكومة من خلال انفاق ما يقرب من خمسة مليارات خارج بنود الميزانية التي اعتمدها مجلس الشعب تباينت حلوها الاراء فالبعض اعتراضها مجرد مخالفة قانونية ، بينما رأي البعض في استهار الحكومة بما أقره البرلمان استهارا بالشعب بأكلمه . وفي التقرير المزيد من التفاصيل . نبدأ ، مع مخاوف البعض من استغلال انفجار الازهر من جانب الحكومة لكبت المطالبات بالاصلاح والتي علا صوتها بقوة في الفترة الاخيرة ، حيث اعتبر الدكتور عبدالعاطي محمد في عموده صحيفة الاهرام انه " وبغض النظر عن الطرف الذي قام بهذه العملية الإرهابية‏,‏ فإن وقوعها وتوقيتها لا يمكن فهمه إلا علي أنه فتنة مدبرة للوقيعة بين كل القوي السياسية ودفعها إلي الصدام بدلا من التقريب فيما بينها‏.‏ سوف توجه أصابع الاتهام من الجميع ضد الجميع‏,‏ مع أننا في قارب واحد‏,‏ وضد خطر واحد هو الإرهاب أيا كان لونه والقائمين به "‏.‏ ومضى قائلا " فالغاضبون من التيارات الإسلامية سيسارعون بتوجيه المسئولية إليهم عما جري بأنهم زادوا من احتقان الشارع السياسي بمظاهراتهم وتحديهم للسلطات‏,‏ مما دفع الخلايا النائمة إلي الحركة‏,‏ والديمقراطيون الجدد سيزدادون خيلاء ويزايدون علي الجميع وينفخون في نار المواجهة مع السلطات‏,‏ ويشككون في نياتها بخصوص توسيع هامش الممارسة الديمقراطية‏,‏ وسيفترضون أنها ستتعمد مستقبلا اللجوء إلي قانون الطوارئ لتحجيم هذه الممارسة حفاظا علي الأمن‏,‏ والسلطات المختصة ستجد نفسها حائرة بين ماهو سياسي وما هو أمني في أي تطورات مقبلة‏,‏ ووسط الحيرة يمكن أن تختار الحل الأسهل‏,‏ وهو الإجراءات الاحتياطية مما يزيد الأمور تعقيدا‏ ".‏ وللخروج من هذه المعضلة ، اعتبر الكاتب " أن اليقظة الأمنية‏,‏ والمراجعة والمصالحة بين كل القوي الوطنية‏,‏ أمران ضروريان لتجاوز حالة الصدمة والقلق‏,‏ ومواصلة العملية الديمقراطية‏ ".‏ وننتقل إلى قضية تعديل المادة 76 من الدستور الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهورية ، والتي تقدم الرئيس مبارك للبرلمان باقتراح بتعديل نظام الانتخاب من الاستفتاء إلى الانتخابات المباشرة بين أكثر من مرشح ، حيث ركز الدكتور يحيى الجمل في صحيفة الاهرام من ضرورة التفريق بين " ضمانات جدية الترشيح من ناحية‏.‏ وإحتمالات الفوز في الانتخابات من ناحية أخري‏ .‏ هذان أمران مختلفان ولابد وأن تكون حساباتهما مختلفة تماما‏.‏ وأوضح أن " ضمانات جدية الترشيح يقصد منها فقط إبعاد المغامرين والعابثين‏.‏ ولا يقصد من ورائها أن من يتقدم للترشيح لابد وأن يكون له من الوزن السياسي ما يجعل إحتمالات فوزه بالمنصب أمرا واردا ".‏ وأشار الجمل ، الذي يعد أحد اساتذة القانون الدستوري البارزين ، إلى أن " ضمان الجدية يكفي فيه أن يقال مثلا إن المرشح لابد أن يكون له تاريخ سياسي‏.‏ ولكن هذه كلمة عامة وغير محددة وقد نصل إلي تحديدها بأن نقول إن المرشح لابد أن يحصل علي تزكية عدد من المواطنين ذوي الصفة التمثيلية علي أي مستوي كانت هذه الصفة‏.‏ كأن يطلب منه تزكية خمسة من النواب أو عشرة من أعضاء مجلس الشوري المنتخبين‏.‏ أو خمسين من أعضاء المجالس الشعبية في خمس محافظات‏.‏ أو خمسين ألفا من المواطنين العاديين من عشر محافظات وقد يشترط في هؤلاء الخمسين ألف أن يكونوا من الحاصلين علي شهادات عالية أو ما إلي ذلك من أمور‏.‏ تزكية مثل هؤلاء قد تكفي لإبعاد العابثين والهازلين ولكنها بيقين لا يمكن أن تكون معبرا لأي احتمالات للفوز في الانتخابات‏.‏ ولكننا إذا قلنا إن المرشح للمنصب يجب أن يحصل مثلا علي تزكية خمسين عضوا من أعضاء مجلس الشعب أو مثلهم من أعضاء مجلس الشوري‏,‏ هنا نخرج من ضمان الجدية إلي مرحلة أخري هي مرحلة احتمالات للفوز في الانتخابات من أجل الوصول إلي المنصب‏.‏ ذلك أنه ليس كل مواطن جاد بقادر علي أن يحصل علي تزكية هذا العدد الكبير من أعضاء مجلس الشعب أو أعضاء مجلس الشوري‏.‏ ولو نحن قلبنا أبصارنا بموضوعية وتساءلنا من الذي يستطيع اليوم أن يحصل علي تزكية خمسين نائبا في مجلس الشعب أو خمسين عضوا في مجلس الشوري فإننا سنفاجأ بأن هؤلاء سيكونون من الندرة بحيث يمكن أن يقال إن كل واحد من هؤلاء النادرين قد يوجد لديه احتمال ولو محدود لفوزه في انتخابات الرئاسة‏ ".‏ وانتقل الجمل من انتقاد القيود على عملية الترشيح ، لشن هجوم عنيفة على العملية الديمقراطية الراهنة في مصر ، وقال " ولعلنا نكون صادقين مع أنفسنا إذا قلنا إنه في أي نظام ديمقراطي حقيقي والعالم كله شاهد علي ذلك فإن المجالس النيابية في البلاد ذات التعددية الحزبية لا يوجد فيها حزب يتمتع بأغلبية كاسحة‏.‏ وإنما يوجد فيها حزب يتمتع بنسبة‏40%‏ وآخر يتمتع بنسبة‏30%‏ وحزبان آخران أحدهما‏20%‏ والآخر‏10%.‏ وهكذا توجد في البلاد الديمقراطية الحقيقية ذات التعددية الحزبية الحقيقية آحزاب متقاربة تتداول السلطة بينها بين الحين والحين‏.‏ ولكن سيطرة حزب واحد بنسبة طاغية علي كل المجالس النيابية أو التمثيلية هو دليل واضح علي غياب التعددية الحزبية وغياب التداول الحقيقي للسلطة وهما سمتان أساسيتان من سمات النظام الديمقراطي لا يوجد بدونهما‏ ".‏ وأوضح الجمل أنه " في فرنسا يطلبون تزكية خمسمائة من أعضاء المجالس ذات الصفة التمثيلية التي تزيد عضويتها عن خمسمائة ألف‏.‏ أي أن الخمسمائة شخص لا تتجاوز نسبتهم‏1%‏ من مجموع الممثلين للشعب وهذا يقابل عندنا أن يقال أربعة أعضاء من مجلس الشعب يكفون لضمان الجدية‏.‏هذا إذا كنا فعلا نريد ضمانا للجدية ولا نريد وسيلة للتعجيز أو لا نريد الانتخاب علي درجتين‏.‏ وأريد أن أقول إن تيار الإصلاح قد بدأ وقد أبرأ الرئيس مبارك ذمته أمام الشعب وأمام التاريخ بهذه المبادرة وعلينا أن لا نفرغ المبادرة من مضمونها وأن نحول بين التطور وأن يتحقق‏,‏ ليست مهمتنا أن نضع السدود أمام التطور وإنما مهمتنا أن نسمح للتطور بأن يتحقق بيسر وسهولة ولا ندفعه دفعا إلي العنف الذي تأباه طبيعة الشعب المصري " . وعلى العكس من مخاوف الدكتور الجمل من أن تتحول ضوابط الترشيح لرئاسة الجمهورية إلى قيود تعجيزية ، فإن الدكتور يسري عبد المحسن ، استاذ الطب النفسي ، انجاز إلى صف المؤيدين لوضع الضوابط ، لكنه وبحكم تخصصه ، اقترح على اللجنة المنوطة بفحص طلبات المتقدمين للترشيح أن تفحص " الجانب الخفي وغير المعلن والذي تتعلق بطبيعة شخصية المرشح من حيث أسلوب تفكيره وحصيلة المفاهيم التي يتبناها ودرجة التحكم في نزوعه وانفعالاته وعواطفه وسلوكياته الظاهرة منها وغير الظاهرة وكذلك إرادته التي تحكم تحركاته‏....‏ إلخ‏ " .‏ وفي إطار تبرير مخاوفه من صعود " مجنون" لسدة الرئاسة في مصر ، أوضح عبد المحسن " أن الجانب النفسي والمعنوي والخاص بدراسة طبيعة الشخصية يحتل أهمية كبري عند المجتمعات والحكومات الغربية المتقدمة‏,‏ وهو لا يقل بأي حال من الأحوال عن الجانب المادي الظاهري‏,‏ فالبيت الأبيض في الولايات المتحدة علي سبيل المثال له أكثر من خبير نفسي يرصد تحركات الرئيس ويدرسها ويعلق عليها ويوجهها علي أسس علمية عالية التقنية " . وبعد أن ندعو الله أن يحفظ مصر من " الرؤساء المجانين " وأيضا " جنون الرؤساء " ، ننتقل إلى مقال آخر ، ولكن أيضا في صحيفة الاهرام ، حيث طرح الكاتب الاسلامي فهمي هويدي ، ولو بشكل غير مباشر ، مبادرة لمصالحة شاملة بين الدولة وخصومها من كافة التيارات ، خاصة الاسلاميين ، وذلك من خلال التطرق لتجارب حالية تدور واقعها في الجزائر والمغرب . ودون التطرق لتفاصيل مقال هويدي الذي حشد داخله كما كبيرا من المعلومات حول التجربتين الجزائرية والمغربية ، فانه اختتمه بالعبارة الاتية " لا أستطيع قبل أن أغادر أن أكتم سؤالا ظل يلح طوال الوقت وأنا أتابع المشهد‏,‏ السؤال هو‏:‏ متي ياتري يمكن أن تصل نسائم رياح المصالحة تلك من مغرب العالم العربي إلي مشرقه؟‏!‏ " . وإذا انتقلنا إلى قضية التمويل الاجنبي ، التي كانت مثار جدل واسع في الصحف المصرية خلال الاسبوعين الماضيين ، حتى أن صحيفة " نهضة مصر " جعلت من مهاجمة الجمعيات التي تتلقى تمويلا اجنبيا قضيتها الاولى ، رغم ان الصحيفة نفسها أثيرت شكوكا على أنها صدرت ضمن "مبادرة باول" الخاصة بالمشروع الامريكي للاصلاح في المنطقة . على العموم ، فان الدكتور مصطفى الفقي ، الذي تخصص في الفترة الاخيرة في التأصيل الفكري للمواقف التي تتخذها الحكومة ، جعل القضية موضوعا لمقاله الاسبوعي في الاهرام . وكالعادة ، كان الجزء الاول من المقال ، نظريا بحتا حول دور المساعدات والمعونات في ترشيخ هيمنة الدول الكبرى على الدول الفقيرة والنامية ، وكيف أن " المعونة الأجنبية طريق ذو اتجاهين لاتعطيها دولة لأخري حبا فيها أو تصدقا عليها‏,‏ فهي ليست عملا خيريا ولكنها مسألة سياسية ترتبط بأهداف واستراتيجيات لايمكن تجاوزها‏,‏ فكل شيء في عالم السياسة له مقابل‏,‏ وكل إجراء له ثمن‏,‏ وكل مبادرة لها تكلفة‏,‏ ولايتصور أحد أبدا أن المعونات الأجنبية عمل إنساني بحت‏,‏ ولكنها تأتي تحقيقا لمصلحة‏,‏ أو منعا لضرر‏,‏ وليست أمرا مطلقا بغير ضوابط أو روابط "‏. ثم ينتقل الفقي للحديث عن المعونة الامريكية لمصر " إذا كنا نتحدث عن المعونة الأمريكية تحديدا‏,‏ فإن مصالح واشنطن في الشرق الأوسط ترتبط باستقراره‏,‏ ومصر هي قاعدته المحورية وركيزته الأساسية‏,‏ بدونها لاتنشب حرب شاملة‏,‏ كما لايتحقق سلام كامل‏,‏ والولايات المتحدة الأمريكية تدرك أكثر من غيرها أن مصر بوابة المنطقة دخل منها السوفييت إلي الشرق الأوسط في عصر عبدالناصر‏,‏ وخرجوا منه في عهد السادات‏,‏ كما أن التحالف الصامت بين القاهرة‏,‏ وواشنطن قد أصبح واحدا من المعطيات الإقليمية الرئيسية‏,‏ ولانستطيع أن نقول إن معونة واشنطن لمصر هي معونة لا تقابلها أدوار ومواقف علي الجانب الآخر‏,‏ إذ إن واشنطن تعرف لمن تعطي ومتي " . ثم يضيف " ..‏ هذه ملاحظات أردت أن أطرح من خلالها مسألة الحديث عن قضية توجيه المعونة الأمريكية لبعض الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية‏,‏ وربطها بخطط الإصلاح وبرامج الترسيخ الديمقراطي والنهوض الوطني‏,‏ وهنا نكون أمام الحق الذي يراد به باطل‏,‏ لأن شبهة التدخل الأجنبي تبدو واضحة‏,‏ كما أن مثل هذا التصرف قد يستعدي فئات علي غيرها ويؤدي إلي انقسام اجتماعي وسياسي لايخفيان علي أحد‏,‏ وأنا أطالب هنا بطرح رؤية جديدة لمسألة المعونة الأجنبية تقوم علي حسابات المكسب والخسارة بوضع الأهداف السياسية المحققة للدولة المانحة في معادلة متكافئة أمام الأرقام المالية للمبالغ الممنوحة منها‏,‏ إذ أن العائد السياسي قد يفوق كثيرا المدفوع المادي بصورة لاتسمح باستخدام الأخير سلاحا علي رقاب من يتلقون المعونة ويدفعون ثمنها من سياستهم دائما‏,‏ بل ومن كرامتهم أحيانا‏,‏ إنني لا أعترض علي دعم المجتمع المدني وهيئاته ومؤسساته وجمعياته‏,‏ ولكن يجب أن يتم ذلك من خلال تنسيق شامل ونظرة عادلة لا تحرج الحكومات‏,‏ ولا تضع قيدا علي الشعوب‏,‏ ولاتصادر الحركة الطبيعية للمجتمع‏,‏ فالغني والفقر ظاهرتان فرديتان ولكن عندما يرتبطان بالأمم والشعوب فالمسألة مختلفة‏ " . وبعد استعراض مقالة الدكتور الفقي ، تبقى لنا ملاحظة ، وهي أن الرجل يتعمد دوما على اتخاذ موقف واضح ، والبقاء في المنطقة الرمادية ، لكن هذا لا يصلح في هذه القضية بالذات ، فالفقي كان عضوا في مجلس أمناء مركز ابن خلدون الذي يترأسه الدكتور سعد الدين ابراهيم ،
وهذا المركز قائما أساسا على التمويل الاجنبي ، فترى على أي اساس وافق الفقي على عضوية أمناء المركز ؟ . ونبقى أيضا في قضية التمويل الاجنبي ، لكن ننتقل إلى صحيفة الوفد المعارضة ، حيث اتهم الكاتب وجدي زين الدين ، " عملاء القوي الاجنبية الذين يحاولون منذ فترة غير قصيرة زعزعة الامن والاستقرار بالبلاد" بالوقوف وراء انفجار الازهر . واعتبر الانفجار " رسالة صبيانية من الذين تجردوا من ادني مشاعر الوطنية وباعوا انفسهم للذين يسعون بكل السبل والطرق لزعزعة استقرار مصر، مقابل ملايين من الدولارات المشبوهة التي حصلوا عليها بزعم التغيير والتجديد والاصلاح ". ومضى قائلا " فهؤلاء الخونة لمصر هم الارهابيون الجدد الذين يتسترون تحت شعارات زائفة وخادعة بزعم المناداة بالشرف والوطنية ويرتكبون باسم الوطنية كل الجرائم المحرمة شرعا وقانونا، ويحيطون انفسهم بهالات من الاكاذيب. وبعد كل ذلك ، يقول الكاتب " انني لا استعدي الدولة علي احد بل اطالب النظام بالضرب بيد من حديد علي هؤلاء الخونة الذين قبلوا الاموال المشبوهة والذين روعوا الآمنين في الازهر مؤخراً ". ولنا هنا أيضا ملاحظة ،فالخارج أصبح شماعة لنعلق عليه مشاكلنا ونوقف عقولنا عن البحث عن اسباب وجذور داخلية لما تعانيه مجتمعاتنا ، مع الاقرار بالدور الكبير الذي يلعبه الخارج ، لكن حجم هذا الدور يبقى أيضا رهنا بعوامل داخلية . وأما القضية الثالثة التي كانت محل اهتمام كتاب الاعمدة والمقالات في الصحف المصرية اليوم ، فهي الازمة التي شهدها مجلس الشعب ، بس قيام الحكومة السابقة بانفاق نحو خمسة مليارات جنيه خارج المبالغ المقررة في الميزانية ، مما يعد مخالفة دستورية فادحة ، خاصة وان الحكومة كان يمكنها العودة للمجلس لطلب موافقتها على ذلك المبالغ الاضافية قبل انفاقها بالفعل . عباس الطرابيلي ، رئيس تحرير صحيفة الوفد ، كتب في الموضوع يقول " المبلغ الذي أنفقته الحكومة السابقة- دون موافقة- ليس عدة جنيهات ولكنه 8400 مليون جنيه. والمهم أن حكومة د. عبيد لم تفكر في عرض الأمر علي الشعب، نقصد مجلس الشعب، فهل هذا هو الاستهتار بنفسه.. أم هو عدم احترام الحكومة للمجلس وبالتالي عدم احترامها للشعب كله. والمؤلم أن رئيس مجلس الشعب- رجل القانون- يعترف بأن ما وقع مخالفة دستورية.. ولكنه يحاول إيجاد مبرر لما ارتكبته الحكومة بهذا الإجراء فقال إن هذه المخالفة الدستورية حدثت في موازنات هيئات اقتصادية.. وكان عليه أن ينزل من المنصة ليدلي برأيه في هذه المخالفة الدستورية الخطيرة " . وأضاف الطرابيلي " وما حدث يجعلنا نطالب بوقفة حاسمة مع هذا المجلس الذي يستهين بدوره الدستوري.. ولا يمارس مهامه كما يجب.. ويجعلنا ذلك نطالب كل حكومة- قبل أن ينتهي الهدف من بقائها- بأن تقدم إخلاء طرف عما ارتكتبه.. وتجعلنا نطالب بعدم سقوط حق الشعب في مساءلتها وبالتالي محاكمتها عما ارتكبت يداها " . ثم تساءل " وإذا كانت هذه الأمور ستمضي.. هل يستمر الجهاز المركزي للمحاسبات في تقديم تقاريره عاما وراء عام دون أن نأخذ هذه التقارير بالجدية الواجبة.. وهذا يدفعنا للتساؤل عن جدوي استمراره في مهمته.. أم علينا أن نطالب بأن يمضي هذا الجهاز إلي حال سبيله ونوفر للدولة ما تتحمله من رواتب وإيجارات ونفقات؟ ". وعلى الجانب الاخر ، رأى عبد الرحمن عقل في عموده بصحيفة الاهرام " أن الحكومة لم تكن فاسدة وأن هذا التجاوز جاء علي أساس مبدأ علمي هو مرونة الموازنة الذي يسمح بالتجاوز للضرورات الملحة‏.‏ ماهي هذه الضرورة‏..‏ هذا هو موضوع المناقشة‏,‏ وماكان يجب لكبار المسئولين في ادارة الميزانية بوزارة الماليه السماح بهذه التجاوزات إلا أن تستكمل الشكل الذي نص عليه القانون وهو أخذ موافقة مجلس الشعب‏ " . ورغم ذلك التبرير ، فان عقل اعتبر أن " الدفاع من جانب الحكومة لم يكن مقنعا واجتهاد الحكومة في تبرير التجاوز تجاوز حدود المنطق والعقل فبينما يفند النواب المخالفة للدستور بذكر المواد الصريحة التي جاءت في القانون يفسر الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية الأمر علي أنه ليس مخالفة دستورية وأنه فقط مخالفة مالية تنتهي بموافقة المجلس وأوضح " المشكلة ليست فقط في تجاوز الاعتمادات ومدي دستوريتها‏,‏ ولكن المطلوب هو المحاسبة علي عائد الانفاق‏,‏ هل تحقق العائد من النفقة؟ فإذا لم يتحقق العائد من النفقة فهذا هو معني إهدار المال العام من قبل الحكومة‏ " .‏

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.