سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعارضة ترفض أن يأتي الإصلاح على يد من أجهضوه طويلا .. كاتب حكومي يؤكد أن مبارك يعالج الشعب المصري نفسيا .. ووصف السفارة الأمريكية بأنها قصر دوبارة جديد .. ودعوة للباحثين المصريين بالبقاء بالخارج حتى تنصلح الأحوال
شهدت صحف القاهرة اليوم سجالا عنيفا ما بين الصحف القومية وصحف المعارضة حول الاستفتاء على التعديل الدستوري الذي أجرى أمس ، ودعت أحزاب المعارضة لمقاطعته ، ففيما اعتبرت صحف المعارضة أن الاستفتاء كان استعراضيا ، واثبت عدم جدية الحكومة في إجراء إصلاح حقيقي ، فان البعض وصف هذا الإصلاح بأنه علاج نفسي للجسد المصري ، بعدما نجح الرئيس مبارك في علاج هذا الجسد من أمراضه العضوية ، في إشارة للإصلاح الاقتصادي . كما حملت صحف اليوم هجوما عنيفا على قيادات النظام الحالي ، باعتبار أنه من المستحيل أن يأتي الإصلاح على أيدي من رفضوا نفس هذا الإصلاح لسنوات طويلة مضت . وفي التفاصيل مزيد من المساجلات . ونبدأ من صحيفة "الوفد " المعارضة ، حيث اعتبر رئيس تحريرها عباس الطرابيلي أن " ما جرى أمس من استفتاء ظاهري يؤكد أن النظام يريد أن يستمر كل شيء، كما كان.. فهو يطبق مقولة " ليس في الإمكان أبدع مما كان "، ولهذا فالتعديل شكلي.. ظاهره ديمقراطي.. وباطنه ترسيخ لسطوة حزب يتحكم في مصير مصر منذ سنوات، ويريد أن يستمر كذلك لسنوات لا أحد يعرف نهايتها.. أما الشعب فلم يستفد شيئاً، بل خسر.. خسر على الأقل مئات الملايين التي أضاعها النظام على زفة استفتاء لم تخرج منه الأمة بفائدة تذكر.. ثم بعد ذلك نتساءل: وماذا بعد؟! " . وأضاف " ويا ليت هذه الزفة جاءت بنتيجة إيجابية.. إذ رغم كل هذا الحشد والشحن في سيارات النقل العام وسيارات المصانع والمصالح من أماكن العمل إلى لجان التصويت.. رغم كل هذا فإننا نتحدى أن أحداً قام بعملية فرز للأصوات التي ذهبت.. لأن النتيجة معروفة.. ولا ندعى أنها معدة مسبقاً.. وكنا نعتقد أننا سنعمل على إصلاح أنفسا بأنفسنا.. أي نقبل الإصلاح من الداخل.. حتى لا نرغم على الرضوخ لطلبات الإصلاح من الخارج. ولكننا نكتفى الآن بتقديم فروض الطاعة لواشنطون مهما كانت طلباتها.. حقيقة لن يصل الأمر بنا إلى مثل ما حدث لأفغانستان أو للعراق.. لأن لنا وضعاً خاصاً. ولكن القاهرة للأسف تلبى ما يطلب منها.. بعد أن انتهى عصر كنا نحن كل المصريين نقول لا لواشنطون " . ومضى الطرابيلي في هجومه العنيف على النظام المصري قائلا " وأصبح الاستمرار في كراسي الحكم مرهوناً برغبة أو بموافقة.. السلطان الجديد وهو هذه المرة على بعد آلاف الأميال.. في واشنطون. فالكل يسعى إلى الحصول على الرضاء وعلى الموافقة.. وعلى أن تضئ له واشنطون الضوء الأخضر.. والويل لو أن أحداً منهم غضبت عليه واشنطون.. أو رفض سيد البيت الأبيض منحه الرضاء السامي.. فلا استقبال رسمي. ولا إقامة في بيت الضيافة ولا مراسم رسمية للاستقبال.. وكأن التاريخ يعيد نفسه. وكل ما حدث أن عاصمة السلطان تغيرت من الآستانة إلى واشنطون.. وأن اللقب أو السيد لم يعد سلطاناً بل أصبح لقباً عصرياً اسمه: الرئيس.. وأصبح ممثل واشنطون في عواصم المنطقة هو المندوب السامي الجديد.. وأصبح مقره هو "قصر الدوبارة الجديد" حتى وإن أحاطوه بكتل الأسمنت المسلحة بالحديد طلباً لنفسها من الحماية " . وأضاف الطرابيلي " نحن شعوب المنطقة عندما تأخرنا كثيراً في الاستجابة للمطالب الشعبية ببدء الإصلاح الشامل من الداخل.. فكان عليهم أن يقبلوا الإصلاح من الخارج أي ينفذوا تعليمات السلطان الجديد وهو هذه المرة سلطان الإمبراطورية الأمريكية. نقول ذلك رغم أن البعض يحاول أن ينفذ إصلاحاً شكلياً.. ديمقراطي المظهر.. أما الجوهر فلا شيء فيه حتى أصبح الأمر نكتة تماماً مثلما نقول إن أحمد هو نفس الحاج أحمد..وعدنا إلى ما كنا عليه.. وما علينا إلا أن ننتظر منحة السلطان الأمريكي، وتعليمات السلطان الأمريكي. ونحن نرفض هذا السلطان.. ونرفض تدخله في أمورنا الداخلية.. لأننا مازلنا نملك إرادتنا بأنفسنا ". ونبقى في صحيفة الوفد ، حيث شن أسامة هيكل هجوما عنيفا على رموز السلطة ، قائلا " مستحيل أن يأتي الإصلاح على أيدي من رفضوا نفس هذا الإصلاح لسنوات طويلة مضت؟! ولا يمكن أن يكون المسئولون عن عملية الإصلاح هم أنفسهم نفس المسئولين الذين حجبوه طوال »24« عاماً مضت!!" . وأضاف " فالدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب منذ عام 1989.. وصف تعديل المادة »76« من الدستور، بأنه تعميق للأساس الديمقراطي للدولة، وتأكيد سيادة الشعب، وتأكيد التعددية الحزبية، وقال انه لا مجال للسلبية لأنها تعنى التفريط في حقوق الإنسان، وقال إن حكم الشعب لا يبنيه الانهزاميون أو السلبيون.... وأريد أن أسأل الدكتور سرور رجل القانون ورئيس مجلس الشعب طوال 16 عاماً مضت.. وأين كنت يا دكتور سرور طوال السنوات التي مضت؟! هل طلبت من الرئيس مبارك أن يعدل الدستور وكان رأيك دائماً أن الإصلاح واجب، وأن للشعب حق اختيار رئيسه؟! هل جرؤت يوماً أن تقود مجلس الشعب الذي تديره لرفض قرار أصدره الرئيس ولو مرة واحدة؟! لقد قدت هذا المجلس للموافقة على قانون الطوارئ عاماً بعد الآخر.. وصرحت أكثر من مرة بأن الدستور لا يحتاج إلى تعديل.. فلماذا تهلل لهذا التعديل الآن؟! . وواصل هيكل انتقاداته " أما صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ووزير الإعلام السابق وأمين عام الحزب الوطني.. فقد صرح بأن الشعب عليه أن يمارس حقه الدستوري لأنه صاحب الكلمة الفاصلة في تحديد أسلوب اختيار من سيتولى رئاسته.. وصفوت الشريف هو أكثر وأبرع من جند جهاز الإعلام لخدمة الرئيس، وصرح أكثر من مرة بأن الدستور يناسب المرحلة الحالية.. وإذا به تحول فجأة لأكبر دعاة الإصلاح، تماماً مثل كمال الشاذلى وزير شؤون مجلس الشعب الذي أكد أن المصريين لن يتخلوا عن ممارسة حقهم الدستورى ولن يفرطوا في التوجه لصناديق الاستفتاء للإدلاء بأصواتهم ليضربوا المثل والقدوة للأجيال القادمة في ممارسة الديمقراطية.. وكلنا يعلم أن كمال الشاذلي هو حامى حمى الحزب الوطني الذي يسيطر على نواب الحزب الوطني ويوجههم حيثما يشاء، وكان من أشد أنصار الدستور قبل التعديل أيضاً " . وأضاف " لا أعتقد أن الإصلاح يأتي بأيدي هؤلاء السادة الذين نحترمهم ونختلف معهم كل الاختلاف في المبادئ والأسس.. وهؤلاء الرجال كانوا مناسبين لمرحلة الحزب الواحد.. وإذا كانت النية حقيقية في الإصلاح والتغيير، فلا يمكن أن يكون الإصلاح على يد من كانوا يرفضونه ويعتبرونه عيباً ". ولم يكن ما كتبه الدكتور سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون في صحيفة " الدستور" المستقلة أقل وطأة في الهجوم على النظام ، إذ طرح إبراهيم في مقاله الخطوة التالية في عملية الإصلاح ، باعتبار أن الخطوة الأولى هي عدم التمديد للرئيس ، قائلا " إن أولوية الإصلاح السياسي ، فيما بعد مبارك ، هي تعديل الدستور في كل مواده الخاصة برئيس الجمهورية ، سواء بطريقة اختياره ، أو الحد الأقصى لشغله منصبه أو صلاحياته واختيار نوابه أو كيفية محاسبته وإقصائه من منصبه . أما الأولوية التالية فهي استقلال القضاء ، قولا وفعلا ، ويعني ذلك وحدة وتكامل السلطة القضائية من أدني درجات التقاضي إلى قمته ممثلا بمحكمتي النقض والدستورية ، وهو ما يعني إلغاء كل أنواع القضاء الموازي والدخيل مثل محاكم الطوارئ وامن الدولة ، فالقضاء الطبيعي كفيل بتطبيق القانون وتحقيق العدالة . ورأى سعد الدين أن " استقلال القضاء وإنهاء حالة الطوارئ يرتبط بتفكيك أجهزة " الدولة البوليسية" أي تلك التي تحكمها أجهزة سرية لا تخضع للرقابة العامة ، فمن مثلا يحاسب أجهزة المباحث والمخابرات ، فلا مجلس الشعب ولا القضاء ولا الرأي العام قادر على معرفة سلطاتها أو ميزانياتها أو قياداتها أو أساليب عملها ، فولاء هذه الأجهزة هو لشخص الحاكم وأسرته وأقاربه والمقربين منه ، وأغلب الظن أن الحاكم بدوره يغرق هذه الأجهزة السرية بالامتيازات المادية والمعنوية حتى يتكرس ولاء قياداتها له هو وحده ، فهو من يمنح ويمنع ولا رقيب ولا حسيب غيره ، وهؤلاء هم الذين يزينون للحاكم صورته ويخفون عنه وعن الناس قبح الصورة . وفي مقابل هذه الانتقادات ، حاول مرسي عطا الله في مقاله الأسبوعي بصحيفة "الأهرام" الحكومية ، أن يدافع عن وتيرة الإصلاح التي يتبناها النظام ، قائلا " أتذكر اليوم تعبيرا أثيرا قاله لي الرئيس مبارك قبل سنوات بأن الأوضاع كانت أشبه برجل مريض وأنه وقد فرضت عليه المقادير أن يكون رئيسا للفريق الطبي المعالج, فإنه رأي بعد مشاورات ومداولات مع معاونيه ضرورة البدء بإصلاح وعلاج الصحة البدنية للمريض وعندما ينجح العلاج ويستعيد المريض عافيته الجسدية ، فإن البدء في علاج الصحة النفسية سوف يكون أقل صعوبة وأكثر يسرا. والمعني واضح أن الإصلاح الاقتصادي هو الموازي لعلاج الصحة البدنية للمريض, وأن الإصلاح النفسي هو الإصلاح السياسي المنشود ". وأضاف عطا الله " وأغلب الظن أن الرئيس مبارك, بعد أن اطمأن تماما لاكتمال برنامج الإصلاح والعلاج للجسد والبدن المصري, وتقوية مناعته ضد الأزمات الاقتصادية والهزات الاجتماعية, ارتأى أن ينتقل إلي الأولوية الثانية لإنعاش الحالة النفسية للجسد والبدن المصري, لأن قوة الأوطان ليست فقط في منعة اقتصادها وضخامة إنتاجها, وإنما القوة لأي وطن تكتمل بالقوة والمنعة النفسية التي تكتسب من الشعور الحقيقي بالثقة في النفس, والقدرة الشاملة علي تحمل المسئولية بعيدا عن أي شكل من أشكال الكفالة ". لكن هذا الاكتمال للعلاج البدني للجسد المصري ، وجد تشكيكا مباشرا وفي الصفحة المقابلة بنفس الصحيفة " الأهرام" ، حيث نقل الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة مقتطفات من رسالة لباحث مصري يدرس في اليابان ، تتم محاربته وحرمانه من الترقي بسبب خلافات شخصية ، وذلك في الوقت الذي وجدت نفس الأبحاث التي تقدم بها في مصر وفشل في الحصول علي ترقية بها " تقديرا في اليابان وحصل بها علي جائز ة من الدولة في البيولوجيا. وينقل سلامة عن الباحث قوله " إن المسألة هي أنني أجد نفسي ناجحا خارج مصر أكثر مني داخلها. وقد أنفقت الحكومة اليابانية علي دراستي خلال ال11 عاما الأخيرة في معهد التكنولوجيا بطوكيو, وفي كليتي العلوم والزراعة بجامعة كوبيKobe للعلوم الصناعية المتقدمة في مدينة العلوم تسوكوباTsukoba. بينما أفقد صبري وأملي في بلوغ أي نجاح في مصر, وأصبح كل همي أن أتفادي عمليات التحطيم والهدم التي أتعرض لها ". ويضيف سلامة " يفكر هذا الشاب الآن في ترك أبحاثه في اليابان والعودة إلي مصر للنضال من أجل استعادة حقوقه كما يقول في رسالته.. وهو علي الأرجح ما سوف يفرح قلوب الذين طاردوه, والذين كل همهم تبديد طاقاته في صراعات شخصية لا تنتهي, أصبحت هي السمة الغالبة في المعاهد العلمية". واختتم سلامة قائلا " وفي رأيي أن من العبث أن يبدد مثل هذا الباحث الشاب حياته وطاقاته في صراعات لا طائل منها, وأن يبقي حيث يستطيع أن يحقق ذاته ويحقق مزيدا من النجاح في أبحاثه العلمية. عسي أن يأتي اليوم الذي تنصلح فيه الأمور, لقيام بحث علمي حقيقي في مصر ".