قد يبدو موضوعي اليوم غير ملائم لأحداث الساعة، وقد كتبته منذ أسبوع تقريبًا، فأذن لى به أيها القارئ الكريم. تأييدي للإخوان لم ينقطع منذ دخلوا حلبة الانتخابات 1984، ورغم مآخذي السياسية على الجماعة وحزبها طوال العامين الأخيرين، فتصويتي مازال حتى «اللحظة» لهم، والإخوان جزء من انتمائي الأعرض للتيار الإسلامي الأعرض كذلك، مع احتفاظي باستقلاليتي عن أي انتساب تنظيمي لحزب من الأحزاب. صوتُ للإسلاميين في انتخابات مجلس الشعب 2011 حوالي ثمانية عشر مليون ناخب من خمسة وعشرين حضروا هذه الانتخابات، ولكننا لم نحظ بهذا العدد فى انتخابات غاية فى الأهمية، أقصد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وربما وأكرر ربما قرأ الإسلاميون مدلول ذلك أو هكذا أتمنى، ولكنهم يقينًا عندي وفقًا للمشهود، لم يعملوا على هدىٍّ من هذا الفهم إن كان تَحَصَّل بالفعل، ومسؤولية الإخوان فى ذلك، الأعظم. انصراف المصوتين غير الإسلاميين، الذين صوتوا فى انتخابات مجلس الشعب للإسلاميين، وتصويتهم فى الرئاسية لشفيق، كان تطلعًا منهم وشوقًا إلى الاستقرار الذى أوهمهم به شفيق، واليوم هم فى حيرة من أمرهم، فلا الإخوان «المستدرجون» منحوهم الاستقرار ولا حسنوا أحوالهم المعيشية، ولكون الإخوان «الواقعون» ومازالوا فى فخ الاستدراج، غير مبشرين حتى اللحظة، والدليل ما نراه من قطع طرق ووسائل مواصلات وحرق مراكز شرطة وخلافه، بينما لا يرى هؤلاء المصوتون أى ضبط وحسم من الإخوان «المطبطبين» فى هذا الشأن، وتتعظم الحيرة عند هؤلاء المصوتين المنسحبين، عندما لا يجدون البديل، فالعلمانيون من وجهة نظر هؤلاء المصوتين هم السبب الرئيس ومعهم الفلول فى عدم الاستقرار وتدهور الأحوال الاقتصادية، ومن هنا فهم فى حيرة من أمرهم فليس أمامهم إلا الإخوان المستدرجين «الطيبين» من جانب والأقلية العاجزة المتسببة فى إعاقة مصر من جانب آخر، ومن هنا ومن هنا نحن أمام أحد تطورين نظريين محتملين، ومعهما رجاء. التطور النظري الأول، وهو عندي أمل كذلك بحكم انتمائي، أن يفيق الإخوان والإسلاميون عمومًا، فيستعيدوا هؤلاء المصوتين المنسحبين. التطور النظري الثاني، أن ينسحب العجزة من الشارع الاحتجاجي الذي سبب لهم بغبائهم خسائر شعبية واضحة، ثم يوظفوا إعلام الضلال والتضليل، ليجتذب بالكذب والخداع، قدرًا من هؤلاء المصوتين المنسحبين، إليهم. أما الرجاء، فلكون المصوتين المنسحبين، هم من غير الإسلاميين بالأساس، فالأقرب لمنعهم من الانسحاب حال عدم إفاقة الإخوان، هو حزب الوسط، الذى من الممكن أن يجذبهم، إن اشتغل صح. والشغل الصح من حزب الوسط، يتعلق فى هذه المرحلة، بعمل إعلامى يحمل شعارات موجزة ولكن ذات مدلولٍ عميق، تنطلق من رؤى وسياسات وبرامج علمية عميقة وحقيقية تستشرف الواقع وتلبى احتياجاته الممكنة، لن أتحدث بشأنها هنا أمام البصاصين والخباصين، العجزة. نصيحة لحزب الوسط، لا تمتدوا بتحالفاتكم خارج نطاق الأحزاب الإسلامية. أما الإخوان فأقول لهم، إن أعدى أعدائكم طوال السنتين الماضيتين، ضيق الأفق، والعمل استنادًا للأماني النظرية الزائفة، والهواجس المرضية، وعلاج الثلاثة بعد الثقة فى الله، فى الإدارة العلمية، مشكلتكم التى تبدو لنا أن أغلب ولا أقول كل كوادركم رغم مؤهلاتهم العلمية المقدرة بل درجاتهم العلمية المعتبرة، فضلاً عن أخلاقياتهم التى نحسبها سامية بإذن الله، لم يُحَصِّلوا خبراتهم من العمل فى منظومات إدارية رفيعة، وهذا لا يشينهم ولكنه يمثل نقصًا معتبرًا، والعلم لا يغنى عن الممارسة، كما أن الممارسة يثقلها العلم، فابحثوا عن سبل تعوض النقص. ونصيحة أخرى للإخوان، امتدادكم الاستراتيچي يقينًا هو فى الأحزاب الإسلامية الأخرى، ولكى تجسدوا أمامكم ما أنصح به، ضعوا تصورًا نظريًا محتملًا بعيدًا عن التحقق بإذن الله، أن غشيكم الحصار السياسى نتيجة لاستمراركم فى فخ استدراج الأقلية العاجزة وإعلامها الكاذب المضلل الزنان واستمراركم فى سياسة «الطبطبة»، فمن لكم بعد الله سبحانه وتعالى؟ كما أن الوفاء من شيم الكرام، والعكس مش لطيف. بعد اطلاعي على مبادرة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، كتبت على حسابي، أن أي مبادرة تتجاوز المطالب «الممكنة»، أو حتى تقرن مطلبها الممكن بطلب المشاركة فى السلطة بأي صورة من الصور، ستعمق الأزمة عاجلًا أو آجلًا، بمعنى وعلى سبيل المثال، أنه يمكن تفهم المطالبة بشفافية مطلقة للانتخابات الپرلمانية القادمة، ولكن دون تشكيل حكومة ائتلافية، ذلك تقديري. وفى جميع الأحوال، على الدولة أن تمارس فورًا دورها الغائب حاليًا، فى ضبط الشارع الاحتجاجي، وبحسم قانوني. ألمح وسط أزماتنا، حزبًا واعدًا بشخوصه الناضجة المتزنة، التي استثمرت السجون والمعتقلات، في التدبر الواعي العميق، فخرجت علينا هذه الشخوص وكأنها لم تفارق البتة المشهد بشموله، والشارع وناسه بمتغيراته، وعندما تتحدث ندرك أنها لا تتحدث إلا انطلاقًا من فكرٍ، ينبئنا برؤية لم تتبلور إلا من فوق سطوح الوطن، الذي يطل على المشهد المصري بكل مشتملاته وأعماقه. انتظروهم، فلا ينقصهم إلا التسويق. أقصد، بعض رموز الجماعة الإسلامية وبعض أعضائها، ومن ثم حزب البناء والتنمية. [email protected]