في الوقت الذي تحولت فيه «الناصرية» من قوة ناعمة إلى قوة مدمرة لكل ما هو إسلامي، ولأول مرة في عهد الرئيس مرسي تحل الذكرى الرابعة والتسعون لمولد الزعيم جمال عبد الناصر.. السؤال الافتراضي الذي يفرض نفسه لو كان عبد الناصر حيًا هل كان سيساند الفريق شفيق ضد الرئيس الإسلامي محمد مرسى؟ وهل كان عبد الناصر سيتحالف مع «حزب الوفد» وهو الحزب الوحيد الذي يتميز بأنه حزب الفلول أيام عبد الناصر وأيام مرسي معًا.. ورغم أنني ألتمس العذر للشيخ خالد عبد الله وهو النموذج الإعلامي المهني الأخلاقي الرادع الذي قال - ردًا على إعلام العوالم - أن كل ما هو ناصري فهو ضد الإسلام.. إلا أن حديث الوثائق والحقائق عن موقف عبد الناصر من الإسلام يكشف ما يلي: *في خطابه أمام مجلس الأمة يوم 5/2/1958 قال عبد الناصر إن الإسلام هو الحل الأول والأخير لمشكلة العلاقة بين الفرد والمجتمع.. وهي المشكلة التي حيرت المفكرين والفلاسفة في أوروبا إلا أنها وجدت الحل عندنا منذ ألف وثلاثمائة سنة حين نزل القرآن الكريم الذي يدعو إلى الأخوة الإنسانية، وتفضيل مبادئ العدالة الاجتماعية على أساس من التراحم والتكافل الأخوي والإيثار على النفس في سبيل النفع العام.. ويقول الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد في الحلقة الأولى من مذكراته رغم أن نظرتي تغيرت تمامًا في جمال عبد الناصر إلا أنها لم تصل يومًا إلى تكفيره فقد كنت أرى أن من الصعب أن نقول إن جمال عبد الناصر كان ضد الإسلام أو عدوًا له.. عبد الناصر استعان في بداية الثورة برجال من الإخوان في موقع الوزير.. مثل الشيخ الباقوري والدكتور عبد العزيز كامل.. أما المستشار الدمرداش العقالي وهو قيادة إخوانية فقال إن عبد الناصر نبتة إخوانية من الأساس وأنه بايع حسن البنا المرشد العام منذ عام 1942، وأنه شكل مع آخرين الجهاز الخاص للإخوان المسلمين في الجيش، وأن جمال عبد الناصر حلف على المصحف والسيف لمبايعة الإخوان وقال إن عبد الناصر يقول عن نفسه في 18 نوفمبر 1956 أنا كنت قبل الثورة على صلة بالحركات السياسية الموجودة.. "كنت أعرف الشيخ حسن البنا لكن ماكنتش عضو في الإخوان".. وأن عبد الناصر ضم إلى تنظيم الضباط الأحرار ضباط ينتمون فكريًا إلى الإخوان المسلمين مثل كمال الدين حسين.. وأنه في الذكرى الأولى لاستشهاد حسن البنا وقف عبد الناصر على قبره مترحمًا واستمرت الإذاعة في تلاوة القرآن طوال اليوم، وقال عبد الناصر كان حسن البنا يعمل مع الجميع ليعمل الجميع في سبيل المبادئ السامية وأقام نادي الضباط حفلًا لتكريم سيد قطب الذي استقال من وظيفته كرئيس لهيئة التحرير وهو أهم منصب مدني في الحكومة.. ويقول الكاتب الإسلامي ناجح إبراهيم ناجح إن الإخوان أخطأوا عندما حاولوا قتل عبد الناصر في 1954، والانقلاب المسلح عليه في 1965.. وقال إن النظام الخاص وهو الجناح العسكري للإخوان قام بمحاولة الانقلاب على عبد الناصر فعلًا.. ولكنه لم يستأذن المرشد الهضيبي الأب الذي كان يكره العنف. وحول طبيعة الصراع بين الإخوان وعبد الناصر عرض الدكتور صبري محمد خليل الأستاذ بجامعة الخرطوم قضية الخلاف وأنه لم يكن دينيًا ، وإنما كان خلافًا على من هو الأجدر والأحق بالسلطة.. عبد الناصر كان يرى أنه هو والضباط الأحرار الأجدر بالسلطة لأن الثورة ثورتهم وأنهم غامروا بحياتهم وأن الإنجليز لن يسمحوا للإخوان بحكم مصر.. أما الإخوان فإنهم كانوا يرون أنهم أصحاب فكرة الثورة من الأصل وأن عبد الناصر وعامر وغيرهما كانوا من الإخوان المسلمين الذين بايعوا على المصحف والسيف.. وأن هؤلاء الضباط صغار لا يصلحوا للحكم، وأن الإخوان هم القوة الرئيسية التي وقفت مع الثورة وهم الأجدر بالحكم والسلطة. وقال ناجح إبراهيم إن أخطاء عبد الناصر ضد الإخوان لا تعد ولا تحصى.. لا أحد ينسى المحاكم الاستثنائية وما أصدرته من أحكام بالإعدام ل6 قيادات كبرى بالإخوان، وتحويل زنازين المخابرات العامة والبوليس الحربي إلى أماكن تعذيب وسجون.. وأن الدولة البيروقراطية هى التي لطخت ثوب ثورة يوليو.. وهم الذين ارتدوا بها عن مسارها في عهد الرئيس السادات لنقل مصر إلى خانة التبعية والتطبيع مع العدو الصهيوني. ويقول العالم الجليل صاحب المقام الرفيع فضيلة الشيخ يوسف القرضاوى: إنه رغم كل صنوف التعذيب على يد عبد الناصر ورجاله إلا أن ذلك لا يصلح أن يكون مبررًا لغمط عبد الناصر أو إغفال الإنجازات التي أنجزها لوطنه وتصويره وكأنه حاكم بلا حسنات أو كأنه شيطان رجيم. وأخيرًا لا يحق للانتهازيين الذين يلبسون قميص عبد الناصر أن يزعموا أنهم يسيرون على طريق عبد الناصر اللهم إلا إذا كانوا يطبقون نظرية السادات الذي سار على طريق عبد الناصر لكن ب"الأستيكة".