إن ما يرتكبه الطاغية بشار ( نذير الشؤم والعار ) من جرائم وحشية ومجازر يومية في حق شعبه قد فاق كل تصور , وتجاوز كل حد , حتى بلغ عدد الشهداء ستين ألفا – حسب إحصاءات الأممالمتحدة – والعدد في تزايد حيث يسقط يوميا العشرات بل المئات من الشهداء من جراء القصف – برا وبحرا وجوا – في الوقت الذي لم يُطلق فيه رصاصة واحدة علي ( العدو الصهيوني ) الذي يحتل ( الجولان ) من أرض سوريا , بل سبق أن اخترق العدو الصهيوني أجواء سوريا أكثر من مرة , وضرب فيها أهدافا , وحلق فوق قصر الرئاسة , وسكت الطاغية جبنا ونطق خزيا : ( تحتفظ سوريا بحق الرد ) .. وكان الرد , ولكن لا علي إسرائيل بل علي أبناء شعبه الشرفاء الأحرار : سجنا وتعذيبا وتشريدا , وقتلا وفتكا وتدميرا .. وإذا كان الشيء من معدنه لا يستغرب , فإن الطاغية المجرم يحاكي أباه الذي فرّ مذعورا أمام العدو في الجولان , ثم أصبح أسدا مفترسا هائجا علي أبناء شعبه في سوريا عامة وفي ( حماة ) خاصة حين دمرها وهدمها علي رؤوس أهلها من ( الأطفال والنساء والشباب والشيوخ ) , بالصواريخ والمدفعية والدبابات . لقد صدق في الابن الطاغية ما قاله فضيلة ( الشيخ كشك ) – رحمه الله – في الأب الطاغية من قبل : أسد في سوريا , أرنبة في الجولان .!! وصدق فيهما معا , ما قاله ( عمران بن قحطان ) وهو يُعيّر( الحجاج ) لما هرب من (غزالة ) في بعض حروبه مع ( شبيب الخارجي ) : أسد عليّ وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا برزت إلي غزالة في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر وفي الأيام الأخيرة , أطلّ الطاغية علي شعبه - بعد واحد وعشرين شهرا من ثورة سوريا – بنفاق يفوق نفاق ( ابن أُبي بن سلول ) , وكذب يربو علي كذب ( مسيلمة الكذاب ) , وغطرسة تكبر غطرسة ( أبو جهل ) ليقول : ( إن النزاع المستمر ليس بين حكم ومعارضة , بل بين الوطن وأعدائه , وبين الشعب والقتلة المجرمين .. ) وأخذ يسخر من ثورات الربيع العربي بقوله : ( إن الربيع المزعوم عبارة عن فقاعات صابون سوف تختفي .. ) , ونسي أو تناسى أن هذه الفقاعات غسلت وطهرت تونس ومصر وليبيا واليمن من عار وأدران أنظمة الهارب والمخلوع والمقتول والمحروق .. وما بقي من هذه الفقاعات ستأتي عليه – بإذن الله - لتغسل سوريا الشقيقة الحبيبة من عاره وأقذاره .!! إن ما نطق به الطاغية يدل علي غيابه عن وعيه , وانفصاله عن واقعه , وتلك طبيعة الطغاة في كل زمان ومكان فإن " .. لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ". ] الأعراف , الآية : 179 [ لقد طال طغيان الطاغية وامتد , لتتحقق فيه سنة الله – عز وجل – في الطغاة المنافقين من قبل ".. وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " . ] البقرة , الآية : 15 [ وعلي قدر امتداد بشاعة الظلم والطغيان , كان أبناء سوريا - علي قدر الحدث - مثلا يُحتذي في طول الصبر والثبات والشجاعة والإقدام, لقد فاقوا أترابهم - في ثورات الربيع العربي –بالتضحيات الهائلة .., ففي كل دقيقة من قرابة العامين, قتل وهدم واغتصاب ونهب .. كل ذلك لم يفت في عضدهم , ولم ينل من عزيمتهم , فما وهنوا لما أصابهم في سبيل أهدافهم , وما ضعفوا وما استكانوا , بل أثبتوا أنهم الفرسان الشجعان الذين أعادوا لسوريا أمجادها وأمجاد أبطالها الأشاوس من أمثال : يوسف العظمة , وبدر الدين الحسيني , وحسن الخراط وغيرهم.. حُق للعالم كله أن ينحني إجلالا واحتراما لشعب سوريا العظيم الذي ضحي وما زال بأعز ما يملك في سبيل حريته وكرامته , ومن أجل إزاحة نظام وحشي بربري همجي لم تعرف له البشرية مثيلا .! إن ما يحد ث في بلدنا الشقيق ( سوريا ) – علي مرأى ومسمع من العالم أجمع - من قتل وسحل وسجن وتشريد وتعذيب لأبنائها , وقصف وهدم وتخريب وضياع لبيوتها , ومعالمها ومؤسساتها , ومنشآتها من قبل الطاغية المجرم وزبانيته , لأمر خطير يصم الإنسانية كلها - علي صمتها - بوصمة الخزي والعار.. إن ما يحدث من مجازر وحشية لأبناء سوريا , إنما هو اعتداء علي الإنسانية كلها .. ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية والأخلاقية والقانونية والسياسية , ليتحرك اليوم قبل الغد لوقف هذه المجازر, وتقديم صاحبها إلي المحاكمة ومعاملته كمجرم حرب . فإن لم يشعر المجتمع الدولي بإنسانيته , ويتحرك أمام مسؤولياته , فلنناشد جمعية الرفق بالحيوان , لتنقذ أخاها من بني الإنسان .. وإلا صحنا مع قول القائل : يا جمعية الرفق بالحيوان والديك ماذا عن الإنسان في سوريا يلهيك.! * داعية ، وباحث في الفكر الإسلامي أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]