سيدى الرئيس أنت لا تملك سيف الحجاج، ولا ذهب المعز، ولا سياط ناصر، ولا معتقلات مبارك، والمرحلة الراهنة وأحوال البلاد تحتاج لعزم لا يلين، وصلابة لا تستكين؛ لفرض القانون على رقاب الجميع، أفرادًا وجماعاتٍ، هيئاتٍ ومؤسساتٍ، دونما تفرقة تفرضها المراكز والمناصب والعلاقات والاتصالات بالخارج أو بالداخل، لا تعبأ بهم فقلاعهم التي بها يتحصنون أهون من بيت العنكبوت، وإن تشعبوا وتظاهروا، فما جنت أيديهم في حق الشعب تجعلهم يتحسسون رقابهم رعبًا ورهبةً من يوم الحساب، ومن خدم في بلاط الظالمين لا تأخذه رأفة أبدًا ببطون الجائعين، ولأنك في نهاية المطاف من تتحمل المسئولية كاملة بموجب الدستور الذي أقره الشعب، فلا تستعن إلا بمن يقدر هذا الشعب ويسهر على خدمته، ويحقق له الأمن والطمأنينة، فلن يعينك على تحمل المسئولية، وإنجاز المهام وتنفيذ البرامج التنموية، من يهجوك ليل نهار، ويتتبع زلاتك، ويتمنى فشلك وإخفاقك، فلا تثق بهم، ولا تنخدع بطروحاتهم، التي يلبسونها عناوين براقة، وكلمات جوفاء عن توافق وطني، أو حكومة إنقاذ أو محاصصة مؤسسات، فهؤلاء إن عملوا معك لن يزيدونك إلا خبالًا وسيضعون في برامجك وخططك الوهن، في ظروف قد ينفد فيها صبر الصابرين الذين يعلقون عليك الآمال في التطهير والتطوير والتعمير. ولا تنس سيدي الرئيس أن الدستور الجديد حملك بأثقال المسئولية، وكبلك بهموم الشعب، كل الشعب، وكثير منه يعيش دون الكفاف، تحملوا الكثير، ويريدون رؤية بزوغ فجر الأمل، يريح النفوس من أرق السنين ومحن الليالي، هذا الشعب الذي لم يخذلك يومًا، فمنح حزبك الأغلبية في غرفتي البرلمان (الشعب والشورى) رغم حملات الكيد والتشكيك، وعندما أراد أعداء الشعب، وخصوم الحرية تنصيب كبيرهم الهارب، كان رد الشعب بليغًا، أن نصبك رئيسًا لبلد عظيم يستحق أفراده عيشًا كريمًا رغم أنف الفلول، فاِجعل رهانك دائمًا على الشعب تجده عونًا لك في الملمات. ولما دبروا المؤامرات وأشعلوا الحرائق واستباحوا الأعراض والدماء وانتهكوا عرين الاتحادية، كنت أنت هدفهم، وكرسي الرئاسة وهدم البنيان مبتغاهم، فهب الشعب الطاهر من فوره ليراق الدم الزكي، وتثخن الجراح برصاص الخسة والغدر، ثم يكافئ المحققون حماة الحق العام المعتدين، ويطلقون سراحهم، رغم التلبس بالجرم وحيازة الأحراز من أسلحة وزخائر؛ ليثبت ميزان العدالة من جديد أن كفته تميل تجاه بوصلة المخلوع. سيدي الرئيس اختر حكومة قوية، من أصحاب الرؤية والمبادرة، والأهداف الواضحة تعمل معك، ووفق رؤيتك وتنفذ برامجك، طهر وزارتي الداخلية والعدل، فبهما بؤر فساد مزمن، أفقد الشعب الثقة فيهما، رغم أن الشرفاء فيهما كثر، لكن يد الفساد ضاربة وصوتها عالٍ تجاهد من أجل مكاسبها، فقطف رؤوس الفساد فيهما مقدم على توفير رغيف الخبز. أما النخب السياسية والأحزاب الهلامية فمصيرهم في يد الشعب، الذي أسقطهم أكثر من مرة في انتخابات الشعب والشورى، وهو قادر على وضعهم في حجمهم الطبيعي، بعدما تبينت حقيقتهم، فلا تجعل لهم موطئ قدم لا يستحقونه، لأن ما حدث بتعيين وجوه تابعة للنظام البائد في مجلس الشورى، من خلال الأحزاب التي انضموا إليها ينم عن سوء نية من جانب تلك الأحزاب، ويقدح في نصوص الدستور الخاصة بالعزل السياسي، وكان الأحرى رفض تلك الوجوه الطفيلية التي قامت الثورة من أجل إزاحتها. قد يرى البعض في ذلك دعوة للإقصاء، لكن الحقيقة أن تلك هي قواعد اللعبة، فمن ارتضاها فليقبل بنتائجها، وإن رفضها فليكن (وذلك حق مكفول) شريطة التعامل بحس المسئولية الوطنية، وليس بمنطق قطاع الطرق، فليس معقولاً أن يلفظك الشعب بالصناديق فتتهم الشعب بالجهل والغباء وتلقي الرشاوى، لتبرر فشلك وإخفاقك، ثم تفرض نفسك عليه من باب المساومات بدعوى التوافق، والإنقاذ. والله الموفق.