عندما تردد أن الرقابة في مصر وافقت على عرض فيلم "دافنشي كود" في دور السينما المصرية ، لم يصدر رد فعل "رسمي" لا من الأزهر ولا من الكنيسة . كان فقط آراء نقلتها الصحف التي تناولت الموضوع عن علماء مسلمين لا يمثلون الأزهر ورجال دين أقباط لايمثلون الكنيسة ، كانت محض آراء تعبر عن وجهة نظر هذا أو ذاك ولم يدع أي منهم أنه يتكلم نيابة عن مؤسسته الدينية ومع ذلك "اطنطت" علينا كل متحذلق أو "جاهل" أراد أن يخفي جهله بادعاء "الاستنارة" ، وراح يسب ويشتم "المؤسسات الدينية" التي تفرض وصايتها على "الابداع" ! ولا يريد أن يسمع أو يفهم أن هذه "المؤسسات" لم يصدر عنها أي موقف رسمي من الفيلم : لا بالاعتراض ولا بالموافقة ، ولايريد أن يقرأ مضمون الرواية التي أخذ عنها الفيلم . اعتراض بعض رجال الدين جاء على "الادعاءات" المسيئة للنبي عيسى عليه السلام . وإني لأشك في أن يكون "المتحذلقون" قد قرأوا أيضا بعض ما نشر عن "دافنشي كود" في الصحف العربية أو الأجنبية ، ولا أعتقد أن ناقدا "مسلما" أو "مسيحيا" يقبل بما ورد في الرواية ، تحت مبرر حرية الرأي والإبداع . مؤلف الرواية الأمريكي "دان براون" يفترض وجود "علاقة جنسية ما" في إشارة خبيثة إلى أنها كانت غير شرعية جمعت المسيح عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، باحدى العاهرات يعتقد المسيحيون أنها تابت وانجب منها ذرية لا زالت موجودة حتى الآن ، وهو ما تخفيه الكنيسة الكاثوليكية عن النصارى منذ ألفي عام ! هذا الكلام لن يقبله إلا من لا دين له ولا أمان ولا خلق أيا كانت ديانته مسيحيا أو مسلما ، فالذين يدافعون عن الرواية ويدعون إلى قبولها بما فيه من كلام فاحش يطعن في عفة عيسى عليه السلام طهارته وعصمته بلغ مبلغ اتهامه ب "الزنى بعاهرة" ، هم إما جهلاء أو امعات يحسبون أن هذا سيرضي عنهم دوائر التلميع الهوليودي بالغرب أو عار مرافقة كهنة الحداثة في أزقة التمويل الغربي ببعض العواصم العربية . الغريب أنه في الوقت الذي كان فيه أصناف "عبده مشتاق" والباحثين عن الشهرة الرخيصة ، يدافعون فيها عن الرواية وعن الإبداع ، كان نحو 2000 صحفي وناقد غربي ، يستقبلون الفيلم بالضحك والتهكم والسخرية وبالصفير ، عندما عرض عليهم في "كان" عشية عرضه على الجمهور . وكالة أنباء "فرانس برس" نقلت عن "غيرسن دو كونه" الناقد في صحيفة "تايمز اوف اينديا" قوله : "القصة لم تكن مفهومة بشكل واضح. والجملة التي كان يفترض ان تشكل مفتاح الفيلم يقصد علاقة المسيح الجنسية بمريم المجدلية قوبلت بضحكات او بالأحرى بضحكات ساخرة وهذا يلخص كل شيء". قد يقول البعض أن الفيلم اجتاح شباك التذاكر مثلا في أمريكا الشمالية ذات الأغلبية المسيحية ، وهذا صحيح ، بل إن الرواية بعد صدورها ، بيع منها أكثر من 30 مليون نسخة وترجمت إلى 50 لغة وبيعت أكثر في الدول المسيحية !ومن بينها لبنان الذي يشكل المسيحيون نسبة 30% من سكانه ،ولم يغضب منه المسيحيون المصريون أيضا ، وإنما كان غضبا خجولا صدر مؤخرا عن بعض رجال الدين وهددوا بمقاضاة دور العرض التي ستتجرأ وتعرض الفيلم على الجمهور، وهذه ظاهرة لافتة ومدهشة ايضا تحتاج إلى أن نتناولها في مقال لاحق إن شاء الله تعالى [email protected]