فى مقابلة صحفية اعترفت وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبى ليفني؛ أنها مارست الجنس مع شخصيات عربية من أجل إسرائيل، وأنها مع القتل وممارسة الجنس مع الأغيار؛ إذا كان الهدف هو الإتيان بمعلومات تستفيد بها إسرائيل، تأتى أعمال ليفنى على خلفية فتوى من أحد أكبر حاخامات إسرائيل هو آرى شفات، تسمح للنساء الإسرائيليات بممارسة الجنس مع الأعداء مقابل الحصول على معلومات. والمتأمل فى هذا المشهد يستهجنه على الأقل أخلاقياً، لكنها مارست عملاً وإن أراق شرفها كامرأة اعتبرته عملا حسناً؛ إذ يخدم أمن بلادها، ويدفع عنه خطر الإرهاب كما يُعتقد. وبصرف النظر عن فجاجة المثل فى شأن السيدة ليفنى فى هدفه ووسائله، إلا أنه يعطى درساً بليغاً لقدسية الأوطان وحرمة حياضها؛ فقدت الإحساس به كثير من فصائل ورموز المعارضة المصرية، إذ صارت تحركاتهم تهدف وبلا مواربة لهدم الوطن، والجلوس على أنقاضه، برفع الشكوى إلى الخارج للاستقواء به وبغية تدخله مباشرة فى شأننا الداخلي، أو إحداث الفوضى والترويع والانفلات فى الداخل، بلا وازع ولا رادع من ذواتهم، يرفعون شعار عدم الإكراه فى الدين ويدعون لحرية المعتقد، ويشهرون سيف الإكراه فى الديمقراطية ورفض خيارات الشعب، ومحاولة فرض رؤيتهم كأقلية على إرادة الأغلبية. فمنهم من خدم تحت إدارة النظام المخلوع وكان ركناً فيه، ورفع له لواء السمع والطاعة، وتغنى بحكمته وبعد نظره وثاقب بصيرته، وهم شهود عيان على فساده، ومروقه وخيانته، لوطنه وأمته، ولم نسمع لهم صوتاً يعترض ولو همساً على بيع مقدرات البلد من أراضٍ وثروات طبيعية، وشركات تعمل فى مجالات تعتبر مكونات أمن قومى، ومنهم من تربح من فساد الفريق الأول واستظل بحمايته. ومن نبل الثورة أنها تسامحت مع الجميع حتى مع رأس النظام، وأرادت أن تؤسس لدولة القانون، وحكم المؤسسات، ووأد فكرة الحكم الفردي، الذى استبد بالبلاد وأضاع العباد، لكن أثبتت التجربة أن البتر كان هو أنجع الحلول للإبقاء على الجسد سليماً معافاً. فالحكم الفردى المتسلط لأكثر من ستين عاماً كان كفيلاً بتأسيس حالة متجذرة من الفساد فى شتى قطاعات الدولة بلا استثناء، فكان أن تساندت وتعاضدت فى ثورة مضادة منظمة، تستحوذ على الأموال الطائلة التى نهبت، والإعلام الفاسد الذى دشن من هذا المال الحرام، وأريد له أن يكون رأس الحربة فى الانقلاب على الثورة وتأديب الشعب، بشن الحملات الضارية للنيل من النظام الجديد؛ حتى بات أكثرهم كذباً ووضاعة أكثر الناس "وطنية وشهامة رجولة"، كما وصفته قيادة سياسية ترتدى ثوب القضاء. كنا نتمنى أن يقف كل معارض ليعلن للشعب كم عدد أعضاء حزبه، والأمانات واللجان التى افتتحها فى المحافظات، والمراكز، والأحياء، والقرى، وتجربة فى احتواء كل أطياف المجتمع، وكيف يستعد لتقديم برنامج تنموى ينهض بالبلاد، ويقيل الاقتصاد من عثرته، بدلاً من المناكفة وتعويق مسيرة البلاد نحو حكم محترم يسعى لإزالة ركام الماضى الكئيب. فالشتات الذين أجمعوا أمرهم اليوم على رفض الإعلان الدستوري، الذى أصدره رئيس الجمهورية مستخدماً سلطاته، وباراً بقسمه، وتقديراً لمسئوليته الثورية، تحمله عليها حملاً حالة الضرورة والتردى التى آلت إليها الأوضاع، وأقّته بفترة إنجاز الدستور، الذى يحجم ويقلص سلطاته كرئيس ويستكمل بنية الدولة من المؤسسات التشريعية؛ بعض من هؤلاء كان ينادى بإعطاء المخلوع فرصة لاستكمال مدته الرئاسية رغم أنف الشعب، ويضنون بها على رئيس انتخبه الشعب! أبعد هذا عبث؟ وهل هذه معارضة محترمة؟ إن هذا النوع من المعارضة يحتاج إلى استحضار تجربتى عبد الناصر والسادات، حيث تكفلت أسلحة غير ديمقراطية بالتأديب والإصلاح والتهذيب. إن الرئيس عندما لجأ إلى تأليف القلوب "والطبطبة" تداعى الفلول، وقويت شوكتهم ظناً منهم أن عقارب الساعة يمكن أن تنتكس وتعود إلى الوراء، حتى الهارب منهم بفساده وخزيه تراوده أحلام اليقظة قبل المنام فى العودة المظفرة إلى حكم البلاد؛ لكن هيهات، فالشعب لكم بالمرصاد. نأمل أن تكون وقفة الرئيس القادمة مع المحكمة الدستورية التى شهد شاهد من أهلها فى "مؤسسة القضاء" أن السياسة أضحت قبلتها وأن التحزب محاربها. والله الموفق،، أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]