كيلاني: إمامة امرأة للمصلين فى أمريكا لا تجوز وصلاتهم باطلة في خطوة جديدة أثارت ردود أفعال الفقهاء وعلماء المسلمين قامت السيدة "أني رونافيلد" رئيس منظمة مسلمون من أجل قيم تقدمية بولاية كاليفورنيا الأمريكية وهي مسلمة أمريكية من أصل ماليزي، بإمامة الصلاة في مسجد الرجال بولاية كاليفورنيا، وهي غير مرتدية للحجاب، وأكدت أني رونافيلد أنها تؤم المسلمين رجالاً ونساءً في الصلاة؛ لأنه بحسب قولها، لم تجد نصًا قرآنيًا يمنعها من إمامة الرجال في الصلاة وأنها ترى أن الإسلام قد ساوى تمامًا بين المرأة والرجل فكما أن الرجل يؤم المرأة في الصلاة جاز أن تؤم المرأة الرجال في الصلاة. وأكدت "أني رونافيلد" أنها عاشت في مصر 5سنوات وتلقت العلوم الشرعية من بعض علماء الأزهر الشريف، مشيرة إلى أنها اعتنقت الإسلام بعد دراسة كبيرة ومتواصلة اكتشفت من خلالها بسماحة وعظمة الإسلام. وحول حكم الدين في إمامة المرأة للرجال في الصلاة قال فضيلة الشيخ محمد عيد كيلاني وكيل وزارة الأوقاف أن الله تعالى قد خص الرجال ببعض الفضائل والأحكام، وكذلك خص النساء ببعض الفضائل والأحكام، فلا يجوز لأحد من الرجال أن يتمنى ما خصت به النساء، ولا يجوز لأحد من النساء أن يتمنى ما فضل به الرجال، فإن هذا التمني اعتراض على الله تعالى في تشريعه وحكمه حيث قال الله تعالى: ( وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) النساء/32 . ومما خص الله تعالى به الرجال، أن العبادات التي تحتاج إلى قوة كالجهاد، أو ولاية كالإمامة وما شاكلها تختص بالرجال، ولا مدخل للنساء بها وقد استدل العلماء بالكثير من الأدلة القرآنية والنبوية حيث قال تعالي: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 . قَالَ الشَّافِعِيُّ في الأم:"َإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ ذُكُورٍ فَصَلاةُ النِّسَاءِ مُجْزِئَةٌ وَصَلاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ; لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الرِّجَالَ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَقَصَرَهُنَّ عَنْ أَنْ يَكُنَّ أَوْلِيَاءَ، وَلا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ إمَامَ رَجُلٍ فِي صَلاةٍ بِحَالٍ أَبَدًا". وقال السعدي رحمه الله : "فتفضيل الرجال على النساء, من وجوه متعددة: من كون الولايات مختصة بالرجال, والنبوة والرسالة, واختصاصهم بكثير من العبادات, كالجهاد, والأعياد, والجمع، وبما خصهم الله به, من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله". وقال السعدي رحمه الله: "وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ" أي: رفعة ورياسة, وزيادة حق عليها, كما قال تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ )، ومنصب النبوة والقضاء, والإمامة الصغرى والكبرى, وسائر الولايات مختص بالرجال". وروى البخاري عَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ : قال رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ) فهذا الحديث دليل على أن الولايات العامة لا يجوز للمرأة أن تتولاها، والإمامة من الولايات العامة. وروى أبو داود وأحمد "عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ ) صححه الألباني في سنن أبي داود، فقال أهل التفسير والحديث (وَبُيُوتهنَّ خَيْر لَهُنَّ ): أَيْ صَلاتهنَّ فِي بُيُوتهنَّ خَيْر لَهُنَّ مِنْ صَلاتهنَّ فِي الْمَسَاجِد لَوْ عَلِمْنَ ذَلِكَ , لَكِنَّهُنَّ لَمْ يَعْلَمْنَ فَيَسْأَلْنَ الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد وَيَعْتَقِدْنَ أَنَّ أَجْرهنَّ فِي الْمَسَاجِد أَكْثَر" ، وَوَجْه كَوْن صَلاتهنَّ فِي الْبُيُوت أَفْضَل الأَمْن مِنْ الْفِتْنَة, وَقد َتَأَكَّد ذَلِكَ بَعْد وُجُود مَا أَحْدَثَ النِّسَاء مِنْ التَّبَرُّج وَالزِّينَة". وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ، وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا ، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) . وقال النووي: "أَمَّا صُفُوف الرِّجَال فَهِيَ عَلَى عُمُومهَا فَخَيْرهَا أَوَّلهَا أَبَدًا وَشَرّهَا آخِرهَا أَبَدًا أَمَّا صُفُوف النِّسَاء فَالْمُرَاد بِالْحَدِيثِ صُفُوف النِّسَاء اللَّوَاتِي يُصَلِّينَ مَعَ الرِّجَال, وَأَمَّا إِذَا صَلَّيْنَ مُتَمَيِّزَات لا مَعَ الرِّجَال فَهُنَّ كَالرِّجَالِ خَيْر صُفُوفهنَّ أَوَّلهَا وَشَرّهَا آخِرهَا, وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ , وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ". ويضيف الشيخ كيلاني: أنه إذا كانت المرأة مأمورة بالصلاة في بيتها، ومأمورة بالبعد عن الرجال، وحكم النبي بأن شر صفوف النساء أولها، لأنها تكون أقرب إلى الرجال، فكيف يليق بحكمة الشرع أن يبيح للمرأة أن تصلي إمامًا بالرجال، وهو يأمرها أن تبتعد عن الرجال ؟!! ليس هذا فحسب بل إن النبي لم يجز للمرأة أن ترفع بصوتها للإمام اذا أخطأ في الصلاة فقد روى البخاري ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ قال : ( مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ)، فقال الحافظ تعليقا على هذا الحديث :" وَكَأَنَّ مَنْعَ اَلنِّسَاءِ مِنْ اَلتَّسْبِيحِ لأَنَّهَا مَأْمُورَة بِخَفْضِ صَوْتِهَا فِي اَلصَّلاةِ مُطْلَقًا لِمَا يُخْشَى مِنْ اَلافْتِتَانِ ". وروى مسلم في صحيحه "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّه صلى خلف الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعه جدته ويتيم، فقال: ( فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا) أي وقفنا صفا واحدا ووقفت المرأة العجوز من ورائنا، وهنا تساءل إذا كانت المرأة منهية عن تنبيه الإمام بالقول إن أخطأ، وإنما تصفق، حتى لا ترفع صوتها بحضرة الرجال، فكيف تصلي بهم وتخطب بهم ؟! وهذاِ دَلِيل أَنَّ إِمَامَة الْمَرْأَة لِلرِّجَالِ غَيْر جَائِزَة. وأكد الشيخ محمد عيد كيلاني أن المسلمين على مدار أربعة عشر قرنا من الزمان اجتمعوا على أن المرأة لا تتولى الصلاة بالرجال ومن خالف هذا فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، والله تعالى يقول: ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) النساء/115 . وقد جاء في "الموسوعة الفقهية" " يُشْتَرَطُ لإِمَامَةِ الرِّجَالِ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ ذَكَرًا, فَلا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ لِلرِّجَالِ, وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ" ، وقال ابن حزم في "مراتب الإجماع": واتفقوا على أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة، فإن فعلوا فصلاتهم باطلة بإجماع". وقال النووي:"وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لا تَجُوزُ صَلاةُ رَجُلٍ بَالِغٍ وَلا صَبِيٍّ خَلْفَ امْرَأَةٍ َسَوَاءٌ فِي صَلاةُ الْفَرْضِ وَالتَّرَاوِيحِ, وَسَائِرُ النَّوَافِلِ، وهَذَا َمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ".