«الصحفيين»: قواعد جديدة لانتساب العاملين بالخارج وأساتذة الصحافة والإعلام    رئيس هيئة تنشيط السياحة: تحسن العلاقات يقفز بأرقام السياحة التركية إلى مصر    متحدث الحكومة: وحدة حصر شركات الدولة تجري دراساتها بصورة محايدة    نقابة المهندسين بالإسكندرية: نسعى إلى إطلاع الأعضاء على أحدث تطورات مجال البناء والتشييد    «القاهرة الإخبارية»: توتر العلاقات لن يمنع أمريكا من متابعة حادث مروحية الرئيس الإيراني    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    منتخب القليوبية يفوز على القاهرة 1/5 بدور ال 32 لدوري مراكز الشباب    وزير الشباب يكرم عمرو محمد لفوزه بالمركز الثاني عالميا في مجال الطاقة المتجددة    مدينتي تطلق الحدث الرياضي "Fly over Madinaty" لهواة القفز بالمظلات    خطوات التقديم للصف الأول الابتدائي 2024-2025    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    أفلام مهرجان كان استحسان واستهجان.. كوبولا يثير انقسام النقاد في أحدث أعماله    متحف «طه حسين».. تراث عميد الأدب العربي    الخارجية التركية: نتابع بحزن تطورات حادث المروحية في إيران    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    مستشار الرئيس عن متحور كورونا الجديد FLiRT: نتابع الأمر بدقة شديدة    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    بايدن: دعيت إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    الحكومة تحتضن رجال الصناعة    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    جامعة الأقصر تنظم قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    حزب الريادة: مصر كانت لها اليد العليا فى دعم أهالي غزة وإدخال المساعدات لهم    بمناسبة مباراة الزمالك ونهضة البركان.. 3 أبراج «متعصبة» كرويًا (تعرف عليهم)    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    الرعاية الصحية: 5 ملايين مستفيد من التأمين الصحي الشامل بمحافظات المرحلة الأولى    جامعة حلوان تنظم قوافل طبية توعوية بمناطق الإسكان الاجتماعي بمدينة 15 مايو    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    أبرزهم «اللبن الرائب».. 4 مشروبات لتبريد الجسم في ظل ارتفاع درجات الحرارة    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    دار الإفتاء توضح ما يقال من الذكر والدعاء في الحرّ الشديد.. تعرف عليه    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الرموز.. وحقيقة النجوم (2)
نشر في المصريون يوم 02 - 11 - 2012

كان مقال الأسبوع الماضي والذي حمل نفس العنوان، بمثابة حجر ألقى في بركة مياه آسنة، فأحدث ردود فعل واسعة، حينما ألقينا بعض الضوء على بعض الرموز التى جعلناها "آلهة" كأصنام الجاهلية، ومثلما تناقل الناس عبادة الأصنام جيلاً بعد جيل دون تفكير، لمجرد أنهم وجدوا آباءهم وأجدادهم يسجدون لها، سرنا على درب هؤلاء، وتوارثنا عن آبائنا أصنامًا مقدسة سجدنا لها، ولم نفكر لحظة فى محاولة التحقق من سيرة هؤلاء، وهى ظاهرة متفشية بشكل مرضيٍّ في الأمة الإسلامية بصفة خاصة، لأنها العدو اللدود لإبليس اللعين وحاشيته من شياطين الإنس، الذين صنعوا لنا بأيديهم وعلى أعينهم أصنامًا كتلك التي صنعها إبليس اللعين بنفسه ل (ود وسواع ويعوق ويغوث ونسر) وأسس عبادة الأصنام بين البشر ونجح في صرف الناس عن عبادة الله وعن الطريق المستقيم، إلى متاهات الشرك والضلال.
في مقالي السابق تكلمت عن سعد زغلول، وأشرت من بعيد إلى محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، والقائمة طويلة، قائمة الأصنام الذين صنعهم الاستعمار الغربي للأمة الإسلامية طويلة وتضم طابورًا كبيرًا لم يرحل المستعمر عن بلادنا قبل اطمئنانه إلى وجود هذا الطابور، وجل الرموز الذين ظهروا وعلا نجمهم في النصف الأول من القرن العشرين كانوا صناعة غربية، شربوا نتاج (المستشرقين) واجتروه زمنًا، ثم تقيأوه في وطننا وسط صخب إعلامي، جعلهم مفكرين وعباقرة، وأبرز هؤلاء: سعد زغلول، محمد عبده، جمال الدين الأفغاني، قاسم أمين، على عبد الرازق، أحمد لطفي السيد، طه حسين، أحمد أمين، محمد حسين هيكل، واستمرت السلسلة حتى محمد حسنين هيكل وصبيانه، وصبيان صبيانه أمثال عادل حمودة.
أنشأ محمد عبده في بيروت جمعية التقريب بين الأديان، وهو مبدأ الماسونية الرئيسي، وأسس محمد عبده ما عرف باسم "المدرسة العقلية" في التفسير، وهي مدرسة تدعو لإعلاء سلطان العقل وإخضاع نصوص الشرع للعقل، وإن أتى ما ظاهره التعارض بين العقل والنقل لويت أعناق النصوص الشرعية للتواؤم مع العقل المريض (!!)، ومن ذلك ما فعله في تفسيره وهو مطبوع وموجود على شبكة الإنترنت لمن أراد التثبت فكان ينكر الغيبيات ويحاول تأويلها بسماجة وسذاجة شديدة، ومن ذلك إنكاره للطير الأبابيل التي أهلكت جيش أبرهة وزعمه أن جيش أبرهة أهلك بالجدري (!!)، وإنكاره لقصة ذبح إبراهيم عليه السلام للطير وإحياء الله له ثانية، وإنكاره الجن وتأويلها بالميكروبات(!!)، وأنكر انشقاق القمر لنبينا عليه الصلاة والسلام، وإحياء الموتى لعيسى عليه السلام، ورد الأحاديث الصحيحة، وهو لم يكن يعرف في علم الحديث أي شيء باعتراف أخلص تلاميذه الشيخ رشيد رضا، فأنكر حديث الذبابة وأن أحد جناحيها داء والآخر دواء، وأنكر حديث الكلب الأسود شيطان، وكان له فتاوى غريبة حاول بها أن يساير العصر فأباح ربا صندوق التوفير وغير ذلك.
محمد عبده الشيخ الأزهري (المستنير) هو المؤلف الحقيقي لكتاب "تحرير المرأة" ونسبه لقاسم أمين، حتى يتفادى ما يمكن أن يوجه له من نقد، وإن كان هذا القول غير مؤكد تمامًا، فإن المؤكد جدًا هو أن محمد عبده شارك قاسم أمين في تأليف هذا الكتاب، بناءً على أوامر من اللورد كرومر، لإرضاء الأميرة "نازلى هانم" حفيدة إبراهيم باشا (الملكة نازلي فيما بعد، زوجة الملك فؤاد وأم الملك فاروق، صاحبة الفضائح المعروفة، والتي تنصرت وماتت على الملة الكاثوليكية بأمريكا) وكان محمد عبده وقاسم أمين والمويلحي والأفغاني من رواد صالونها مع (المبشر والعميل الإنجليزي) فارس نمر صاحب "المقطم"، والصحفي اليهودي داود بركات، وفي ص 253 من موسوعة الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده، التى اضطلع بإعدادها الدكتور محمد عمارة، وصدرت عن دار الشروق، نقرأ:
"والذين نسبوا الأمر إلى كرومر، والذين نسبوه إلى نازلي يتفقون في أن الأمر قد صدر إلى الشيخ محمد عبده، وأنه قام بدور كبير في تأليف الكتاب، ثم وضع على غلافه اسم قاسم أمين تجنبًا للحرج والعاصفة التي كانت ستهب عليه مباشرة إذا ما وضع اسمه عليه، وهو الشيخ الأزهري ذو المناصب الكبرى، ومنها منصب مفتي الديار المصرية". (ا.ه).
وتؤكد هذه الحقيقة الدكتورة درية شفيق (بنت أحمد شفيق باشا) في كتابها "تطور النهضة النسائية في مصر" الذي شاركها تأليفه الدكتور إبراهيم عبده، حيث تقول:
"أما الأمور التي عالجها الشيخ محمد عبده من الناحية الدينية، فيما يختص بحقوق المرأة، فقد تناولها قاسم أمين من الناحية الاجتماعية، ووجدت آراء قاسم أمين تأييدًا تامًا عند الشيخ محمد عبده، وحدث عام 1897 أن اجتمع الأستاذ الإمام وسعد باشا زغلول ولطفي السيد وقاسم أمين في جنيف، وأخذ الأخير يتلو على الإمام بعض فصول من كتابه عن تحرير المرأة، فكان يوافق على ما فيها، وقيل إن بعض فقرات هذا الكتاب تنم عن أسلوب الشيخ محمد عبده نفسه".
ويكفى محمد عبده (عارًا) أنه كان الصديق الصدوق للورد كرومر، وما أدراك ما فعله كرومر في مصر، حتى إن كرومر قال عندما مات محمد عبده: "لقد مات أقرب أصدقائنا".
أنكر الشيخ (المستنير) مشروعية السنة، وقال بالاعتماد على القرآن فقط، وهو بذلك يهدم نصف الدين بل الدين كله، فالله تعالى يقول: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" ويقول: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: "وما ينطق عن الهوى"، وقال عنه مصطفى صبري شيخ الإسلام في عهد الخلافة العثمانية: "الدعوة الإصلاحية المنسوبة إلى محمد عبده فخلاصتها أنه زعزع الأزهر من جموده على الدين فقرب كثيرًا من الأزهريين إلى اللادينيين ولم يقرب اللادينيين إلى الدين خطوة، وهو الذي أدخل الماسونية إلى الأزهر بواسطة شيخه جمال الدين الأفغاني".
وعلاقة محمد عبده بالأفغاني ذلك الشيخ الماسوني الرافضي علاقة مشبوهة، أنظر إلى إحدى رسائله إليه وقد نشرها تلميذه رشيد رضا في المنار، حيث يقول: "ليتني كنت أعلم ماذا أكتب إليك وأنت تعلم ما في نفسي كما تعلم ما في نفسك(!!) صنعتنا بيديك وأفضت على موادنا صورها الكمالية وأنشأتنا في أحسن تقويم، فيك عرفنا أنفسنا وبك عرفناك وبك عرفنا العالم أجمعين..."، وقد علق عليها الشيخ رشيد رضا قائلاً: "وهو أغرب كتبه بل هو الشاذ"، فيما يصف أستاذه بما يشبه كلام الصوفية عن الحقائق والقائلين بوحدة الوجود. (أنظر مجلة المنار، مجلد 2 ص 599)،
ومن أراد المزيد فليرجع إلى مجلة المنار لتلميذه رشيد رضا.
وتؤكد روايات كثيرة تهاونه بالصلوات وتركه لها، وأنه من القائلين بوحدة الوجود، وعلى أحد المواقع البهائية، مقالاً بقلم الدكتور مراد وهبة يتحدث فيه عن علاقة الإمام محمد عبده بالبهائية، ويرمي ضمنًا باعتناق محمد عبده لها مع إضافات الموقع التي تؤكد فيها صحة استنتاجات د.مراد وهبة، والمقال المعني نشر في جريدة "المصري اليوم" بتاريخ 15 مايو 2011، بعنوان: "البهائية بين محمد عبده وتولستوي"، وفيه يذكر مراد وهبة في بداية المقال عن رحلة الأديب الروسي تولستوي (1828 1910) في البحث عن دين نسبي يخلو من (الدوجما) أي معتقد مطلق، ويخلو من الطقوس الخارجية، فعثر عليه في البهائية عام 1898، ويقول وهبة في مقاله:
"قبل موت تولستوي بست سنوات وصلته رسالة من محمد عبده بتاريخ 8 أبريل 1904، الغاية منها مساندته فيما يواجهه من اضطهاد ديني، أهم ما جاء فيها فقرتان: الفقرة الأولى تقول: «هداك الله إلى معرفة سر الفطرة التى فطر عليها الناس»، والفقرة الثانية تقول: «نظرت نظرة فى الدين مزقت حجب التقاليد ووصلت بها إلى التوحيد»، والفقرتان معًا توحيان بأن تولستوي - فى رأى محمد عبده - قد اهتدى إلى الإسلام بحكم أن الإسلام هو دين الفطرة وهو دين التوحيد".
والسؤال إذن: ما هي استجابة تولستوي لهذا الإيحاء الخفي؟ قال تولستوي فى رده على محمد عبده بتاريخ 12 مايو 1904:"إن دينك ودينى سواء، لأن المعتقدات مختلفة وهى كثيرة، لكن لا يوجد إلا دين واحد وهو الصحيح»، ثم اختتم رده بسؤال: «ما رأيك في مذهب الباب ومذهب بهاء الله وأنصاره؟ أو في صياغة أوضح: ما رأيك في البهائية؟".
ويستدل مراد وهبة على بهائية محمد عبده من تلك الخطابات التي تبادلت بينه وبين تولستوي، وهما خطابان كتبهم محمد عبده لتولستوي يهنئه بهدايته لدين الفطرة ولمعرفة التوحيد، ويرى الدكتور مراد وهبة في استجابة تولستوي للخطاب بسؤاله المذيل في آخر الخطاب عن رأي الإمام محمد عبده في المعتقد البابي والبهائي، وعن إخفاء رد تولستوي وعدم نشره والإيحاء بعدم وجود رد للخطاب أصلاً على محمد عبده دليل على وجود ثمة علاقة بين محمد عبده والبهائية، واستدل على ذلك بعلاقة تولستوي القوية بالبهائية، فهو بالتالي يعلم خفايا المعتقد ويعلم أنصاره ومؤيديه .
ومازال الحديث ممتدًا ويحمل الكثير من المفاجآت...
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.