قالت قيادات سلفية إن ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن إجراء حوارات بين السفارة الأمريكية والسلفيين، إن التشاور لا مانع منه مادام لا يمس الثوابت، وذلك بهدف تعريف الأمريكيين بالسلفية وفكرها ونظرتها للآخر، منتقدين فى الوقت ذاته وصفهم ب "زوار السفارة الأمريكية"، معتبرين ذلك يمثل نوعًا من المبالغة بهدف الترويج للتطبيع مع الأمريكان, فى حين أرجع محللون حوار الأمريكيين مع السلفيين بأنهم يمتلكون قوة تأثير على الشارع المصرى وهو ما يضمن مصالحهم فى حال وصولهم إلى الحكم. وقال الدكتور ياسر عبد التواب، رئيس اللجنة الإعلامية لحزب "النور"، إن الحزب شكل وفدين لمقابلة مسئولين أمريكيين ومنهم جيمى كارتر، الرئيس الأمريكى الأسبق، موضحًا أن اللقاءين كانا بناء على رغبة الأمريكيين لمناقشة الأوضاع العامة التى يتخوفون من السلفيين فيها، مثل وضع الأقباط ونظرة السلفيين للمرأة ولمخالفيهم، مشيرًا إلى أن هذه اللقاءات هدفها التعرف على السلفيين لحد كبير. وأكد أنهم أعربوا عن آرائهم بكل صراحة وبدون مجاملة، وأنهم منفتحون على الجميع، وأن كثافة لقاءات السلفيين بالأمريكيين إن صحت فهى أمر غير مفيد إذ لم يكن لها ضرورة، فالسلفيون أكثر من تيار ولكل تيار تفسيرات مختلفة. وأوضح الدكتور هشام أبو النصر، القيادى السابق بحزب "النور"، أن السلفيين مائة تيار ومائة توجه، وهم يؤيدون التحاور مع الأمريكان من باب الحوار مع الآخر، مرجحًا أن تكون الأحزاب السلفية هى الأقرب لهذه الحوارات. وأيد اللواء عادل عفيفى، رئيس حزب الأصالة، التواصل مع الأمريكيين للتشاور معهم من باب الدعوة إلى الله، بهدف التعريف بمعنى السلفية وتوجهاتها وأفكارها، مؤكدًا أن السلفيين من المفترض أنهم منفتحون عن غيرهم ويجب التعريف بمنهجهم للجميع. وقال حسام البخارى، القيادى بالتيار الإسلامى العام: إن حديث الصحف الأمريكية عن كثافة اللقاءات الأمريكية مع السلفيين محاولة من الإدارة الأمريكية للترويج بتطبيع المتشددين من وجهة نظرهم؛ من أجل تقبل أى تدخل أمريكى فى الشئون السياسية الداخلية. وأوضح أن حزب "النور" أجرى حوارًا مع مسئولين أمريكيين ومع السفيرة الأمريكية، ولكن ليس بهذه الصورة التى يروج لها الإعلام الأمريكى، والتى تهدف إلى تضخيم الأمر كمحاولة منه لإقناع جميع الفصائل بالدخول فى مشاورات مع الإدارة الأمريكية مثل السلفيين. وقال السفير محمد السادات، مساعد وزير الخارجية الأسبق: إن المشاورات بين أمريكا والسلفيين التى ركزت عليها الصحف الأمريكية مؤشر إيجابى لا يخشى منه، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية يهمها فى الأول والأخير أن تكون مصالحها مصونة بغض النظر عمن يحميها؛ لأن السياسة الأمريكية منذ نشأتها مبنية على البراجماتية السياسية. ووصف السادات المشاورات الأمريكية مع السلفيين بأنها ليست تحولاً فى الاتجاه أو الأيديولوجيا الأمريكية كما يظن البعض، حيث إن كل ما كانت تقوله أمريكا عن السلفيين أنهم مصدر التطرف والإرهاب هو مجرد كلام معلن ولكن البواطن غير هذا. واعتبر أن الولاياتالمتحدة اختارت التقارب مع السلفيين أكثر لأنها ترى أنهم فصيل لا يستهان به فى مصر، كما أنها موقنة أن السلفيين سيكونون الأقرب للقرار السياسى فى مصر مستقبلاً، فتحركت أمريكا بشكل استباقى لتفتح معهم قنوات اتصال للتفاهم فيما بينهم، ومن جانب آخر تحاول أمريكا إحداث الوقيعة بين السلفيين والإخوان بالتقرب للسلفيين أكثر من الإخوان. وأشار إلى أن إسرائيل من الممكن أن تخول أمريكا لمحاورة السلفيين أو الإخوان بالنيابة عنها لما تعلمه من كره تيار الإسلام السياسى لها والشعب المصرى عمومًا، فيكون الأمر تبادلاً للأدوار فى النهاية. وقال أحمد زغلول، الخبير فى الحركات الإسلامية: إن أمريكا تحاول أن تفتح جسرًا مع كل التيارات السياسية كما صنعت مع الإخوان فى عهد نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، رغم كل التقيدات الأمنية والسياسية عليهم، وتحاول أمريكا الآن فتح خط للتواصل مع السلفيين بنفس السياق لأنهم القوة الثانية فى البرلمان، وقوة كبيرة على أرض الواقع ومن الصعب تجاهلها. وأوضح أن أمريكا تحاول أن تفتح جسرًا تواصل مع السلفيين يخدم مصالحها المستقبلية فيما بعد، وحفظ الأمن القومى الأمريكى، خاصة أن السلفيين أعلنوا أنهم يسعون للسيطرة فى الانتخابات القادمة. وأكد أن الشخصيات السلفية التى تدخل فى مشاورات مع الأمريكان لن يتم الإعلان عنها بشكل رسمى لتوازنات خاصة بالأمريكان. وأوضح أن أكثر التيارات المعارضة والمناهضة لأمريكا على اتصال مباشر أو غير مباشر معها، فالسياسة لها منطلق آخر، وأشار إلى أن كلاً من حزب "النور" و"الجبهة السلفية" وحزب "الشعب" المنبثق عنها الأقرب للتشاور مع الأمريكان باسم السلفيين؛ لأنهم الأكبر من حيث الحجم والأنشط سياسيًا وإعلاميًا.