توقعت مصادر سياسية مطلعة أن تشهد الأزمة الحادة التي تعصف بحزب الغد المعارض خلال الساعات القليلة المقبلة تطورات دراماتيكية ، حيث بات احتمال صدور قرار من لجنة شئون الأحزاب بتجميد الحزب مطروحا بشدة ، ولم تستبعد المصادر – أيضا - صدور قرار آخر من مجلس الشعب برفع الحصانة عن الدكتور أيمن نور رئيس الحزب في قضية " السجين البديل " المتهم فيها أيمن بركات أبرز مساعدي نور ، لافتة إلى أن رفع الحصانة قد يستهدف تمهيد الطريق لإمكانية صدور قرار بحبس نور احتياطيا على ذمة القضية إلا أن الإحراجات السياسية الدولية المترتبة على مثل هذا القرار قد تعيق صدوره في الوقت الراهن . وكشفت المصادر أن هذا التصعيد من قبل المنشقين عن نور داخل الحزب ، والذين يحظون بدعم حكومي ، جاء بعد أن تلقت أجهزة الدولة معلومات بأن أيمن نور ينوي إحراج الرئيس مبارك أثناء حلف اليمين وأن أجهزة أمنية وسيادية ارتأت التدخل والبحث عن مخرج قانوني يوقف الصعود السريع لنجم نور في الحياة السياسية خاصة بعدما حل ثانيا في انتخابات الرئاسة ، بأكثر من نصف مليون صوت ، وهو ضعف عدد الأصوات التي حصل عليها الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد بكل تاريخه العريق . ولفتت المصادر إلى أن بعض المنشقين على نور تلقوا وعودا حكومية وإغراءات بمنحهم مقاعد برلمانية في الانتخابات البرلمانية المقبلة مثل المهندس موسى مصطفى النائب الأول لرئيس الحزب والمستشار مرسي الشيخ الذي يخوض صراعا مريرا مع الدكتور فتحي سرور منذ 15 عاما للحصول على عضوية مجلس الشعب في دائرة السيدة زينب ، إذ بات من المرجح عدم خوض فتحي سرور للانتخابات المقبلة وبالتالي يتم تفريغ الدائرة لمرسي الشيخ ، وكذلك نائب عابدين السابق رجب هلال حميدة. وأشارت المصادر إلى أن السلطات تدرس حاليا المفاضلة بين خيارين : الأول هو تجميد عضوية نور والاعتراف بالمهندس موسى مصطفى موسى النائب الأول رئيسا للحزب والثاني تجميد الحزب ودفع بعض قياداته لتأسيس حزب جديد باسم "أحرار الغد". وأوضحت المصادر أن رفض نور للعرض الحكومي غير الرسمي بالاعتراف بالهزيمة وتهنئة الرئيس مبارك عجل بالسيناريو الحكومي للإطاحة بزعيم الغد مشيرة إلى أن تصريح نور بأن معركته القادمة ضد جمال مبارك قد أطاح بمحاولات قام بها الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية والذي تجمعه بنور صلات قوية لإعادة المياه إلى مجاريها بين رئيس حزب الغد والنظام. من ناحية أخرى، علمت المصريون أن الدكتور أيمن نور أوعز أمس للنائب عبد المنعم التونسي عضو الهيئة العليا بالحزب ورئيس لجنة الحكماء بإصدار قرار بفصل كل من رجب هلال حميدة ومرسي الشيخ وكيلا الحزب وموسى مصطفى موسى نائب رئيس الحزب ومعهم 21 من أعضاء الهيئة العليا للحزب تمهيدا لطرحه على الجمعية العمومية المقرر عقدها في قاعة المؤتمرات الدولية في وقت لاحق. وحاولت المصريون الاتصال بالدكتور أيمن نور وزوجته الإعلامية جميلة إسماعيل المسئولة الإعلامية للحزب دون جدوى حيث ينشغلان مع والد أيمن نور الذي يعاني من وعكة صحية ويعالج بالمنصورة ، لكن وائل نوارة نائب رئيس الحزب أكد ل " المصريون " أن الحزب متمسك بعقد جمعيته العمومية مشيراً إلي أن هذه الدعوة من حق رئيس الحزب وأن ما تم تداوله من تعديل للائحة أمر طبيعي ، لافتا إلى أن قواعد الحزب بالمحافظات هي التي طلبت تعديل بعض البنود باللائحة . وأكد نوارة أن المؤامرات التي يحيكها النظام الحاكم لن تنجح في الأضرار بالحزب ، مؤكدا أن القيادة الشرعية للحزب لن تسمح بسقوط النجاحات المتوالية للحزب بقيادة ايمن نور . وتوقعت المصادر أن تشهد الجمعية العمومية للحزب ، التي دعا نور لعقدها في الخامس والعشرين من الشهر الحالي ، مشاركة مكثفة من جانب الغالبية العظمى من كوادر الحزب المؤيدين لنور ومجموعته ، وهو ما يرجح بالتالي تجديد الثقة فيه وإقرار التعديلات التي يريد إدخالها على لائحة الحزب . ولفتت المصادر إلى أن نور حريص علي كل قيادات الحزب بمن فيهم قادة الانقلاب الحالي - على الأقل في الوقت الراهن - نظرا ً للظروف الصعبة التي يواجهها الحزب ، إلا أنه وفي حال نجاح نور في إعادة تشكيل الهيئة العليا للحزب وبحضور مراقبين محايدين وقضاة ، سيصبح من السهل الإطاحة بالمنشقين . في المقابل ، أصدر تحالف الأربعة ، رجب حميدة ومرسي الشيخ وعكاشة محمد عكاشة وموسى مصطفى موسى ، الذي يقود الانقلاب على نور مساء أمس قرارا بفصل أيمن نور من رئاسة الحزب وتجميد عضوية إيهاب الخولي ووائل نوارة وصدق على القرار 21 من أعضاء الهيئة العليا للحزب. وقدمت المجموعة هذا القرار ظهر أمس إلى لجنة شئون الأحزاب وفوضوا موسى مصطفى موسى بإدارة شئون الحزب إلى حين عقد الجمعية العمومية وانتخاب رئيس جديد للحزب. وتعليقا على ذلك ، أوضح المستشار مرسي الشيخ وكيل الحزب ، وأحد قادة الانقلاب على نور ل"المصريون" أنه طبقا للمادة 80 من لائحة الحزب تم تعيين المهندس موسى مصطفى موسى النائب الأول لرئيس الحزب ووكيل المؤسسين رئيسا للحزب وتم إبلاغ لجنة الأحزاب بهذه التغييرات ، مشددا على أن سعي نور لعقد جمعية عمومية للحزب لتغيير اللائحة لمنع نائبه موسى مصطفى من تولي رئاسة الحزب حتى لو حكم عليه بالسجن في قضية التوكيلات المزورة غير قانوني ويخالف اللائحة الداخلية للحزب. واعتبر الشيخ أن الكرة الآن في ملعب لجنة الأحزاب التي عليها أن تحترم القانون والدستور وأن تقر الأوضاع التي تتوافق مع القانون فأكثر من نصف أعضاء الهيئة العليا أقروا التغييرات الجديدة ، محملا نور مسئولية دخول الحزب نفقا مظلما بإصراره على الإنفراد بالسلطة داخل الحزب دون أن يعبأ بالشخصيات ذات الثقل التي تضمها الهيئة العليا ، وذلك على حد قوله . واستبعد الشيخ إمكانية أن تصدر لجنة الأحزاب قرارا بتجميد الحزب حتى يحل المتنازعون مشاكلهم رضاء أم قضاء نافيا أن تكون لمجموعته أي صلات بالأجهزة الأمنية أو أن تكون هناك صفقة قد أبرمت بين مجموعة الأربعة والدولة لإبعاد نور مقابل تمكينهم من دخول البرلمان أو العودة إليه في الدورة البرلمانية القادمة. وفي السياق ذاته ، تقدم الدكتور إبراهيم صالح مستشار وزير التخطيط ، وعضو اللجنة العليا للحزب ، ببلاغ للنائب العام ضد أيمن نور يتهمه فيه بالاستيلاء على أموال الحزب وإهدار المال العام وتلقى تبرعات غير معروفة من جهات غير معلنة . ويأتي هذا في الوقت الذي تنظر فيه محكمة القضاء الإداري اليوم الأحد إحدي الدعاوى القضائية المقدمة من أعضاء الهيئة العامة للحزب والتي يطالب فيها المهندس موسي مرسي النائب الأول لرئيس الحزب بوقف إجراءات عقد الجمعية العمومية لبطلان الإجراءات وفيما يبقي ثلاث دعوات أخري مؤجلة لوقت لاحق هذا الأسبوع . وجدير بالذكر أن تحالف الأربعة كان قد أثار أزمة حادة أثناء الفترة التي قضاها نور في السجن ، وأصدروا العديد من القرارات التي لم يرض عنها نور و ألغاها بعد الإفراج عنه ومنها تعيين أحد الصحفيين رئيسا لتحرير صحيفة "الغد" ومعيد بكلية الإعلام مستشارا للتحرير على الرغم من أن صحيفة "صوت الأمة" التي كانا يعملان بها وقت أن كان رئيس تحريرها عادل حمودة كانت أكثر الصحف التي نشرت موضوعات مناهضة لنور وهو في الحبس. وجدير بالذكر أن تقارير صحفية قد أكدت في وقت سابق أن القاهرة تلقت تحذيرات شديدة من واشنطن بعد انتخابات الرئاسة تتعلق بإغلاق ملف قضية ايمن نور إلي جانب تحذيرات أخري تتعلق بعدم قمع التحركات الاحتجاجية والحريات والسماح لكل التيارات بخوض الانتخابات المقبلة .