يعيش المصريون كابوسًا مؤلمًا جدًا نتيجة لتحول الصراع السياسي في مصر من صراع لبناء دولة حديثة مدنية ديمقراطية إلى صراع فرض السيطرة من جانب الحزب الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين على المشهد السياسي المصري، ولنا فى موقعة الجمل الجديدة عظة وعبرة فلا يعقل أن يتحول خلاف فى الفكر والتوجة السياسي إلى حرب شوارع سقط على أثرها مئات الجرحى من الطرفين وسالت دماء المصريين كالعادة بدون تحديد الجانى! ما حدث هو انتهاك واضح وصريح لكل مبادئ الثورة المصرية فما حدث من ظهور للعنف فى الشارع المصري بسبب خلاف سياسي يدخل مصر فى صراع حقيقي وتتسع نقط الخلاف بين تيار الإسلام السياسي الحاكم ومن يرونهم معارضي الرئيس وانحدر الخلاف لدرجة يصعب معها السكوت فمعارضة الرئيس ليست بهدف إفشاله كما يعتقدون وليست ضد الإسلام كما يروجون بل النقد من أجل بناء مصر الحديثة. المشهد المصري اليوم كان حزينًا كئيبًا لا يصعب تصديقه وكلاهما مخطئ فى تعامله مع الأزمة، ولكن المصيبة الكبرى كانت من نصيب جماعة الإخوان المسلمين لأنها تعلم بنزول القوى السياسية فى مليونية محاسبة الرئيس على وعوده في المائة يوم وقررت النزول لإقالة النائب العام، ولكن ما الذي يدفعهم لإفشال تظاهرات القوى السياسية لمحاسبة الرئيس؟ ولماذا يحطمون منصات المعارضة المصرية ثم يقفون عليها مهللين مكبرين الله أكبر؟ هل انتصروا على الكفار مثلاً؟ ما حدث مؤشر خطير على عدة سلبيات واضحة جدًا في المشهد السياسي المصري وأهمها استعلاء جماعة الإخوان المسلمين فى التعامل مع معارضيها بشكل كبير وعدم الإحساس بقوتهم فى الشارع والأهم من ذلك هو رغبة تيار الإسلام السياسي تحويل الصراع بين الرئيس ومعارضية إلى صراع القوى السياسية ضد الإسلام والشريعة الإسلامية فمن سينصر الرئيس سينصر الإسلام. وقع الجميع اليوم فى الفخ واتضح للجميع أن الحزب الحاكم والمعارضة لا يتعاملون مع الأزمات بشيء من العقلانية كلاهما يبرر موقفه وينفى اعتداءه على الآخر، ووضح هذا جيدًا من تصريحات جماعة الإخوان المسلمين ومحاولتها نفى وجود أعضائها واعتدائهم على المتظاهرين ويروجون للنظرية القائلة بوجود طرف ثالث بل وبالعكس تنشط لجانهم الإلكترونية عبر فيس بوك وتويتر من أجل تبرئة ساحتهم، ولكن السؤال الأهم هل يعتقدون أنهم ينصرون الرئيس؟ هل معارضة الرئيس وقراراته وحكومته ليست حقًا لكل مصري؟ ألم تكن تلك المعارضة هى المحرك الأساسي لثورة يناير التى غيرت تاريخ مصر؟! فلماذا يصرون على تشويه المعارضة ووصفها بأنها تسعى لإفشال الرئيس؟ هل النقد البناء من أجل بناء مصر أصبح جريمة؟! ولماذا لا يتقبلون نقدهم بدرجة تجعلهم يخفضون صوت العقل وتتعالى الأيدي ويسقط ضحايا وجرحى من الطرفين؟ فماذا سيكون رد فعلهم إذا تكرر نزول المصريين للميادين اعتراضًا على قرارات الرئيس وسياسته؟ هل موقعة الجمل الحقيقية التى حدثت الجمعة الماضي رسالة قوية للمعارضة المصرية أن مؤيدي الرئيس لن يسمحوا لأحد بنقده؟ هل يفهمون تصرفاتهم وسياستهم ماذا ستجنى فى المستقبل وما أثر ذلك في مستقبل الثورة المصرية؟! فأعتقد إن لم يستيقظ الشعب ويخرج الرئيس ليعزز دولة القانون وأنه رئيس لكل المصريين فإننا مقبلون على مرحلة صعبة فى تاريخ الشعب المصرى. ما حدث يجعلنا نتساءل أين مؤسسة الرئاسة فى إدارة الأزمة واحتواء الفتن وإطفاء الحرائق المشتعلة فى المشهد السياسي المصري؟ أين مستشارو الرئيس ومساعدوه وحكومته.. أين هم؟ ولماذا هم صامتون! فهم شركاء فى المسئولية المجتمعية والسياسية فهم حكام مصر الجدد. نتمنى ألا يدفع الشعب المصري ثمن الصراع السياسي الدائر الآن بين تيار الإسلام السياسي ومعارضيه وألا تتحول مصر لصراع ميليشيات هدفها الأول والأخير مصالحها فمن الواضح أنهم لايرون إلا مصالحهم على حساب دماء المصريين. [email protected]