سر تقدم الحكومات في جميع أنحاء العالم يكون دائما نتاج وجود معارضة قوية ( سواء من الأحزاب أو من أصحاب الأفكار الحرة ) فالمعارضة القوية تجعل الحكومات تفكر ألف مرة قبل أن تتخذ أي قرار خشية ردود أفعال المعارضة وخشية تحرك الشارع ثائرا ضدهم , اننا بحسبة بسيطة نستطيع أن نقول أن المعارضة القوية الواعية تحرك الحكومة في الإتجاه الصحيح لأنه قد يحدث أي هفوة فتصبح المعارضة هي الحكومة , وبما أنها كانت معارضة قوية ستصبح حكومة قوية , ونظرا لفكرها الإيجابي المنتشر ستظهر من بعدها معارضات أخرى قوية تعارضها أيضا . ليست المعارضة كما هو معروف عنها في عالمنا العربي مجرد راي مخالف لراي الحكومة ( الحكومة تقول يمين يبقى إحنا شمال ) إنه بالطبع مفهوم خاطئ , لكنه للأسف مفهوم سائد سواء في الفكر أو الأفعال , وحتى هذا المفهوم لايطبق بالقوة الكافية من أجل إثبات قيمة المعارضة , فالمعارضة دائما ما تكون القلب النابض بألام الشعوب وأفكارها , هي الملجا من أجل تحقيق أمال العامة من الشعب بفكر إيجابي حر دون نفاق أو غش . إننا للأسف ليس لدينا تلك المعارضة القوية فكل مالدينا على الساحة من أحزاب أو جماعات أو جمعيات ليس لها الدور الكافي المنشود , ولا ندري هل هو ضعف من هذه الأحزاب والجمعيات أم أنه ضعف الفكر السياسي بصورة عامة , فعدد الأحزاب السياسية المصرية حاليا 24 حزب , وأغلب قراء هذا المقال ثقافة لايستطيعوا أن يحصوا أسماء 10 أحزاب فقط منهم , ليس المشكلة في عددهم بل المشكلة في نقص إيجابيتهم . في السنوات الأخيرة كان هناك عده قوى معارضة رئيسية تظهر وتختفي بشكل متقطع , هذه القوى برغم هذا لم تؤثر إيجابيا لصالح الشعب بالشكل المرجو بل كانت دائما ما تتحرك إما بشكل خاطئ أو بنفس ضعيف ولا تلبث أن تختفي من ع الساحة . كان لجماعة الإخوان المسلمين النصيب الأكبر من هذه القوى , فقد إستطاعت أن تخطف الأضواء في حالات عده على أنها أمل للوصول إلى معارضة قوية وفى حالات أكثر كانت مخيبة للأمال في ظل العديد من التصرفات التى جعلتها جماعة محظورة , فيحسب لهم دورهم المعارض القوي في المجالس التشريعية و الجمعيات العمومية والنقابات وغيرها , كما يحسب لهم العديد من المفكرين والكتاب والقيادات التي تنتمي إلى الجماعة من أصحاب الفكر الإيجابي في المعارضة , ويؤخذ عليهم العديد من التصرفات التى جعلتهم ينظر إليهم على أنهم جماعة منبوذة وضد مصلحة الدوله فقد أساؤوا إستغلال المعارضة بشكل أوصلهم أنهم أصبحوا ينظر إليهم على أنهم تنظيم معادي أو جماعة محظورة أعترف أنهم أقوى جبهات المعارضة على الساحة لكنهم للأسف لم يتحلوا بفكر سياسي ناضج بما يكفى . ظهرت مؤخرا الجمعية الوطنية للتغير وظهر الدكتور البرادعي (وله كل تقدير وإحترام ) إلا أنه بدأ يختفي من الساحة تدريجيا وأصبحت الجمعية - التى بدات بقوة وجذبت إليها كبار المفكرين وكبار رجال المعارضة المصرية – ضعيفة للغاية لدرجة لاتسمح لها بأن تكون جبهة معارضة قوية كما كان الأمل منها . هل كان إختفاء البرادعي من الساحة مدبرا؟ هل كان البرادعي من البداية عميل للنظام ؟ هل كان النظام يستغل البرادعي في مخطط التوريث؟ هل خاف البرادعي من الحكومة خاصة بعض نشر صور لإبنته بالمايوه مؤخرا؟ هل كما إعتقد أن البرادعي لم يكن يملك من البداية الفكر السياسي الكافي لان يكون رئيسا لمصر ؟ أسئلة كثيرة بحاجة الى أجوبة. هناك أيضا حزب الغد وحزب الوفد وهما حزبان لهما مكانتهما ووضعهما الحالي الذي لا نستطيع أن ننكره ... لكن أين دورهم المنشود كأحزاب معارضة ؟ ما هي الأشياء الإيجابية التي تحسب لهم ؟ ما مقدار شعبيتهم ؟ ولماذا ليست بحجم شعبية الحزب الوطني ؟ السؤال الأهم : ما هو السبيل للحصول على معارضة قوية ذات فكر سياسي ناضج وكافي للمنافسة على الحكم وتحدي الحزب الوطني في صراع سياسي نزيه وراقي ؟ أتمنى أن يجد أحد إجابة سريعة وحل فوري وخاصة اننا مقبلين على مرحلة هامة في تاريخ مصر السياسي . بقلم : محمد يوسف