متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    مفاجأة جديدة في سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024    30 ألف سيارة خلال عام.. تفاصيل عودة إنتاج «لادا» بالسوق المصرية    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    أول تعليق من شعبة الأسماك بغرفة الصناعات على حملات المقاطعة    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    عاجل.. إسرائيل تشتعل.. غضب شعبي ضد نتنياهو وإطلاق 50 صاروخا من لبنان    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    التتويج يتأجل.. سان جيرمان يسقط في فخ التعادل مع لوهافر بالدوري الفرنسي    حسام غالي: كوبر كان بيقول لنا الأهلي بيكسب بالحكام    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    المندوه: هذا سبب إصابة شيكابالا.. والكل يشعر بأهمية مباراة دريمز    لا نحتفل إلا بالبطولات.. تعليق حسام غالي على تأهل الأهلي للنهائي الأفريقي    مصرع عروسين والمصور في سقوط "سيارة الزفة" بترعة دندرة بقنا    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    مصرع وإصابة 12 شخصا في تصادم ميكروباص وملاكي بالدقهلية    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    ضبط مهندس لإدارته شبكة لتوزيع الإنترنت    تعرف على قصة المنديل الملفوف المقدس بقبر المسيح    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    انخفاض يصل ل 36%.. بشرى سارة بشأن أسعار زيوت الطعام والألبان والسمك| فيديو    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    كيف تختارين النظارات الشمسية هذا الصيف؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه هي حقيقة الخلاف بين الغرياني وهيئة قضايا الدولة

تعيش مصر هذه الأيام زخم وضع دستور جديد للبلاد عن طريق الجمعية التأسيسية للدستور، وحيث إن الدستور المصرى الصادر عام 1971 قد احتوى على باب خاص بالسلطة القضائية، وحيث اجتمعت إرادة المصريين جميعًا على دعم استقلال القضاء المصرى، بوصفة أحد سلطات الدولة الثلاث، وضمانة لإقامة العدل بين الجميع، لذا فقد قامت لجنة نظام الحكم بالجمعية بالنص على جهات القضاء بالدستور الجديد، وهى:
1- القضاء العادى والنيابة العامة
2- مجلس الدولة
3- المحكمة الدستورية العليا
4- النيابة المدنية ( وتقوم بدورها هيئة قضايا الدولة )
5- النيابة الإدارية، وحيث لاقى هذ النص قبول جميع أعضاء اللجنة، إلا أن لجنة الصياغة بإيعاز من المستشار الغريانى – وبالمخالفة للائحة الجمعية التأسيسية، إذ أن لجنة الصياغة ليس لها إلا تعديل صياغة النصوص المرسلة إليها من قبل لجان الجمعية، لغويا وقانونيا، وليس لها أن تعدل أو تقترح نصوصا جديدة – قامت بإعادة النصوص إلى لجنة نظام الحكم ثانية ومعها تعديل لإخراج هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية من الدستور بزعم العودة إلى دستور 71 وترك أمر تحديد الهيئتين للقانون وهو مردود عليه :-
بأن هذا تدليس من لجنة الصياغة، وذلك لأن دستور 71 ينص على أن ( ويحدد القانون الهيئات القضائية ) وذلك بعد أن ذكر دستور 71 السلطة القضائية، ومجلس الدولة، والمحكمة الدستورية العليا، وترك تحديد باقى الهيئات القضائية للقانون، وقد صدر قانونا هيئة قضايا الدولة، والنيابة الإدارية، ونص فى كل منهما على أنهما هيئتان قضائيتان، ومن ثم فقد استمدت الهيئتان الصفة القضائية من نص المادة 167 من الدستور المصرى عام 71، ومن نصوص قانونيهما، بينما النص المقترح من لجنة الصياغة هو ( يرتب القانون جهات القضاء ويحدد اختصاصاتها ) ومعنى يرتب مغاير لمعنى يحدد ، فمعنى يرتب أى أن القوانين التى ستصدر من مجلس الشعب هى القوانين المتعلقة بجهات القضاء الوارد ذكرها فى الدستور المزمع وضعه من الجمعية التأسيسية، وهى قوانين السلطة القضائية، ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا فقط، إذ أن هذه هى جهات القضاء بينما قضايا الدولة والنيابة الإدارية - وفقا للجدل السوفسطائى العقيم - ليستا من جهات القضاء، ومما يؤيد ذلك أن مجلس الدولة فى دستور 71 كان النص عليه أنه ( هيئة قضائية مستقلة) بينما فى النص المقترح فى هذا الدستور ( مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة )، كما أن المحكمة الدستورية العليا فى دستور 71 كانت ( هيئة قضائية مستقلة ) بينما فى الدستور الحالى ( جهة قضائية مستقلة ) ويكون من نافلة هذا النص، الطعن على أى قانون سيصدر بشأن أعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية يمنحهما الصفة القضائية، بعدم الدستورية، فإذا عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا سيكون حكمها أن الهيئتين ليستا من جهات القضاء التى يرتبها القانون، إذ أن جهات القضاء وردت فى هذا الدستور على سبيل الحصر وهى ( القضاء العادى ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا ) وقد خلا الدستور من أى نص على الهيئات القضائية، وذلك بعد استبدال نص المادة 167 من دستور 71 ( ويحدد القانون الهيئات القضائية ويبين اختصاصاتها ) بالنص الحالى ( ويرتب القانون جهات القضاء ) ومن ثم يضحى القانون مشوبا بعدم الدستورية لعدم النص فى الدستور على انشاء الهيئات القضائية ، مما مفاده خروج أعضاء الهيئتين من المنظومة القضائية وانتفاء الصفة القضائية لأعضائهما ، ومما يؤيد ذلك ويبين سوء نية القائمين على تلك التعديلات الآتى :-
1- تعديل نص المادة 167 من دستور 71 واستبداله بالنص سالف البيان .
2- حذف النص الخاص بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية فى هذا الدستور، والذى كان يرعى شئون الهيئات القضائية الموجودة فى المنظومة القضائية المصرية ( القضاء العادى ومجلس الدولة ، وقضايا الدولة ، والنيابة الإدارية ) .
3- استبعاد أعضاء الهيئتين من التعيين فى المحكمة الدستورية العليا ، وقصر ذلك على أعضاء السلطة القضائية ومجلس الدولة ، بالرغم من أن أعضاء الهيئتين أثبتا كفاءة منقطعة النظير فى عملهما بالمحكمة الدستورية، وليس أدل على ذلك من أن أعظم رؤسائها هو المستشار عوض المر، وهو من أبناء قضايا الدولة.
4- إخراج أعضاء الهيئتين من المفوضية العليا للانتخابات، وقصرها على تسعة من القضاة من القضاء العادى ومجلس الدولة، بالرغم من أنه لم ينسب لأى من أعضاء الهيئتين تهمة تزوير الانتخابات، بل إن أول من كشف تزوير الانتخابات عام 2005 عضوة من أعضاء النيابة الإدارية، وهى المستشارة نهى الزينى نائب رئيس الهيئة، ولا أدرى لما التصميم على استبعاد أعضاء الهيئتين من المفوضية العليا للانتخابات بعدما أثير عن إلغاء الإشراف القضائى بعد عشر سنوات وإسناد مهمة الإشراف لموظفى المحليات والمعلمين، وغيرهم ؟!!!! .
وبعد أن كان المعروض على اللجنة العامة للجمعية التأسيسية ( والمكونة من المائة عضو أعضاء التأسيسية ) نصوص لجنة نظام الحكم، أقحم الغريانى ورفاقه نصوصهما مع هذه النصوص للتصويت عليهما من قبل اللجنة العامة، وترك مصير قرابة سبعة آلاف شخص فى مهب الريح، إذا قامت اللجنة بالتصويت على نصوص الغريانى المقترحة، حيث ستزول الصفة القضائية عنهما، وسيترتب على ذلك اضمحلال دور الهيئتين المنوط بهما، من حماية للمال العام، ومنع الفساد الإدارى فى أجهزة الدولة .
ولعل من نافلة القول ذكر سبب قيام الغريانى بذلك وهو المتمثل فى الآتى :
إن الغريانى سبق له وأن أصدر تقريرا إبان رئاسته لإحدى دوائر محكمة النقض ببطلان انتخابات مجلس الشعب ( دائرة زكريا عزمى ) بدعوى إشراف أعضاء هيئتى قضايا الدولة والنيابة الإدارية بزعم أنهم ليسوا أعضاء هيئة قضائية ( حيث اشترط الدستور لصحة الإشراف على الانتخابات أن يشرف عليها أعضاء الهيئات القضائية ) وقد خالف الغريانى – بالهوى المجرد – نص المادة 167 من الدستور ونصوص قانونى قضايا الدولة والنيابة الإدارية، ونصوص قانون المرافعات، وكلها تثبت صفة الهيئة القضائية للهيئتين ولأعضائهما، كما خالف عشرات الأحكام الثابتة والمستقرة، من أعلى المحاكم المصرية ، ( الدستورية العليا، النقض، الإدارية العليا ) على قضائية الهيئتين، وإزاء هذا العنت اجتمعت دوائر محكمة النقض 27 فيما يعرف باسم دائرة توحيد المبادىء، وأقرت شذوذ تقرير الغريانى فيما ذهب اليه، وانتهت الى قضائية الهيئتين، إلا أنه عاد ثانية الى إصدار تقرير آخر ببطلان انتخابات إحدى الدوائر تأسيسا على ذات الأسباب الفاسدة، مما حدا برئيس مجلس القضاء الأعلى آنذاك إلى مجازاته بالتنبيه لمخالفته لما استقرت عليه دائرة توحيد المبادئ، وإزاء الصراع المستعر بين الهيئات القضائية، والذى أشعل فتيله الغريانى لم يجد وزير العدل بدًا من عرض النزاع على المحكمة الدستورية العليا، والتى نزعت فتيل الأزمة وذهبت فى حكمها إلى قضائية الهيئتين ومساواة أعضائهما بأقرانهما فى القضاء العادى ومجلس الدولة، وأحقيتهما فى الإشراف على الانتخابات، إلا أن الغريانى أضمر فى قلبه، ما توصل اليه من مذهب فاسد يخالف القانون والواقع وحقيقة الأمر، حتى جاءت توليته من قبل أعضاء التأسيسية برئاستها، وراح يكيل لأعضاء الهيئتين الطعنات ، وقد كان يتعين عليه أن يتنزه عن الدلو بدلوه فى باب السلطة القضائية ، لعدم الحيادية ، ولسبق ابداء رأى فى مسألة عرضت عليه ، كما يعرف ذلك أرباب القانون بالدفع ب ( عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها )، كما كان حريا به أن يترك أعضاء الجمعية الموقرين وشأنهم فى اختيار النظام القضائى الأصلح لمصر بعد الثورة، ولكنه لم يفعل وظل قرابة الساعة يتحدث عن مساوئ ذكر الهيئتين فى الدستور المصرى، ثم ما لبث أن هيج إخواننا من القضاة على الهيئتين بزعم أن دمج الهيئتين فى السلطة القضائية عن طريق جعلهما شعبة من شعب السلطة القضائية سيؤدى الى تأخير أقدمية القضاة، مما حدا بالقلة منهم إلى الطعن فى زملائهم والحط من قدرهم أمام العامة، والقول بإن القضاء سيلوث بدخول أعضاء الهيئتين فيه ، بالرغم من أن غالبية أعضاء الهيئتين من أوائل دفعاتهم، والكثير منهم حاصل على درجة الماجستير والدكتوراة، ولم يجد طريقا للتعين فى القضاء ومجلس الدولة، كما أن من انتقل من أعضاء قضايا الدولة إلى القضاء العادى، أو مجلس الدولة قد اثبت كفاءة منقطعة النظير، وهناك أمثلة حية أذكر منها المستشار الجليل على عرايس والمستشار الجليل محمد خليل رئيسى محكمة جنايات الإسكندرية، وهو ما أوجد حالة من السخط العام والعداوة بين الهيئات القضائية ، وكان لسان حال أعضاء الهيئتين كلسان حال أتباع موسى عليه السلام ( أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ) فلمصلحة من ما يحدث من الغريانى من شق صف الهيئات القضائية وتقويض النظام القضائى المصرى، بالرغم من أن ما أبداه ليس صحيحًا على الإطلاق، حيث إن النيابة المدنية نظام متبع فى كثير من دول العالم، وهو تحضير الدعاوى المدنية والتجارية، قبل إحالتها للفصل فيها من قبل المحكمة المختصة، وليس أدل على ذلك من وجودها فى محكمة النقض والمحاكم الاقتصادية، ومجلس الدولة، ولو كانت معيقة للفصل فى الدعاوى – كما يزعمون - فلما لم تلغ حتى الآن ؟! ولماذا طالب بها الغريانى ورفاقه فى مؤتمر العدالة الأول عام 86 ؟! ولماذا وافق عليها مجلس القضاء الأعلى حينما كان رئيسا له ؟! ولماذا نص عليها المستشار أحمد مكى – وزير العدل الحالى – حينما كان رئيسا للجنة وضع قانون السلطة القضائية الجديد ؟!
وإن تعجب فعجب قول الغريانى، وأحد مساعدى وزير العدل، حينما هب أعضاء الهيئتين للدفاع عن عرينهما من الانهيار، أن ما يطالب به أعضاء الهيئتين من مطالب إنما هى مطالب فئوية، وأعضاء الهيئتين أبعد ما يكونون عن ذلك فلا هم يطالبون بزيادة فى رواتبهم، ولا بمزايا مالية ليست عندهم، لأنهم متساوون فى الحقوق مع أقرانهم من أعضاء السلطة القضائية ومجلس الدولة، وإنما هب أعضاء الهيئتين لاصلاح ماأفسده النظام السابق من تقزيم لدور الهيئتين، والذى أدى بدوره الى انتشار الفساد المالى والإدارى فى أجهزة الدولة المختلفة، هب أعضاء الهيئتين لتقوية دورهما ومنحهما من الصلاحيات ما يؤدى إلى مكافحة هذا الفساد المستشرى فى جسد الأمة المتهالك، ولرفع المعاناة عن كاهل شعبنا العظيم، ولرد جزء من الجميل الذى يطوق أعناقنا جميعًا.
والأعجب من ذلك ما تناقلته وسائل الإعلام من أن الغريانى رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان قد تقدم بمشروع قانون لمنح صلاحيات جديدة للمجلس منها منحه ونائبه وأعضاء المجلس صفة الضبطية القضائية بالنسبة لجرائم حقوق الإنسان، أى حق القبض والتفتيش، وكذا إسباغ الحصانة الكاملة على أعضاء المجلس ولا يجوز رفعها إلا بناء على طلب من السلطات القضائية، ولابد من استئذان اللجنة التنفيذية للمجلس، والحق فى تفتيش السجون والأقسام بغير أذن من النائب العام أو الداخلية، وحق الحصول على المعلومات والاطلاع عليها من أى جهة فى مصر، والاستقلال المالى للمجلس، أى أنه يريد أن يمنح نفسه ومجلسه وضعا لا يوجد لأى جهة فى مصر، وسيكون أعضاء المجلس تحت رئاسته أقوى من أعضاء النيابة العامة ومجلس الدولة وأجهزة المخابرات، وأعضاء مجلسى الشعب والشورى ، ثم يضن الغريانى على أعضاء الهيئتين بتثبيت الصفة القضائية لهما فى الدستور الحالى، فبماذا نفسر هذا التناقض الرهيب ؟!!!!
ولعل من نافلة القول أيضاح مزايا الحلول المقترحة لإصلاح المنظومة القضائية المصرية لعرضها على الشعب ويتمثل فى الآتى:-
مقدمة لابد منها :-
أولا : تكوين النظام القضائى المصرى :-
يتكون النظام القضائى المصرى من الهيئات القضائية الآتية :-
1- القضاء العادى :- حيث نصت المادة 165من الدستور المصرى الصادر عام 1971على أن : " السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون " وبين قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية تشكيل المحاكم وتنظيم شئونها.
2 – مجلس الدولة :- حيث نصت المادة 172من الدستور على أن : " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى." وبين قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تشكيل مجلس الدولة وبيان اختصاصاته .
3 – المحكمة الدستورية العليا :- حيث نصت المادة 174 من الدستور على أن : " المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، فى جمهورية مصر العربية، مقرها مدينة القاهرة. " وبين القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا تشكيلها وبيان اختصاصاتها .
4 – هيئة قضايا الدولة :- حيث نصت المادة 167 من الدستور على أن : " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم. " وبين القانون رقم 10 لسنة 1986 المعدل للقرار بقانون رقم 75 لسنة 1963 بشأن هيئة قضايا الدولة تشكيلها وبيان اختصاصاتها .
5 – هيئة النيابة الإدارية :- حيث نصت المادة 167 من الدستور على أن : " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم. " وبين القانون رقم 12 لسنة1989بتعديل القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن هيئة النيابة الادارية تشكيلها وبيان اختصاصاتها .
ثانيا : طبيعة عمل الهيئات القضائية :-
1- القضاء العادى :- تختص المحاكم بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم إلا ما أستثنى بنص خاص وتبين قواعد اختصاص المحاكم فى قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجنائية وتمارس النيابة العامة الاختصاصات المخولة لها قانونا. ولها دون غيرها الحق فى رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
2- مجلس الدولة :- يختص بالفصل فى المنازعات الإدارية ، أى التى تنشأ بين الدولة ( جهة الإدارة ) والأفراد، وتحضير تلك الدعاوى عن طريق كتابة تقرير فيها بواسطة هيئة المفوضين، وإعطاء الفتاوى للجهات الإدارية، ومراجعة التشريعات التى تحيلها الحكومة عليها قبل تقديمها لمجلس الشعب عن طريق قسم الفتوى والتشريع .
3- المحكمة الدستورية العليا :- تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية .
4- هيئة قضايا الدولة :- تختص بالدفاع عن الدولة بسلطاتها الثلاث، التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، فيما يرفع منها ، أو عليها ، من دعاوى أمام جميع المحاكم ، داخل مصر، وخارجها .
5- هيئة النيابة الإدارية :- تختص النيابة الإدارية بالتحقيق فى الجرائم التأديبية – المالية والإدارية والتحقيق مع العاملين المدنيين بالدولة الخاضعين لاحكام قوانين العاملين المدنيين بالدولة والتحقيق مع العاملين بالهيئات العامة، والعاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ، والعاملين فى شركات القطاع العام أو الشركات التى تساهم فيها الحكومة أو الهيئات العامة بنسبة لا تقل عن 25% من رأسمالها أو تضمن لها حدا أدنى من الأرباح وكذا التحقيق مع أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقا لأحكام القانون رقم 73 لسنة 1973والتحقيق مع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام من شاغلى الوظائف العليا طبقا للمادة 79 مكرر من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة رقم 83 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وحجب بذلك اختصاص الجهات الإدارية عن التحقيق معهم. والتحقيق فى الجرائم التأديبية المتعلقة بضبط الرقابة على تنفيذ الموازنة العامة والناتجة عن الإهمال أو التقصير الذى يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو احد الأشخاص العامة الأخرى أو الهيئات الخاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات أو المساس بمصلحة من مصالحها المالية أو يكون من شانها ان يؤدى الى ذلك بصفة مباشرة. وإقامة الدعوى التأديبية ، والطعن على الأحكام الصادرة فيها ومباشرتها امام المحاكم التأديبية التى أنشئت بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بوصفها الأمينة على الدعوى التأديبية.
ثالثا : مزايا مقترحات اصلاح المنظومة القضائية :-
أولا :- التخفيف عن كاهل القضاء المصرى : حيث تتراوح الدعاوى المنظورة أمام القضاء العادى بين 8 إلى 10 ملايين دعوى، ومثلها أمام مجلس الدولة، علما بأن عدد القضاة الذين يفصلون فى الدعاوى فى القضاء – غير أعضاء النيابة العامة – حوالى 8000 قاض، وعددهم بمجلس الدولة قرابة 1800 عضو موزعين على القسمين القضائى والاستشارى، أما عدد أعضاء هيئة قضايا الدولة حوالى 2500 عضو، فإذا انضم هؤلاء إلى أقرانهم بالقضاء، بالنسبة للنيابة المدنية، ستكون هناك سرعة فى الفصل فى الدعاوى المنظورة أمام القضاء .إذ أن عدد أعضاء قضايا الدولة سيقومون بتحضير آلاف القضايا المدنية والتجارية شهريا، ومع وجود عدد كبير من القضاة ينجزون أعداد كبيرة من القضايا، فإن ذلك سيؤدى إلى الانتهاء من جميع الدعاوى المنظورة أمام القضاء فى غضون سنوات قليلة جدًا.
ثانيا :- سرعة الفصل فى الدعاوى: وذلك لأن الدعاوى المرفوعة ضد الدولة ستتولى الدفاع فيها الشئون القانونية بتلك الجهات، ومن ثم ستقوم بإعداد المذكرات والمستندات بنفسها، من واقع المستندات المتوافرة تحت يدها ، مما سيوفر وقتا وجهدا كبيرين، يبذلان الآن، حيث يوجب قانون المرافعات إعلان هيئة قضايا الدولة فى مقراتها المختلفة بالدعاوى المرفوعة ضد الدولة، ثم تقوم الهيئة باخطار تلك الجهات بصورة من صحف تلك الدعاوى للرد عليها بمذكرة شارحة والمستندات، وتستغرق هذه المسألة شهورا وربما سنوات حتى يصل الرد، ويقضى فى المنازعة .
ثالثا: عدم تحميل الميزانية العامة للدولة أى أعباء إضافية :- وذلك لأن أعضاء الهيئتين متساوون فى جميع الحقوق والواجبات فهم يتقاضون ذات الرواتب والبدلات والمخصصات المالية التى يتقضاها أقرانهم بالسلطتين القضائيتين كما يرعى شئونهم الصحية والاجتماعية صندوق واحد، هو صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية التابع لوزارة العدل، ومن ثم سيترتب على إنشاء النيابة المدنية زيادة عدد القضاة الذين يفصلون فى الدعاوى المتراكمة ، دون إضافة أى أعباء مالية إضافية على الخزانة العامة للدولة، وذلك على عكس ما إذا قامت الدولة بتعيين أعضاء بالنيابة المدنية جدد من المشتغلين بالقانون كالمحامين إذ ستضطر إلى استحداث درجات مالية جديدة بعددهم، مما سيؤدى إلى إرهاق الميزانية والتى تئن الآن من ضعف مواردها ومن عجز الموازنة .
رابعا: توفير ملايين الجنيهات من ميزانية الدولة :- وذلك نتيجة إنفاق ملايين الجنيهات على الأوراق والمكاتبات ، والمراسلات والانتقالات ، بين هيئة قضايا الدولة والجهات الإدارية، التى تتولى الدفاع عنها، حيث يتم فتح ثلاث ملفات للدعوى الواحدة ، أحدها فى المحكمة المختصة ، والثانى فى هيئة قضايا الدولة ، والثالث فى الجهة الإدارية صاحبة الدعوى والتى تنوب عنها الهيئة، ولابد أن تتماثل تلك الملفات فى الأوراق المرفقة بها . فإذا تم إنشاء النيابة المدنية وإعادة الدعاوى للجهات الإدارية المختصة، تم اختصار تلك الجهات إلى اثنتين، وتوفير المال والوقت والجهد المبذول نتيجة وجود واسطة بين الجهة وبين القضاء .
خامسا: الاستفادة من الطاقات المعطلة :- حيث إن الجهات الإدارية نوعان :
الأولى : تنوب عنها هيئة قضايا الدولة، وتتولى الشئون القانونية فى تلك الجهات إعداد مذكرات بالمعلومات الخاصة بتلك الدعاوى والمستندات التى تؤيدها، وترسلها إلى تلك الهيئة، ولا يجوز لعضو الشئون القانونية الترافع عن جهته التى يعمل بها أمام القضاء وذلك لأنه غير مقيد بنقابة المحامين، وإنما يعمل كباحث قانونى، فإذا عادت تلك الدعاوى للشئون القانونية – بعد دمج هيئة قضايا الدولة فى القضاء – يتم قيد أعضاء الشئون القانونية فى نقابة المحامين، ويتولون الدفاع عن الجهات التى يعملون بها. مما سيؤدى إلى الاستفادة من تلك الطاقات المعطلة .
الثانية: لا تنوب عنها الهيئة وهى الهيئات العامة والمؤسسات العامة، وشركات قطاع الأعمال. وأعضاء الشؤون القانونية بها مقيدون بنقابة المحامين، ويتولون الدفاع عن تلك الجهات، ولذلك فهناك سرعة فى الفصل فى الدعاوى الخاصة بتلك الجهات لعدم وجود واسطة منفصلة بينها وبين القضاء.
رابعا : مزايا النص على تلك الهيئات بالدستور الجديد بما فيها هيئتا النيابة المدنية والنيابة الإدارية صراحة بأنهما هيئتان قضائيتان مستقلتان :-
1- لأن النص عليهما بالدستور كاشف عن وضعهما وليس منشأ لهما، إذ أن أحكام المحاكم الدستورية، والنقض، والإدارية العليا قد تواترت على أنهما هيئتان قضائيتان . ومن ثم فالنص عليهما فى الدستور حتم لازم .
2- حسما لمادة النزاع الذى نشأ فى العهد البائد وامتدت آثاره فى العهد الجديد، ببطلان الانتخابات التى أشرف عليها أعضاء الهيئتين بزعم أنهما ليستا من الهيئات القضائية التى تفصل فى المنازعات ، مما أدى الى زعزعة الاستقرار القانونى للمجتمع، لولا تدخل المحكمة الدستورية العليا لحسم هذا النزاع والتأكيد على أن أشراف الهيئتين على الانتخابات متفق مع الدستور فى مادته 88 والتى أوجبت أن يكون الإشراف على الانتخابات لأعضاء من هيئة قضائية .
3- درءا للفتنة التى قد تحدث بين أعضاء الهيئات القضائية فى حالة عدم النص على الهيئتين فى الدستور الجديد، حيث يثار على الساحة من بعض رجال القضاء والقانون الآتى : أ- الغاء نص المادة 167 من الدستور القديم، ب - عدم النص على الهيئتين فى الدستور الجديد، ج - إلغاء عضوية الهيئتين فى المجلس الأعلى للهيئات القضائية والذى يضم الهيئات القضائية الخمس، د - استئثار القضاء العادى بصندوق الخدمات الصحية والاجتماعية التابع لوزارة العدل، بدعوى أن حصيلته تأتى من الفصل فى القضايا المنظورة أمامهم – وهو منطق معوج إذ يجوز والحالة هذه للعاملين بالجمارك والضرائب أن يطالبوا بالاستئثار بالمبالغ المالية المسددة للمصلحتين بزعم أنهم يحصلونها دون غيرهم من العاملين بوزارة المالية - مما سيؤدى إلى نزع الصفة القضائية عن الهيئتين، والثابتة لهما منذ أمد بعيد، وتؤكدها النصوص القانونية والأحكام القضائية سالفة الذكر وكونهما أعضاء مع السلطات القضائية الثلاث فى المجلس الأعلى للهيئات القضائية والذى يرأسه رئيس الجمهورية فإذا ما حدث ذلك ستندلع مواجهات بين الهيئتين وباقى الهيئات الثلاث ، قد تصل إلى حد الإضراب عن العمل مما سيصيب المنظومة القضائية المصرية بالشلل التام نتيجة إيجاب القانون حضور النيابة الإدارية فى المحاكمات التأديبية مما سيوقف نظرها، وتعطيل مصالح المتقاضين . ولذلك يجب الحذر مما يحاك من بعض المنتمين للسلطتين القضائيتين، والذين لا ينظرون إلا لمصالحهم الشخصية بعيدا عما يعود بالنفع على المجتمع المصرى بأسره .
4 – تحقيقا لمبدأ المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية والذى تواترت به أحكام الدستورية والنقض والإدارية العليا .
وأننى إذ أتوجه بهذه المذكرة إلى الشعب المصرى وممثليه بالجمعية التأسيسية، لأرجو أن أكون قد وفيت بحق النصيحة الواجبة طبقًا لقوله صلى الله عليه وسلم (الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ،ولكتابه، ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ ) [ رواه مسلم ]
والله أسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يدبر لنا فأنا لانحسن التدبير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.