كشف مصادر قريبة للكنيسة المصرية ، أن البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، تلقى رسالة مؤخرا من عدد من المعتقلين السياسيين ، الذين ألقي القبض عليهم في أعقاب مظاهرات التضامن مع القضاة طالبته أن يستغل نفوذه داخليا ودوليا للضغط على السلطات المصرية للافراج عنهم على غرار الضغوط التي مارسها للإفراج عن المعتقلين الأقباط في أحداث الأسكندرية الأخيرة ، ومعتقلي مظاهرات الكاتدرائية المرقسية الشهيرة بالعباسية منذ عامين . وانتقدت الرسالة تخلى البابا عن "السياسيين" المعتقلين على ذمة قضايا وطنية ، فيما لا يألو جهدا في ممارسة كل أنواع الضغوط ، بما فيها الاعتكاف في وادي النطرون ، إذا ما تعلق الأمر بمعتقلين أقباط على ذمة قضايا طائفية . وأشارت المصادر إلى أن الرسالة ربطت بين الأحداث القائمة وأحداث سبتمبر 1981م، التي وقعت في أواخر الخريف السياسي للرئيس الراحل أنور السادات، والتي اعتقل خلالها عدد كبير من كل التيارات المصرية، كان من بينهم البابا شنودة نفسه الذي تعرض للإقامة الجبرية في وادي النطرون. غير أن مسؤولا كنسيا نفى ل"المصريون" أن تكون الكنيسة قد تلقت مثل هذه الرسالة ، لافتا في وقت ذاته إلى أن البابا يقوم فعلا بالتوسط لدى جهات سيادية عليا ، من أجل وضع حد لتداعيات أزمة القضاة عبر استغلال ما أسماه مساحة الود التي تجمعه بمختلف أطراف الأزمة ، مشددا على أن وساطة البابا جاءت في إطار مبادرة ذاتية منه ، وليس في إطار الانصياع للرسالة التي نفى أن تكون الكنيسة قد تلقتها فعلا . فيما تمنى مصدر قبطي فضل عدم ذكر اسمه ، أن تكون أنباء تلك الوسطات صحيحة ، لافتا إلى أن البابا يحتاج فعلا إلى أن يدخل مع القوى الوطنية المصرية ، فيما يشبه المصالحة ، وتجديد الثقة بين الطرفين ، والتي أصابها الكثير من التداعيات بسبب ما وصفه ب"تدخلات" البابا شنودة للتأثير على نتائج انتخابات النقابات المهنية ،لصالح التيارات المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين من جهة ، وبسبب موقفه المتشدد من مسألة "حرية العقيدة" في أزمة وفاء قسطنطين الشهيرة من جهة أخرى . كانت انتقادات "خجولة" وجهت لموقف البابا شنودة ، من ملف المعتقلين السياسيين بصفة عامة، ومعتقلي التيار الاسلامي بصفة خاصة ، إذ لم يؤثر على البابا أن أصدر ما من شأنه انتقاد السلطات الأمنية المصرية في ذلك الشأن ، سيما أنه في السجون المصرية أكثر من 25 ألف معتقل سياسي وفق تقارير منظمات حقوق الانسان غير الحكومية ، غالبيتهم أمضوا عشرات السنين رهن الاعتقال بلا محاكمات ، وعزا متشددون إسلاميون صمت البابا شنودة إلى أن غالبية المعتقليين إسلاميون ، تخشى الكنيسة أن يؤدي اطلاق سراحهم ، إلى التضييق على أنشطة الكنيسة الدينية والاجتماعية والتبشيرية بالشارع المصري والتي شهدت افضل حالات ازدهارها في السنوات العشر الأخيرة . والجدير بالذكر أن كاهن إحدى الكنائس الكبرى بالجيزة ، وهو القس بلوفاتير كان قد استقال من حزب الغد الذي يرأسه د. أيمن نور الذي يقضى عقوبة السجن خمس سنوات ، على خلفية "قضية تزوير توكيلات " ، وذلك احتجاجا على طلب تبني نور العمل على الافراج عن المعتقلين الاسلاميين حال فوزه في انتخابات الرئاسة التي جرت في العام الماضي ، وحل في الترتيب الثاني بعد الرئيس مبارك ، وهو الموقف الذي فسره المراقبون بأنه يعكس رأي الكنيسة المصرية بشأن ملف المعتقلين السياسيين يذكر أن البابا شنودة كان قد اعتكف بدير وادي النطرون على خلفية مشكلة وفاء قسطنطين التي أثارت جدلاً واسعًا في الشارع المصري في أواخر عام 2004 بعد أن أشهرت إسلامها ، ومارست الكنيسة آنذاك ضغوطًا شديدة على الدولة لإجبارها على التراجع عن إسلامها، وهي الضغوط التي نجحت بالفعل في تسليمها للكنيسة ، والتي تحفظت عليها في مكان مازال مجهولا حتى الآن.