سيدتى أنا زوج منذ 16 عامًا، وأب لأربعة أبناء، الكبيرة 14 سنة ومريضة والصغير عامان.. توفى أبى منذ 3 سنوات وكان مسنًا وكان أخى الصغير يخدمه حتى وفاته هو وأمى، وأخى اضطر للسفر منذ شهرين، أما أمى بقيت وحيدة وهى مسنة ومريضة، فقررت أن آخذها معى بالبيت للإقامة، ولكن للأسف زوجتى رفضت تمامًا، لأنه ومن بداية زواجى كانت هناك مشاحنات بينها وبين والدتى، حاولت زوجتى كثيرًا هى وأهلها التودد إلى أمى ولكنها دائمًا ما كانت تصدها، وتضايقها، إلى أن أصبحت علاقة أمى بزوجتى محدودة والحمد لله بدون مشاكل، لكن زوجتى هددت بأن تترك المنزل إذا حضرت أمى للمعيشة معنا، مبررة أنها لا تستطيع القيام بخدمتنا جميعًا، بالإضافة إلى ابنتنا العاجزة وعملها خارج المنزل ومراعاة أطفال صغار.. لى أصدقاء عرضت عليهم الموضوع فنصحونى بالإجماع أن أطلق زوجتى.. فهل تنصحينى بنفس الرأى أم هناك حل آخر يمكن لك أن تسدينى به؟. سيدتى أنا الآن بين مجموعة من النيران، مشتت بين أن أترك أمى المريضة وحدها، وبين زوجتى التى وقفت معى فى عز أزماتى المادية ومرضى لمدة عامين، ومتحملة معى كل شىء، هذا للأمانة، وبين أولادى من سيرعاهم حال نفذت زوجتى تهديدها، وأنا لا أستطيع رعايتهم لظروف عملى. فماذا أنا فاعل من أمرى؟! وشكرًا مقدمًا دكتورة أميمة. (الرد) كان الله بعونك، أقدر تمامًا مدى الحيرة التى تقع فيها.. وطبيعى أن ينصحك أصدقاؤك بالرأى البديهى وبكل حماسة وتحيز للأم بأن تطلق زوجتك، لأن الأم بالفعل لا تعوض، أما الزوجة فيمكنك الاستغناء عنها بل واستبدالها بأربعة زوجات. ولكننى أحييك على أنك لم تتسرع وتطلق زوجتك، وعلى أنك تقدر تمامًا مدى مسئولياتك ومدى النتائج المدمرة التى يمكن أن يُخلفها الطلاق، وخاصة وضع أبنائك، وأن دفة السفينة بيدك وأنت قبطانها الحكيم. والحمد لله كثيراً أن رزقنا دائمًا الدواء مع كل داء والحلول المتاحة مع كل مشكلة تقابلنا، فلا توجد مشكلة ليس لها حل، بل ربما عدد من الحلول. وأنت هنا أمام زوجة محبة ومتحملة معك الكثير من المسئوليات والمتاعب خارج وداخل المنزل لمدة 16عامًا، وهذا أمر يحسب لها، وبسببه عليك بالفعل تقديرها والحفاظ عليها بل وتكريمها، وأيضاً لديكم من الأبناء أربعة تبارك الله وأكبرهم مريضة وعاجزة ولا حول ولا قوة إلا بالله، وجميعهم يحتاجون جدًا إلى وجود الأم والأب معًا، فهم فى مرحلة حساسة وحرجة أعانكم الله، ولذلك فأول شىء عليك فعله هو استبعاد مجرد فكرة الطلاق تمامًا من ذهنك، وأدعو الله تعالى ألا يقدره عليكم، وإياك ثم إياك أنت أو غيرك من الأزواج، أن تضع والدتك فى مقارنة مع زوجتك إطلاقاً. وزوجتك اعتذرت أو رفضت بأى شكل من الأشكال رعاية والدتك، ورفضها أو قبولها هذا أمر يرجع لها ولها فيه مطلق الحرية، بيد أنها إن وافقت فسيكون تطوعًا منها وستؤجر عليه وثوابها حتما كبير عند الله تعالى.. ولكن علينا أن نلتمس لها العذر فى رفضها نظراً لكثرة مسئولياتها ويكفيها رعاية ابنتكما العاجزة، بغض النظر عن مشاكلها القديمة مع والدتك، فالأفضل أن نحسن الظن بها، فزوجتك لولا أنها ابنة أصل طيب ربما ما كانت تحملتك أنت شخصيًا فيما مررت به من ظروف عصيبة لعدة سنوات. نأتى لوضع والدتك.. فأمامك عدة خيارات كحلول يمكن أن تساعد بها والدتك المسنة مستعيضًا بها عن إقامتها مع أسرتك، فإن كانت تستطيع الحركة وفقط تحتاج لمن يؤنس وحدتها ويوفر لها ما تحتاجه من متطلبات يومية عادية، فهذا أمر سهل وبإذن الله يسير، فيمكنك زيارتها يوميًا بعد انتهاء عملك وتوفر لها ما تحتاجه من الخارج وتجلس معها لتأتنس بك، وليتك تصطحب معك أحد أطفالك كل يوم أو يوم بعد يوم، فمن حقها أن تراهم، وحتى يعتادوا على الاهتمام بجدتهم ووصالها، وفى نفس الوقت توفر لها سيدة أمينة تنظف لها منزلها وملابسها وتطهى لها الطعام الذى يكفيها بشكل دورى سواء كان أسبوعيًا أو أكثر من مرة بالأسبوع إن لم يكن يومياً، حسب استطاعتك المادية.. أما إن كانت والدتك لا تستطيع الحركة، فالوضع الأسلم وطبعًا بدون تخليك أنت أيضًا عن زيارتها، أن توفر لها مساعدة أمينة وحنونة وصبورة وعمرها مناسب لهذه المهمة، وأن تكون لديها خبرة بالتمريض لتقيم مع والدتك، أو على الأقل تبيت معها، إلى أن تعود أنت من عملك وتجلس معها وكأنك مقيم معها، وإن كان منزلها يبعد كثيرًا عن منزلك، فحاول تأجير منزل لها قريباً منكم، وللحق أنا أعلم يقينًا أنه وفى هذه الحالة الأمر قد يكون صعبًا للغاية بالنسبة لك، ولكن هذه مسئوليتك الآن، وهذا هو المتاح فى الوقت الراهن لكم جميعاً، هذا مع محاولات طيبة منك لإقناع زوجتك بالمودة واللين، وتذكيرها بالثواب العظيم الذى ستفوز به حال الإتيان بأمك كى تعيش معكم، ولعل زوجتك وقتها حين تلمس تعبك ومعاناتك النفسية، قد توافق على ذلك.. وصدقنى، ثق أن الله يختبرك فى عدة أمانات استأمنك عليها لمدة محدودة، زوجتك ووالدتك وأبناؤك، وعليك أن تنجح فى هذا الاختبار البسيط، وكل شخص قد تأتى عليه أوقات عصيبة تكون مسئولياته ومهامه المكلف بها جميعًا مجتمعة، ولكنها حتمًا ستمر ظروفها إن عاجلاً وإن آجلاً فلنصبر ونحتسب، ولعل أخوك ينتهى من عمله أو مهمته هناك أو يستقدم والدتك للعيش معه، على كل حال فقط ثق أن الله تعالى سوف يهون عليك ألأمور كلها وييسرها كثيرًا من حيث لا تحتسب.