قام قس أمريكى متطرف يدعى (تيرى جونز) ومعه نفر قليل من الحاقدين المأجورين الذين ينسبون أنفسهم ظلما وعدوانا لأقباط مصر وهم منهم براء، بالإضافة إلى اليهود المتطرفين العنصريين قاموا بإنتاج فيلم تافه يسيء لرسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة والنعمة المسداة، قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" [الأنبياء: 107]. وقال عز وجل: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" [سبأ : 28]. وهذا الفيلم القبيح عمل تافه حقير ولا قيمة له فنيا ولا ثقافيا ولا إعلاميا ولا فكريا ولا دينيا، وهو وصمة عار فى جبين صُنَّاعِه؛ لأنه مليء بالمزاعم والافتراءات الكاذبة، والإهانات السافلة التى تدل على حقد دفين أكل قلوبهم، وكل هذا العفن يرتد على أصحابه ولن يمس مطلقا حبيب الحق وسيد الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ولن ينال شعرة من منزلته السامية ومكانته العظمى عند الله تعالى وعند الناس صلوات ربى وسلامه عليه . إن هذا العمل الأثيم والإفك المبين يلطخ سمعة كل من شارك فيه، ويضعهم فى أحقر مكانة وأقذر وأوضع منزلة، وقبل أن يكون عدوانا على مشاعر مليار ونصف المليار مسلم فى شتى أنحاء العالم، فهو إساءة بالغة لكل الرسالات السماوية ولكل البشر الذين ينادون بالتسامح والتعايش وقبول الآخر، واحترام المعتقدات الدينية لجميع البشر دون استثناء، ورغم عمق الجراح التى خلفها هذا الفيلم الفاجر الفاحش الداعر فى نفوسنا جميعا إلا أننا يجب ألا ننساق وراء عواطفنا، ونضبط انفعالاتنا، ونقول فى هدوء كلمة الحق بكل إخلاص وتجرد وشجاعة، ولى مع هذا الحَدَث المخزى والتجرؤ السافل المفجع وقفات: أولا: عذرا رسول الله.. عذرا حبيب الله، فكم هم السفهاء والحمقى والمغفلون فى هذه الدنيا!! وكم هم الموتورون الحاقدون عليك وعلى دينك العظيم الحاسدون لك ولأمتك!! ورغم أنك صلوات الله وسلامه عليك قد أوصيت بمصر وقبطها خيرا فهناك حفنة قليلة من الأقباط أكل الحقد قلوبهم وأعمى بصائرهم فتطاولوا على مقامك السامي!! فعذرا حبيب الله عذراً!! وربما لم تبلغ هؤلاء المغيبين المُضَلَّلِين وصية رسول الإسلام العظيم صلى الله عليه وسلم بمصر وأهلها؛ فنقولها لهم ونذكرهم بها لعلهم يعودون عن غيهم وضلالهم، فعن أبى ذر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنكم ستفتحون مصر، وهى أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما، أو قال: ذمة وصهرا" (رواه مسلم)، وفى رواية أخرى عن كعب بن مالك رضى الله عنه : "إذا فُتِحَت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة و رحما" (خرَّجه السيوطى والحاكم، وصححه الألباني)، فهل يستحق هذا الرسول الكريم صلوات ربى وسلامه عليه كل هذا الحقد الأعمى والغل الشديد؟! أهذا هو رد الجميل؟! ثانيا: أتوجه لكل حكماء اليهود والنصارى بل وكل الديانات بهذه التساؤلات: هل أسلوب هذا الفيلم الحقير وما ورد فيه من إساءات أثيمة يعبر عن قناعاتكم وأخلاقكم؟ وهل يصلح هذا الأسلوب القذر للتحاور بين أتباع الديانات والمذاهب المختلفة؟ ثم أين الأخلاق الكريمة والقيم الإنسانية العليا التى يفترض أن جميع الأديان تدعو إليها؟ وما النفع الذى سيعود على البشرية جراء اعتماد هذا الأسلوب المنحط فى الهجوم على الآخرين والإساءة لمقدساتهم؟ ثم ألا يدرك صُنَّاع هذا القبح مدى بشاعة الجرم الذى ارتكبوه؟! ألا يعرفون ما سوف يفعله ذلك من التأسيس لحروب دينية شرسة ستحرق العالم كله ولن ينجو من نيرانها أحد؟! ثالثا: تحية لشعب مصر العظيم مسلمين ونصارى؛ فقد عبر الجميع عن رفضه واستنكاره الشديد لهذا الجرم المشين، وهم بذلك عصموا مصر بفضل الله تعالى من فتنة خطيرة هى المقصودة بها فى المقام الأول. رابعا: أقول لجموع الغاضبين حول السفارات الأمريكية فى مصر وغيرها، غضبكم مفهوم ومشاعركم مقدرة تماما، ولكن يجب أن نرتقى بسلوكياتنا ونعبر عن رفضنا لهذا الفُجْرِ بطريقة حضارية تجبر الآخرين على احترامنا، وما كان لنا أبدا أن نتجاوز مبادئ الإسلام أو نغلو ونبالغ فى تعبيرنا عن غضبنا بهذه الطريقة الفجَّة التى تسببت فى إزهاق أرواح بريئة نحن مسئولون عنها فى النهاية. خامسا: ليتنا نتخلق بأخلاق حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتمسك بسنته، ونطبق جوهر ديننا الإسلامى العظيم فنقرأ ونتعلم، ونعمل وننتج، ونبدع ونبتكر... لعلنا نصبح شعوبا ناضجة ودولا قوية لا تحتاج إلى غيرها، وأعتقد أننا لو فعلنا كل ذلك لكان أحب إلى الله ورسوله، وأجدى وأنفع لنا من العواطف الجوفاء التى ندَّعى من خلالها حبنا للإسلام، وأغلبنا مع الأسف مصِرٌّ على ممارسة السلوكيات المنحرفة البعيدة كل البعد عن الإسلام!! * كاتب مصري. [email protected]