يحكى أن الفنان إسماعيل يس رحمه الله قد باع أرضا له فى بلده فى الصعيد الجوانى، وقرر الهجرة إلى القاهرة لاستثمار أمواله.. قوم إيه؟ ركب القطار، فاستقبله فى محطة مصر نصّاب "مبدع" خفيف الظل، تعرف عليه وعرف بموضوعه وعقد صداقة معه، ونصحه بأن أحسن استثمار لأمواله هو إما أن يشترى العتبة الخضرا أو أن يشترى سينما تعمل شهر واحد فى السنة وهو شهر رمضان المعظم، ويبدأ العرض مع آذان العشاء ويمتد حتى آذان الفجر، ووعده بإمداده بالأفلام التى تسحب الناس من الجوامع للسينما، وأعرب له المبدع عن استعداده لمساعدته. خاف إسماعيل يس فاتصل تليفونيا بشقيقه الأكبر مفتش اللغة العربية بالمعاش وعرض عليه الأمر، فلحق به بالقاهرة وقال له: "تعال ياسماعين نشوف الموضوع من الناحية الشرعية لحسن بيقولوا علينا صعايدة وما بنفهمش"، دخلا على شبكة الإنترنت، فوجدا الإجابة فى فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المملكة العربية السعودية برئاسة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: لا يجوز لمسلم أن يبنى سينما، ولا أن يدير أعمال سينما له أو لغيره؛ لما فيها من اللهو المحرم، ولأن السينماءات المعروف عنها فى العالم اليوم أنها تعرض صورا خليعة، ومناظر فتانة، تثير الغرائز الجنسية، وتدعو للمجون وفساد الأخلاق، وكثيرا ما تجمع بين نساء ورجال غير محارم لهن. ******** أما الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم مفتى عام المملكة العربية السعودية رحمه الله تعالى، فقال فى مجموع فتاويه فى نصيحة له لعموم المسلمين: (من أعظم المعاصى استعمال الملاهى من الفتح على السينما وغيرها، ولاسيما ما يشتمل على المناظر والمسامع المحرمة، فإنها تشتمل من الصد عن ذكر الله ون الصلاة والإغراء بالفواحش وغير ذلك مما يعرفه أصحاب البصائر). أما عن حكم الفيديو والسينما والموسيقى، قال سماحة الشيخ: هذه الآلات الفيديو والسينما فيها خطر عظيم.. ولكن إذا كان الفيديو لم يشتغل إلا على أشرطة سليمة ليس فيها محذور شرعاً لا نساء عاريات ولا أغانى وملاهى ولا غير ذلك، إنما هى أشرطة سليمة تنفع العبد فى دنياه وأخراه فلا بأس، وهكذا السينما لو وجد شىء سليم ليس فيه ما يخالف الشرع المطهر لم يكن فيها بأس، ولكن لما كان المعروف من الناس الآن أن السينما تجمع شراً كثيراً وهكذا الفيديو فى الغالب تسجل فيه الأغانى والملاهى والنساء الكاسيات العاريات وشبه ذلك حرم ذلك. فالحاصل أنها حرمت لما فيها من الشر ولما يكون فيها من الشر ويعرض فيها من الباطل، فلو وجد فيديو سليم أو سينما سليمة ليس فيها ما يخالف الشرع المطهر لم تحرم. ******** خدوا بالكم: الكلام هنا عن السينما والفيديو الخاليين من العُرى والقبلات الساخنة والأحضان الدافئة، والضحكات الخليعة والعبارات الفاحشة الخادشة للحياء؟ فما بالكم بقى لو...........؟؟؟؟؟؟ ******** *جاء فى فتاوى الأزهر بشأن النساء: ثبت فى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". فقوله صلى الله عليه وسلم: "كاسيات عاريات"، يعنى أن عليهن كسوة لا تفى بالستر الواجب، إما لقصرها، أو خفتها، أو ضيقها. ومن ذلك: فتح أعلى الصدر، فإنه خلاف أمر الله تعالى حيث قال: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. قال القرطبى فى تفسيره: وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها، ثم ذكر أثراً عن عائشة أن حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبى بكر – رضى الله عنهم – دخلت عليها بشىء يشف عن عنقها وما هنالك، فشقته عليها وقالت: إنما يُضرب بالكثيف الذى يستر. أما عن النظر إلى هؤلاء فى السينما أو المسرح أو التليفزيون أو غيرهم، فالجواب أن مشاهدة التلفاز لغير القنوات الإسلامية الملتزمة أو المليئة بمشايخ سوء يفتون بغير علم ويحاربون السنة لا يجوز، ومشاهدة الأفلام يتضمن النظر إلى الكاسيات العاريات المائلات المميلات اللاتى أخبر عنهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهن من أهل النار، ويتضمن سماع الموسيقى المصاحبة للبرامج والأفلام والمسلسلات. ويتضمن سماع الكذب، وقد قال – تعالى - ذامّاً لليهود: "سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) (المائدة:42)، إلى غير ذلك من المفاسد والشرور المعروفة، ودور السينما والمسارح تتضمن إلى كل ما سبق الصحبةَ السيئةَ والنظرَ إلى وجوه المعذبين بما هم عليه من المنكر. ******** قال الأخ لإسماعيل يس وهو يعظه: يا بنى سيبك من سكة الإبداع دى اللى كلها معاصى وشرور ومفاسد، وربنا بيقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِى الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 19] فقد حَرَص الإسلام أشد الحرص على مُحَاصَرة الفواحش بكل أنواعها، وبدأت محاربة الإسلام للفواحش من خلال منْع إشاعتها، وإغلاق كل السُّبُل المؤدِّية إليها، فقد قَدَّم تحريم النظر على تحريم الزنا؛ لأن النظر بريد الزنا؛ ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [النور: 30]، وتَوَعَّد مَن يُطْلق العنان للسانه فى أعراض الناس، وإثارة الشبهات، فأوجب له العذاب الأليم، وأسقط اعتباره حين أسقط شهادته نهائيًّا. هذه الأحكام وغيرها كانتْ بمنزلة السياج والعلاج؛ بُغية تجفيف منابع الفاحشة؛ حتى لا تراها عين، ولا تسمعها أذن، ولا يَتَحَدَّث بها لسان. يتضح لنا - على هَدْى ما ذكر - عظم الجُرْم الذى يقع فيه الذين يروجون للفواحش فى المجتمع المسلم، ويزينونها فى عيون الأغرار من الناس، وليس أخطر على المجتمع من اعتياد الشرِّ وقبوله، ولو عند الطرف الآخر، ممن نعتقد أنهم على ضلال؛ لأن مبدأ التهوين يقود إلى التليين ثم التزيين. لقدِ ازدادتْ خُطُورة نشْر الفاحشة بازدياد أوعيتها، وتنوُّع أساليبها، فقد يعجز المرء عن حصْر ومتابعة وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمشاهدة، والتى جعل أكثرها من تزيين الفاحشة هدفًا، تُعَدُّ من أجله النصوص والمقالات. ****** بعد أن عرف إسماعيل يس الحكم الشرعى عدل عن شراء السينما واتخذ كل الاحتياطات لعدم الوقوع فى أيدى النصابين، وقرر أن يشترى العتبة الخضرا.