اشتعل الصراع بين المستشار أحمد مكى، وزير العدل الجديد، وقضاة المحكمة الدستورية العليا، وذلك بعدما طالب الأول من اللجنة التأسيسية بإلغاء امتيازات المحكمة فى الدستور الجديد، منتقدًا تدخل القضاة فى السياسة والحكم بعدم دستورية قانون العزل السياسى وحل البرلمان، وهو ما اعتبرته المحكمة الدستورية العليا تعليقًا غير مسموح على أحكامها وتدخل فى شئونها، مطالبة الوزير بتوخى الحذر فيما يقول بعدما أصبح يمثل السلطة التنفيذية، وآرائه لا تعبر عن شخصه, كما طالب القضاة بإنهاء الصراع الذى يزداد بشكل يومى بين وزير العدل الحالى والمحكمة الدستورية العليا حيث إن مصر لا تحتمل مثل هذه الصراعات فى هذا التوقيت. وقال المستشار حسن البدراوى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضو نادى القضاة: إن الوضع بين قضاة المحكمة الدستورية والمستشار أحمد مكى لا يصل إلى حد الصراع؛ وذلك لأنهما ينتميان إلى منصة القضاء، مشيرًا إلى أن مكى إذا كان قد أصبح ينتمى للسلطة التنفيذية فإن تقاليد القضاء راسخة فى وجدانه ولا يمكن أن يدخل فى صراع مع القضاة. واعتبر البدراوى، أن ما حدث لا يتعدى اختلافًا فى وجهات النظر بين الدستورية ووزير العدل، وسوف يتم احتواؤه سريعًا، مؤكدًا أن القضاء والقضاة سيظلون لحمة واحدة، مشيرًا إلى أن الخلافات فى وجهات النظر لا يمكن أن تؤثر على لحمة القضاة ووحدتهم. وقال الدكتور محمد الميرغنى، الفقيه الدستورى، إن الصراع بين مكى والمحكمة الدستورية العليا طبيعى ومتوقع، وجذوره لم تبدأ الآن، فقد بدأت جذور هذا الصراع منذ أمد بعيد، فالقضاء من سنوات طوال وهو منقسم إلى جبهتين منذ أيام المراغى ويحيى رفاعى اللذين كانا يدافعان عن استقلال القضاء.. وأضاف: طبيعى أن ينشأ صدام بين مكى والدستورية العليا؛ لأن الوزير يحاول إقصاء القضاء عن السياسة، والمحكمة الدستورية تنظر لبعض القوانين من جانب سياسى، لذلك فإن بعض الدول الأوروبية ومنها فرنسا ترفض الرقابة على القوانين من قبل جهات قضائية، وتمنع المحاكم من تحديد مدى صلاحية القوانين، ولكن توكل الأمر للجان سياسية.. وقال: إذا أردنا أن نبعد القضاء عن المستنقع فيجب ألا تكون الرقابة على القوانين قضائية خالصة بل يجب مشاركة جهات سياسية تراعى الظروف المحيطة، مطالبًا بضرورة إنهاء الصراع بين وزير العدل والمحكمة الدستورية العليا فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد. من جهة أخرى، وجه المستشار حسنى السلامونى، نائب رئيس مجلس الدولة بالإسكندرية، رسالة لوزير العدل، عبر فيها عن انزعاجه من تصريحاته بأن رئيس الجمهورية يملك إلغاء الإعلان الدستورى المكمل بمقتضى الشرعية الشعبية لأنه منتخب من الشعب، فضلاً عن لومه للمحكمة الدستورية لإصدار حكمها بحل البرلمان ضد رغبة الشارع. وقال السلامونى: "هذه التصريحات تعتبر توجيهًا للمحكمة التى تنظر الطعن على الجمعية التأسيسية الحالية.. وهو أمر مرفوض بكل المقاييس التى ناديت أنت بها قبل أن تتولى الوزارة". وتعجب من تصريحات مكى التى تقول إن السند القانونى لقرار الرئيس فى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل هو الشرعية الشعبية لأنه رئيس منتخب، قائلاً: فهذا ما لا أفهمه.. فقد كنت أتمنى أن يكون لديك سند قانونى غير ذلك السند لأن الشرعية فى العالم كله هى إما الشرعية الدستورية أو الشرعية الثورية.. أما الشرعية الشعبية فهذه شرعية جديدة لم يقل بها أحد؛ لأن انتخاب المسئول لا تعطى له الحق فى ألا يلتزم بالقانون والدستور.