وجد الطيار الباكستاني سيف الله عزام، نفسه وجهًا لوجه مع سلاح الجو الإسرائيلي في 5 يونيو 1967، وكان حينها مستشارًا معارًا لسلاح الجو الملكي الأردني. لم يتردد الملازم الطيار الذي تكتب المصادر العربية كنيته بصيغ مختلفة هي أعظم أو الأعظم أو عزام، وخاض غمار الحرب في عنان السماء، وكان بقعة ضوء في ظلام النكسة. وتكشف مأثرة هذا الطيار الفريدة كما سنرى، صفحات أخرى منسية بين طيات الحربين المصيريتين في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، حرب الأيام الستة عام 1967، وحرب أكتوبر 1973. ولد سيف الله عزام، في أقصى شرق الهند عام 1941، في منطقة توجد في بنجلاديش الحالية، وهي باكستانالشرقية قبل ذلك، وانتقل إلى باكستانالغربية بعد إكمال دراسته الثانوية، حيث انتسب إلى أكاديمية القوات الجوية هناك، وأصبح طيارًا حربيًا، وتعززت كفاءته القتالية عام 1963 بتلقيه دورة في قاعدة Luke Air Force الأمريكية في أريزونا. موعد هذا الطيار مع التاريخ في منطقة الشرق الأوسط كان صيف عام 1967، وتحديدًا مساء الخامس من يونيو، حين قصفت 4 طائرات حربية إسرائيلية قاعدة المفرق الجوية الأردنية، بعد وقت قصير من تدمير طائرات سلاح الجو المصري في قواعدها الجوية. بعد موجة الهجوم الأول المفاجئ، استعد الطيارون الأردنيون ومعهم عزام للمعركة التالية، وتصدى ورفاقه للغارة الثانية وأسقط إحدى الطائرات الإسرائيلية المغيرة وأصاب أخرى لم تتمكن من العودة إلى قاعدتها وسقطت داخل إسرائيل. بعد تلك المعركة الجوية، أرسل عزام وطيارون أردنيون آخرون إلى العراق لصد الهجمات الجوية الإسرائيلية، حيث شارك جنبًا إلى جنب في القتال ضد سلاح الجو الإسرائيلي مع الطيار الحربي إحسان شردم الذي أصبح فيما بعد قائدًا لسلاح الجو الأردني. وفوق سماء العراق، لمع نجم هذا الطيار الفذ، وتمكن من إسقاط طائرتين إسرائيليتين مغيرتين، وخرج هذه المرة أيضًا سالمًا من تلك الحرب الطاحنة. وسجّل بذلك اسمه في التاريخ العسكري للمنطقة باعتباره أول طيار مقاتل يتمكن من إسقاط أربع طائرات حربية إسرائيلية في غضون 72 ساعة فقط، وهو أيضًا طيار حربي عمل في أربع قوات جوية هي الباكستانية، والأردنيةوالعراقية، والبنغالية، وكان أسقط طائرات هندية في حرب عام 1965. اللافت أن التقارير الباكستانية تؤكد أن عزام، لم يكن الطيار الباكستاني الوحيد الذي شارك في معارك جوية في حرب عام 1967، وأن طيارين آخرين عملوا في مختلف الجبهات العربية أسقطوا مع عزام في حرب النكسة ما لا يقل عن 10 طائرات حربية إسرائيلية في تلك المواجهات العصيبة. وتقول تلك التقارير، إن باكستان كان لها وحدة تضم ما لا يقل عن 16 طيارًا، خدموا كمتطوعين في الأردن ومصر وسورياوالعراق في حربي 1967 و1973. وعلى سبيل المثال، أسقط طيار باكستاني كان يطير على "ميج - 21" سوريا خلال معركة جوية في حرب أكتوبر 1973، طائرة ميراج إسرائيلية، وفي الجبهة المصرية أسقط طيار باكستاني آخر كان يطير على "ميج" مصرية طائرة إسرائيلية من طراز "إف - 4". تلك باختصار، بعض الإضاءات على تاريخ منسي لم ينل حقه في المنطقة العربية، وإن ذكر على أهميته وجلالة قدره، على عجل. اكتملت مهمة هذا الطيار في المنطقة العربية عام 1969.. عاد إلى باكستان وعمل في قيادة قطاعات من سلاح الجو وحين استقلت بنجلاديش عام 1971، انضم إلى صفوف سلاح الجو هناك حتى عام 1979، تاريخ تقاعده عن الخدمة العسكرية.