عاشور عمرى رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار: نحتاج تشريعات تلزم الإعلام بتخصيص فقرات يومية للتنويه عن أهمية التعليم معلمون من الجيش والشرطة يشاركون فى محو الأمية.. وجنود يقضون الخدمة العسكرية فى تعليم الكبار القراءة والكتابة عدم تطبيق القانون والغرامة الزهيدة وراء تسريح بعض الأهالى لأطفالهم من المدارس مكافأة 300 جنيه للمدرسين عن كل طالب ناجح.. ونواجه مشكلة عزوف الدارسين عن التعلم قال الدكتورعاشور عمرى، رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار، إن ما يقرب من ثلث السكان فى مصر يعانون من الأمية، الأمر الذى يستدعى الاهتمام الإعلامى بهذه المشكلة الكبيرة من خلال تسليط الضوء على أهمية التعليم للأفراد فى المجتمع. وأكد عمرى فى حوار خاص ل"المصريون" أن هناك حوالى 18 مليون شخص أمى، من أصل 104 ملايين، بما يقرب من ثلث السكان، الأمر الذى يعنى أننا أمام كارثة حقيقية فى حين أن دولا عربية تدنت فيها نسب الأمية لنحو 3-4%. وطالب عمرى بإصدار تشريعات جديدة تلزم الإعلاميين فى كل القطاعات بأن يخصصوا جزءًا من وقتهم يوميًا فقرة للتنويه عن أهمية التعليم من أجل القضاء على الأمية، موضحًا أن الهيئة ليس لديها تمويل كبير حتى تنفق على الحملات الإعلانية من أجل التوعية بأهمية التعليم. فى البداية.. حدثنا عن دور الهيئة العامة للكبار وتأسيسها، لأن الكثير يسمع عنها ولكن لا يعرف الكثير؟ الهيئة تم إنشاؤها بقرار رقم 8 لعام 91، إلا أنها بدأت عملها بالفعل فى عام 93، ولها قرار صادر من رئيس الجمهورية، فهى هيئة اعتبارية تتبع مجلس الوزراء وتخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم. دورها فى الأساس هو محو الأمية باعتباره واجبا وطنيا، وذلك بمشاركة جميع مؤسسات الدولة، الحكومية والخاصة من خلال الإذاعة والتليفزيون، والأحزاب والنقابات العمالية، فهى تقوم بالتخطيط والتنسيق والإشراف على العملية التعليمية ومتابعتها وعقد امتحانات ومنح شهادات. وبالتالى الهيئة ليست الجهة الوحيدة المنوط بها محو الأمية لأنها لا تمتلك فصول أو أبنية تعليمية فى المحافظات، ولكن من يمتلك كل هذا وزارات مثل الأوقاف والشباب والرياضة إلى جانب الجمعيات الأهلية، فنستعين بهم ونتعاون معهم من أجل فتح فصول لمحو الأمية. إذا كانت الهيئة لا تمتلك أبنية تعليمية.. من أين تحصلون على التمويل؟ الهيئة لها ميزانية مخصصة ومنفصلة عن وزارة التربية والتعليم، تحددها لها وزارة المالية، ويوجد بالهيئة 8 آلاف موظف منهم 5300 معلم ملتحقون بالهيئة وحققوا نتائج هائلة، وهناك رواتب شهرية لهم ولدينا طباعة كتب ولجان إشرافية ومتابعة للعملية التعليمية، فعلى سبيل المثال نقوم بالإشراف على الفصول التى تتبع الشباب والرياضة والتضامن الاجتماعى، وكذلك الفصول الموجودة بالجيش والشرطة، فهم يقدمون مساعدات مالية لكل مدرس عن كل دارس ناجح. وهل هناك حوافز مادية تقدمها الهيئة للمدرسين؟ بالطبع، فإذا استطاع طالب جامعى على سبيل المثال أن يمحى أمية 10 أفراد فنقوم بصرف مكافأة 300جنيه عن كل فرد أى 3000جنيه مقابل 10 ناجحين، من خلال تعاقد حر يقوم فيه الطالب بإحضار الدارس الأمى ويعلمه فى المكان الذى يناسب المُدرس والطالب، واذكر أنه فى سنة من السنوات نجحت الهيئة فى محو أمية مليون شخص. لكن هذا الأمر يثير مشكلة كبيرة وهى أنك تترك الشخص المتطوع وحده لإحضار الدارسين وربما يكون لا يملك بيانات عن أشخاص يحتاجون لمحو أميتهم وليس لديه مكان يقوم فيه بالتدريس لهم؟ اعترف بأن العملية صعبة، وإذا كان للهيئة لديها مبان مثل وزارة التربية والتعليم ومعلمون فالعملية كان ستكون أسهل ولكننا فى وقت لا نستطيع أن نطالب الدولة بتوفير مقرات ثابتة فى كل قرية وحى فهذا يحتاج إلى أموال كثيرة. لكن كان هناك فصول لمحو الأمية؟ بالفعل لكن هى عبارة عن فصول ليلية وهذا الأمر موجود فى بعض المدارس التى يمكن فتحها للدارسين فى الفترة المسائية، لكن المشكلة التى تواجهنا هو عزوف الدارس الأمى عن التعليم. هل لديهم نماذج عن قصص نجاح لفتت الانتباه استطاعت أن تتجاوز ؟ هناك كتيب من "الأمية إلى الكلية" يجمع العديد من النماذج التى استطاعت أن تحقق نجاحات كبيرة ومعظمهم من النساء اللاتى قهرن الأمية ووصلن بتعليمهن إلى الجامعة، والماجستير والدكتوارة ولدينا نموذج لسيدة خريجة محو أمية كنا نكرمها منذ فترة هى من محافظة الجيزة وصلت بتعليمها إلى الحصول على 2 بكالوريوس وماجستير ودكتواره. فى محافظة القاهرة هناك حوالى 217 مدرسا على ما يزيد على 42000 فئة مستهدفة هل تعتقد أن هذا العدد من المعلمين كاف لكل هذا العدد؟ هذا الرقم من المدرسين ممن يتبعون الهيئة فقط، ونحن لا نعمل وحدنا فهناك معلمون من الجيش والشرطة يشاركونا، وكنا مع قائد قوات الدفاع الجوى والعسكرى نكرم الجنود الذين لا يقضون الخدمة العسكرية فى المعسكرات ولكن يعملون على محو أمية الكثيرين فى المجتمع، حيث نجح كل فرد منهم فى محو أمية 30 شخص. مطلوب من المعلم فى السنة الذى يتبع الهيئة أن ينجح 14 أميا خلال العام على الرغم أن هناك راتبا شهريا يتقاضاة المعلم وهو راتب شهرى لا يتعدى 1000جنيه لكن مطلوب منه 14 دارسا ناجحا بجانب مهام أخرى مثل حصر لعدد الأميين فى المنطقة التى يدرس بها، ويعمل على جذب الدارسين نحو التعلم، كما يعمل فى أمور إدارية فى الفرع التابع له فهو مطلوب منه عدة مهام وهناك من يحقق أرقاما أكبر فهناك معلمين نجحوا فى تعليم من 20-50 دارسا طول العام. نسبة الإناث أقل من الذكور فى التقدم لطلب محو الأمية على عكس الشائع فى أن البنات رغبتهن فى تحصيل العلم أعلى.. بم تفسر ذلك؟ البنت لديها عقلية توازى الرجل وقد تتفوق عليه، وهذا أثبتته الشواهد ونرى الكثير من السيدات أصبحن فى مناصب وزارية وكذلك فى عضوية مجلس النواب، كما أن الدولة أتاحت للمرأة أن تثبت ذاتها وقدراتها، ولكن هناك موروثات قديمة لا تزال تميز بين الإناث والذكور فى مجال التعليم ولا تزال قائمة، والدليل أن ثلثى الأميين من النساء، لذا الفجوة لا تزال كبيرة فى القرن الواحد والعشرين، والهيئة تقوم بتكثيف جهودها حتى تحقق توازن من أجل تمكين المرأة. محاقظة المنيا نسبة الأمية بها حوالى 42 % أى ما يقرب من نصف عدد سكانها.. ما السبب؟ وهل وضعتم برنامج خاص لها؟ المنيا فى الوجه القبلى، أى الصعيد والعادات والتقاليد لديهم أوصلتنا إلى أن يكون هناك أمى أمام شخص متعلم، لكننا وضعنا برامج واستراتيجيات لمواجهة هذا الأمر بالمحافظة. وهل هناك آليات للحد من الوصول للأمية من الأساس أى الوقاية منها؟ بالفعل هناك قانون "الإلزام"، وهو ينص على أن كل ولى أمر عليه أن يلحق أولاده بالتعليم ويحافظ على وجودهم بالمؤسسة، لكن عندما ننظر لتطبيق القانون نجد أن الغرامة المالية زهيدة جدًا ولا تطبق. كما أن هناك نصوصى لحماية حقوق الطفل ومنعه من العمل، لكن نجد مؤسسات تقوم بتشغيل أطفال دون عقاب لصاحب هذه المؤسسة . ترتيب مصر عالميًا فى نسبة الأمية.. هل أنت راض عنه؟ يؤسفنى أن أقول أن مصر تحتل مرتبة عالية فى الأمية، فهناك حوالى 18 مليون شخص أمى، من أصل 104 ملايين، بما يعادل 28.9% أى ما يقرب من ثلث السكان، وهذا يعنى أننا أمام كارثة حقيقية فى حين أن دول عربية قامت مصر بتعليمها من خلال قواها الناعمة تدنت فيها نسب الأمية لنحو 3-4 %، لذا نطالب القيادة السياسية والمجتمع بدعم الهيئة فنحن نضع استراتيجية قوية لتغيير مسار الهيئة، من خلال إعادة الاهتمام إلى تعليم الكبار بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم من خلال الإعلام المقروء والمسموع والمرئى لأنهم يحركون المياة الراكدة فى أى مجتمع لذا وضعنا خطة إعلامية لهذا الأمر. الإعلام.. هل يقوم بالدور المطلوب منه فى جذب العازفين عن تعلم القراءة والكتابة؟ القانون رقم 8 لسنة 91 ينص على أن التلفزيون يساهم فى ذلك، لذا نحتاج إلى تشريعات جديدة تلزم الإعلاميين فى كل القطاعات بأن يخصصوا جزءًا من وقتهم يوميًا فقرة للتنويه عن أهمية التعليم من أجل القضاء على الأمية، ولا ننسى أن الحملة الإعلامية عن فيروس سى نجحت مما ساهم فى حصار المرض، لذا نحتاج الإعلام للتنويه عن أهمية التعليم وتخصيص رقم ساخن للتواصل مع الهيئة مع من يرغبون فى التعلم فالهيئة ليس لديها تمويل كبير حتى تنقق على فقرات إعلانية. ما هى المنظمات والدول التى تتعاون معها الهيئة فى مجال محو الأمية؟ بالفعل، هناك شراكات إقليمية ودولية للقضاء على الأمية، وعلى سبيل المثال نتعاون مع منظمة اليونسكو فى وضع خطط، كما أنها تدعم ماليا بعض الأنشطة التى تقدمها الهيئة، ونحن بصدد إنشاء وحدة جودة لتعليم الكبار حتى لا تكون مقتصرة على تعليم القراءة والكتابة، كما أن هناك شراكات مع جهات عربية.