بسبب عدم التزامهم .. وزارة التموين تتوعد أصحاب المخابز السياحية المتلاعبة في أسعار الخبز السياحى والفينو    بالصور.. كنيسة رؤساء الملائكة تحتفل بأحد الشعانين    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. أسرة محمد صلاح ترفض التدخل لحل أزمته مع حسام حسن    اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية    الزمالك يسعى لخطف بطاقة التأهل أمام دريمز بالكونفيدرالية    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    الفرح تحول لجنازة.. تشييع جثامين عروسين ومصور في قنا    حالة الطقس اليوم الأحد ودرجات الحرارة    الأزهر: دخول المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم شرعاً    الأهرام: أولويات رئيسية تحكم مواقف وتحركات مصر بشأن حرب غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    عيار 21 بكام.. انخفاض سعر الذهب الأحد 28 أبريل 2024    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    كينيا: مصرع 76 شخصًا وتشريد 17 ألف أسرة بسبب الفيضانات    محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمسون دقيقة في الحبس!
نشر في المصريون يوم 26 - 05 - 2018

منذ بضعة أسابيع لم تلامس يدي القلم -استراحة محارب-ولكن خلال الأيام القليلة الماضية تعرضت لحادثة غريبة، جعلت الكلمات تتدفق بقوة بين أصابعي وتأمرني أن أكتب..
كان لديّ إحساس بأن الحبس ليس بعيدًا عني، ربما بعد فراق أصدقاء أطلق عليهم فيما بعد "مختفين قسريًا"، وآخرين معتقلين سياسيين كانوا لي إخوة، فلست أفضل منهم، بل هم الأفضل في كل شيء، ومن ثم كان شبح الزنزانة يراودني من حين لآخر.
كانت البداية.. عندما تلقيت "رسالة نصية" تضمنت مصطلحات جنسية صريحة، وإيحاءات صارخة لا يقبلها دين وشرع، وألفاظا نابية لم أسمع عنها من قبل، اتجهت أصابع الاتهام واليقين نحو "شخص ما" لم يكن مجهولاً لديّ -مراهق مواليد عام 2000- وعندما يئست للوصول لترضية مع أسرته، لجأت لأخذ حقي بالقانون، وسط معارضة شديدة من الأهل والأصدقاء حتى المحامين!
فالرسالة من رقم مجهول، والأدلة ضعيفة، ولن أجني شيئًا من الهرولة خلف القانون سوى شقائي، وبرغم هذا لم أتردد ومضيت في طريقي.. وليتني لم أفعل!.
تعرضت أثناء رحلتي القانونية، لأنواع شتى من الإهانات والمضايقات وتحرش على الماشي كدة..! غير استجداء الباشوات والبهوات لمساعدتي! ودوخيني يا لمونة.. حتى خارت قواي، كل هذا وصاحب الرسالة "الجاني" ينعم في غرفته المكيفة!
لم أستسلم.. وكيف؟ وأنا "البت الجدعة" القوية، التي لا تقبل بإهانتها والتي كانت ولا تزال تدافع عن حقوق المرأة، وكتبت مقالات عن المرأة المظلومة، وعن ظاهرة التحرش، التي تسللت لمجتمعنا كالسرطان حتى أصبحت آفته!.
فهل يروق لي الخنوع بعد هذا؟
كان عوني في هذا الطريق الصعب، معية الله لي، وإصراري وكبريائي.. إلى أن جاء اللقاء المرتقب بيني وبين مرسل الرسالة.. كان يتكلم برعونة و"مرقعة" وعدم اكتراث وبجاحة، وعلمت أن الأمر سينتهي بجلسة صلح، بعد كل هذه المشقة في السعي لمقاضاته!
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أخلع حذائي بهدوء وأنهال على وجه الولد ب"صفعة" قوية، عقابًا له على فعلته معي، ولكي لا يكررها مع غيري!
كان اللقاء بمكتب وكيل النائب العام، وما فعلته يعتبر إهانة للمكان، وكان هذا بداية حبسي، بوضع الكلابش بيدي الرقيقة الضعيفة، بواسطة أمين شرطة القاسي والفظ، وأصرّ على إهانتي، فقام بجرجرتي إلى الحجز، وكأني مجرمة عتيدة في الإجرام!
وهكذا تحقق حدسي، بأني يومًا ما سأكون نزيلة بأحد السجون المصرية الفاخرة!
أقاموا علىّ الحد، وألقوا بي في غياهب الحبس لحين ميسرة، حتى يبت الباشوات في أمري! ولم يشفع لي مركزي الأدبي ولم يلتمس لي العذر!
لم يهمني الحبس.. ولكن الذي شغلني هو القانون الذي عاقبني على الفور وحوّلني إلى جانية وترك الجاني الأساسي حرًا طليقًا!
القانون الذي ينصف ويحبس ويعفو حسب هواه ومزاجه!
لم ترهبني حجرة الحجز ولم أهبها، فقد تجولت فيها أتأمل خواطر المساجين المكتوبة على الجدران، والتي تحمل في معانيها غصة، وشتائم وتحمل أيضًا أمل!
كان الكلابش ما زال يطوّق معصمي، فقامت إحدى الزميلات السجينات، بإدخال كيس بلاستيك في يدي وشده بهدوء، فأصبحت حرة، وأحسست بنشوة الانتصار على أمين الشرطة الذي أبى أن يفك قيودي!
أما السجينات.. فقد تعاملت معهنّ كمعارف قدامى لي، نتجاذب أطراف الحديث، فلكل واحدة منهنّ قصة زجت بها خلف القضبان، ما بين اتجار في المخدرات وقتل، والكل مظلوم، فلا تدري هل تشفق على حالهنّ؟ أم تتمنى لهنّ أقصى عقوبة جزاءً لما اقترفنه من آثام؟ وعلى كل حال ياما ف الحبس مظاليم.. كما يقولون.
كان ينقص "قعدة الستات" هذه فتيات الليل، فلهنّ حكايات ثرية عن عالم الليل والرجال تدوّن في كتب ومجلدات..
وللأسف لم أجد سجينة سياسية أو معتقلة رأي، لأشاطرها مصيبتها، وتخفف عني حداثة عهدي بالحبس.
كل هذا وأكثر حدث لي ومعي.. والذي لا يكفيه مقال واحد.. ومع ذلك لم أهتز.. لم أتأثر ولم تذرف عيني دمعة واحدة، بل كانت تجربة لم ولن أندم عليها ما حييت، والدليل إني أوثقها وأكتبها الآن.. ولو عاد بي الزمن لفعلت ما فعلته وأكثر مع المتحرش بي!
وبعد خمسين دقيقة تم إطلاق سراحي من سجن صغير إلى السجن الأكبر في ظلمات لا تعد ولا تحصى!
وهكذا أصبحت أرباب سوابق!
مقالي ليس للأنثى التي يجب ألا تتهاون في حقها، والدفاع عن جسدها وشرفها وكرامتها، فهي ليست عورة، أو جريمة أو خطيئة تستحق الوأد.
ولكن مقالي رسالة للمجتمع.. الذي فرط عقده وتفسخ وانهارت وتدنت فيه منظومة الأخلاق، وأصبح المرء لا يأمن على نفسه من غدر القريب قبل الغريب!
ويبقى أن أشير إلى أنه يومًا ما ستترصع سماء مصر بالحرية والديمقراطية والعدالة الناجزة، والرحمة والتراحم والاحترام والتكافل بين أهلها.. إنهم يرونه بعيدًا.. وأراه قريبًا إن شاء الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.