أصبحت الإضرابات الفئوية هى السمة الرئيسية التى تميزت بها مصر منذ أن قامت ثورة 25 يناير وقد تعود الشارع المصرى على هذه المشاهد إلا أن الإضراب الوحيد والأخطر هو تهديد أصحاب المخابز بالقيام بالإضراب، والذى يعنى توقف المخابز وأفران العيش عن الإنتاج، مما يؤدى إلى حدوث أزمة فى الحصول على رغيف العيش. والجدير بالذكر أن الإضراب هو اتجاه عام من كل أصحاب المخابز فى أكثر من محافظة فى مصر. وفى إطار ذلك استطلعت (المصريون) آراء العديد من أصحاب المخابز فى بعض المحافظات وردود مسئولى الغرف التجارية للوقوف على حقيقة أزمة المخابز المصرية وطرق حلها. فى البداية، يقول محمد فوزى عطية، رئيس شعبة مخابز الدقهلية، إن أصحاب المخابز لم يعد بإمكانهم الاستمرار فى الإنتاج فى ظل التجاهل المستمر من قبل وزارة التموين لحقوقهم. وأضاف فوزى أن هذا التجاهل الواضح يؤكد أن الوزارة ترغب فى إحداث أزمة داخل البلاد فى قطاع مهم وإستراتيجى كقطاع المخابز. وأشار فوزى إلى أن أصحاب المخابز بالدقهلية سيتوقفون عن الإنتاج خلال الأيام المقبلة بسبب توقف وزارة التموين عن صرف كل مستحقاتهم وتتمثل فى 6 أشهر فروق سولار و6 أشهر حافز جودة وعدم تعديل وتطبيق تكلفة الإنتاج الجديدة، والتى قام بإعدادها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وتقدر ب90 جنيهًا للجوال الواحد. فى حين أن وزارة التموين تحاسب المخابز ب52 جنيهًا للجوال الواحد أى أن هناك خسارة يومية فى الجوال الواحد تقدر ب38 جنيهًا فى كل جوال دقيق. وقال فوزى: أعمل يوميًا على تهدئة زملائى من أصحاب المخابز على عدم التوقف عن إنتاج رغيف الخبز، لأننا نقوم بعمل وطنى تجاه بلدنا مصر، ولكن لن أستطيع الاستمرار على هذا الوضع والقدرة على إقناعهم على عدم التوقف أكثر من ذلك؛ لأننا نرى ونسمع أن أى فئة لا تسترد ولا تحقق مطالبها إلا بالتوقف إلا نحن أصحاب المخابز لم نتوقف أبدًا منذ بداية الثورة ومستمرون فى إنتاج رغيف الخبز، ومع ذلك لم نسترد أو نحقق أى جزء من حقنا المسلوب منا. ونوه فوزى بأن الثورة القادمة ثورة "مخابز مصر" باعتبار أن عدد المخابز على مستوى الجمهورية 24000 ألف مخبز وكل مخبز به حوالى 10 عمال. على جانب آخر، يقول محمد أحمد وشهرته أبو أحمد صاحب مخبز بمحافظة المنوفية إننا تحملنا خسائر كثيرة منذ بداية أزمة السولار، ويقولون لنا إننا نتمتع بدعم فأين هذا الدعم بعد كل هذه الخسائر التى تعرض لها أصحاب المخابز، ووزارة التموين وعدتنا بتعويض الخسائر ولم يحدث شيء ولكننا سنعطيهم فرصة لتنفيذ مطالبنا وإن لم يحدث سوف نقوم بالإضراب. الإضراب أصبح اللغة الوحيدة لتحقيق المطالب ويتفق معه فى الرأى عبد العزيز العشرى، صاحب فرن بلدى، قائلا: "أنا بخاف على هذا البلد وهذا ما رفضناه منذ قيام الثورة وإننا كنا نعمل فى ظل الأحداث المتوترة ولكن عندما تتجاهل الحكومة مطالبنا فلابد من أن يكون هناك حل وأنا لا أفضل فكرة الإضراب، ولكن من الواضح أنها أصبحت هى اللغة الوحيدة التى أصبحت سائدة ويفهمونها ويستجيبون لها فمن يعوضنا عن الخسارة التى لحقت بنا من أزمة السولار المفتعلة والمستمرة إلى الآن. ومن ناحية أخرى، يقول إبراهيم الشافعى، صاحب مخبز فى محافظة كفر الشيخ، بأن هناك تجمعًا للعديد من أصحاب المخابز البلدية، التى تنتج الخبز البلدى المدعم فئة 5 قروش من أجل عرض وبحث شكواهم وهدد العديد منهم بالإضراب عن تشغيل مخابزهم احتجاجاً على عدم صرف فارق السولار الذين يستخدمونه لتشغيل الفرن الآلى داخل مخبز كل منهم، مما يعرض أصحاب المخابز ومسئوليها لتعطيل سير العمل تجاه العمال والالتزام بواجبات التشغيل مثل شراء السولار وحصص الدقيق المدعم المقررة لكل مخبز. من منطلق آخر، يقول فرج وهبة، رئيس شعبة أصحاب المخابز باتحاد الغرف التجارية، إنه فى حالة تحويل أى صاحب مخبز مخالف إلى المحاكم العسكرية سوف تتخذ جميع مخابز الجمهورية موقفًا جماعيًا بالتوقف عن العمل، مما يؤدى إلى توقف عمل المخابز وخلق حالة من التكدس وعدم توفر رغيف الخبز للمواطن. وحذر رئيس الشعبة من نية أصحاب المخابز فى الدخول فى إضراب عن العمل، حيث إن هذا القطاع يقوم بتوفير رغيف الخبز للمواطن. وطالب وهبة أعضاء شعبة أصحاب المخابز بالغرفة التجارية بالقاهرة وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية بضرورة الإسراع فى تعديل ورفع تكلفة إنتاج رغيف الخبز المدعم، حيث إن تكلفة تصنيع جوال الدقيق تخطت 90 جنيهًا، وذلك فى ظل الظروف الحالية من ارتفاع مدخلات الإنتاج وعلى رأسها العمالة. وشدد وهبة على ضرورة الإسراع فى صرف الحوافز المالية الشهرية للمخابز، والتى تقدر بخمسة جنيهات يوميًا لكل جوال دقيق زنة 100 كيلو، والتى لم يتم صرفها منذ عام 2008، وهو ما يثقل أصحاب المخابز بالمزيد من الأعباء، موضحًا أن هذا المبلغ ليس حافزًا ولكنه جزء من التكلفة الفعلية فى إنتاج الرغيف. وطالب المسئولون بوزارة التضامن بضرورة مراجعة البند 8 بلائحة الجزاءات، والتى تساوى بين جميع المخالفات فيما بينها وتحدد الغرامات بشكل عشوائى وهو ما يضر أصحاب المخابز، مطالبين بأن تكون العقوبة على قدر المخالفة. على زاوية أخرى، أكد عطية حماد، نائب رئيس الشعبة العامة للمخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن المخابز أجلت قرارها بالتوقف عن العمل لحين انتهاء المهلة التى حددها الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتجارة الداخلية لصرف متأخرات المخابز والتى تصل إلى 120 مليون جنيه. وأشار حماد إلى أن هذه المهلة جاءت بعد أن قام الوزير بالفعل بالتوقيع على شيكات الصرف لممثلى القطاع، مع وعود بصرفها فور توفير الاعتمادات من وزارة المالية. وزارة المالية تزيد من تصعيد الموقف وفى نفس السياق، قال حسن المحمدى، رئيس شعبة المخابز باتحاد الصناعات، إن وزارة التموين خاطبت وزارة المالية أكثر من مرة على مستحقات المخابز، ولكن الوزارة عادة ما يكون ردها عدم وجود موارد حاليًا، وهو ما دفع المخابز لتصعيد موقفها. ولفت إلى أن المخابز تواجه صعوبات شديدة وارتفاعًا فى التكلفة بسبب عدم وفرة السولار ولجوئها لاستكمال احتياجاتها من السوق السوداء بسعر يزيد على المدعم بما يتراوح بين 15 و20 جنيهًا. وأضاف أن الشعبة تقدمت بطلب إلى وزير التموين بتوفير متعهدين لتوريد السولار على غرار ما يتم فى الدقيق لضمان عدم تسريب حصة المخابز.