تحولات كبيرة شهدتها حياة السياسى أيمن نور، من شاب يطرح نفسه منافسًا للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، إلى معارض مطارد خارج البلاد، لا أعلم سر هذا التحول الخطير في حياته السياسية، إلا أن تاريخه ومسيرته بحزب الوفد ومن بعدها "الغد" -الذى أسسه- كان تعبيرًا حيًا عن سياسي معارض يحظى بجماهيرية ليست قليلة، أهلته لأن يشكل تهديدًا فى انتخابات الرئاسة 2005، إلا أن ما وصل إليه من اختياره للمعارضة بجانب "الإخوان المسلمين" من الخارج لا يزال أمرًا محيرًا يطرح العديد من التساؤلات لعل أبرزها ما الأيديولوجية التي تجمع شخصية ذات توجه ليبرالي مثل نور مع جماعة ذات توجه ديني راديكالي كالإخوان، حتى وإن اتفقا على معارضة النظام الحاكم، فهل هذا يجعلهما في نقطة التقاء إلى هذه الدرجة، والسؤال الأهم لماذا آثر نور المعارضة من الخارج. كثير من الشخصيات السياسية تختلف مع النظام الحالي وتعارضه، لكنهم فضلوا البقاء على أرض الوطن، مبدين استعدادهم لدفع الفاتورة، أغلبهم يعبرون عن آرائهم على السوشيال ميديا، فى ظل التضييق على ظهورهم الإعلامي عبر الشاشات التليفزيونية، قد تتفق أو تختلف مع أفكارهم وآرائهم، إلا أنهم في النهاية يعرفون أن كلماتهم شهادة تستدعى شجاعة البقاء لدفع الثمن، فماذا لا يقتضى نور بهم ويدفع الفاتورة. أعلم أن نور دفع ثمن معارضته لنظام مبارك، من خلال سجنه بتهم تزوير توكيلات تأسيس "الغد"، لكن هذه الفاتورة ليست مبررًا له حتى يقول: "اكتفيت من دفع الثمن"، فالسياسة من يختارها دربًا له لا سيما من يرى مكانه في "المعارضة" عليه أن يكون دائمًا على استعداد لتحمل التكاليف، وليتذكر أستاذه السياسي اللامع فؤاد سراج الدين، الذي دفع فاتورة مواقفه بالاعتقال أكثر من مرة بدءًا من عام 1952 حتى 1981. لا أفهم كيف وصل الأمر بالليبرالي والمرشح الرئاسى الأسبق، إلى أن يكون كل ما نسمع عنه في إطار شكاوى من العاملين معه بقناة الشرق تتحدث عن إهدار أموال القناة، ولماذا وضع نفسه من البداية مع قضية الإخوان، فالجماعة قضيتها مع النظام ما يسمى "شرعية مرسى"، والليبرالي الذي أعرفه مشكلته مع السلطة "الحرية" في معناها الشمولى بإقامة مجتمع مدنى ديمقراطى قائم على التعددية، وبالتالى قضية الإخوان والليبراليين ليست واحدة، فالنقاشات الدائرة والتي لم تحسم حتى هذه اللحظة بين الليبراليين والإخوان تقول إن الإخوان يرون أنفسهم ضحايا مؤامرات، والليبراليون يحملون الإخوان مسئولية ضياع الثورة بسبب مشروعهم القائم على التمكين، الأمر الذى أوصلنا جميعًا إلى هذه النقطة الحرجة من عمر الوطن، وبالتالي أين يقف د.أيمن من القضيتين. المعارضة يا دكتور نور ليست مواقف متقطعة، فهي سلسلة لا تنتهي من التضحيات من أجل قضية وطن يناضل أبناؤه من أجل الحرية، فهى تكون من الداخل وليس من خلال كلمات على أرض دولة أخرى، قضية الليبراليين إقامة وطن حر يقوم على المشاركة لا المغالبة، لماذا لا تناضل من أجل الحرية كما كنت تفعل في السابق من الوطن؟!، وهل سئمت من دفع الفواتير وآثرت المعارضة المترفة.