ربنا ولك الحمد، كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. الحمد لله وحده.. نصر عبده.. وأعز جنده.. وهزم الأحزاب وحده.. هزم الله أحزاب فلول النظام البائد.. وهزم أحزاب وسائل الإعلام المغرض.. وهزم أحزاب التواطؤ الداخلى والخارجى.. ونصر عبدًا مخلصًا متواضعًا كان آخر من التحق بالقافلة.. راغمًا وليس راغبًا، مصداقًا لمقولة سيدنا عيسى عليه السلام "الحجر الذى رفضه البناءون هو الذى سيكون حجر الزاوية". واليوم تجتمع القلوب حول مصر مهنئة.. فها هى إحدى ثورات الربيع العربى تصل بأحد قادتها إلى سدة الرئاسة حاملةً رسالةً من الشعب المصرى فى أول انتخابات فى تاريخه يتاح له فيها أن يقول رأيه، وهو يعطى راية القيادة للإسلاميين، اعترافًا منه بدورهم النضالى الطويل، من أجل حقوق الشعب فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. فسبحان الذى يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، فيوم اندلعت الثورة المصرية فى ميدان التحرير كان المخلوع مبارك على كرسى الحكم، وكان الدكتور محمد مرسى فى السجن باعتقال جائر، واليوم يصل مرسى لكرسى الحكم، ومبارك فى السجن بحكم قضائى على بعض جرائمه فى حق الشعب. اللهم لا شماتة.. ونُشهد الله على ذلك، فنحن نعلم أن رئيسنا الجديد د.مرسى يتسلم السلطة فى حقلٍ من الألغام نسأل الله أن يعينه وينجيه، وبالتالى فلا مجال للشماتة بل هى ساعة لم الشمل ورأب الصدع واسترضاء الرافض واستقطاب الخصم، ونحن نتوقع من مؤامرات الموتورين وعداء المبغضين ودهاء الماكرين، ما تتضاءل أمامه الحرب غير الشريفة، التى شُنت على الرجل أثناء المعركة الانتخابية، بما يخلق أمامه جبالاً شاهقة من الأسلاك الشائكة، وهذا يفرض على كل من ناصره وأيده ويتمنى له الصمود ليتمكن من العطاء ويحقق ما وعدنا به من نهضة، يفرض علينا أن نبتلع مراراتنا من الهجمات الإعلامية الشرسة الدنسة، وأن نلعق جراحًا غائرة دامية أحدثها فينا خصومٌ لم يتمتعوا بشرف المنافسة. إن إحساس المدحورين بضراوة حربهم يجعلهم يتوقعون الانتقام، وبالتالى فهم يستمرون فى درب الغباء، غباءٍ فى الفهم يدل عليه عدم القراءة الموضوعية لصورة الواقع المعاش، والتى توجب رئيسنا الجديد د.مرسى عدم إهدار لحظة من الزمن ولا ذرة من الطاقة إلا فى التعجيل بالسعى الدءوب لردم الفجوة التى أحدثتها عملية التجريف المنتظم التى مارستها عصابة المخلوع فى عهد الفساد والاستبداد، وغباءٍ فى الفعل يدل عليه استمرار فحيح الأفاعى فى وسائل الإعلام حتى بعد فوز المرسى، ودون إعطاء الشعب ولو سويعات لالتقاط الأنفاس، بعد التوتر والاحتقان الذى أحدثته الساعات المملة الضاغطة فى انتظار النتائج، وما تواكب معها من حلٍ لبرلمان الثورة وإصدارٍ للإعلان المكبل المكمم، وإرهاب بقرار الضبطية القضائية. أتشرف بانتمائى للتيار الإسلامى سائلاً الله أن يلهمنا الهدى والرشاد وأن يتوفانا على الحق المبين، ولكننى لستُ عضوًا فى جماعة الإخوان المسلمين الموقرة، تلك الجماعة، التى ضربت أجيالها المتعاقبة أروع الأمثلة فى الصبر والصمود والتصدى والتحدى وعدم الاستسلام وإلقاء الراية، رغم القمع المتوالى ونزيف الدم المتواصل، إيمانًا منهم بعدالة قضيتهم وسمو غايتهم؛ وبالطبع فقد كان لها أخطاؤها، فالكمال لله وحده، والذى لا يخطئ هو من لا يعمل، ولست من الحملة الانتخابية للدكتور مرسى، ولم يدفعنى للتمترس خلفه بمنتهى الصلابة سوى حملة التشويه والافتراء، التى تعرض لها التيار الإسلامى عمومًا، وهذا الرجل الفاضل بشكلٍ خاص، فكافأه الله جزاء صبره على أذاهم؛ {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. فى أبسط وأشهر تعريف للغباء.. هو أن تفعل نفس الشىء بنفس الأسلوب وتتوقع نتيجة مغايرة، فإعلام الفلول ومستشاروه من الصهيو- أمريكيين مارسوا أسلوب تشويه الإسلاميين فى استفتاء الإعلان الدستورى، ففازت وجهة نظر الإسلاميين، فمارسوه فى انتخابات مجلس الشعب؛ ففاز الإسلاميون فمارسوه فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة ففاز الإسلاميون، فمارسوه فى الجولة الأخيرة ففاز مرسى، والآن كلنا نقول لا للعسكرى فى مواجهة تشبثه بالسيطرة على السلطة، ولكن نقول قبلها ألف لا للإعلام الغبى المغرض الأفاق.. الأفاك، ونحن لا ننتظر من هؤلاء نبل الفروسية، وأن يتقدموا للمنتصر مادين أيديهم بالتهنئة، فهذا ما لم نعهده منهم وما لا نألفه فيهم، بل نحذر الدكتور المرسى منهم، ونقول له وهو الحافظ لكتاب الله {هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.