أكتب هذا المقال وبشائر فوز مرشح الثورة الدكتور محمد مرسي يفوح عطرها في كل أرجاء مصر ومحبيها. انتصر الشعب لثورته رغم أنف كل أعداء الثورة، ورغم ما بذله النظام الذي (لم يخلع بعد) في الإعداد للانتخابات الرئاسية لسنة ونصف، بعد أن أثبت العسكر أنهم مصرون على استمرار نظام اغتصاب الرئاسة رغم أنف الشعب، وقد حققوا لشفيق رغبته في إخلاء الساحة من المعارضين له مسبقًا- ظنًا منه أن ماكينة التزوير التي تم استدعاؤها من فلول الحزب المنحل سوف تمكنه من الفوز- بحل مجلس الشعب الذي لم يكن ليقبل أن يتركه يحلف اليمين، وهذا يدل أيضًا على أنهم أعدوا العدة لإنجاحه بأي ثمن. نعم (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)؛ فقد صمموا مسرحية الحكم بحبس المخلوع وموعدها لتساعد في دعم مرشح الفلول فانقلبت عليهم وجاءت بتأثير عكسي، وقاموا بحل مجلس الشعب قبيل الانتخابات ليستثمر الإعلام الكذوب الحدث ويدعم مرشح الفلول، فجاءت أيضًا بتأثير عكسي وانتفض الشعب إلى صناديق الاقتراح لإنقاذ الثورة. الحمد لله والتهنئة لكل المصريين وللدكتور مرسي. هذه أول مرة يترأس مصر عالم وأستاذ جامعي متميز، ندعو الله أن يعينه على إنقاذ مصر وإصلاح الخرابة التي أورثها له المخلوع، وأن ينهض بها لتعود إلى موقع الريادة. أما عن الموقف السياسي؛ فقد حدث ما توقعناه مِرارًا، وأسفر المجلس العسكري عن نواياه، وتبين أن النظام الحاكم بقي كما هو بعد أن انحنى (مؤقتًا) لعاصفة الثورة.. ليضحي بالمخلوع فقط وقليل من رجاله، مقابل بقاء النظام الفاسد كما هو. ولم يعد هناك شك أن العسكري لم يكن وحده الذي يدير البلاد ويجهز للانقضاض على الثورة، ولكنه أبقى على النظام القديم بقيادة سليمان وشفيق وأمن الدولة وبعض نزلاء طرة، واجتهدوا مع الحكومة المؤقتة والإعلام الكذوب في تزييف وعي الشعب ونشر اليأس والإحباط والأزمات والانفلات الأمني، ليتخلى الشعب عن حلمه الثوري، وتتفرق الجموع التي كانت توحدها الثورة.. ثم يبدأ الانقضاض. وقد بدأ الانقضاض بإعادة البلاد إلى نقطة الصفر، أو بالأسلوب العسكري (للخلف در)!، رغم المليارات التي أنفقت على الانتخابات في مسرحية حماية الثورة. ومن الواضح أن مخطط الانقضاض على الثورة قد نضج، وأنهم كانوا مُصرين على تزييف إرادة الشعب للإجهاز على كل مكاسب الثورة، ولكن الله تعالى خَذَلهم. ويستطيع أي مراقب أن يتوقع هذه النتيجة من قراءة المشاهد المتوالية التي حدثت خلال هذا الأسبوع فقط: الإصرار على إخفاء جداول الناخبين ومنع تسليمها- كما هو معتاد- إلى مرشح الثورة، ولم يخجلوا من التدليس بالقول إن هذه الجداول (أمن قومي).. ألم تسلم من قبل في انتخابات مجلسي الشعب والشورى؟، من الواضح أن اللجنة لديها ما تصر على إخفائه، وهو أسماء العسكريين والشرطيين التي أضيفت تزويرًا، مما جعل من هذه الجداول (جسم جريمة) لابد من إخفائه. حل مجلس الشعب، وقد قلنا من قبل في مقال 8 مايو الماضي:(الثورة أسقطت النظام ودستوره، ولكن من الألغام التي وضعت بالنظام الانتخابي لتوفير فرصة للتخلص من المجلس أو الرئيس المنتخب عند اللزوم "دستورية النظام الانتخابي".. ألم نقل إن المخلوع لم يُخلع بعد؟!). ومن المؤسف أن تقوم جهات غير منتخبة وغير شرعية بالتالي، والمفروض أن الثورة أسقطتها ومعها دستورها، تقوم بحل المؤسسة الشرعية الوحيدة بالدولة.. هل هناك تخبط أكثر من ذلك؟!. عودة الحزب المنحل برعاية العسكري ومرشحه رغم أنف قانون الحل. وعلى الرغم من إسقاط الثورة لأساليب التزوير البالية التي كان يمارسها ابن المخلوع وحزبه، واضطرارهم لابتكار أساليب جديدة بالجولة الأولى، لا يستطيع القضاة مقاومتها، ولا يستطيع المراقبون اكتشافها (إضافة أسماء المجندين)، فقد عادت الأساليب القذرة البالية مع عودة الحزب المنحل: تسويد البطاقات، البطاقة الدوارة، .. إلخ. وإذا أضفنا المادة 28 إياها- التي أصر عليها العسكري رغم المظاهرات المليونية- تكون الصورة قد اكتملت، وظهر كل شيء على حقيقته. دعم العسكري ومرشحه وحكومته للإعلام الكذوب، الذي تفرغ لتشويه مرشح الثورة بالادعاءات والأكاذيب، مع محاولة تجميل منافسه بالكذب أيضًا.. ألا يعد هذا تزويرًا؟!. تأخير نتائج تصويت المصريين بالخارج.. هل يدخرونها للعبث بها عند اللزوم؟. منح الجيش حق الضبطية القضائية (أسوأ من الأحكام العرفية)، وإصرار لجنة الانتخابات على منع مظاهر الرفض لمرشح العسكري، تدعيمًا له، بحجة الصمت الانتخابي. تجنيد المحافظين والعمد والمشايخ وكافة أجهزة الدولة لدعم مرشح "العسكري"، بالأسلوب نفسه الذي كان المخلوع يستخدمه.. وعودة رجال الأعمال للإنفاق على مرشح النظام وتقديم الرشى الانتخابية. ألا يدل كل ذلك على إصرار العسكري على فرض مرشحه بالقوة.. وألا يدل على انتهاء الثورة، وتحولها إلى رومانيا جديدة (الثورة الخائبة)، لا قدر الله؟!. الحمد لله، فقد فاز مرشح الثورة وانتصر الشعب. همسة: الإعلان الدستوري المكمل محاولة ممن لا شرعية لهم للانقلاب على اختيار الشعب، صاحب الشرعية الوحيد. إن استنساخ نظام عسكر تركيا (الذي لفظه الأتراك وتحرروا منه) ونقله إلى مصر بعد ثورة الشعب وتحرره من الخوف والوصاية، أمر غير مقبول ولن يرضى به الشعب الذكي الذي يفهم كل المؤامرات ويبطلها أولا بأول. [email protected]