أبدى عبود الزمر، عضو مجلس شورى "الجماعة الإسلامية"، دهشته مما أسماها "محاولة الهجوم الخفي تارة والواضح تارة أخرى على الجماعة الإسلامية"، رافضًا المقارنات بين تشييع زعيمها الروحي الدكتور عمر عبدالرحمن في حضور شعبي حاشد، ومنع إقامة جنازة مماثلة للإخوان الراحل مهدي عاكف لجنازته. وكان محمد ناصر مقدم برنامج "مصر النهاردة" على فضائية "مكملين"، قد ألمح إلى أن مهادنة الجماعة الإسلامية للدولة كانت وراء سماحها بالحضور الشعبي الكثيف لجنازة الأب الروحي للجماعة الإسلامية الدكتور عمر عبدالرحمن، في حين رفضت إقامة أي جنازة لمرشد الإخوان مهدي عاكف، في ظل رفض الإخوان التماهي مع الحكم، وهو الذي تكرر على لسان قياديين جهاديين يقيمان خارج مصر، معروفين بصلاتهما الوثيقة بالزمر. وقال الزمر ل "المصريون": "اندهشت كثيرًا مما يلمزون الجماعة الإسلامية تلميحًا وتصريحًا وبشأن التفرقة التي وقعت بين جنازتي الدكتور عمر عبدالرحمن ومهدي عاكف المرشد العام السابق للإخوان المسلمين"، متسائلاً: كيف لم يفطنوا السبب البديهي ومعطياته، فالدكتور عمر عبدالرحمن كان محبوسًا بالولاياتالمتحدة منذ منتصف التسعينيات، ولم تكن له أزمات مع النظام الحالي، فضلاً عن ثقة مؤسسات الدولة في مصداقية الجماعة الإسلامية والتزامها بتعهداتها في سياقات مختلفة. وأشار الزمر، وهو مقدم مخابرات حربية سابق قضى 30عاما في سجون مبارك لإدانته في حادث اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، إلى أن "وضع مرشد الإخوان الراحل مهدي عاكف، كان مختلفًا مع النظام ومشتبكًا معه ووجوده في البلاد على ذمة قضايا خلال السنوات الأربع الماضية، مما شكل مصدر قلق لمؤسسات الدولة". واستدرك الزمر: "ما جرى من مقارنات بين جنازتي الدكتور عبدالرحمن ومرشد الإخوان السابق مهدي عاكف، يعود في المقام الأول إلى مدى التزام الجماعة الإسلامية والإخوان بالكلمة والوعود خلال العقود الماضية، فالجماعة الإسلامية قطعت على نفسها وعودًا بعدم تقديم مرشح رئاسي، وبذات الموقف تعهدت جماعة الإخوان المسلمين أيضًا، ولكن فوجئ الجميع بخوض الرئيس المعزول محمد مرسي، للانتخابات الرئاسية، بل والوصول لقصر الاتحادية". وذكَّر الزمر، الرأي العام، بعدد من الأحداث التي التزمت فيها "الجماعة الإسلامية" بتعهداتها، على عكس الإخوان، قائلاً: "تعهدت جماعة الإخوان بخوض انتخابات مجلس الشعب، وفقًا لقاعدة مشاركة لا مغالبة، ولكن عند التنفيذ وجدنا الإخوان تقدم مرشحين على 90% من المقاعد وتحصل على حوالي 47%، بشكل أتاح لخصوم الجماعة التشكيك في مصداقيتها ومدى التزامها بتعهداتها. ومضى الزمر قائلاً: "حينما نتحدث عن سماح النظام بإقامة جنازة للدكتور عبدالرحمن، ورفض الأمر نفسه بالنسبة لعاكف، فالأمر يعود للفوارق بين الجماعتين في رعاية المصالحة الوطنية عند الاستحقاقات المهمة، وهو ما جرى من خلال تنازل حزب البناء والتنمية عن مقعديه الوحيدين بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور لشخصيتين مدنيتين، ولم تتنازل جماعات أخرى صاحبة عدد كبير من المقاعد، ولولا هذا الموقف، لكن المشير طنطاوي قد تدخل وأعاد تشكيل التأسيسية، متذرعًا بعدم وصول القوى الوطنية إلى حالة من التوافق. وعاد الزمر، الذي يعد من أبرز رموز الحركة الإسلامية خلال العقود الأربعة الماضية، للقول: "كل هذه المواقف كانت أمام أعين سلطة صنع القرار لتحديد موقفه من الجنازتين، فقد رفضت إقامة جنازة لعاكف خشية تحولها لمظاهرة ضد النظام، في الوقت نفسه اشترطت على الجماعة الإسلامية عددًا من الشروط، ومنها عدم إقامة جنازة ولا سرادق عزاء لأميرها الراحل في القاهرة، والتمسك بعقدها في الجمالية مسقط رأس الدكتور عبدالرحمن. ونبه إلى أن الجماعة الإسلامية التزمت بكل الوعود التي قطعتها على نفسها، ومنها ضمان انتهاء الجنازة دون أن يحدث ما يعكر الصفو، حتى أن المهندس أسامة حافظ، رئيس مجلس شورى الجماعة، نهر أحد المشيعين عندما بدأ في الهتاف للشيخ الراحل، مشددًا - أي حافظ - على ضرورة الالتزام بآداب الجنازة وعدم تحويلها لمظاهرة. ورفض الزمر، بشكل حاد، مزاعم البعض بأن سماح النظام بإقامة جنازة عبدالرحمن جاء في إطار صفقات بينه وبين الجماعة الإسلامية، قائلا: إذا كانوا يتحدثون حول حجم الجنازة وقوة الحضور الشعبي، فإن أحدًا لم يكن يتوقع حضور هذا الكم من المشيعين، في ظل الغموض الذي اكتنف موعد وصول الجثمان من الولاياتالمتحدة، فضلاً عن أن مصداقية الجماعة الإسلامية لدى المؤسسات دفعت الأخيرة لعدم وضع العراقيل أمام إقامة الجنازة. ودلل على قدرة الجماعة الإسلامية في الحشد بقوة الكتلة التصويتية، التي اقترعت للجماعة خلال انتخابات مجلس الشعب عام 2012، حيث كانت تقترب من 4 ملايين صوت في 9 محافظات فقط، فكيف بالشعبية الآن؟! معتبرًا أن هذه الجنازة كانت ستشهد حضورًا مضاعفًا حال سماح الدولة بإقامتها في ميدان التحرير، بل وقد تتجاوز مليونيات ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث كان الملايين سيهبون للمشاركة في مليونية وداع الراحل الكريم. ولم يفت الزمر في هذا السياق، الدعاء بخالص الرحمات للدكتور عمر عبدالرحمن ومرشد الإخوان الراحل مهدي عاكف وجميع السجناء من الإسلاميين والقوى السياسية والنشطاء، مؤكدًا أن وضع جماعة الإخوان كان سيختلف بالكلية حال استجابتهم لنصائح عاكف بعدم خوض الانتخابات الرئاسية عام 2012. وخص الزمر، في ختام تصريحاته، الرئيس الأسبق محمد مرسي ومرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، "صاحبي الخلق والدين"، بالدعاء، متمنيًا أن يفك الله أسرهما ويفرج كربهما وينهي أزمتهما وأزمة جميع السجناء والمحبوسين على ذمة قضايا سياسية.