1150 مبنى معرضة للهدم.. وقصر مؤسسي الأهرام يتحول إلى أطلال تتعرض عروس البحر المتوسط لماراثون تحوّل إلى لما يشبه حمى لهدم المبانى التراثية بالإسكندرية، والتي ضربت عددًا من أحياء المدينة الساحلية التى تتميز بتراث معمارى فريد من عصور تاريخية مختلفة. العجيب أن الهدم يتم بصورة شبه قانونية، بعد الحصول على حكم قضائى ورفع المبنى من مجلد التراث ليصبح مالك الفيلا حر التصرف بها، وهدمها حتى سطح الأرض وإقامة بناء حديث بدلاً منها يشوه الصورة الجمالية ويزيد من اختناق المدينة والتكدس السكانى. فيلا إمبرون: شهد شارع المأمون بحي محرم بك العريق بالإسكندرية؛ هدم فيلا «إمبرون»، التى شيدت على الطراز الإيطالي عام 1920، وكانت ملكاً لعائلة المقاول الإيطالي «إمبرون» وزوجته الفنانة التشكيلية إميليا. ويعد البرج الأثري الملحق بها من أروع ما يميزها، ويجعلها تجمع بين سمات الفيلا والقصر معًا، لكن تم هدهما خلسة. والفيلا تطل على ثلاثة شوارع هى المأمون وعلى شيحة (الكنوز سابقًا) وشارع النعم، كما أن حديقة الفيلا كانت مليئة بالأشجار والنباتات النادرة ثم تم بيع الحديقة وإقامة مكانها أبراج سكنية والفيلا اليوم فى حالة يرثى لها. كانت الفيلا تعد بيتًا لعدد من الفنانين الأجانب والمصريين وكان أشهر من سكانها الكاتب البريطاني لوارنس داريل (1912 1999و)، سكنها خلال الفترة من 1942 حتى مغادرته لها عام 1956 وعمله مراسلاً «حربياً» للجيش البريطانى، ثم «ملحقاً» صحفياً لشؤون الأجانب فى الخارجية البريطانية، أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، استأجر داريل الطابق العلوي وعاش فيه حتى مغادرته الإسكندرية بشكل نهائي. قصر سليم وبشارة تقلا: فوجئ الأهالي بمناطق شرق الإسكندرية بهدم قصر سليم وبشارة تقلا، مؤسسي جريدة الأهرام والواقع بشارع أبو قير بمنطقة بولكلى، شرق المدينة. والقصر مقيد بمجلد التراث، وكان قد استخدم خلال الثلاثين عامًا الأخيرة كمقر رئيسي للحزب الوطني المنحل بالإسكندرية قبل أن تقوم ثورة 25 يناير حيث تسلمه ورثة مؤسسي الأهرام وقاموا ببيعها قبل هدمه. وأكد الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة حماية التراث بالإسكندرية، أنه تفاجأ بهدم القصر، وأنه لم يتم إخطاره بالأمر، أو بإقامة أي دعاوى قضائية لإخراج العقار. وأضاف أن مَن يقوم بهدم العقارات يعتمد على ثغرات في القانون المنظم للأمر يتمكن خلالها من إخراج العقار من مجلد التراث، مؤكدًا أن الدور هنا يقع على عاتق مجلس النواب والذي منوط به تشديد العقوبة على مَن يقوم بهدم عقار تراثي وسد الثغرات الموجودة بالقانون. 1150 مبنى تراثيًا بالإسكندرية: يقول الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة حماية التراث بالإسكندرية، إن عروس البحر بها نحو 1150 مبنى تراثيًا، وتم رفع 40 مبنى تقريبًا، منها من مجلد التراث بأحكام قضائية خلال السبع سنوات الأخيرة، خاصة فى الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير. وأكد أن هناك أحكامًا قضائية تصدر بإخراج فيلات تراثية من قائمة التراث، ما أدى إلى تقلص عدد المبانى التراثية بالمحافظة رويدًا رويدًا، وتحويلها إلى مدينة بلا تراث. وأضاف أنه مع الأسف لا نستطيع كلجنة التصدى لتلك الأحكام، لأن الأحكام القضائية مسئولية هيئة قضايا الدولة، وبالفعل هناك بعض الأحكام المطعون عليها فى المحكمة الإدارية العليا، مازالت تنظر أمام القضاء ولم تستنفذ إجراءات التقاضى إلا أن مالك الفيلا يسرع فى هدمها قبل استنفاذ إجراءات التقاضى. مبادرة "أنقذوا الإسكندرية": طالبت مبادرة "أنقذوا الإسكندرية" والتى تتولى مهمة التصدى لمحاولات طمس التراث المعمارى بالإسكندرية، بوقف النزيف المتوالى الذى تتعرض له قوائم الحفاظ على المبانى التراثية والتى تعد ثروة قومية لا تعوض، لافتة إلى أن الأمر يستلزم توفير الإرادة السياسية والشعبية وتضامن جميع مؤسسات الدولة والمجتمع لمواجهة هذا النزيف. وطالبت بتعديل الثغرات التي يستغلها البعض، لتكون خطوة أولى لحزمة قرارات وسياسات لحماية التراث العمرانى، والتدخل بتشريع فورى من السلطة الحالية لتعديل نص المادة الثانية من القانون 144 لسنة 2006 لتتلاءم مع نص المادة الثانية من لائحته التنفيذية، وذلك لتجعل التميز العمرانى سببًا فى ذاتة للإدراج فى مجلد الحفاظ على التراث والمبانى الأثرية. كما طالبت المبادرة كل مؤسسات الدولة والجهات المعنية بالاطلاع والتحرك الفورى بشكل متكامل واستخدام جميع الصلاحيات التى يوفرها القانون لمواجهة ما يتعرض له الوطن بصفة عامة والإسكندرية بصفة خاصة من خسارات متتالية وفادحة لمبان ومنشآت ذات قيمة لا تعوض، بما ينذر بكارثة تواجه التراث العمرانى والمعمارى بالمدن المصرية.