الاحتلال لم يمنع المدرس الفلسطينى من الحصول على جائزة أفضل معلم فى العالم.. وطلابنا الأفضل فى الحسابات الرياضية "تل أبيب" تسيطر على المناهج الدراسية فى القدس للقضاء على فكرة المقاومة.. ونعتمد على وعى المدرس الفلسطينى بتاريخ فلسطين. أكدت الدكتورة ربيحة عليان خبيرة التعليم ومدير إدارة المتابعة والتقييم بوزارة التربية والتعليم بفلسطين، أن الآلة العسكرية الصهيونية تقاتل للقضاء على الهوية الفلسطينية بتدمير الحركة التعليمية الفلسطينية، مبينة أن الاحتلال لم يمنع المدرس الفلسطينى من الحصول على جائزة أفضل معلم فى العالم، بالإضافة إلى وصول الطلاب الفلسطينيين إلى مرتبة أولى فى الحسابات الرياضية، مشيرة فى الوقت نفسه إلى أن "تل أبيب" تسيطر على المناهج الدراسية فى القدس للقضاء على فكرة المقاومة، وأن الدولة الفلسطينية تعتمد على وعى المدرس الفلسطينى بتاريخ فلسطين. ** بداية.. فى ظل ما تعانيه فلسطين من احتلال غاشم إلا أن نسبة الأمية تعد الأقل عربيًا وربما عالمياً كيف ترين حال التعليم فى فلسطين؟ قد نعانى كثيرًا فى فلسطين بسبب الاحتلال الإسرائيلي، لكن لا تنسى أننا لدينا مؤشرات أداء لرصد الواقع التعليمى فى فلسطين، وإن كنت أعتقد أن هذا الاحتلال سيظل التحدى الأكبر للتعليم فى فلسطين، فالاحتلال لا يحارب من أجل اغتصاب الأرض فقط، ولكنه يقاتل يومياً لطمس الهوية الفلسطينية، وأحد آلياته القضاء على الحركة التعليمية الفلسطينية، والتى ستكون فى أفضل حالاتها فى حالة عدم وجود احتلال، ورغم ذلك الشخصية الفلسطينية تتحدى كل الصعاب لكى تصل وتحقق تلك الأهداف الخبيثة حفاظاً على هويته. ** هل تعتقدين أن الاحتلال كان عاملاً مهمًا فى الحركة التعليمية فى دولة فلسطين؟ أرى أنه كان العجينة الداخلية، التى تشكلت بالنضال التعليمى بكل عناصره، وهو ما ميزنا نحن الفلسطينيين، وجعل من حركتنا التعليمية الأفضل فى المنطقة، ويكفى أن نسبة الأمية لدينا هى الأقل فى العالم العربي، كما أن نسبة التحاق الأطفال بالتعليم يرتفع عامًا بعد عام، حتى بالمقاسات الخاصة بالتحصيل أصبحنا الأفضل، والكثير من الأمور التعليمية تتحسن. ** ما الآليات التى اتبعها الفلسطينيون للوصول إلى هذا الحد من التميز التعليمى؟ لدينا استراتيجية تعليمية خاصة، وضعناها لتنفيذ حركتنا التعليمية، كما أننا نمتلك أنظمة لمتابعة وتنظيم تلك الاستراتيجية، وهناك مبادرات كثيرة وقصص نجاح تحققت، فقد حصلنا مؤخراً على جائزة أفضل معلمة بالعالم، وأفضل طلاب بالحسابات الرياضية هذا فى حد ذاته يعتبر نجاحًا كبيرًا، ولكن هناك الكثير من الأمور التى يجب أن تجعلنا نقف وقفة تأملية لكى نرتقى أكثر بالأداء. ** رغم أنه فى مصر على سبيل المثال نقوم بتعليم التلاميذ لكى يكبروا ويساهموا فى بناء بلدهم، ليصبحوا أطباء ومهندسين، فى حين أن الأولوية فى فلسطين لتحرير الأرض؟ لا أرى تناقضاً فى ذلك، فالحرية جزء من أجزاء بناء الدولة، وبالتأكيد أولوياتنا فى فلسطين هى تحرير الأرض أولاً، ولذلك ننظر إلى المحلية، فعندما تريد أن تبنى بلدك تنظر إلى أولوياتك المحلية، وأولوياتنا المحلية أن نخلص أرضنا من الاحتلال الإسرائيلي، وفى نفس الوقت ننظر بعيننا إلى العالمية حتى يعرفنا جميع من يسكن هذه الأرض، حتى يصبح لدينا بصماتنا الفلسطينية المرموقة عالمياً، لكن المساحة المحلية كبيرة جداً فى مناهجنا لتثبيت الهوية والمواطنة التى تحاربها الآلة العسكرية المحتلة. ** طيلة عقود الاحتلال أثبت "بنى صهيون" أنهم لم يسرقوا الأرض الفلسطينية فقط وإنما سرقوا الثقافة والتراث والزى والأطعمة كيف يكون للتعليم دور فى الحفاظ على هوية الطفل الفلسطينى؟ هذا صحيح.. لكن الأمر يختلف من منطقة لمنطقة، فالمناهج الفلسطينية تكون مع الطلاب الموجودين فى المناطق التى تشرف عليها السلطة الفلسطينية، لكن المشكلة تقع فى منطقة القدس لأن المناهج هناك تتعرض للتحريف، الإسرائيليون يمنعون تمرير مناهجنا وبالتالى يحدث تحريف، ومع ذلك ننجح فى توصيل المناهج لكل عربى موجود فى فلسطين، الكثير من التحريفات تحدث فى رسائل خفية يتم توضيحها، لكن الوعى الموجود عند كل مدرس فلسطينى هو السلاح الذى يواجه هذا المنهج الخفي، فحتى لو غيروا كل الكتب فالمعلم يعلم القضية، والأهل أيضًا لديهم الوعى الكافى للتصدى لتحريفهم، فلن تزول أفكارنا طالما أن هذا الوعى موجود لدينا، وبدون أن يكون هذا التصحيح فى كتاب. ** تحدثت عن أفضل مدرسة فى فلسطين نحن نعانى فى مصر كثيرًا فالمدرس المصرى يومًا ما كان يدرس فى كل العالم الآن هو مضغوط بشكل كبير وتمت إهانته - ما الطريقة التى وصلتم بها فى فلسطين ليكون هناك أفضل مدرسة عالمياً رغم أنكم تمرون بظروف أصعب مما تعيشه مصر؟ توجد فى فلسطين أفضل معلمة فى العالم، ظروفها لا تختلف عن ظروف أى مدرس عربى، حاولت أن تواجه عنف جيش الاحتلال من خلال أنشطة مختلفة، كما أنها نجحت فى أن تجعل الطلاب مشاركين بفاعلية، وينسون العنف الخارجي، ويعيشون المرحلة التى يعيشوها من حياتهم، هذه كانت الفكرة التى جعلتها أفضل معلمة فى العالم، لكن حال المدرس الفلسطينى هو نفس حال المدرس العربى، ويعانى من نفس الضغوط، بالإضافة إلى أنهم مشتتين وبحاجة إلى وعى كل السلطات العليا، لأن المعلم يحتاج إلى إعداد وتأهيل كاف، كما أنه فى حاجة إلى وضع اقتصادى أفضل، ولكن عليه فى النهاية أن يمارس عملة بإخلاص، مهما كانت الظروف. ** ما المطلوب عمله بعيدًا عن المؤتمرات أرى أن الإعلام له دور كبير والمجتمع أيضاً له دور فكيف نشارك كمجتمع ودولة ومواطن فى تطوير التعليم؟ التعليم ليس مجرد فصل ومدرسة فقط هناك بلاد سبقتنا كالهند وسنغافورا وكوريا؟ لا نستطيع أن نفصل العمل عن الإرادة السياسية الموجودة فى البلد، فإذا كانت هناك إرادة سياسية كان هناك نجاح ملحوظ فى تحقيق أى هدف، والتجارب الدولية التى ذكرتها ما كانت تستطيع النجاح لولا الإرادة السياسية، والتى أرى أنها الأهم فى الاستثمار فى العملية التعليمة، أما نحن فنقول كلام رائع عن التعليم لكن دون أن ننفذ شيئًا عمليًا على أرض الواقع، فعندما انتبهت اليابان للتعليم عدلت السياسات التعليمية ورفعت أجور المعلم فى نفس الوقت، ونحن لا نحتاج إلى الكلام فقط وإنما الفعل أيضًا هو الأهم، كما أننا نحتاج إلى أن نرى شيئًا ملموسًا للمعلم، ونريد أن نسمع للمعلم لنكون قريبين من الواقع، أيضاً اختيار المعلم يجب أن يعود للتحصيل، كيف يكون المعلم من أدنى درجات الثانوية العامة، المفترض أن تقبل كليات التربية أعلى درجات الثانوية العامة، أى أننا فى حاجة إلى منظومة جديدة، بدايتها أن نتحدث مع المعلمين لنعرف احتياجاتهم.