من وقت لأخر تطالعنا حكومة المهندس شريف اسماعيل بقرارات أغرب من بعضها ، بل و منها ما يخالف الدستور و قد يرجع ذلك لعدم دراسة تلك القرارات دراسة جيدة من مختلف الأبعاد فينشأ عنها مولود مشوه ، و هذا ما نعيشه هذه الأيام فى ظل حكومة المهندس شريف اسماعيل . فمنذ شهرين أصدرت المحكمة الإدارية لثالث مرة حكمها ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع الشقيقة السعودية و المعروفة اعلاميا بقضية تيران وصنافير، و منذ عقد الاتفاقية فى شهر إبريل 2016 فقد شهد الشارع المصري حالة من الغضب و الإستياء من هذه الإتفاقية لما لاراضى سيناء من مكانة عزيزة داخل قلوب المصريين، إزدات هذه الحالة كلما تم إستضافة أحد المتخصصين فى القضية و المهتمين بالأمر و أكد على مصرية هاتين الجزيرتين. و بعيدا على العواطف فدعونا نتحدث بالمنطق، فقد حدث وقت عقد الإتفاقية جدلا واسعا بين بعض نواب الشعب و الحكومة المصرية حول طريقة عقد الاتفاقية حيث أشار النواب أنه طبقا للمادة 151 من الدستور المصري لا يحق لرئيس الجمهورية أو الحكومة إبرام إتفاقيات دولية إلا بعد عرضها على مجلس النواب أولا ليقول كلمته فيها ثم تعرض للإستفتاء الشعبى، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنه لا يجوز أصلا عقد معاهدات أو اتفاقيات ينتج عنها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة، كما نصت المادة فى كلماتها "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة". إذا من خلال نص هذه المادة ما تم الإتفاق عليه بين الحكومة المصرية و الشقيقة السعودية و بحضور الرئيس السيسى و جلالة الملك سلمان يعتبر مخالف للدستور المصري و غير جائز. و لكن المهندس شريف اسماعيل لم يهتم وقتها بالمادة الدستورية و لا برأى بعض النواب ضاربا بكلامهم عرض الحائط، مما دفع العديد من الحقوقيين للجوء إلى القضاء المصرى و عرض الأمر عليه للبت فيه و تقدم كل من الطرفين الحكومة من جهة و الحقوقيين من جهة بالأوراق و الوثائق أمام القضاء المصري، و بعد التحرى و الفحص الدقيق، أمرت محكمة القضاء الإدارى بمصرية تيران و صنافير وبطلان الإتفاقية و هذا ليس مرة واحد بل ثلاث مرات، حتى خرجت بحكمها التاريخى و البات و النهائى فى العاشر من يناير 2017 الذى أقر بلا نقد أو اسئناف مصرية الجزيرتين. لم تتعلم الحكومة المصرية برئاسة المهندس شريف اسماعيل الدرس، و استمرت فى فعل نفس الخطأ مرة أخرى عندما قامت بعقد اتفاقية مع صندوق النقد الدولى دون الرجوع ايضا لمجلس النواب. و الأن و بعد مرور عام كامل على اتفاقية تيران و صنافير و 6 أشهر على اتفاقية صندوق النقد الدولى، تم عرض الموضوع على مجلس النواب للبت فيه، فما كان من مجلس النواب إلا أن يوافق على اتفاقية صندوق النقد الدولى نظرا لحصول الحكومة المصرية بالفعل على أول دفعة من القرض، أما اتفاقية تيران و صنافير لازالت فى درج البرلمان. و أصبح القرار الآن للبرلمان، فهل سينتصر البرلمان للحق و لقرار القضاء المبنى على أدلة ووثائق و براهين بمصرية الجزيرتين، أم سيجامل الحكومة من خلال بعض أعضائه الذين ينتمون لحزب موافقون؟ كيف للحكومة و هى السلطة التنفيذية أن تنادى بدولة المؤسسات و هى نفسها تنقض كلامها و تجور على حق السلطة التشريعية فى أحقيتها للبت فى مثل هذه الاتفاقيات. و هنا يطرح السؤال نفسه، لماذا دائما تضع الحكومة نفسها فى موقف صعب و تخطأ نفس الخطأ مرتين و لماذا تصر الحكومة على وضع العربة أمام الحصان و ليس العكس؟!! أعتقد أنه من الأولى أن تكون الحكومة هى القدوة فى تنفيذ مواد الدستور الذى أقسمت على أحترامه، و تدعيم دولة المؤسسات، و تمكين مبدأ الفصل بين السلطات، لكى تصبح مصر قوية بؤسساتها بإذن الله.