قبل أن تقوم الثورة كان كل ما يستطيع أن يفعله معظم المصريين هو أن يحلم بيوم يأتى تتحقق فيه القيم الإنسانية من عدل واحترام للإنسان وعدالة اجتماعية ورفع الظلم والمعاناة وكلها معانٍ واحدة.. أن يكون إنسانًا. وبعد قيام الثورة التى هى انتفاضة على كل أشكال الفساد والظلم والقهر، الذى استمر لعقودٍ طويلة وثورة الشعب التى أبهرت العالم بعد أن أطاح بنظام ظن الجميع أنه باقٍ إلى الأبد وإن لم يكن هذا بجديد على المصريين، فعلى مر التاريخ يصبر الإنسان المصرى طويلاً ويقبل ما لا يقبله غيره من البشر لحبه للسلام ولكنه لا يستسلم أبداً فمن آن لآخر يثور ليغير الأوضاع المحيطة به؛ وليثبت للجميع أنه مازال حياً ولم يمت. تحولت أحلامه إلى شبه حقيقية وإن لم تكتمل بعد ولنقول أصبحت أمنيات يسعى لتحقيقها رغم المحاولات المستميتة من أذناب النظام البائد لبتر هذه الثورة، وهو صراع طبيعى ومتوقع، ولكن غير المتوقع أن ينشغل الأحزاب والجماعات والشباب و.....الجميع فى تقسيم الغنائم بدءاً من التسارع على السلطة وانتهاءً بتصفية الحسابات قبل أن تنتهى معركة التطهير من كل آثار ما قبل الثورة ونسوا أو انشغلوا عن الاهداف التى من أجلها قامت الثورة. ولنحاول أن نضع الأهداف أو الأحلام فى نقاط سريعة. نتمنى.... الأمان فبدلا من كل هذه الخطب والتصريحات فى وسائل الإعلام مِن كل مَن يسعى إلى منصب أن يتوحدوا أولاً ويضعوا معاً خطة لتطهير أجهزة الأمن من هؤلاء الذين يعملون على ترويع المواطنين فإنه ليس من المعقول عدم مقدرة أجهزة الأمن من السيطرة على المجرمين بالمقارنة بما كان فيما قبل الثورة فبدلا من ملاحقة المواطنين عليهم بالقيام بمهماتهم فى توفير الأمن للشعب، وليكن المراقب هنا مجموعة السياسيين المتنافسين على الرئاسة ومن يثبت عدم تعاونه من جهاز الأمن فليُطهر من مكانه . نتمنى... ارتفاع مستوى الدخل والعدالة الاجتماعية فليس من الطبيعى أن تقوم ثورة على الفساد الاقتصادى والسرقات وبدلا من أن تتحسن الأحوال تنهار الأوضاع الاقتصادية حتى تصل لمستوى انخفاض المخزون الاستراتيجى من الغذاء لأقل من شهرين كما كتبت بعض الصحف وهذه كارثة بمعنى الكلمة لكونها تعنى أنه فى خلال أشهر سيقاتل الشعب بعضه من أجل رغيف الخبز وليس مقبولاً الرأى الذى يقول مؤامرة فالتكون ما تكون، المهم ماذا فعلتم لهذه المؤامرة بدلا من تنافسكم على كرسى الرئاسة. وانخفاض الاحتياطى النقدى حتى أنه كما قَرأنا فى الصحف أن دول الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى تتفاوض مع مصر لإعطاء قروض عاجلة تصل إلى الإثنى عشر مليار دولار لإنقاذ مصر من الإفلاس، ويأتى وزير المالية لينفى من نصدق ومَن المستفيد مِن هذه البلبلة فى هذا الوقت الصعب التى تمر به البلاد. نتمنى... الحرية التى لا تعنى بشكل من الأشكال انتهاك حريات الآخرين وأيضاً لا تعنى السباب والتخوين الذين انتشروا فيما بعد الثورة وكأن المصريين ثاروا على أفضل ما فيهم وهى الأخلاق والتسامح وباقى الصفات التى ميزت هذا الشعب العريق. نتمنى.. الديمقراطية وتعلم آداب الحوار فليس كل من يختلف معنا هو خائن أو من بقايا النظام أو.. فعلينا أولا الاستماع والمناقشة ومحاولة فهم وجهة النظر وإن لم نقبلها عملاً بمقولة رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب؛ فعلينا أن ننزع التصارع ونتعلم التعاون وتكملة بعضنا البعض هذا إن كنا نريد فعلا مصلحة البلد. وحتى لا نطيل فهناك الكثير على كل مَن يتنافسون على السلطة أن يُعلوا مصلحة البلد والمصريين على نزعات شخصية لا تقتصر نظرتهم على مجرد انتخابات وسُلطة وليعلموا أن الثور قامت لتُطيح بسُلطة وأيضًا فإن كانت هذه الانتخابات هى الأولى فاليجتهدوا فى ألا تكون الأخيرة وليعلموا أن التاريخ لن يكرم أول رئيس بعد الثورة ولكنه سيكرم حتمًا من إعلاء مصلحة مصر وأهلها على مصلحة نفسه. والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هل سيصحون هؤلاء السياسيون ويعودون إلى الطريق الذى قامت من أجله الثورة أم سيستمرون فى الصراع من أجل العصبية الشخصية والقبلية؟ أما السؤال الذى يجب أن نسأله لأنفسنا هل ستتحقق كل هذه الأمنيات أم سنعود إلى مجرد الأحلام إن سُمح لنا أن نعيش ونحلم؟