بعث الصحفي حسن القباني برسالة من خط يده يجيب فيها عن سبب ترشحه في انتخابات نقابة الصحفيين، على الرغم من وجوده داخل سجن العقرب، ليؤكد أن محبسه لن يمنعه من أداء واجبه النقابي. ونشرت الصفحة الرسمية ل"القباني" حوارًا صحفيًا كتبه الأخير بخط يده أثناء انتظار قرار التجديد في جلسته الأخيرة بمعهد أمناء الشرطة. واعتقلت قوات الأمن حسن محمود رجب القباني، الصحفي المتخصص في الشأن القضائي 31 عامًا من منزله الكائن بمدينة 6 أكتوبر مساء الخميس الموافق 22 يناير 2015، بعد قيام أفراد أمن بزي مدني و قوات أمن بزي رسمي باقتحام منزله وتفتيشه، كما قامت قوات الأمن أيضًا باعتقال شقيق زوجته الذي كان متواجدًا في زيارة له. وفي 24 يناير قامت السلطات بالتحقيق مع حسن القباني في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، موجهة له اتهامات منها الاشتراك في جريمة تخابر لصالح دولة أجنبية، والإضرار بمركز مصر، والاشتراك في جريمة محاولة تغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري بالقوة، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام, وأصدرت أوامرها بتجديد حبس حسن القباني 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 718 لسنة 2015م حصر أمن دولة عليا، وأمرت بنقله إلى سجن العقرب شديد الحراسة. وجاء نص حوار "القبانى":
** كيف جاءت الخطوة ؟ لقد فكرت كثيرًا وبعمق قبل أن أخطو هذه الخطوة خاصة بعد عامين كاملين ويزيد داخل أسوأ سجن بمصر، حتى أواصل دور في دعم المهنة والارتقاء بنقابة الصحفيين وإنقاذها، فليست ولن تكون ضغطًا أو شهرة، فالله يعلم وكل من يعرفني جيدًا أنني أقدمت على هذه الخطوة من داخل سجني بالعقرب لخطورة ما أشعر به تجاه نقابتي ومهنتي وزملائي الذين أرى أنهم يتعرضون لحملة حصار وتكميم وضغط وتشويه حتى تفقد قاعة الحريات والرأي في مصر مكانتها وقيمتها وقامتها وتصبح الصحافة خصمًا للشعب لا فخر وأداة نجدة ودعم مساند، فالصحافة رسالة عظيمة وليست ولن تكون جريمة كما يريدون. ** تخطيت مدة الحبس الاحتياطي وبت محتجزًا خارج إطار القانون.. أليس من المنطق الربط بين ذلك وبين ترشحك؟ نعم تخطيت مدة الحبس الاحتياطي وأنا الآن محتجز قسريًا خارج إطار القانون بسجن العقرب سيئ السمعة، ولكن الخطب أعمق من ذلك بكثير، فمهنتي - كرسالة أعتز بحمل رايتها وأنا خلف القضبان بسبب إخلاصي لها ولقيمها وإعلائي الحقيقة – تواجه مرحلة خطيرة جدًا تتطلب التقدم للترشح وحشد الطاقات ضد من يريد تهميش دور النقابة وحصار الصحافة وتكميم الأفواه وقصف الأقلام وقهر إرادتنا وحريتنا، فتقدمت كي ألقى حجرًا في الماء الراكد، وأطلق صرخة تحذير ضد ما يحدث، وأجمع الصحف الصحفي في مواجهة الواقع الأليم. ** ما الهدف الأول الذي تضعه أمامك فور فوزك لتنفيذه؟ أنا اخترت هدفًا أسمى منذ اللحظة الأولى لقرار ترشحي وهو الحرية، فبرنامجي يبدأ بالحرية وينتهي بالحرية، وهو الانطلاقة الأصح أي برنامج حقيقي وطموح وشامل وإن العمل على إطلاق سراح كل الصحفيين أيا كانت انتماءاتهم أو آراءهم هو أهم أهدافي فعهدي ووعدي هو الحرية، وأحلم دومًا بصحفي حر ينعم بحياته في ظل الحرية وأتمنى ألا يكون هناك صحفي مسجون بسبب رأيه وفكره ومعتقده. **بند الحرية مهم بطبيعة الحال لكن هل سيقتصر مشروعك النقابي عليه؟ الحرية هي البداية والمظلة وعماد رسالتي الانتخابية، وجهدي كله لزملائي، فهم كل شيء وكل ما يطلبون هو ما أطلبه، اقتصاديًا ومهنيًا واجتماعيًا ووطنيًا، وعلى كل المستويات، وفي رأيي أن ملف الحريات هو بوابة إنجاز مطالب كل الملفات الملحة في البيت الصحفي. ** الشباب.. أين هم في عقل الصحفي الشاب المغيب خلف الأسوار؟ هم مني وأنا منهم، هم نبض الصحافة الحي، والعمود الفقري للمهنة وقوامها الأساسي، وحاضرها ومستقبلها، وسأعمل بكل قوتي أن تتاح لهم الفرصة كاملة والمساهمة في إدارة النقابة والارتقاء بالمهنة والذات، فحماسنا مع خبرة الشيوخ والكبار سيجعل للنقابة كيانًا ممتدًا ومتجددًا يجدد شبابها ويزيد قوتها وفاعليتها. ** وموقع الكبار في سجل خطواتك القادمة أين يقع؟ نحن امتداد للكبار، ونتكامل ونتواصل، وكما أطالب بحقوق شباب الصحفيين، سأقوم بتوفير كل سبل الكرامة الكاملة واللائقة بشيوخ المهنة وأساتذتنا بزيادة المعاش ورعاية صحية عالية، وخدمة اجتماعية ممتدة تواصل ربط هؤلاء الذين أفنوا حياتهم مع بقاء هذا الصرح قائمًا وتعمل على التواصل بين الأجيال. **الموقف الرسمي من النقابة.. كيف ستتعامل معه في ظل الواقع الحالي؟ سأعمل على إيجاد علاقة متزنة ومتوازنة مع كل المؤسسات الرسمية والمتصلة بالشأن الصحفي بما يصب في صالح الصحفيين ويزيد من قوة النقابة، وقدرتها على الدفاع والتعبير عن حرية الرأي والنشر والحقائق، ولن أقبل بتوغل أو عدوان، ولن أقبل بالإضرار أي صحفي، أو قصف أي قلم أو إغلاق أي جريدة بسبب الرأي والفكر والحقيقة، فإما نكون وإما نكون ولا طريق ثالث. **الأزمة الاقتصادية ألقت بظلالها على الوسط الصحفي والصحفيين.. فما المخرج؟ سأعمل على أن تتحول كل البرامج المنادية بأجور عادلة، وبدل لائق إلى واقع ملموس، وحقيقة يشعر بها الصحفيون خاصة الشباب وأصحاب الدخول الضعيفة مع تطوير برامج التكافل والتصدي لأي طغيان من رأس المال للعسف بأبناء صاحبة الجلالة وابتزازهم أو تشريدهم. **تكرر الحديث عن ميثاق الشرف.. كيف ترى ذلك؟ هو حديث مفهوم سياقه والمناخ الذي أفرزه، لذا أدعو البيت إلى إيجاد صيغة فعالة ومقبولة وقابلة للتطبيق تحفظ لهم الرأي والتعبير والمصداقية والنزاهة وتعززها، وأؤمن أن الارتقاء المهني والمعرفي بأبناء مهنتنا سيكون أداة فعالة لتمكين ميثاق الشرف الصحفي حتى نحاصر الأمراض اللامهنية التي تعارض مسار الارتقاء والنهوض. **كلمتك الأخيرة.. ما هي ولمَن؟ لزملائي وزميلاتي وأساتذتنا الكبار.. أقول: الرياح عاتية وتهدف النيل من سفيتنا العريقة، فلنتحد ولنصطف من أجل أن تظل سفيتنا الملاذ لكل حر أو مظلوم، وملاذ من لا ملاذ له من المستضعفين ومنارة تنوير ونهوض بوطننا ومنطقتنا وأمتنا. فلنكن صوتًا واحدًا.. وصفًا واحدًا.. أمام تلك الهجمة الشرسة والحرب الممتدة التي تتوقف ضد حرية الرأي والتعبير والحقيقية والصحفيين من أجل صحافة حرية قوية وصحفي معتز بالحرية ونقابة حرة مهيبة. وأشكر دعمكم الملهم لي منذ بداية محنتي، ولزوجتي الصامدة آية علاء وابنتي همس وهيا وكل أهلي، وأقول: لن يضيع الله أجر الصابرين وغدًا ستشرق الشمس ويزول الظلام والخوف وننعم جميعًا بوطن حر تحت ظلال ثورة 25 يناير المجيدة. ** وبعد علمه بمحاولات بائسة لشطبه.. قال لا يهمني الشطب معركة الحرية مستمرة.