الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    حماس: موقفنا واضح ومتوافق مع مبادرة بايدن وقرار مجلس الأمن    قوات الاحتلال تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    وزير السياحة يطمئن على نجاح نفرة الحجاج إلى مزدلفة    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين على الطريق السياحي بالفيوم    الأرصاد: درجات الحرارة على محافظات الصعيد أول أيام العيد تصل إلى 48    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    بث مباشر.. ضيوف الرحمن يقومون برمي جمرة العقبة الكبرى بمشعر منى    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    إصابة 9 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    تمنتها ونالتها.. وفاة سيدة قناوية أثناء أداء فريضة الحج    تشكيل منتخب هولندا المتوقع أمام بولندا في يورو 2024    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    باكية.. ريهام سعيد تكشف عن طلبها الغريب من زوجها بعد أزمة عملية تجميل وجهها    يوم الحشر، زحام شديد على محال بيع اللعب والتسالي بشوارع المنوفية ليلة العيد (صور)    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    حزب الله ينشر مشاهد من عملياته ضد قواعد الاحتلال ومواقعه شمالي فلسطين المحتلة (فيديو)    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    موعد مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش في الدوري المصري والقنوات الناقلة    رئيس فنلندا: الصين تلعب الدور الرئيسي الآن في تحقيق السلام بأوكرانيا    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    إقبال متوسط على أسواق الأضاحي بأسيوط    الحج 2024.. السياحة: تصعيد جميع الحجاج إلى عرفات ونجاح النفرة للمزدلفة    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنه أعز مفقود في بلاد العرب

تروي كتب التاريخ أنه في يوم بارد من ايام يناير من عام 1492م امتطى ابو عبدالله الصغير صهوة فرسه مولياً ظهره لقصر الحمراء الشهير في غرناطه في بلاد الاندلس وقد علت وجهه سحابة من الحزن وخيم على الركب الصغير صمت طويل يُنبئ عما يكتنف قلوب هذا الركب من غم شديد. سار ابو عبدالله تتبعه امه السيده عائشه وبعض من اهله وصحبه في ذلك الطريق الملتوي الطويل الذي يمر بين شعاب غرناطه وجبالها متجهاً إلى منفاه ليفارق غرناطة إلى الابد كانت الشمس قد آذنت بالغروب واخذت تعكس باشعتها الذهبية على جدران قصر الحمراء لتكتسي حجارته بصبغة حمراء باهتة فتضفي عليه سحراً وجاذبية. توقف أبو عبدالله قليلاً عند تلة صغيرة تُشرف على وادي غرناطة المكتظ ببيوته البيضاء ليلقي نظرة وداع اخيرة على مدينته الحزينة التي يتوسطها قصره الشهير.. تسارعت في ذهنه ذكريات الصبا وأيامه الجميلة التي قضاها في صالات وأروقة هذا القصر وفي حدائقه الغناء الواسعة كان يعرف ان تلك الوقفة سوف تكون الاخيرة وان تلك النظرة ستكون النهائية اذ ليس يأمل ابداً بأن يرى مدينته المحبوبة ثانية تمنى وقتها لو تطول تلك الوقفة لعله يستطيع ان يملأ عينيه بتلك المناظر الساحرة التي تثير في نفسه ذكريات الصبا إلاّ ان الحزن الذي يعتصر قلبه سرعان ما استحوذ على عينيه وإذا بهما تنهمران دمعاً ساخناً حاول جاهداً ان يخفيه عن نظرات امه الحادة التي عاجلته بذلك البيت الناري الذي تناقلته الاجيال جيل بعد جيل

إبك مثل النساء ملكاً مضاعاً .... لم تحافظ عليه مثل الرجال

ما أشبه الليله بالبارحه ان هذا البيت الذي قالته السيده عائشة ام ابو عبدالله الصغير اخر ملوك غرناطة قبل ان تسقط نهائيآ في يد فرديناند وينهي حكم المسلمين فيها وفي الاندلس ذلك البيت سُمي بالبيت القصيده لعظم وشموا معانيه وهو يختصرتاريخ أمثال أولئك الحكام .. لو كانت السيده عائشه بيننا الان لصرخت بهذا البيت بصورة مباشرة لجميع الحكام العرب ! ترى لماذا وصلت حال العرب الى هذا الدرك الاسفل في كل شئ اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وإجتماعيا وعسكريا ؟ الامه تعيش حالة من التيه من سنين طويله بسبب حكام أحالوا دولهم الى دول فاشله أو دول بالكاد تدير الشأن اليومي لتلك البلدان واحالوا شعوبهم الى جماعات مشغولة فقط بهمها اليومي لتظل فقط على قيد الحياة .

قال لويس التاسع ملك فرنسا الذي أُسِرَ في دار ابن لقمان في المنصورة عندما غزا الفرنسيون مصر قال في وثيقة محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس:

انه لا يمكن الانتصارعلى المسلمين من خلال حرب وانما باتباع مايلي:

1-اشاعة الفرقة بين قادة المسلمين

2-عدم تمكين البلاد العربية و الاسلامية ان يقوم فيها حكم صالح

3-افساد انظمة الحكم في البلاد الاسلامية باشاعة الرشوة و الفساد و النساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة

4-الحيلولة دون قيام جيش مؤمن يضحي في سبيل مبادئه

5-العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية

6-العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية تمتد لتصل الى الغرب (وقد صنعوا إسرائيل)

وقال و.ك.سميث الخبير بشؤون باكستان: اذا أُعطي المسلمون الحرية في العالم الاسلامي

وعاشوا في ظل انظمة ديمقراطية فان الاسلام ينتصر في هذه البلاد وبالدكتاتوريات وحدها

يمكن الحيلولة بين الشعوب الاسلامية ودينها.

في عمدة كتب الفكر السياسي الإسلامي، أعني كتاب (الأحكام السلطانية) للإمام أبي الحسن الماوردي يرد ضمن واجبات الحاكم الشرعية «أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة، ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح»

وهو مايشرحه الدكتور مروان محروس في كتابه (مسئولية رئيس الدولة في النظام الرئاسي والفقه الإسلامي دراسة مقارنة) قائلا «على رئيس الدولة أن يقوم بإختيار وزراء مساعدين له، وأن يراعي في إختيارهم الكفاءة والقدرة على تحمل المسئولية، ويكون إختياره على أساس الكفاءة وإلا فإنه سيكون خائنا لله ورسوله والمؤمنين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قلد رجلا عملا على عصابة وهو يجد في العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين». جاء في صحيح مسلم عن الحارث بن يزيد الحضرمي أن أبا ذر قال: قلت يارسول الله ألا تستعملني، قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»، وأبو ذر هذا من الدين والورع ما لا يطاوله في ذلك أحد، وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر».

إذا ماهو الحل السحري لتجاوز كل ذلك الفشل والهوان ؟ الحل هو بعودة اعز مفقود ببلاد العرب !!! إنه العدل ... العدل أي الإنصاف، وهو إعطاء المرء ما له، وأخذ ما عليه، أي إعطاء كل ذي حق حقه. وهو أمر إلهي، حيث يقول تعالى { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} ويقول تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} والعدل اسم من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته العلى. وقد حفلت السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي عموماً بنماذج من العدل، قَلَّ نظيرها في الحضارات الغربية على مر العصور، وتروي كتب السيرة جميعاً قصة المرأة المخزومية التي سرقت أثناء فتح مكة، وأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقيم عليها الحد ويقطع يدها، فوسط أهلها أسامة بن زيد ليشفع لها عند رسول الله (ص). فلما حدَّث أسامة النبيَّ بذلك، تغير وجه الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: «أتشفع في حدٍّ من حدود الله». ثم قام فخطب فقال: «يا أيها الناس، إنما أهلك الذين قَبْلَكُم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها .

وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ:جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلاَّ قَضَيْتَنِى فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا وَيْحَكَ تَدْرِى مَنْ تُكَلِّمُ قَالَ إِنِّى أَطْلُبُ حَقِّى فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم هَلاَّ مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرٌ فَنَقْضِيَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الأَعْرَابِىَّ وَأَطْعَمَهُ فَقَالَ أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ فَقَالَ أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ. أخرجه ابن ماجة (2426) رقم : 1857 في صحيح الجامع .

ففي كنز العمال عن أنس: أن رجلاً من أهل مصر أتى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم، قال: عذت معاذاً، قال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته فجعل يضربني بالسوط ويقول: أنا ابن الأكرمين فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم ويقدم بابنه معه فقدم، فقال عمر: أين المصري، خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر اضرب ابن الأكرمين. قال أنس: فضرب فو الله لقد ضربه ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: ضع السوط على صلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني وقد استقدت منه، فقال عمر: لعمرو متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، قال: يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتني.

و راع صاحب كسرى أن رأى عمراً .... بين الرعية عطلا و هو راعيها

وعهده بملوك الفرس أن لها ... سوراً من الجند و الأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى .... فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا .... ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره .... من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حقٍ أصبحت مثلا .... وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم .... فنمت نوم قرير العين هانيها

وذات يوم، اختلف الإمام علي بن أبي طالب وهو أمير للمؤمنين مع يهودي في درع فذهبا إلى القاضي وقال الإمام علي إن هذا الدرع الذي مع اليهودي هو درعي ولكن اليهودي أنكر ذلك فطلب القاضي من الإمام علي أن يحضر شهود أو بينه فأحضر ولده الحسين ولم يكن عنده شاهد آخر، فحكم القاضي بالدرع لليهودي فتعجب اليهودي كيف يحكم القاضي على أمير المؤمنين ! فتأثر اليهودي أيما تأثر من هذا العدل وقال: صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لَدرعُكَ لقد سَقَطَتْ عن جملٍ لك فالتقطتُها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فأعطاه الإمام علي الدرع فرحاً بإسلامه.

يقول المؤرخ إبن خلدون ( إذا إختل ميزان العدل أو فُقد في بلد ما فهذا مُؤذن بخرابها ) فالعدل أساس الملك فبالعدل تقوى دعائم المجتمع ويأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم والعدل يوفر الأمان للناس جميعاً على حد سواء ضعيفهم وقويهم فقيرهم وغنيهم، حاكمهم ومحكومهم ويحمي الحقوق والأعراض والأملاك ويشيع الطمأنينة في المجتمع وينفي الظلم عنه ... تروي كتب التاريخ أن أحد الولاة كتب إلى الخليفة عمر بن عبدالعزيز يطلب منه مالاً ليبني سوراً حول عاصمة الولاية فأجابه عمر :

(وماذا تنفع الأسوار؟ حصِّنها بالعدل ونقِّ طُرُقها من الظلم .) لما ولي عمر إبن عبدالعزيز الخلافه كتب الى الامام الحسن البصري ليكتب له عن صفة الامام العادل فأجابه الامام الحسن بهذه الرساله : من الحسن البصرى إلى عمر بن عبد العزيز اعلم يا أمير المؤمنين أن الله قد جعل الامام العدل قوام كل مائل وقصد كل جائر( أي هو الذي يحمل الجائر على القصد و عدم الظلم ) وصلاح كل فاسد ، وقوة كل ضعيف ، ونصفة كل مظلوم ، ومفزع كل ملهوف . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعى الشفيق على إبله , الرفيق الذى يرتاد لها أطيب المراعى, ويذودها عن مراتع الهلكة ، ويحميها من السباع ويكنها من أذى الحر والقر( البرد الشديد ) , والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحانى على ولده يسعى لهم صغارا ويعلمهم كباراً, ويكتسب لهم فى حياته ويدخر لهم بعد مماته ، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها حملته كرها ووضعته كرها وربته طفلاً، تسكن بسكونه ، ترضعه تارة وتقطعه أخرى، وتفرح بعافيته وتهتم بشكايته ، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كوصى اليتامى وخازن المساكين يربى صغيرهم ويمون كبيرهم . والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح تصلح الجوانح بصلاحه وتفسد بفساده ، والإمام العدل يا أميرالمؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده يسمع كلام الله ويسمعهم ، وينظر إلى الله ويريهم ، وينقاد إلى الله ويقودهم « فلا تكن يا أمير المؤمنين كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله ، فبدد المال وشرد العيال ، فأفقر أهله وفرق ماله . واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزع بها عن الخبائث والفواحش ، فكيف إذا أتاهم من يليها، وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده ، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم . واذكريا أمير المؤمنين الموت وما بعده ، وقلة أشياعك عنده , وأنصارك عليه فتزود له ، ولما بعده من الفزع الأكبر، واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذى أنت فيه ، يطول فيه ثواؤك ( أي مقامك ) ، ويفارقك أحباؤك ، يسلمونك فى قعره فريدا وحيدا، فتزود له بما يصحبك : ﴿ يوم يفر المرء من أخيه ء وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ﴾ واذكر يا أمير المؤمنين إذا بعثر ما فى القبور وحصل ما فى الصدور، فالأسرار ظاهرة ، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالآن يا أمير المؤمنين وانك فى مهل ، وقبل حلول الأجل ، وانقطاع الأمل . لا تحكم يا أمير المؤمنين بحكم الجاهلين ، ولا تسلك بهم فى سبيل الظالمين ، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون فى مؤمن إلاً ولا ذمة ، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك ، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك ، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ، ويأكلون الطيبات فى دنياهم بذهاب طيباتك فى آخرتك ، لا تنظر إلى قدرتك اليوم ، ولكن انظر إلى قدرتك غدا، وأنت مأسور فى حبائل الموت ، وموقوف بين يدى الله فى مجمع الملائكة والنبيين والمرسلين ﴿ وعنت الوجوه للحى القيوم﴾ وإنى يا أميرالمؤمنين ، وان لم أبلغ بعظتى ما بلغه أولو النهى من قبلى لم آلٌ شفقة ونصحا، فأنزل كتابى عليك كمداو حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة ، لما يرجو له من العافية والصحة . . والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته 0"

الايقرأ الحاكم العربي الايه الكريمه (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ألا يخاف هول ذلك اليوم !!! ألا يقرأالحاكم العربي الايه الكريمه ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ )

وعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : بَنَى جَبَّارٌ مِنْ الْجَبَابِرَةِ قَصْرًا وَشَيَّدَهُ فَجَاءَتْ عَجُوزٌ فَقِيرَةٌ فَبَنَتْ إلَى جَانِبِهِ شَيْئًا تَأْوِي إلَيْهِ ، فَرَكِبَ الْجَبَّارُ يَوْمًا وَطَافَ حَوْلَ الْقَصْرِ فَرَأَى بِنَاءَهَا ، فَقَالَ لِمَنْ هَذَا ؟ فَقِيلَ : لِامْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ تَأْوِي إلَيْهِ فَأَمَرَ بِهَدْمِهِ فَهُدِمَ فَجَاءَتْ الْعَجُوزُ فَرَأَتْهُ مَهْدُومًا ، فَقَالَتْ : مَنْ هَدَمَهُ ؟ فَقِيلَ لَهَا الْمَلِكُ رَآهُ فَهَدَمَهُ ، فَرَفَعَتْ الْعَجُوزُ رَأْسَهَا إلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ يَا رَبِّ أَنَا لَمْ أَكُنْ حَاضِرَةً فَأَنْتَ أَيْنَ كُنْت ؟ قَالَ : فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ أَنْ يَقْلِبَ الْقَصْرَ عَلَى مَنْ فِيهِ فَقَلَبَهُ

فعلا إنه أعز مفقود في بلاد العرب بفقده تردت حال أمة العرب الى ما وصلت اليه ....

إنه العدل . وما أصدق أبو العتاهيه حين قال :

ستعلم يا ظلوم إذا التقينا .... غداً عند الإله من الظلوم

أما والله إنَّ الظُّلم شؤمٌ .... وما زال المسيء هو الظَّلوم

إلى دياَّن يوم الدّين نمضي .... وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في الحساب إذا التقينا .... غداً عند الإله من الملوم


حمد بن عبدالرحمن الصغير
السعوديه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.