عقب إعلان وزارة الصحة, أنها بصدد إصدار قرار زيادة أسعار الدواء لحل أزمة نقص الدواء التي حدثت بسبب تعويم الجنيه, أصبحت هناك عدة أسئلة ملحة حول الزيادات الجديدة، وكيف سوف يتم تطبيقها؟ وما عدد الأصناف التي سوف ترتفع أسعارها؟ وهل هي الزيادة النهائية للأسعار في 2017 أم ستكون هناك زيادة أخرى؟ وما حجم الزيادة المنتظرة على أسعار الدواء؟ كل هذه الأسئلة وإجاباتها يلخصها موقع "هافينجتون بوست الأمريكي", لشرح هذه القضية التي تهم عشرات الملايين من المصريين. كيف تم الوصول إلى اتفاق وما تفاصيله؟ وفقاً لوزير الصحة المصري الدكتور أحمد عماد، تم هذا الاتفاق بناء على تفاهم مزدوج بين وزارة الصحة مع الشركات، واستغرق التفاوض شهرين منذ قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016، وشارك في التفاوض فريق مكون من قِبل عمداء كليات صيدلة سابقين؛ لكونه وزير الصحة للتفاوض مع شركات الأدوية. وحدد الوزير فترة زمنية مؤقتة لتطبيق تلك الزيادة، على أن تتم إعادة النظر في منظومة التسعير في 1 أغسطس 2017، سواء بزيادة جديدة للأصناف التي لم تطلها الزيادة أو التخفيض في الأسعار، وذلك بناء على أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه وبالأخص الدولار، بجانب دراسة آثار زيادة الأسعار المقرر تطبيقها. ما آليات تطبيق الاتفاق؟ تضمن الخطاب الذي أرسلته الإدارة العامة للشؤون الصيدلية التابعة لوزارة الصحة، آليات تطبيق القرار، محدداً موعداً نهائياً لإرسال الشركات قائمة الأدوية التي ترغب في زيادتها بحد أقصى صباح الثلاثاء 3 يناير 2017. وأوضح الخطاب أن هناك تمييزاً بين الشركات متعددة الجنسيات والشركات المصرية في الضوابط.
بالنسبة للشركات المحلية، يسمح لها بزيادة أسعار 15% من إجمالي الأدوية التي تنتجها، وتختار كل شركة قائمة تلك الأدوية التي ترغب في زيادتها، أما الشركات التي يقل إنتاجها عن 30 صنفاً، فسيكون الحد الأدنى للمنتجات التي ستزيد أسعارها هو 7 مستحضرات. ويحق للشركات متعددة الجنسيات، وفقاً لخطاب وزارة الصحة، أن ترسل قائمة مختارة من المستحضرات (المصنّعة محلياً والمستوردة)، بنسبة 20% من إجمالي مستحضرات الشركة المسجلة بحد أدنى 5 مستحضرات. كما نص على أن ترسل جميع الشركات، سواء مصرية أو متعددة الجنسيات، قائمة بإجمالى مستحضرات الشركة المسجلة رسمياً. هل هناك استثناء في نوعية الأدوية التي ستشملها الزيادة؟ بالفعل، أعلنت وزارة الصحة أن الزيادة المقترحة لن تمس أدوية الأمراض المزمنة، وهو البند الذي لم يتضمنه اتفاق وزير الصحة مع الشركات في الاجتماع الذي عُقد في 18 ديسمبر 2016، وفقاً لما أعلنه محيي حافظ عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية في اتحاد الصناعات، متوقعاً أن يُحدث هذا الشرط أزمة جديدة بين الوزارة والشركات في ظل عدم تحديد الوزارة تعريفاً واضحاً لأدوية الأمراض المزمنة. وقدمت الشركات تهديداً مسبقاً بعدم إنتاج تلك الأدوية التي تم استثناؤها من قِبل الوزارة على لسان الدكتور محمود فتوح المتحدث باسم شركات الدواء المصنعة لدى الغير، حيث وصف فتوح هذه الضوابط المعلنة بأنها مصيبة سوداء على المريض في مصر مع استمرار نقص تلك الأدوية التي تمس الكثير من المصريين. وعن تعريف أدوية الأمراض المزمنة، قال نقيب الصيادلة الدكتور محي عبيد إن المقصود بالأمراض المزمنة هي الأمراض التي تحتاج إلى علاج دائم للمريض وليس لها علاج نهائي؛ مثل: أمراض الضغط والسكر والكبد والقلب، ولكن تحديد تلك الأدوية يكون من اختصاص وزارة الصحة؛ لكونها غير محدَّدة بدقة. ما الزيادة التي ستطول المنتجات التي سترسلها الشركات إلى وزارة الصحة؟ أوضح أسامة رستم نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، أن الشركات لن ترسل أسعاراً مقترحة مع قوائم الأدوية التي ستشملها الزيادة، مؤكداً أن تحديد الأسعار من اختصاص وزارة الصحة، ولكن ذلك سوف يكون وفقاً للاتفاق المبرم مسبقاً مع الشركات. وأضاف أن"هناك آلية محددة مسبقاً تقسم الزيادة إلى نوعين؛ الأول: المنتج المصنع محلياً، والثاني: المنتج المصنع خارجياً بالكامل". "للنوع الأول 3 شرائح في الزيادة، أما الثاني فله شريحتان في الزيادة، ويقوم بتطبيق ذلك لجان التسعير بوزارة الصحة ثم تُبلغ بها شركات الأدوية مع صدور قرار رسمي بذلك"، هذا ما قاله أسامة رستم نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات. الزيادة على الدواء سوف تكون كالآتي: الأصناف المصنّعة محلياً، سواء لشركات مصرية أو متعددة الجنسيات، 3 شرائح للزيادة: زيادة 50% على الأدوية التي سيشملها قرار الزيادة ويكون سعرها الحالي 50 جنيهاً فيما أقل. زيادة 40% على الأدوية التي سيشملها قرار الزيادة ويكون سعرها الحالي 100 جنيه فيما أقل. زيادة 30% على الأدوية التي سيشملها قرار الزيادة ويكون سعرها الحالي من 100 جنيه فما فوق. نسب زيادة أسعار الأدوية المستوردة سوف تكون على شريحتين: زيادة 50% على الأدوية المصنّعة بالكامل في الخارج ويكون سعرها الحالي أقل من 100 جنيه. زيادة 40% على الأدوية المصنعة بالكامل في الخارج ويكون سعرها الحالي أكثر من 100 جنيه. ما عدد مصانع وشركات الدواء التي سترسل قوائم أصنافها إلى وزارة الصحة وكم صنفاً سوف تطوله الزيادة؟ يقول نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، إن "الاتفاق الذي تم توقيعه بين الشركات ووزارة الصحة يوم 18 ديسمبر، سوف يشمل الشركات ومصانع الأدوية كافة بمصر، ونحن لدينا 154 مصنعاً للدواء بمصر، ونحو 1200 شركة دواء سواء مستوردة أو تمتلك مصنعاً أو تصنع لدى الغير". ويصل إجمالي أصناف الدواء المسجلة رسمياً في مصر إلى 14 ألف صنف، متداول منهم في الأسواق من 8000 إلى 8500 صنف، وسوف تطول الزيادة أكثر من 1500 صنف دواء من المتداول بمصر، وفقاً للنسب المتفق عليها. وعن آليات اختيار كل شركة للأدوية المقترح زيادتها، قال رستم, إنه كان هناك مشاورات بين الوزارة والشركات مجتمعة وكذلك بين الوزارة وكل شركة على حدة، مشيراً إلى أن هناك معايير متعارف عليها تجعل تلك الأدوية سيتم اختيارها بعناية. متى يتم تطبيق تلك الزيادة على الأسعار؟ وعن موعد تطبيق تلك الأسعار، قال مصدر بوزارة الصحة, إن هناك عدة إجراءات سوف تسبق قرار زيادة الأسعار رسمياً، منها إقرار لجان التسعير داخل الإدارة العامة للشؤون الصيدلية التابعة لوزارة الصحة المصرية للقوائم التي أرسلتها الشركات، وتوافقها مع المعايير التي حددتها الوزارة، مع تحديد حجم العبوات الرسمية لكل صنف وسعره الجديد. المصدر ذكر أن الأمر قد يستغرق أسبوعاً أو أكثر قبل إنهاء القوائم النهائية للأدوية التي سوف يشملها قرار الزيادة، على أن يتم إرسال تلك القائمة إلى مجلس الوزراء؛ تمهيداً لصدور قرار وزاري بهذا الأمر. هل تلك الزيادة تنهي أزمة تسعير الأدوية وشكوى الشركات من الخسائر بعد زيادة الدولار؟ "لا .. ورغم تلك الزيادة يستمر تحمّل الشركات أعباء إنتاج أصناف تزيد ثمن تكلفتها على سعرها الحالي، وهي ضمن 85% من الأدوية التي لم يطلها الزيادة، إلا أن تحمل هذا الأمر سوف يكون حتى الموعد المتفق لإعادة دراسة الأسعار بالكامل في 1 أغسطس 2017، والقرار بالزيادة عبارة عن تدخّل سريع للحفاظ على حياة مريض بعد وصوله إلى مرحلة الخطر، لكنه ليس العلاج النهائي لمرضه"، حسب وصف نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية. أوضح أن اختيار تلك النسب جاء بناء على تفاوض مع الشركات، وذلك كحلٍّ مؤقت لتقليل الفجوة بين تكاليف الإنتاج وأسعار البيع للمستهلك، لكن المناقشة حول الأسعار العادلة التي ستشمل أنواع الأدوية كافة سوف يكون في أغسطس 2017، مشيراً إلى أن الفرق بين نسبة أصناف الشركات متعددة الجنسيات عن الشركات المصرية يرجع إلى حجم الأدوية التي تنتجها تلك الشركات وأهميتها. هل يمكن أن تكون الزيادة لصالح المواطن المصري؟ يقول الدكتور محيي عبيد نقيب الصيادلة، إن هذا القرار ضد مصلحة المواطن المصري، وهو قرار عشوائي ترفضه نقابة الصيادلة؛ حيث إنه يرفع أسعار الأدوية بنسب تتراوح بين 40 إلى 50% بجانب أنه لا يضمن توفير الأدوية الناقصة، وهو الأمر الذي يتوقع معه إنتاج الشركات الأصناف التي زاد سعرها، ويستمر ضغطها على الحكومة والمواطن عن طريق عدم توفير باقي الأصناف؛ لإجبارها على زيادة أسعار تلك الأصناف في أغسطس المقبل. وأكد عبيد, أن القرار يفتقد وجود أي معايير عادلة في تحديد الأسعار، مشيراً إلى أن شركات الأدوية ترفض أن تتنازل عن جزء من أرباحها، وأن ما تردده من أن تعويم الجنيه تسبب في خسائر لها غير منطقي أو عقلاني، حسب قوله. هل يمكن أن يُحدث صدور القرار أزمة بمصر؟ يقول نقيب الصيادلة إن "تلك الزيادة التي كان يتم التلويح بها منذ فترة، هي أحد أسباب الإضراب الجزئي وغلق الصيدليات في منتصف شهر يناير 2016، والذي تدعو له نقابة الصيادلة". وأوضح أن "النقابة ليست ضد تحريك أسعار الأدوية، إلا أنها تعارض رفع الأسعار بشكل عشوائى، وإقرار زيادة في الأسعار لن يكون في صالح الصيدلى، خاصة أنه فى حال ارتفاع السعر عن طاقة المرضى فإن حركة البيع ستتوقف، وانطلاقاً من نص قانون النقابة فإنها ملزمة بمراعاة توفير دواء آمن وفعال، ولذا تؤكد رفضها أي تحريك عشوائي للأسعار"