أسعار الفراخ اليوم 27 مايو "كارثية".. الكيلو عدى ال100 جنيها    وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز    مدير تعليم المنوفية يتابع توزيع أوراق الأسئلة على لجان امتحانات الدبلومات    معهد الفلك يكشف استعدادات رصد هلال ذى الحجة لتحديد موعد عيد الأضحى .. اعرف التفاصيل    عيار 21 الآن بعد آخر تراجع وسعر الذهب اليوم في بداية تعاملات الإثنين 27 مايو 2024    كولر عن إمام عاشور: جمهور الأهلي يحب اللاعب الحريف    ارتفاع أسعار النفط مع ترقب السوق لاجتماع أوبك+    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 مايو    طقس اليوم 27 مايو.. درجات الحرارة تخالف التوقعات وتفاجئ الجميع    تحقيقات لكشف ملابسات اشتعال حريق بمخزن أدوات مستعملة في إمبابة    ختام مهرجان الإبداع في موسمه ال 12: تكريم أحمد أمين ومحمود حميدة وعمرو عبد الجليل    راهول كوهلي يكشف عن خضوعه لتجارب أداء فيلم The Fantastic Four    صحة الاسماعيلية تحيل عدداً من العاملين بوحدة أبو جريش للتحقيق ( صور)    حقيقة انسحاب السفن العاملة في تطوير حقل ظهر بشرق المتوسط    تشكيل الزمالك المتوقع ضد الاتحاد السكندري في الدوري المصري    نتيجة الشهادة الإعدادية بالاسم ورقم الجلوس 2024.. رابط مباشر وموعد إعلان النتيجة    بث مباشر الاتحاد ضد النصر دون تقطيع HD في الدوري السعودي    أبو شامة ل«بين السطور»: اعتراف دول أوروبية بدولة فلسطين مكسب كبير للقضية    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    15 قتيلًا جرّاء أعاصير ضربت جنوب الولايات المتحدة    التموين تزف بشرى سارة للمواطنين قبل عيد الأضحى    كولر: معلول قدم الكثير للأهلي والتجديد له يخص الإدارة فقط    لطفي لبيب عن عودته للتمثيل: مين بيجيب ممثل نصه طاير مبيتحركش    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    نشأت الديهي: مصر أظهرت العين الحمراء لدولة الاحتلال    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    العثور على السفير الفرنسي لدى سريلانكا ميتا في مقر إقامته    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    كولر: الشناوي حزين.. قمصان سبب مشاركة كريم فؤاد في النهائي.. وأتابع شوبير منذ فترة    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    عضو مجلس الأهلي يزف بشرى بشأن علي معلول    موعد وقفة عرفات 2024.. متى يحل عيد الأضحى في مصر؟    شعبة الصيدليات: «زيادة أسعار الأدوية هتحصل هتحصل» (فيديو)    فنانة تحتفل مع طليقها بعيد ميلاد ابنتهما وياسمين صبري جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    مصطفى عمار: الرئيس السيسي أمين وصادق ولا يفعل شيئا إلا من أجل بناء دولته    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قياديين فى حركة حماس خلال هجوم على رفح الفلسطينية    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    المرصد الأورومتوسطي: مجزرة رفح دليل تجاهل الاحتلال قرار محكمة العدل الدولية    جهاز دمياط الجديدة يشن حملات لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    خبير اقتصادي ل قصواء الخلالي: الوافدون سبب رئيسي في زيادة التضخم    ماكرون: لم يكن لدى أوروبا هذا العدد من الأعداء كما هو الحال الآن    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    منوم ومشنقة.. سفاح التجمع يدلي باعترافات تفصيلية عن طريقة التخلص من ضحاياه    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعرف على أسباب الإصابة بنزلات البرد المتكررة حتى في فصل الصيف    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطالبة الرئيس مبارك بترك الوطني وتأسيس حزب جديد .. واقتراح بدمج الحزب الوطني مع الإخوان لإقامة كيان جديد .. واعتبار انتخاب سرور رئيسا للبرلمان دليلا على الإفلاس السياسي .. وتأكيدات بأن البلطجة أصبحت ثقافة راسخة لدى النظام
نشر في المصريون يوم 15 - 12 - 2005

مازالت صحافة القاهرة تعيش حالة من الانتعاشة الفكرية غير المسبوقة ، بفعل حالة الحراك السياسي التي أحدثتها الانتخابات البرلمانية الجديدة ، خاصة فيما يتعلق بالنجاح الكبير لجماعة الإخوان المسلمين ، وهو ما دفع الكثيرين لطرح رؤى وأفكار مبتكرة وغير مسبوقة لمعالجة الوضع الحالي ، والمتمثل في كون قوة المعارضة الرئيسية ، أي الإخوان ، لا تحظى بالشرعية القانونية ، وهو ما شبه البعض في صحف اليوم ب " السيادة المنقوصة " . حالة الانتعاش هذه ، لم تخل من طلقات هجوم من العيار الثقيل ، تم توجيه معظمها صوب الحزب الوطني والنظام الحاكم ، حيث رأى البعض في إعادة انتخاب الدكتور فتحي سرور رئيسا للبرلمان للعام السادس عشر على التوالي دليلا على حالة الإفلاس السياسي التي يعاني منها البرلمان ، وفشله في إيجاد شخصية تستطيع قيادته بدلا من سرور ، كما أمتد الهجوم ليشمل النواب العشرة الذي عينهم رئيس الجمهورية ، حيث انتقد البعض خلوهم من أي شخصية ذات تاريخ سياسي . انتقادات صحافة اليوم ، امتدت لتشمل أداء الإعلام الحكومي خلال الانتخابات ، حيث رأي البعض أن هذه الإعلام مازال يعيش عصر الحزب الوطني إذ انحاز بشكل سافر لصالح الحزب الوطني ، وهو ما جاء بأثر عكسي ودفع العديد من المواطنين للتصويت لصالح قوى معارضة نكاية في الحزب الحاكم وإعلامه . أما أعنف الانتقادات فجاء من صحيفة الأهرام ، حيث رأى أنيس منصور أن الحزب الوطني ليس لديه لا نظرية ولا نظر ولا رأي ولا رؤية ولا ضرورة له من الأساس ، وفي ضوء ذلك اقترح على الرئيس مبارك ترك الحزب وتأسيس حزب جديد . ومن الانتقادات ننتقل إلى الاقتراحات ، وجاء أغربها أيضا من صحيفة الأهرام ، حيث دعا المفكر اليساري محمد سيد أحمد إلى دمج الإخوان والحزب الوطني في كيان واحد ، باعتبار أن الطرفين يعرفان عن نفس الشريحة من الطبقة الوسطى وأن الخلافات بينهم عقائدية وليست سياسية ، وأنهما يمتلكان المرونة للوصول إلى حلول وسط . وننتقل إلى التفاصيل ، حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث شن الكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة هجوما قاسيا على تغطية وسائل الإعلام الحكومية للانتخابات البرلمانية الأخيرة لانحيازها لصالح الحزب الحاكم ، وكتب يقول " منيت منظومة الإعلام بشقيها المرئي والمطبوع بخسارة لا تقل فداحة‏...‏ حين عجزت عن الالتزام بالحد الأدنى من الحياد وتمكين المواطنين من الحصول علي المعلومات التي تساعدهم علي الاختيار السليم وهو ما ضاعف من أوجه القصور والمآخذ التي أثرت علي نزاهة العملية الانتخابية‏.‏ ولعل أكثر ما يلفت النظر‏,‏ أن يكون الإعلاميون والصحفيون أنفسهم هم مخلب القط الذي تستخدمه السلطة في تزييف الوعي العام والانحياز لجانب مرشحي حزب واحد هو الوطني دون سواه‏,‏ وأن تتخلي بعض القيادات الإعلامية عن دورها في التوعية والتنوير والرقابة‏,‏ ليس فقط علي مستوي التغطية الإعلامية‏,‏ بل وبشكل مقزز وسافر علي مستوي الحوار والتعليق والتحليل‏,‏ بحيث أدت في النهاية إلي أثر عكسي أعطي فيه نسبة قليلة من الناخبين صوته كلما استطاع طبقا لمبدأ ليس حبا في علي ولكن كراهية في معاوية‏.‏ وعلي الرغم من أن القنوات التليفزيونية المملوكة للدولة قدمت تغطية متنوعة للأحزاب السياسية الرئيسية التي شاركت في الانتخابات‏,‏ إلا أنها وكأن خمسين سنة لم تنقض لم تستطع أن تخرج عن عباءة الإعلام الموجه لحساب الحزب الحاكم الذي حصل علي تغطية مكثفة وإيجابية‏...‏ قابلتها علي الجانب الآخر تغطية ذات طابع سلبي للقوي المنافسة من التيارات والأحزاب الأخرى‏,‏ أما المستقلون فقد ضاعوا في الزحمة‏,‏ ولم ينالوا أي تغطية إعلامية رغم كثرتهم العددية‏.‏ صحيح أن التليفزيون الرسمي خصص قناة للانتخابات ولكن مستوي الأداء المهني فيها لم يكن يكفي لإشباع حاجة المشاهدين في معرفة الحقائق سواء فيما يتعلق بعمليات الفرز‏,‏ أو في تفاصيل المصادمات التي أدت لإغلاق اللجان الانتخابية‏,‏ بل إن المتحدث الرسمي بلسان وزارة الداخلية لم يعترف مرة واحدة بحدوث انتهاكات أوقفت الانتخابات في عدد من الدوائر‏,‏ وهو ما كانت تكذبه الفضائيات والصحف المستقلة "‏.‏ وأضاف سلامة " لم تفرق الصحف القومية والقنوات التليفزيونية الحكومية بين تغطية الأخبار والتغطية علي الأخبار‏,‏ فاستخدمت نفس الأساليب العتيقة التي دأب الإعلام الموجه علي استخدامها في الستينيات‏,‏ وهو ما أدي بالتالي إلي تعرض عدد لا بأس به من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء وقنوات التليفزيون الذين حاولوا أداء واجبهم المهني بقدر من الحياد‏,‏ إلي تحرشات واعتداءات‏.‏ مجمل القول إن سيطرة الإعلام الموجه علي معظم وسائل الإعلام في الصحافة والتليفزيون جعل من مبدأ الحياد الإعلامي وهما بعيد التحقيق‏,‏ ولولا وجود بعض المنافذ الإعلامية المستقلة‏,‏ لما اختلفت الحال في هذه الانتخابات عن غيرها مما كان في ظل الحكم الشمولي‏,‏ في هذه المرة علي الأقل نجحت بعض وسائل الإعلام الحرة المستقلة في اختراق الستار الحديدي المفروض علي حرية المعلومات "‏.‏ نبقى مع " الأهرام " ، وذلك المقال الناري للكاتب الكبير أنيس منصور ، والذي وجه انتقادات حادة للحزب الوطني الحكام ، وكتب يقول " من عجائب مصر‏:‏ الناس الذين لهم نظرية ليس لهم حزب‏..‏ والناس الذين لهم حزب ليست لهم نظرية ، والمطلوب‏:‏ نظرية جديدة‏..‏ نظرية جديدة ينادي بها شخص قوي أو أشخاص أقوياء‏,‏ فيلتف حولهم الناس ليرفعوهم إلي السلطة لتطبيق نظريتهم‏.. كان الحزب الشيوعي هو الحزب الوحيد الذي له نظرية وله حزب‏..‏ الإخوان المسلمون لهم نظرية وليس لهم حزب‏..‏ والحزب الوطني لا نظرية ولا نظر ولا رأي ولا رؤية ولا ضرورة له‏!‏ ، فهل نحن في حاجة إلي نظرية؟ الجواب‏:‏ نعم‏..‏ ولابد أن تكون النظرية مقنعة‏,‏ ولا تقوم علي استيلاء الحزب الوطني الذي أصبح سيء السمعة‏,‏ ونجاح الحزب الوطني ليس دليلا علي صحته‏..‏ وإنما علي ما أنجزه في ماضيه‏..‏ علي شخصي السادات ومبارك‏.‏ وبس "‏.‏ وأضاف منصور " أمامنا نموذج للجدية والإصرار‏,‏ ففي إسرائيل رئيس وزراء تجاوز الثمانين من عمره وخرج من جلده وأنشأ حزبا جديدا والذين اختاروا رئيس الحزب الجديد اختاروه هو لأفكاره التي ينادي بها‏..‏ ويستطيع الرئيس مبارك أن ينشئ حزبا جديدا‏,‏ أن يرتدي ثوبا جديدا‏..‏ وحده يملك رصيدا من الاحترام والتقدير العظيم لشخصه وتاريخه‏,‏ هو وحده‏,‏ فإذا حدث فلابد أن يكون له برنامج معلن مقنع‏.‏ وليس حسني مبارك وحده وإنما كل الأحزاب يجب أن تكون لها نظريات مختلفة وكلها تتسابق في إرضاء وإسعاد الشعب الغلبان‏..‏ فيكون حزب للمرأة وحزب للشباب وحزب للعمال وحزب للفلاحين لا تهم أسماء الأحزاب ولكن الذي يهم ما يقولون‏,‏ النظرية هي التي تهم وليس من الطبيعي أن يتم ذلك اليوم أو غدا بعد سنة أو أكثر‏,‏ المهم أن يجلس المفكرون والأساتذة ويحددوا معالم الطريق‏..‏ ثم إنني لا أخاف أن يكون هناك حزب سياسي ديني‏..‏ ففي كل الدول أحزاب دينية قوية ما دام الشعب يريد ذلك‏..‏ وان تكون أحزاب للبيئة‏..‏ ففي كل الدنيا هذه المنوعات الحزبية ما دام الشعب يريد ذلك فالرأي له والمستقبل أيضا ولا شيء يخيف أحدا من أحد‏! ".‏ ننتقل إلى صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، حيث رأى مجدي مهنا في إعادة انتخابات الدكتور فتحي سرور رئيسا لمجلس الشعب للعام السادس عشر على التوالي دليلا على حالة الإفلاس السياسي الذي يعاني منه البرلمان ، وكتب يقول " إن تقديري للدكتور فتحي سرور لا يمنعني من القول إن اختياره رئيسا لبرلمان المستقبل الذي يمتد حتى عام 2010 هو إفلاس سياسي كبير حيث لم يفرز هذا البرلمان شخصية أو شخصيات تستحق الجلوس على كرسي رئيس مجلس الشعب سوى الدكتور فتحي سرور ، كما أن الأسماء العشرة التي تضمنها القرار الجمهوري بالتعيين في مجلس الشعب جاءت خالية من اسم واحد لامع .. له مكانة سياسية . تجاهل القرار اسمي منير فخري عبد النور ومنى مكرم عبيد وأسماء أخرى كانت ستضفي على برلمان المستقبل حيوية وتثري جلساته ومناقشاته ، لكن يبدو أن الإفلاس السياسي هو سيد الموقف وأنه أصبح العملة الحاكمة في الكثير من أمور حياتنا ، فالانتخابات البرلمانية وما شابها من تزوير وتزييف هو إعلان عن إفلاس سياسي وعن صفر كبير أحرزته ديمقراطية الحزب الوطني ، تم توالت الاصفار الأخرى وتوابع هذا الصقر الكبير في أسماء المعينين في مجلس الشعب وفي إعادة تعيين الدكتور سرور رئيسا للبرلمان . وأضاف مهنا " إن بحيرة الحياة السياسية يبدو أنها ستظل على ركودها وعفنها وأن شيئا لم يتغير ولن يتغير وأن طريقة التفكير ستظل ثابتة وجامدة وأن العملية السياسية ستدار بنفس الطريقة القديمة البالية وأن هيئات ومؤسسات الدولة ستدار بنفس الوجوه ، وبنفس الآليات القديمة . وحتى لا تصدموا ، فلا تعولوا كثيرا على تنفيذ البرنامج السياسي للرئيس مبارك الذي أعلنه في الانتخابات الرئاسية ، فهذا البرلمان طبقا لكل المعطيات السابقة سيتحول هو الآخر إلى صفر كبير على أيدي أغلبية الحزب الوطني في برلمان المستقبل " . نبقى مع الغاضبين والحانقين ، لكن نتحول إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث رفع الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي شعار " مفيش فايده " ، وكتب يقول " ما الذي يهمك أيها الرجل الطيب من تغيير الوزراء والوزارات أو الإبقاء عليهم وعليها؟ ما الذي سوف يعود عليك وهل مازلت تطمح إلي تغيير ما أنت عليه؟ . أراهن علي أن 94% علي الأقل من عموم جموع شعبنا لا يعرفون بالضبط أسماء وزيرين أو ثلاثة في الوزارة الحالية. وجوه بيضاء أظنها لا تنتمي لنهر النيل وأرضه المصرية، كأن الوظيفة نفسها تكره المصريين وكأن الأرناؤوط والنورماند والترك والشركس وما تسرب من أبناء نساء قصور المماليك مازالوا يحكمون ومازالوا يهينون اللون الأسمر ويصفون أصحابه بالفلاحين في محاولات شائنة للإهانة. لذلك فلا شأن لك بالوزراء وما دون الوزراء لن نحتاج إلي إمضاءاتهم المقدسة ولن يحتاجوا إليك. يأتون من فوق ويرحلون من فوق وأنت يا ساكن الأسافل والسفوح ماذا يهمك إذا "خبطت" الدنيا أو رقعت؟ إذا تغيرت الوجوه أو جمدت؟ إذا ما تغير رجالات حزب الدولة أو نخر السوس خشب نفس الكراسي المعمرة والتي عمرها من عمر الجالسين عليها؟ الثبات هو القانون الأسلم والأكثر أمنا لهم ولك لقد جربوا الخطوة الواحدة نحو تغيير لم يدعوا ولم ندع أنه تغيير حقيقي أو جاد فكادت الدنيا أن تتناثر كل طوبة في ركن لذلك ارتد رجالات الدولة وأرباب السلطان إلي أساليبهم القديمة كالملدوغين يحتمون بطرقهم في الضرب والبطش والانتزاع والاستلاب يلعبون الدور الأخير بما تبقي لديهم من أوراق لعب بعد تلك المقامرة الكبرى التي كادت أن تودي بكل رأس المال. ما الذي يهمك أيها الرجل الطيب من تغيير الرؤساء أو الوزراء أو المحافظين أو أعضاء الحزب الكبار؟ فأنت تلهث تطاردك حياتك القاسية وتطارد تعثراتك من أجل أن يمضي اليوم الذي تسبب في قسوته بسرقاتهم الشرهة وتهريبهم لثروة بلادك وبيعهم منشآتك ومصانعك التي جعت وعانيت من أجل أن تقام وأن تحتويك وها أنت الآن مطرود خارجها بمعاش مبكر وكنت تعتقد أن أبناءك سيرثون موقعك ويطورون عملك ولم تفكر يوما بأن يأتي التتار ليهدموا ما شقيت من أجله وليبيعوه لبعضهم البعض هؤلاء الذين لم يجوعوا ولم يربطوا الأحزمة علي البطون ولم يحلموا معك بشمس الغد ، هؤلاء الذين هبطوا كالجراد لا تدري من أين جاءت أموالهم ومتي حطت وكيف لم تبق علي الأخضر ولا اليابس وحولت الماضي العظيم إلي يباب ووصمته بكل تهمة قبيحة وجلست علي أبواب خزائنك وصوامعك تتحكم في رزقك ولقمة أولادك. صرت وصار أمثالك كالموتى الذين يضحكون في الصور المنشورة لهم في صفحات الوفيات! " . وأضاف الابنودي " أنت لن ترفع رأسك لتري من يحكمك إلا لو أحسست فجأة أن جهدك أهون وأن إنسانيتك تتحقق وأن مطالبك تحترم وتنفذ وأنك تأكل جيدا وتلبس جيدا وتعلم أبناءك باحترام وسلاسة وأن التنمية تستوعب أبناءك وأبناء غيرك يعملون ويقبضون ويتزوجون ويبتسمون. ولأن كل ذلك لا يتحقق، ولأن سعر دوائك ودواء زوجك وأولادك يرتفع ثمنه يوميا ليفوق طاقتك علي شرائه وأن مواد البناء صارت في قدرة الأثرياء فقط فما الذي
يهمك أيها الرجل الطيب من تغيير وزير لا تعرفه بوزير لا تعرفه، ووزارة لا تعرفها بوزارة لا تعرفك؟ لهذا صار الشعب المصري سلبيا. لقد انتظر من النظام أن ينظف نفسه مما علق به علي مدي سنوات وسنوات ولكنه لم يفعل. كان حبه لرجاله الذين كرهتهم الجماهير التي اكتوت بنيرانهم يزداد توهجا وتألقا وثباتا، لذلك فحين سنحت الفرصة تخلي قطاع كبير من تلك الجماهير المنسية عن سلبيته وخرج إلي معركة تأكيد المسافة الورائية ورد الصفعة لمن أهانوه زمنا طويلا: اللصوص والكذابون وسارقو الأقوات وتجار الأوطان. وما يخيف الآن هو أن تلك الجماهير التي أعلنت عداءها السافر لرموز النظام قد تستجمع شجاعتها مرة أخري في هبة عمياء لتدمر وتخرب وتنتقم خاصة بعد أن رأت أن لا تغيير قد تم وأن الدولة قد قابلت التحدي بالتحدي لتجيء بنفس الرموز المتهالكة وكأن مصر خاوية علي عروشها من وجوه تستبدل الكآبة بالنضارة واليأس بالتفاؤل واللغة الميتة بلغة حية تثبت الدولة من خلالها أنها استوعبت الدرس فكأن الدولة مصرة علي حفر مرقدها وتجاهل النداء الجماعي. إذن ما الذي سوف يهمك أيها الرجل الطيب من تغيير الوزراء والوزارات؟ ما الذي يهمك من عودة نفس الوجوه التي رفضتها الجماهير في علانية فاضحة لتتبوأ المواقع نفسها في مجلس الشعب لإثبات انه مجلس النظام ولا نصيب للشعب فيه إلا بمن جاء بهم إليه رغما عن انف الدولة. انه المصير الغامض والمستقبل المبهم تسعى نخب الحكم إلي أن تلقي بالجميع إليه بإصرار كأن الزلزال السياسي لم يهزها معنا حين أذهل الجميع وكأن ما حدث خلال فترة الانتخابات حدث في بلاد أخري وهي أمور بالغة الغرابة . إنها الرقصة الأخيرة للدجاجة الذبيحة تطلب استمرار حياتها بينما دماؤها وأثار ذبحها تملأ الأماكن ، إنها الدولة تأتي بنفس الوجوه التي أفلتت من المذبحة الكبرى وتريد إعادة اللوحة القديمة بعد ترميمها وكأن شيئا لم يحدث. لتفعل ذلك ولتتجاهل ما حدث لها ولنا وما أسفر عنه وجه الشعب المصري من عداء لا سبيل لتجاهله ولتمضي إلي حتفها بغباء تلك الوجوه التي لا تستحق الرثاء أو التعاطف ". نعود مجددا إلى صحيفة " المصري اليوم " ، ومع مقال آخر غاضب حانق ، إذ وجه سليمان جودة انتقادات حادة لتحول البلطجة إلى استراتيجية ثابتة في تعامل النظام مع مختلف مؤسسات الدولة ، وكتب يقول " إذا كان البعض يتصور أن إبراء ذمته مما جرى في الانتخابات الأخيرة يتوقف عند حد تصوير أعمال البلطجة على أنها تحولت إلى ظاهرة ، فهو مخطئ في حق نفسه وحق الآخرين ، فالاكتفاء بهذا الجانب من الصورة يعالج الشكل دون المضمون ويأخذ السطح من الأمور وهو يجري بغير أن يلتفت إلى ما تحتها في الأعماق . فعندما تستعين الدولة بقول الأمن لمنع الناخبين من الوصول إلى اللجان وتضيق الخناق على أنصار الخصوم لا تصبح هذه الخطوة ، مجرد ممارسة لأعمال بلطجة وعنف ولا حتى تشير إلى أن البلطجة من جانب الدولة في عدد كبير من الدوائر تحولت إلى ظاهرة ، ولكنها تؤكد أن البلطجة بهذا الشكل وبهذه الكيفية ومن هذا النوع ، إنما هي ثقافة في مستوى السلطة التنفيذية قبل أن تكون ظاهرة . وعندما تتوقف الدولة عن الاعتماد على البلطجة لترويع الناخبين في حضور مراقبين دوليين أو محليين ثم تنطلق في ممارستها بمجر غيابهم فهذه ثقافة متأصلة وليست ظاهرة عابرة " . وأضاف جودة " وعندما تتعمد الدولة اختيار بعض القضاة والمستشارين في دوائر انتخابية أو قضائية معينة لأنها تتوقع منهم أداء محددا وأحكاما مسبقة فهذه صورة من صور انقلاب البلطجة من ظاهرة طافية إلى ثقافة راسخة ، على مستوى السلطة القضائية وتصويرها ، عندئذ ، على أنها مجرد ظاهرة ، تشخيص خاطئ للمرض وقراءة خاطئة للمشهد بكامله . وعندما يزهو مجلس الشعب برفضه تنفيذ أحكام القضاء بحجة أن المجلس سيد قراره ، متصورا أنه لا هو الذي الأحكام ، اختيارا منه وليس لأحد أن يرغمه على تنفيذ حكم إجبارا ، فهذه ثقافة بلطجة على مستوى السلطة التشريعية ويستحيل تصويرها على أنها صورة من صور البلطجة التي تحولت إلى ظاهرة . البلطجة والحال كذلك ، تحولت من وسيلة قد يمارسها فرد ضد فرد أو جماعة في وجه جماعة أو حتى حزب في مواجهة حزب إلى ثقافة تؤمن بها الدولة وتعتقد فيها وتلتصق بها وتمارسها على مستوى السلطات الثلاث وتراها ركنا من أركان الحياة ثم البقاء بالنسبة للنظام " . ننتقل إلى صحيفة " روز اليوسف" الحكومية ، والناطقة بلسان لجنة السياسات بالحزب الوطني ، حيث شن الدكتور وحيد عبد المجيد ، العضو البارز باللجنة ، هجوما حادا على الحرس القديم بالحزب وحمله مسئولية الهزيمة التي مني بها الحزب في الانتخابات ، قائلا " جاءت النتائج التي حققها الحزب في الانتخابات قريبة من تلك التي أطلقت عملية الإصلاح عما 2000 بل أقل قليلا ، ويضاف إلى ذلك أن المقاعد التي خسرها مرشحو الحزب الرسميون لم يذهب كلها إلى زملائهم الذين خاضوا الانتخابات مستقلين ، فقد حصل مرشحو الإخوان على بعضها ورفعوا رصيدهم في البرلمان الجديد إلى 88 مقعدا . وإزاء مثل هذه النتيجة ، كنا نتوقع أن يتواصل النقد الذاتي داخل الحزب الوطني بدءا من الاعتراف بأن الإصلاح الذي تحقق كان أقل من متطلبات خوض انتخابات برلمانية طاحنة على النحو الذي شهدناه على مدى أكثر من شهر ، والإقرار بأن الفكر الجديد لم يواكبه عمل على الأرض وانطلاقا من هذا النقد الذاتي يمكن مواصلة الإصلاح بمعدلات أسرع مع التركيز على العمل بشكل منهجي منظم من الآن لإعداد مرشحين جدد في معظم الدوائر يتركون لبناء تكتلات انتخابية بشكل تراكمي وصولا إلى العام 2010 " . وأضاف عبد المجيد " عندما لا يحدث ذلك ، لا بد أن يكون هناك شيئا خطأ في الحزب الذي قدم نموذج في النقد الذاتي والسعي إلى الإصلاح قبل خمس سنوات ، وعندما يحدث عكس ذلك ، لابد أن يشعر كل من يخاف على مستقبل مصر بقلق شديد ، فالتصريحات التي أدلى بها بعض قادة الحزب تثير القلق بالفعل ونشير هنا إلى مجرد أمثلة لها ، خذ مثلا الكلام عن أن الحزب نجح من خلال تنظيمه وكوادره في الوقوف خلف مرشحيه لتحقيق نتائج إيجابية في مختلف المراحل ، وإذا صح هذا الكلام فكيف خسر 287 مرشحا من أصل 432 ، ولم يفز سوى 145 مرشحا فقط . والأكثر مدعاة للقلق كلام من نوع أن الكثير من أعضاء الحزب خاضوا الانتخابات مستقلين بترتيب مسبق من أجل تفتيت الأصوات ، بينما الكل يعرف أنهم رفعوا راية العصيان وفتتوا الأصوات في غير مصلحة مرشحي الحزب وأكثر من ذلك فإن نصف مرشحي الإخوان الفائزين على الأقل لم يفوزوا إلا بسبب احتدام الصراع بين مرشحي الحزب الوطني وأعضائه المستقلين . ولا نريد هنا مناقشة كل ما صدر عن بعض قادة الحزب ، وخصوصا أمينه العام ، بشأن ما حدث في الانتخابات ، وكل ما نسعى إليه هو التنبيه إلى أن عودة الفكر القديم الآن تمثل خطرا بالغا ليس فقط على الحزب الوطني ولكن على مصر التي تواجه الدولة الحديثة فيها أكبر تهديد منذ عشرينات القرن الماضي " . نعود مجددا ، إلى صحيفة " المصري اليوم " ، حيث أشاد شاعر العامية اليساري أحمد فؤاد نجم بالفوز الذي حققته جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات ، وشن هجوما ضاريا على أقطاب اليسار الرافضين لإرادة الناخبين ، وكتب يقول " لجماعة الإخوان المسلمين التي تلقت من الضربات البوليسية الباطشة ما يكفي لإبادة شعب بأكمله ، تعظيم سلام لكل عناصر الجماعة الذين اقتحموا متاريس وخنادق ودهاليز الحكومة على كل أعمالها ابتداء بهبش المال العام ومرورا بتهريب الأموال من وإلى مصر المحروسة في عز الظهر وعلى عينك يا تاجر واللي يعرف أبويا يروح يقول له . تعظيم سلام لكل مرشح فاز بأصوات الناس في هذا الظلام الدامس وفرض اسمه وفوزه على إعلام النظام وأجهزته الأمنية العاتية .. أليست هذه بطولة ؟ وإذا كان اليسار المصري الذي انتمي إليه قد حصد من هذه الانتخابات خيبة الأمل فقط لا غير فعليه أن يعترف بخيبته إذا كان يريد الاستمرار وإلا ففي المتحف المصري مكان يتسع لكل من يسقط في الطريق عاجزا عن السير في موكب الحياة ، الكل يعرف أن اليسار في الشارع السياسي المصري منذ عصر النهضة كان فصيلا وطنيا متقدما ، قدم لهذا الوطن الكثير ودفع الكثير وتعرض أنبل كوادره للاعتقال والتعذيب لدرجة القتل (.. ) لكن العصف الجماعي بتنظيم الإخوان المسلمين الذي مداه بإعدام عالم الأدب الأستاذ سيد قطب ، هذا العصف الهمجي لا يدانيه ولا يوازيه فعل آخر " . وأضاف نجم " ومع كل هذا صمد تنظيم الإخوان المسلمين وتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين دون عقد نفسية أو جمود فكري عبي ، وكانت مسرحية الانتخابات هي المحك الحقيقي لممارسات الإخوان الذكية ، وعند الامتحان كما يقال يكرم المرء أو يهان ، وأعتقد أن حصول الإخوان على ما يناهز الثمانين مقعدا من خلال انتخابات مزورة أحيانا مفروضة أحيانا أخرى بالسنج والشوم والمطاوي هو منتهي التكريم والنجاح التنظيمي . وعلى اليسار الوطني أن يدرس هذا الأمر لكي يتعلم النجاح ممن سبقوه على طريق النجاح وللخائفين من وصول الإخوان للسلطة في مصر أقول : هل سألتم أنفسكم أيها الخائفون ماذا يخيفكم من سلطة أتي بها الناس إلى الحكم ؟ ألسنا نزعم دائما أننا طليعة الشعب المصري وأننا المدافعون دائما عن مصالحه وعن حريته ومصدر رزقه و.. و إلى آخر هذا الحنجوري الذي ساقنا إلى سجون معتقلات صلاح نصر وحمزة البسيوني وإسماعيل همت . يا أيها الخائفون أنزلوا إلى الشارع إذا أردتم الحماية من خوفكم المريض ، أنزلوا إلى الشارع وتعلموا من الناس ، وحذار أن تتقمصوا دور القائد أو المعلم .. كفانا استذة لأن الانتخابات الأخيرة علمتنا أننا مجرد تلاميذ مازال أمامنا الكثير حتى نتعلم ، ماذا وإلا فنحن جمعيا إلى مزابل التاريخ مع الخونة والحكام العرب " . نعود مجددا إلى صحيفة " الأهرام " ، وتلك الرؤية التنظيرية غير المسبوقة التي طرحها الكاتب اليساري محمد سيد محمد ، حيث اقترح دمج الإخوان والحزب الوطني في كيان واحد ، عبر إنشاء حزب جديد ، وكتب يقول " ثمة صفقة ضمنية‏,‏ غير معلنة تربط الأطراف‏,‏ شاءت أم أبت‏..‏ إن مجرد مشاركة الإخوان في العملية الانتخابية‏,‏ ولو كأفراد‏,‏ معناه فتح الباب لمشاورات مع الحزب الحاكم بشأن شكل ارقي من التعامل المتبادل‏..‏ إن الحزب الوطني لم يستغل عدم اعترافه بالإخوان كتنظيم لاستبعاده تماما من الاقتراع‏..‏ معني ذلك التسليم بأن هناك إمكانية لعلاقة أكثر تكاملا‏..‏ وأن هناك حاجة لتخطي المأزق الراهن‏,‏ حتى لو صاحب ذلك عنف‏,‏ وحرب ضروس في الشارع‏.‏ إن جماعة الإخوان والحزب الوطني وهما يتوجهان بخطابهما إلي الطبقات الوسطي‏..‏ إنما يشهران تسليمهما بأن يكون الخلاف الأكثر بروزا هو حول المعتقدات‏,‏ أكثر من أن يكون حول أوضاع المجتمع ونظمه‏..‏ إن القضية ليست مثارة علي الصعيد المحلي وحده‏..‏ وإنما أيضا علي المستويين الإقليمي والدولي‏(‏ انظر‏,‏ علي سبيل المثال‏,‏ سياسة الرئيس اردوغان في تركيا‏)‏ إن الإخوان يعانون من سيادة منقوصة‏..‏ وما الاعتراف بهم إلا اعتراف جزئي‏..‏ هل من سعي لاكتمال الاعتراف نظير تنازلات حول صلاحيات الجماعة‏,‏ بمعني أن يحظى الحزب المطروح إنشاؤه بديلا عن التشكيلين الحاليين‏(‏ وأعني بهما جماعة الإخوان والحزب الوطني‏),‏ ببعض ملامح حزب ك الوسط مثلا؟‏..‏ بعبارة أخري‏,‏ أن يكون جهة مستقلة عن التشكيلين‏,‏ ويمارس التفاوض معهما في آن واحد‏,‏ وعلي إلا يقتصر التفاوض علي أطراف من السلطة التنفيذية وإنما أن يتسع لأطراف من السلطة القضائية أيضا‏,‏ باسم الالتزام بالقانون والديموقراطية‏..‏ وأضاف سيد أحمد " إن المطالبة بحل التشكيلين ليس بالأمر الواقعي‏..‏ لابد من بروز طرف ثالث موضع رضا الطرفين‏,‏ ربما في صورة حزب ثالث انتقالي مختلف عنهما أيضا‏..‏ أي ليس مجرد امتداد لهما‏..‏ وإلا فان المشروع برمته عرضة للانهيار والفوضى‏..‏ إننا بصدد مرحلة طويلة‏,‏ بالغة الدقة‏,‏ من المفاوضات المضنية في هذا الصدد . لقد تقرر تعزيز التغيير الجسيم في تركيب مجلس الشعب بتعديل وزاري من شأنه دعم استقلالية رئيس الدولة إزاء الكتل المختلفة‏..‏ إن الحلقة الرئيسية الآن هي إصلاح الموقف مع القضاة‏,‏ هي المصالحة معهم واللقاء بهم‏,‏ وترجمة هذه المصالحة إلي إجراءات تصحيحية إزاء المخالفات التي كشفت
بالفعل‏,‏ وباتت تلبد الجو‏..‏ وابرز تحد يواجه الإخوان هو أن يقنعوا مختلف الجماهير التي نجحوا في كسب ثقتها بأنهم منظمة قد تخلت نهائيا عن العنف‏,‏ وأنهم كفيلون باحترام وعودهم والتزاماتهم في هذا المضمار "‏.‏ نبقى مع الإخوان ، ولكن نتحول إلى صحيفة " الجمهورية " الحكومية ، حيث استعرض رئيس مجلس إدارتها محمد أبو الحديد التركيبة الحالية للبرلمان الجديد ، والمكونة من قطبين رئيسيين هما الإخوان والحزب الوطني ، وعلق على ذلك قائلا " الواضح. أن كلتا القوتين راضية بما حصدت من مقاعد في هذا البرلمان الجديد. ومدركة أنها قد لا تستطيع - إذا ما أعيدت الانتخابات اليوم أو غداً أو بعد غد - أن تحقق ما هو أفضل. بل إني أحسب أن الإخوان المسلمين خرجوا من هذه التجربة بأكثر مما حلموا به من مكاسب ، فالقضية بالنسبة لهم لم تكن فقط في عدد ما يحصدونه من مقاعد ، بل فرض شرعيتهم من خلال صناديق الاقتراع. وبمرشحين يعلنون انتماءهم للجماعة ، ويرفعون شعاراتها في مجتمع لا تزال قوانينه تعاملهم علي أنهم جماعة محظورة يجري كل يوم اعتقال عدد من قياداتها إذا ما نما إلي علم أجهزة الدولة أنهم يلتقون معا باسم الجماعة أو تحت شعارها. ولن يقامر الإخوان أبدا بهذا المكسب التاريخي الذي حققوه من خلال هذه الانتخابات لأن هدفهم أبعد من ذلك. وهو الحفاظ علي هذا المكسب. وترجمة الشرعية التي حصلوا عليها من الناخبين إلي تشريع جديد يسقط رسميا الحظر المفروض عليهم ويتيح لهم مزيدا من حرية الحركة. وبالتالي مزيدا من المكاسب. ولذلك فإنني أتوقع أن تكون معارضة نواب الإخوان في البرلمان الجديد قوية. ومنظمة. إلا أنها لن تحاول التجاوز أو الوصول إلي نقطة التصادم مع الأغلبية. لأنهم يدركون أن ذلك قد يكلفهم خسارة ما كسبوه ويقطع عليهم طريق التطلع إلي المزيد. وهم في النهاية لا يريدون لمصر. فيما أعلم. أن تتحول - مع أول تجربة تمثيل برلماني معقول لهم - إلي جزائر أخري. لأننا جميعا في النهاية مصريون. نتشارك في الحد الأدنى علي الأقل من الحرص علي مصر. والحفاظ علي أمنها الداخلي والخارجي. واستمرارها دائما قوية. متماسكة. قادرة علي أن تقدم النموذج والمثل للآخرين ". وأضاف أبو الحديد " لذلك تبقي مسئولية القوة العظمي الرئيسية ، أو "الأخ الأكبر" وهو الحزب الوطني صاحب أغلبية الثلثين ، هي المسئولية الأولي في أن يدير العمل البرلماني إدارة ديمقراطية ، وأن يصل إلي توافق مع كل القوي الأخرى الممثلة في البرلمان حول الخطوط العريضة التي تضمن مصلحة مصر وتجربتها الديمقراطية ، وتحكم الأداء البرلماني ، وأن يجعل من اللجوء للاحتكام لأغلبيته الآلية خيارا أخيرا بعد إتاحة أوسع الفرص للمناقشة والجدل والإقناع والاقتناع ، لأن جلسات هذا البرلمان بالذات يجب أن تكون دروسا تعليمية للمواطنين في أصول الممارسة الديمقراطية ، حتى تتكون لدينا هذه الثقافة التي نفتقد الكثير من عناصرها. ثمة مهمة ضرورية أخري. ولكن للمجلس ككل ، وهي أن يتوصل إلي صيغة مواءمة سياسية. بين تمسكه بحقه الدستوري في أنه سيد قراره ، وصاحب الحق الأول والأخير في الفصل في صحة عضوية أعضائه. وبين هذا الكم الهائل من الطعون الانتخابية التي أحالها إلي محكمة النقض لإبداء الرأي فيها وعددها 579 طعنا. صيغة مواءمة سياسية تحفظ لكل من السلطة التشريعية ممثلة في المجلس ، وللسلطة القضائية ممثلة في محكمة النقض هيبتها واعتبارها دون إخلال بالدستور أو القانون ، لقد أصبح تعبير "سيد قراره" أحد التعبيرات التي لا تلقي تجاوبا من الجماهير. وأثق في أن لدي الدكتور فتحي سرور رئيس المجلس من الحنكة والمراس ما يمكنه من قيادة هذا البرلمان الجديد في الطريق الذي يكتسب ثقة واحترام الشعب ، وهو أهم رصيد يعين هذا البرلمان علي النجاح والاستمرار ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة