يشهد السودان عصيانًا مدنيًا منذ الأحد الماضي احتجاجًا على قرار الحكومة قبل أكثر من ثلاث أسابيع، رفعت بموجبه الدعم كليًا عن الأدوية، وجزئيًا عن الكهرباء والوقود، وهي القرارات التي تتشابه مع قرارات اتخذتها السلطة الحاكمة في مصر، إثر تحرير سعر صرف الجنيه. وساد الهدوء شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، إثر عصيان مدني خلق حالة من الشلل الجزئي لكافة الأسواق وبعض المؤسسات التعليمية المختلفة، وهو ما قدره متابعون بنسبة فاقت 40% في يومه الأول. وقارن خبراء سياسيون بين الأوضاع في مصر والسودان من حيث تأثر البلدين بالأوضاع الاقتصادية المشابهة، مشيرين إلى أن البيئة السياسية الموجودة في السودان تسمح بوجود مناخ ثوري واحتجاجات، لأن قبضة الدولة السودانية أقل بكثير من قوة القبضة الأمنية في مصر. وقال الدكتور سعيد صادق ، أستاذ علم الاجتماع السياسي إن "مصر والسودان يتأثران ببعضهما البعض، باعتبار السودان الامتداد الطبيعي لمصر"، مشيرًا إلى أن "الظروف الاقتصادية متشابهة، وخاصة خلال الفترة الأخيرة، لذلك لجأت الحكومة السودانية إلى تطبيق نظام الإصلاح الاقتصادي المصري، على الرغم من حالة السخط حوله". وأضاف صادق ل "المصريون": "السودان يواجه أزمات مختلفة بعد انقسام موارده بين الشمال والجنوب"، موضحًا أن "تمادي النظام السوداني في الاستمرار في تطبيق هذه الإجراءات قد يعرضه للانهيار نتيجة للعصيان المدني". وأشار إلى أن "الحكم الموجود في السودان أشبه بحكم تيار الإسلام السياسي"، لافتًا إلى أن هناك حالة من الخلط بين النظامين المصري والسوداني، لكن الاختلاف الوحيد هو أن الشعب المصري قام بثورتين ما أدى إلى إجهاده تمامًا". وتابع: "السودان لم يصل له الربيع العربي بعد فكل الدول حدثت بها ثورات وتغيرات سياسية، إلا أن السودان ما زال مستقرًا منذ عام 1989"، منوها إلى أن "دخول الانترنت وشيوع "السوشيال ميديا " قد يكون له على السودان نفس الأثر الذي أحدثته على نظام مبارك الذي استخف بها". من جانبه، قال الدكتور زياد عقل، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، إن "السودان تأثر كثيرًا بالإجراءات التقشفية التي حدثت في مصر الآونة الأخيرة"، مشيرًا إلى أنه "في النهاية الإجراءات واحدة، لكن الاختلاف يحدث في كيفية إجراء هذا التطبيق". وأضاف عقل ل "المصريون": "البيئة السياسية الموجودة في السودان تسمح بوجود مناخ ثوري واحتجاجات"، معللاً ذلك بأن "قبضة الدولة السودانية على المجال العام أقل بكثير من قوة القبضة الأمنية في مصر". وأشار إلى أنه "ليس بالضرورة أن يكون رد الفعل لدى الشعب السوداني على الإجراءات التقشفية هو نفس رد الفعل المصري"، لافتًا إلى أن "المصريين يراهنون على قدرة النظام في النهوض بمعدلات الإنتاج والاستثمار، وإذا لم يحدث ذلك فتوقع عودة الإضرابات والمظاهرات والعصيان بكافة صوره". ورأى المستشار حسني السيد، المحلل السياسي، أن "الوضع السياسي في السودان مختلف عن الوضع في مصر على الرغم من الظروف الاقتصادية المتشابهة"، مشيرًا إلى أن "السودان يعاني من عدم استغلال موارده في ظل الاضطراب الأمني الذي حدث قبل التقسيم". وأضاف ل "المصريون": "الشعب السوداني لديه الحافز النفسي للانصياع لدعوات العصيان المدني لوجود الظروف السياسية والاجتماعية بخلاف الشعب المصري الذي مل من الثورات التي لا تحدث فارقًا جديدًا كما لا تعيد الحقوق لأصحابها، بل تزيد من رقعة العداوة بين الشعب والقبضة الأمنية للأجهزة السيادية".