تشهد الحكومة السودانية حالة جديدة من غليان المواطن والقوى السياسية فى الشارع، بعد إعلان المعارضة والقوى الشبابية، إلى تنظيم موجة احتجاجات جديدة، ضد الاجراءات التقشفية التى طبقها عمر البشير، على المحروقات. وقال معارضون سودانيون أنهم سيبدؤون عصيانًا مدنيًا، يبدأ بالتوقف عن العمل بجميع المؤسسات الحكومية والخاصة، ويستمر حتى الثلاثاء المقبل احتجاجًا على قرارات تقشفية أقرتها الحكومة وسط الأزمة الحالية. ويهدف العصيان المدني إلى الضغط على الحكومة للتراجع عن قراراتها الأخيرة التي شملت رفع الدعم جزئيًا عن الكهرباء وكليًا عن الأدوية. وبدأت حكومة الخرطوم خطة تقشف شملت رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، زيادة في أسعار الأدوية بنسبة 100% إلى 300% حسب الأصناف وحجم الدعم الذي كان موفرا لها. وأصدر تحالف قوى الاجماع المعارض بيان دعا فيه جموع الشعب السوداني وقواه الديمقراطية المتحفزة لإسقاط النظام والالتفاف حول شعار برامج قوى الإجماع الوطني الرامية لإسقاط النظام. وقال البيان "سيسعي التحالف سعيا حثيثا وسط جموع الشعب السوداني التي انتظمت في مواجهة نظام الإفقار والجوع، والقوي السياسية الداعية إلى إسقاط النظام واجتثاثه من جذوره والعمل علي إنجاز الثورة الشعبية التي تحقق الخلاص للوطن".
وأضاف، لا خلاص للشعب السوداني إلا بإزالة هذا النظام المغتصب للسلطة منذ العام 1989م ، مردفا " والذي عاث في الوطن فسادا وتقتيلا وأشعل الحروب في كل أطرافه فلا بد من إسقاطه أولا وإقامة البديل الوطني الديمقراطي" على حد نص البيان.
من جانبها أكدت حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور دعمها الكامل للانتفاضة الشعبية الجارية الآن ودعت السودانيين وكافة القوى السياسية الراغبة في التغيير للنزول إلى الشوارع في كافة المدن والساحات وإعلان حالة العصيان المدني الشامل وابتكار الوسائل الكفيلة بإسقاط النظام. وقال بيان صدر للمتحدث باسم الحركة محمد عبد الرحمن الناير: "ندعو كافة جماهير الشعب السوداني العظيم لمواصلة الانتفاضة والعصيان الشامل في كافة المدن والقرى وإجبار النظام على الرحيل والمحافظة على ما تبقى من السودان". ودشنت الحركة الشعبية شمال، حملة تضامن وضعت عليها صور قادة الحركة الشعبية، ودبج المتحدث باسم الحركة مبارك أردول على صفحته في "فيسبوك" صور لقادة الحركة مع أقوال لهم تعلن تضامنها مع الشعب والمعتقلين السياسيين.
في السياق ذاته أعلن وزير الصحة السوداني بحر إدريس أبوقردة، في مؤتمر صحفي طارئ ، إعفاء رئيس الجمهورية لأمين عام مجلس الأدوية والسموم وإلغاء قائمة أسعار الدواء التي أصدرها، وجاء القرار بعد تنامي الاحتجاجات على رفع الدعم الحكومي عن الدواء. وأقر الوزير، بأنه ستكون هناك زيادات في أسعار الأدوية لكنها "ستكون معقولة"، مشيرًا إلى أن القائمة التي أصدرها الأمين العام المقال أوردت أصنافًا من الأدوية يفترض ألاّ ترد في القائمة. ومنذ الأحد الماضي، لم تتوقف احتجاجات غلب عليها العنصر النسائي، ضد رفع الدعم الحكومي عن الدواء، وحظي هاشتاج "أعيدوا الدعم للأدوية" على "تويتر" بمناصرة لافتة من قبل متداخلين في الدول العربية.
بدورها قالت أسماء الحسيني المتخصصة في الشئون السودانية، إن المعارضة السودانية تتجنب المواجهة مع النظام نظراً لشدة بطشه للمظاهرات، لذلك تم الدعوة للعصيان والذي بدأ يحقق نجاحًا منذ اللحظات الأولى من الدعوات عن طريق تأييد كافة القوى السياسية له. وأضافت أنّه يجب على النظام السوداني أن يأخذ بعين الاعتبار لهذه الدعوات التي قد تشل الحركة فى السودان بالكامل، خاصة أنَّ الإجراءات الأخيرة متعلقة تمامًا بحياة المواطنين الاجتماعية والاقتصادية التي تسوء يومًا بعد يوم. وأكدت على أن النظام لابد أن يتخذ النظام حزمة من الإجراءات مثل الإفراج عن المعتقلين السياسيين خاصة الذين قبض عليهم مؤخرًا بسبب الاحتجاجات، وتنفيذ قراراه بالتراجع عن رفع أسعار الأدوية، وضرورة مراجعة باقي القرارات الاقتصادية.
فيما يرى الباحث بالشؤون الإفريقية الدكتور باسم رزق: إن السودان أمام نارين إما تكملة خفض الإنفاق الحكومي، وإما مواجهة الشعب ويكون متحملاً أي تبعات لذلك، لافتًا أن اعتماده على القمع لحل المشاكل مع المواطنين. وأضاف أن الشعب السوداني يعاني من سوء الأحوال المعيشية لكنه ذكى لن يدخل في مواجهة مع النظام لأنه سيترتب على ذلك وقوع خسائر كبيرة لذلك لجأ للعصيان. وأوضح أن نتائج ثورات الربيع العربي أحبط أي محاولة لثورات أفريقية، كما أن الأنظمة الأفريقية تحكم بقوة تحصل عليها من الدعم الأمريكي وبعض القوى الإقليمية. ولفت إلى أن السياسات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة لن تحدث زيادة في حصيلة صادرات السودان، ما يوفر من العملات الأجنبية ما يكفي لتمويل الواردات الرئيسية، بل على العكس من ذلك رفعت الحكومة يدها عن تمويل واردات هامة مثل الدواء وبعض المنتجات النفطية بحجة تحريرها.