شرح الكاتب والأكاديمي السعودي خالد الدخيل، الظروف التي مر بها تيار الإسلام السياسي في أعقاب ثورات الربيع العربي، مؤكدًا أن الحركات الإسلامية عانت خلال السنوات الماضية من حملات ممنهجة، ما دفع الكاتب لوصفها بأنها "ضحية للربيع العربي". وقال "الدخيل"، إن الجيش الذي حل محل «الإخوان»؛ وما يعتبره حقًا له في الحكم، لم يقدم حتى الآن بديلًا أفضل لحكم «الإخوان» الذي أزاحه. وتساءل الكاتب قائلًا: ألم يتراجع الإسلام السياسي هناك بانتقاله من قصر الرئاسة إلى أقبية السجون؟ ولأول وهلة ربما أن الأمر كذلك رابطًا بين ذلك، وتقدم حزبا "النهضة" في تونس و"العدالة والتنمية" بالمغرب على أساس من رسالة الربيع العربي، وهي الديموقراطية والتعدد. وكشف الدخيل أنه لهذا السبب تجد أن الحكم الحالي في مصر لا يستطيع التخلي عن اختلافه مع السعودية حول الوضع في سورية، وكذلك العراق، لأنه يخشى حقًا من صعود «الإخوان» تحديدًا في سورية، متابعًا: "ولو حصل هذا سيجد الجيش المصري نفسه نشازًا بين أنظمة ملكية وجمهورية لا يحكم فيها الجيش، ووسط دائرة من حكم إسلام سياسي تمتد من المغرب إلى سورية، التي يعتبرها بعض المصريين الإقليم الشمالي لمصر". وأشار إلى أن حزب «النهضة» تبنى فكرة العلمانية، أو تحييد الدولة دينياً في علاقتها بالفرد والمجتمع، بتأكيد الهوية الإسلامية للمجتمع التونسي، والهوية المدنية للدولة الجديدة التي حلت محل القديمة في حكم هذا المجتمع في حال المغرب لم تتغير الدولة. وأوضح الدخيل أن الإسلام السياسي تعرض أيضاً لحملة إعلامية مماثلة في دول الخليج العربي، خصوصاً السعودية والإمارات مؤكدا أنه في ذات الوقت يختلف الأمر هنا أولاً لأن الربيع لم يصل إلى هذين البلدين، وثانياً لأن الإسلام السياسي في الإمارات ضعيف أصلاً أما في السعودية فيمثل الإسلام السياسي ظاهرة ملحوظة، وحجمه كبير بالمقارنة بغيره. وأضاف الدخيل في مقال له على صحيفة "الحياة" بعنوان هل تراجع الإسلام السياسي؟ أنه لم يحصل حتى الآن على الأقل أن تراجع الإسلام السياسي في اليمن، ولا في سورية أو ليبيا. وعن الوضع في العراق قال الدخيل إن الإسلام السياسي الشيعي هو القوة السياسية التي تشعر بأنها تمر بحال إحياء مكنتها ظروف الاحتلال الأميركي والنفوذ الإيراني غير المسبوق في العراق من أن تكون القوة السياسية المهيمنة هناك. وفي تونس قال الدخيل إن الوضع لا يقتصر على أن حزب «النهضة» لم يكن ضحية للربيع، وإنما بات بسبب هذا الربيع إحدى أهم القوى السياسية التونسية، إذ يتراوح موقعه ووزنه السياسي بين المرتبتين الأولى والثانية. في الجزائر يبدو الوضع في حال جمود نتيجة لجمود النظام السياسي. وعن المغرب أكد الكاتب السعودي أن المشهد فيه يتكامل مع المشهد التونسي من حيث صعود وتنامي الإسلام السياسي وهو ما أكدته في حال المغرب نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة هناك، إذ فاز حزب «العدالة والتنمية» (الإسلامي) للمرة الثانية على التوالي منذ عام 2012 بالمرتبة الأولى، ما سمح له برئاسة الحكومة بتفويض من الملك محمد السادس. وأوضح أنه في المشرق العربي تبدو الصورة أقل وضوحاً، وأكثر قتامة إذ لا يمكن الجزم بأن الإسلام السياسي في حال تراجع هناك، خصوصاً إذا ما أخذنا حالات العراق واليمن وسورية مشيرا إلى أنه في الحال الأولى الإسلام السياسي في حال صعود، لكن من منطلق طائفي، وعلى العكس من حالي المغرب وتونس.