قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريح إلى شبكة "سي إن إن الإخبارية" الأمريكية، إن "إرادة الشعب المصري الحر الذي يرفض السماح لأي قائد أن يظل في منصبه لمدة أطول من 4سنوات"، ما اعتبره البعض يعكس نيته بعدم ترشحه لفترة رئاسية جديدة بعد انتهاء مدته الرئاسية، التي يتبقى عليها أقل من عامين، الأمر الذي وصفه خبراء سياسيون بالمراوغة والبعد عن الواقع. وأكد الخبراء، أن "تصريحات السيسي ليست الأولى من نوعها، حيث تستهدف تهدئة الأوضاع الاجتماعية في ظل حالة النقم على حكمه واستعطاف المجتمع الدولي، بأنه لن يستمر في الحكم بعكس ما يكنه من رغبة حقيقية في التمسك بالسلطة. ونشرت مجلة "بوليتكو" الأمريكية، تقريرًا بشأن تصريحات السيسي، تزامنًا مع مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة بالأمم المتحدة، وتحدثت عن إشارة هيلاري كلينتون المرشحة للرئاسة الأمريكية في حديث سابق، إلى "الديكتاتورية العسكرية تحت حكم السيسي"، لافتة إلى أن السيسي لم يجب صراحة، حسب "بوليتكو". وقال السيسي: "سأجيب عن هذا السؤال في محورين: أولهما أنني أعلم جيدًا أن كلينتون لم تصرح بذلك بعد لقائنا الأخير"، مضيفًا أن مصر لا يتوفر بها أي نوع من الديكتاتورية، نظرًا لأن مصر دولة قانون ويحكمها الدستور، بجانب إرادة الشعب المصري الحر، الذي يرفض السماح لأي قائد أن يظل في منصبه لمدة أطول من 4 سنوات. وقال الدكتور زياد عقل، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن "تصريحات السيسي دائمًا ما تكون بعيدة عن الواقع وغير واضحة، خاصة أنه أعلن عدم ترشحه لرئاسة الجمهورية وترشح، وبالتالي فهذه التصريحات أصبحت أمرًا معتادًا". وأضاف عقل في تصريحات إلى "المصريون"، أن "السيسي سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة لعدم ظهور قوة سياسية مؤثرة في الشارع المصري، ومن الممكن أيضًا أن يراوده التفكير في فترة أخرى ثالثة عبر تعديلات دستورية، إلا أن التعديلات لن تتم الآن". وأشار إلى أن "السيسي يحاول رسم "بورتريه" جميل له عند الغرب كرئيس لبلد ديمقراطي يمارس جميع أنواع الحريات، لافتًا إلى أنهم يعرفونه جيدًا وتقارير لجان حقوق الإنسان أكبر شاهد على ذلك. من جانبه، قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تصريحات السيسي غير مقصودة بالمعنى الذي نقلته ""سي إن إن"، إذ يرى أن مقصده هو أن الشعب المصري لن يرشحه لأكثر من ثماني سنوات، وهي المدة التي تتفق مع الدستور المصري. ورفض مرزوق في تصريحات إلى "المصريون"، محاولة مخالفة الدستور المصري بالترشح لأكثر من فترتين رئاسيتين من جانب الرئيس، مشيرًا إلى أن الأمر سيحتاج إلى تعديل دستوري جديد، وهو ما يرفضه الشعب المصري باعتباره تعديًا على إرادة الشعب. ولفت إلى أن هناك جماعات ستطالب السيسي بالترشح لفترة رئاسية أخرى كمجلس النواب وباقي الائتلافات الأخرى، ك"تحيا مصر" و"كمل جميلك" و"دعم مصر" وغيرها. وتابع مرزوق: "الدستور ينص على أن ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا تجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة، وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يومًا على الأقل، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة. ورأى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن تصريحات السيسي توضح أن الشعب المصري يعيش حالة من التحول إلى الديمقراطية بشكل صحيح، كما نادت به ثورة يناير، مشيرًا إلى أنه يشعر أن الشعب لن ينتخبه مرة أخرى. وأضاف صادق ل"المصريون"، أن ما يقوي موقف الرئيس في الانتخابات الرئاسية هو غياب البديل وعدم تقديم الشعب للحلول، موضحًا أن الفترة الحالية لا يصلح فيها إلا رجل متوافق عليه من جميع الأطراف داخليًا وخارجيًا، ومن جميع دول الخليج وأوروبا وإسرائيل. وتابع: "حكم الرئيس السيسي يميل إلى الاستبداد"، لافتًا إلى أن مصر أقل بلدان العالم تمتعًا بالحرية، وأنه يحاول التلويح أمام العالم بأنه نموذج للحرية، وأن الرئاسة ليست حكرًا على أحد. ووصف المبادرات التي تطرحها قوى مدنية بأنها "ما هي إلا مبادرات وهمية من أشخاص لا يعيشون الواقع، فالأزمات التي تمر بها البلاد من بطالة وأزمات اقتصادية لا يمكن لأحد أن يحلها في يوم وليلة".