اكد المتحدثون في ندوة تعد بمناسبة مرور اربعين سنة على رحيل عباس محمود العقاد ان الاديب المصري بدأ حياته متمردا على كل السلطات الا انه وضع نفسه في موقع الوصي على جيل المثقفين الشباب في منتصف الخمسينات فتمردوا عليه. ونسبت وكالة فرانس برس في تغطية لها للندوة إلى صلاح فضل مقرر لجنة الدراسات الادبية في المجلس الاعلى للثقافة احدى اللجان المنظمة للندوة التي افتتحت الاثنين واستمرت ثلاثة ايام ان العقاد "كان في مشواره يعتز بالحرية كقيمة عليا يجب الحفاظ عليها والسعي من اجلها فخاض معاركه ضد كل السلطات بما في ذلك الموروث الاجتماعي الذي كان يرفض الاخذ به كمسلمات ووصل به الامر الى رفض عبودية العشق والمال". وضمن هذا السياق واصل فضل "راى العقاد في نفسه بعد ان تملك ادواته في قراءة العقل المصري والعربي مسؤولا عن ذلك وحمايته فلجأ الى فرض الوصاية على الجيل الذي لحقه ناسيا تمرده فعمل على الحجر عليهم فما كان منهم الا ان تمردوا عليه". واشار فضل الى بعض جوانب تمرده عندما كان لسانا للامة وهو يقف الى جانب سعد زغلول كمعبر عن سياسة حزب الوفد في الصحافة والخطابة الا انه عندما تحجر حزب الوفد وبدأ بتقديس بعض الرموز تمرد وتحول الى الهجوم عليه. ومن جهته اكد الامين العام للمجلس الاعلى للثقافة جابر عصفور في كلمته الافتتاحية ان "العقاد كان وابناء جيله مثل طه حسين والمازني وغيرهم يعون جيدا انهم يعيشون في مجتمع متخلف فكان عليهم التسلح بالكثير من اجل مواجهة المعارك الكثيرة التي سيخوضونها مع رموز هذا المجتمع". واضاف ان العقاد تميز خلال ذلك بقدرته على محاربة "المقدسات وتحطيم المعابد خصوصا في مهاجمته مدرسة احياء الشعر التي مثلها احمد شوقي في الشعر ومصطفى المنفلوطي بالنثر واعاد خلال ذلك الاعتبار لمجموعة من الشعراء القدماء مثل ابو النواس والمتنبي وجلال الدين الرومي. كما نزل العقاد بالشعر من عليائه ليخوض به في الشارع وكان خير تعبير له عن ذلك في ديوانه "عابر سبيل" ووصل فيه التحدي ان نظم ديوانا كاملا عن طائر الكروان بعنوان "هدية الكروان" وهذا لم يكن مالوفا في الشعر العربي كما قال جابر عصفور. وتميز العقاد الى جانب ذلك في مواقفه في تحدي السلطة السياسية خلال عضويته في البرلمان عندما قال عبارته الشهيرة "البرلمان يسحق كل من يخالف الدستور او البرلمان" فالقي به في السجن لانه اعتبر قذفا بالذات الملكية وهذا لم يفتت في عضده فاصدر كتاب "عالم السدود والقيود" الذي يعتبر اول كتاب عربي في ادب السجون. واشار عصفور الى ان محاولة العقاد وضع قيود ليلزم الجيل الجديد في رؤيته للثقافة وقفت وراء تمرد الكثير من المثقفين والشعراء ضده حتى حتى كتب احدهم قصيدة هجاء يهاجم فيها "ديكتاتوريته الفكرية". وناقش اكثر من 50 باحثا وناقدا مصريا خلال ايام الندوة مجموعة من المحاور تعبر عن موسوعية المفكر والاديب والشاعر والناقد وعالم الجمال الراحل وابداعاته المختلفة ويتناول احد المحاور "العقاد وحركة التجديد في النقد العربي الحديث" الى جانب موقفه من الصحافي في معاركه الفكرية والادبية وفي علاقته مع الثقافة الغربية وتعدديته الثقافية وموقفه من المرأة والزواج وقراءات نقدية في شعره. وتتناول الندوة كذلك البعد السياسي عند العقاد ضمن محاور "العقاد بين سعد زغلول ومصطفى النحاس" و"اشكالية الديمقراطية عند العقاد" و"العقاد والعيب في الذات الملكية" واخيرا العقاد والشيوعية