أثارت مبادرة واشنطن البلبلة بين صفوف السياسيين والحقوقيين بمجرد الإعلان عنها، ولكن على الرغم من ذلك ظلت تفاصيل تلك المبادرة مجهولة للكثيرين، إلا أن خرجت للنور بعشرة بنود تهدف لإيجاد توافق وطني يقود إلى ديمقراطية حقيقية وليست شكلية، وبناء آلية تضمن التنافس السلمي والعادل بين مختلف التوجهات في إطار العملية الديمقراطية في المستقبل داخل مصر. ورشة العمل هذه تم اقتراح تنظيمها لمدة ثلاثة أيام، وكان من المقرر عقدها في منتصف أغسطس الماضي، وتم تأجيلها لتعقد في الفترة من الثاني إلى الرابع من سبتمبر الجاري، وانتهت بعد مناقشات طويلة إلى وثيقة من عشرة بنود وحظى البند الخامس منها بقدر كبير من الجدل والتحاور والتراشق حتى أنه تم اقتراح تأجيل مناقشته إلى مرحلة لاحقة وإعلان التوافق على البنود التسعة الأخرى ثم عقدت لجان مصغرة اختصت بمناقشة هذا البند وحده حتى توصلت إلى صيغة توافقية . وجاءت المادة الخامسة بعد تعديلها كالتالي: “عدم تدخل الدولة في الدين وعدم تدخل المؤسسات والمنظمات الدينية في الدولة، سواء كانت مثل هذه المؤسسات والمنظمات رسمية أو غير رسمية، مع تجريم استغلال الدين بغرض الحصول على أي مكاسب سياسية أو حزبية، ولا تتدخل الدولة في حق الفرد في حرية العبادة وتقف على مسافة واحدة من جميع الأديان". أما النص الذي حصل عليه خلاف وتم تغييره فهو: "الدولة لا هوية و لا مرجعية لها إلا مدنيتها و لا مؤسسات دينية تابعة لها، بحيث لا يتدخل الدين في الدولة و لا تتدخل الدولة في الدين، وتصدر القوانين و الممارسات التي تتعلق بها على مسافة واحدة من جميع المواطنين إعمالا لقيمة المساواة و على قاعدة المواطنة". و انتهت أعمال الورشة على ذلك و لكن -حسب مصادر نقلت ما دار خلال جلسات "ملتقى الحوار الوطني"- لم يرق الأمر لممثل حزب الحرية و العدالة الدكتور عبد الموجود الدرديري و طلب من المنسقين عقد جلسة مصغرة لإعادة النظر في البند الخامس و بالفعل تم التوصل إلى تغييره لصيغة توافقية اقترحها آخرون بعد أن رفض محمد حسين و سوسن جاد ممثلا التيار المدني تغيير البند الخامس بصورته الأولى وأعلنا رفض أي تعديل وأعلنا توقفهما عن المشاركة بعد انتهاء أعمال الورشة، معتبرين أن ما تم التوصل إليه هو ما اتفق عليه المجتمعين . و في نهاية الملتقى تم التوصل لصيغة توافقية جديدة والتى ظهرت في الصيغة النهائية للوثيقة المقترحة للمبادرة التي تم تسميتها " وثيقة وطن للجميع " و التي حصلت " مصر العربية" على نسختها النهائية و جاءت كالتالي: وثيقة وطن للجميع يعكس الموقعون على هذه الوثيقة بصفتهم الشخصية تيارات سياسية متعددة بغرض مناقشة مشروع ثوري جامع يضم تصورا محدد الخطوات من أجل استكمال ثورة 25 يناير، ويقدمونها للشعب المصري كمشروع مقترح يهدف إلى بلورة مبادئ أساسية للتوافق الوطني بين مختلف القوى الوطنية للوصول إلى ديمقراطية حقيقية وليست شكلية، و ضمان بناء آلية عملية تضمن التنافس السلمي والعادل بين مختلف التوجهات في إطار العملية السياسية وقد شاركت الأسماء المدونة أدناه في ورشة العمل التي تم عقد مناقشاتها في واشنطن لمدة ثلاثة أيام متصلة خلال الفترة من الثاني حتي الرابع من سبتمبر 2016 وتمثل المواد التالية الصياغة النهائية للوثيقة التي تم التوافق عليها ود الوثيقة: 1- ثورة 25 يناير هي الثورة الحقيقية ويظل شعارها العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الأساس لكل سياسات مستقبليّة . 2- التعدد و التنوع يعني التعبير عن توجهات مختلفة وآراء متنوعة، والهوية المصرية الجامعة بطبقاتها المتنوعة هي العامل المشترك الموحد لعناصر الشعب المصري ولهامن المهم إقرار وقبول هذا التنوع والتعدد والاختلاف عن طريق آلية الحوار الفعال و آلية ديمقراطية تضمن الحماية من ديكتاتورية الأغلبية أو الأقلية . 3- السيادة والسلطة و الشرعية من الشعب وللشعب وحده، و يحكم العلاقة بين قواه المختلفة دستور مدني والمساواة التامة بين كل المواطنين، و يتم إعلان وثيقة تضمن الحريات والحقوق لكل فرد من أفراد الشعب دون أية قيود بما يشتمل على تشكيل منظمات مدنية وأحزاب ونقابات وحرية ممارسة أنشتطهم على سلمي وبناء على أي مرجعة كانت مع مراعاة عدم التعارض مع بقية المواد الأخرى 4- صياغة دستور مدني ينص صراحة على عدم تدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية ، ويرسخ حقوق وحريات على قاعدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويؤسس للديموقراطية ، ويحد من السلطة المركزية ويؤسس لنظام اللامركزية في إصدار القوانين و التمويل ، و كذا يسن الضرائب مقابل الخدمات و التمثيل النيابي ويحقق مبدأ مراقبة و توازن السلطات والفصل فيما بينها،والعمل على خلق حكم محلي قوي. 5-. عدم تدخل الدولة في الدين وعدم تدخل المؤسسات والمنظمات الدينية في الدولة، سواء كانت مثل هذه المؤسسات والمنظمات رسمية أو غير رسمية، مع تجريم استغلال الدين بغرض الحصول على أي مكاسب سياسية أو حزبية، ولا تتدخل الدولة في حق الفرد في حرية العبادة وتقف على مسافة واحدة من جميع الأديان 6- وضع استراتيجية العدالة الانتقالية الشاملة لكل الشهداء والمصابين والمتضررين بما يمكنهم من نيل حقوقهم وجبر ضررهم ، و يشمل ذلك ما قبل 25 يناير وما بعدها. 7- محاكمة كل من تورط في الدم قبل أحداث الثورة المصرية وما بعدها وحتى الآن. 8- الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين و سجناء الرأى و المتهمين في قضايا المقاومة المشروعة ، و محاكمة من قامت ضدهم الثورة و كل من استغل 30 يونيو في الانقلاب على ثورة 25 يناير . 9 - إعادة هيكلة جناحي حكم القانون (الشرطة والقضاء) بما يؤسس لمنظومة قضائية وأمنية تحقق العدل والأمن للمواطنين، وتلتزم بالقوانين والمواثيق والأعراف الدولية. 10 - عودة الجيش إلى ثكناته والقيام بدوره الحقيقي في حماية الحدود و الدفاع عن الوطن و عدم التدخل في الشؤون السياسية و الاقتصادية ، من أهم المبادئ الأساسية لقيام دولة مدنية ديمقراطية حقيقية.