أمي.. كنتُ قطتك الشقية الصغيرة.. لكنني تمردتُ على براءة الطفولة، وتعجلت الكبر، ففيه إطلاق سراحي من قيود الصغار، و فيه حريتي، وحياتي التي سأحياها بطولها وعرضها.. ولقد كبرتُ يا أمي.. وأصبحت أحسب للناس حسابًا في الصغيرة قبل الكبيرة، ولم يعد لطفلتك المدللة، اللاهية وجود.. فزاد همي، وثقل حملي، حتى انحنى ظهري..! لقد كبرتُ يا أمي.. وأصبحت ألملم شعراتي المخضبة بالحناء من شدة بريقها الّلوجّيّ، وكنت في مراهقتي وصباي، أجادلك في حل ضفائري، وكنتِ تنهريني، لأني لازلت صغيرة.. لقد كبرتُ يا أمي.. وتخليت عن زهوي وبهائي وكامل زينتي، وعن أحمر شفاهي ذي اللون القاتم، باهظ الثمن، وكان يغضبك مني، فكنت أضعه بعيدًا عن عينيكِ ومراقبتك.. قد كبرتُ.. ولم أفعل ما حلمتُ وتعجلتُ الكبر لأجله، وتمنيتُ أن يعود بي الزمن، وأعيش في كنفك طفولتي وبراءتي، التي لوثتها غابة الناس والأيام، وأعيش طفولتي التي حرمت ذاتي من أحيائها على حساب شغفي وولهي بعيشة الكبار..! أمي.. وحيدتي.. حبيبتي.. اغفري لي تهوري واندفاعي وقلة صبري وحكمتي.. فقد ظلمت نفسي وظلمتك، فيا ليتني ما كبرت، ويا ليتني ما تعجلت!