أزمة الجماعة تمتد للسودان والعراقوالأردن على ما يبدو أن الأزمة التي تعصف بجماعة "الإخوان المسلمين"، لم تعد قاصرة فقط على الجماعة الأم في مصر، فقد امتدت للمحيط العربي والإقليمي، وألقت بظلالها لتصل للسودان والأردنوالعراق.. ومازال القوس مفتوحًا، ما يطرح تساؤلاً هل ينهار "تنظيم الإخوان"؟. تفاقمت الأزمة داخل صفوف "الإخوان" في مصر بشكل ملحوظ خلال الشهور الأخيرة، وصلت ذروتها خلال ديسمبر الماضي، حول إدارة التنظيم، وشكل التحركات التي تنتهجها ضد السلطات المصرية الحالية، وصارت الأزمة يتزعمها تيار بقيادة "محمود عزت" القائم بأعمال مرشد الإخوان، وآخر يتزعمه "محمد منتصر"، المتحدث الإعلامي باسم الجماعة الذي عزله الأول. وفشلت العديد من الوساطات لحل الأزمة، وعلى رأسها وساطة الشيخ يوسف القرضاوي، صاحب الثقل التاريخي والفكري داخل الجماعة، وطرحت "اللجنة الإدارية العليا للإخوان"،(كانت معنية بإدارة شؤون الجماعة، ولها خلافات حالية مع جبهة عزت)، ما أسمته "خارطة طريق لإنهاء الخلاف"، تضمنت عدة نقاط تتمحور حول "إجراء انتخابات شاملة لهيئاتها، ورجوع طرفي الأزمة خطوة للوراء". وأثارت الأزمة المشتعلة داخل الإخوان، العديد من التساؤلات حول أجنحة الصراع الأساسية داخل صفوف الجماعة، ومدى ثقل كل طرف، وقدرته على مواجهة الطرف الآخر، في هذه المرحلة الفاصلة من عمرها. أزمة الإخوان في الأردن تشهد الانتخابات النيابية في الأردن حالة من الصراع داخل أوساط الجماعة والحركة الإسلامية عامة، إذ ترغب قيادات حزب "جبهة العمل الإسلامي" بالترشح للانتخابات المقبلة، المقررة في 20سبتمبر المقبل، بعد أن قاطع الانتخابات التي جرت نهاية يناير 2013. ويأتي القرار بخوض الانتخابات في ظل أزمة بين جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن مع السلطات، التي أغلقت بعض مقرات الجماعة، بحجة أنها بدون ترخيص. ومنذ مارس 2015، تشهد جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن خلافات مع أعضاء قياديين سابقين فيها، وعلى إثرها قام هؤلاء الأعضاء المنشقون بتأسيس جمعية جديدة باسم "جمعية الإخوان المسلمين". وبينما يقول القائمون على الجمعية إنهم حصلوا على ترخيص رسمي من السلطات الأردنية، معتبرين أن هذه الخطوة "تصويبًا للوضع القانوني" ل "جماعة الإخوان" في الأردن، وبموجبه أُلغيت تبعية "جماعة الإخوان" في الأردن عن الجماعة الأم في مصر. اعتبرت قيادة "جماعة الإخوان" في الأردن، عبر عدة بيانات، خطوة تأسيس "جمعية الإخوان" "انقلابًا على شرعية الجماعة، وقيادتها المنتخبة وفق اللوائح الشورية داخلها". وتؤكد الأخيرة أنها تحمل ترخيصا قانونيا منذ عام 1953 ك "جماعة إسلامية عامة"، لكن مصادر رسمية في الدولة تقول إنه لا يوجد وفق القانون الأردني شيء اسمه "جماعة"، بل هناك جمعيات وأحزاب تنضوي تحت مفهوم مؤسسات المجتمع المدني. وتأسست "جماعة الإخوان المسلمين" في الأردن كجماعة دعوية عام 1945، قبل أن تؤسس في عام 1992 حزبا سياسيا باسم "جبهة العمل الإسلامي". أزمة إخوان العراق وصل الصراع بين إخوان العراق ووزير الدفاع إلى حد للتهديد بالاغتيال، إذ حذرت الجماعة، الوزير خالد العبيدي، إثر اتهامه إلى سليم الجبوري، رئيس مجلس النواب العراقي بالفساد، واصفة إياه ب"النزيه" وأخلاقه المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف. وقال بيان منسوب للجماعة منذ أيام إننا "نعلن أنه لن يهدأ لنا بال حتى نسكت هذا الصوت النشاز الذي تطاول على اليد التي امتدت له سابقًا ودعمته حتى أوصلته لما هو عليه الآن"، محذرة إياه من محاولته تكرار تجربة الرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر. وذلك قبل أن تنفي الجماعة في مصر، صلتها بالبيان المذكور أعلاه وتصفه ب"المفبرك"، إذ رد طلعت فهمي، المتحدث باسم الإخوان المسلمين بمصر، قائلاً: "طالعتنا بعض وسائل الإعلام ببيان مفبرك، ركيك الصياغة، رديء العبارة، سيئ الإخراج، يزعم كذبًا أن جماعة الإخوان المسلمين قد حكمت بارتداد وكفر وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، وهددت بتصفيته". وأضاف فهمي في بيانه: إن "الجماعة تؤكد للكافة أنها لم تصدر بيانًا من هذا النوع، وأن البيان المزعوم مدسوس عليها". وشدد المتحدث على أن من "ثوابت الإخوان الأساسية عدم التطوع بتكفير الأشخاص والمجتمعات أو الحكم بردتهم؛ فنحن- كما هو معلوم عنّا- وكما نعلن دائمًا، أننا دعاة إلى الله ولسنا قضاة". وتابع في بيانه: "ما يدور داخل المجتمعات من نقاشات وما ينشب من خلافات السبيل الوحيد للتعامل معها هو الحوار وليس إطلاق فتاوى التكفير والتهديد بالقتل". أزمة الإخوان في السودان كما تشهد جماعات الإخوان في السودان أزمة، كشفها عدد من شباب الجماعة في مصر، الذين اضطروا لمغادرة البلاد متوجهين إلى البلد الشقيق، لكنهم شنوا هجومًا على قيادات الجماعة هناك وقالوا إنهم يعانون "الأمرّين" ويذلون وينكل بهم من قبل القيادات الإخوانية المتواجدة هناك بسبب الخلافات الفكرية بين أطراف الأزمة في مصر. المعروف أن السودان استقبل عددًا كبيرًا من الشباب الهارب من مصر قبل عامين فارين من تهم وجهت إليهم من قبل السلطا. وكشف محمد جلال، القيادي بالجبهة السلفية، عن أن الشباب الإخواني الذي اضطر للهرب من مصر متوجهًا إلى السودان يعاني الأمرّين هناك من ذل واستعباد وتضييق في الرأي وتكميم للأفواه. وقال جلال في تصريحات سابقة: "إن السودان صار جحيمًا على الشباب هناك، قائلاً: "أنا أعرف أكتر من واحد رجعوا مصر قالوا نتمسك وسط أهلنا أحسن ما يتحكم فينا حد". أيده في الرأي عز الدين دويدار، الشاب الإخواني، الذي حمل مسئولية ما يحدث للشباب في السودان ل "الحلوجي"، قائد التنظيم في السودان، مشيرًا إلى أن القيادة الإخوانية هناك تعانى من الفساد وتقرب "المنافقين والمطبلاتية" لجبهة "عزت"، ومعاقبة أي معارض لهم، واستخدام الأموال لإغراء المعارضين عن التراجع، مقابل التوسع على المؤيدين بالعطايا من أموال التنظيم. وتحدث دويدار عن الطريقة التى يتعامل بها قيادات السودان مع شباب الجماعة المصري قائلًا: "سحب الجوازات من الشباب، وتخزينهم في الشقق بالشهور والسنين بحجة الوصاية عليهم خوفًا من السفر لداعش هو سياسة عامة، ومعايرة الشباب باللقمة والسكن حتى يصمتوا، واعتبار الفتات المصروف عليهم فضلاً يستوجب الركوع للتعليمات وتقبيل أيادي القيادة". وقال خالد الزعفراني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، والخبير في الحركات الإسلامية، إن هناك بعض الانقسامات بين جماعات الإخوان الدولية؛ بسبب بعض السياسات الخاطئة التي تنتهجها تلك الجماعات. وأضاف الزعفراني ل"المصريون" أن الجماعة تريد أن تدفع ثمن الحصار وكراهية الشعب المصري للإخوان, مشيرا إلى أن هناك بعض التنظيمات الدولية تريد أن تنجو بأنفسها من بعض التهم التي تلحق بجماعة الإخوان في مصر. وتابع: هناك فروق شاسعة بين إخوان مصر وتنظيم الإخوان الدولي، مشيرًا إلى أن هناك اتهامات تلاحق الجماعة في مصر بتعطيل الإنتاج مما زاد كراهية الشعب للجماعة. وأكد الزعفراني أنه ما لم تقم الجماعة بمراجعة أفكارها والاعتراف بأخطائها بشجاعة ستصبح سطرًا في التاريخ، حسب قوله. في هذا الإطار، قال هشام النجار، الباحث في شأن الإسلام السياسي، إن الحكم بانهيار تنظيم جماعة الإخوان دوليًا فكرة غير مقبولة ومصطلح غير صحيح. وأضاف النجار ل"المصريون" أن الجماعة لديها بعض الأزمات والمشاكل، ولكنها تسعى إلى استعادة واكتساب شعبيتها من خلال عملها في المعارضة. وأوضح أن الإخوان كتنظيم يعتمد على العوامل غير الذاتية بالطبيعة المحيطة به. وأشار النجار إلى أن التنظيم في بداية الأمر يعتمد على الأحزاب، حيث اعتمد في عهد مبارك على تناقضات المشهد وحاجة النظام لهذا الكيان المنظم للمناورة مع الغرب لإطالة عمر النظام. ونوه إلى أن كيان الجماعة ما زال موجودًا رغم إقصائها من المشهد السياسي، مؤكدًا أن هناك قوة إقليمية تستفيد من وجودها وأن هناك مؤشرات تقول إنها ستعود وبخطاب وثوب جديد ورؤية سياسية مختلفة عما كانت عليه في السابق.