"جماعة الإخوان المسلمين" فصيل ارتبط كثيرًا بثورات مصر الحديثة الثلاث "23 يوليو بعهد جمال عبدالناصر، ذلك العهد الذى شهد حالة من الارتباك بين الجماعة والنظام الحاكم حينها، وثورة 25 يناير التى اندلعت فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وشارك الإخوان فيها بقوة بعد ثبات نجاحها فى الإطاحة بالرئيس آن ذاك، و ثورة ال 30 من يونيو والتى أطاحت هى نفسها برجل الجماعة فى القصر الرئاسى محمد مرسى" كان وقع الثورات على جماعه الإخوان كبيرًا ومختلفًا فى كل ثورة عن الأخرى. «المصريون» رصدت أبرز صور استقبال الإخوان للثورات وكيف تعاملت الجماعة معها وأثرت بها وتأثرت منها: إخوان يوليو.. من التأييد إلى العداء بالتأييد والتحريض استقبلت جماعة الإخوان المسلمين ثورة 23 يوليو ، محاولين ركب الموجة آملين بمستقبل مشرق للجماعة عقب الثورة، وبرز ذلك التأييد في رؤية سيد قطب الأب الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين لثورة 23 يوليو، حيث وصف حركة الجيش وقتها بالثورة، داعيًا الضباط وقتها للقمع والثبات وتجاهل الأصوات التي تطالبهم بالتزام الصوت والعودة إلى ثكناتهم العسكرية.
وفى 8 أغسطس 1952 كتب قطب: أيها الأبطال، إن الوقت لم يحن بعد كي تعودوا إلى الثكنات، إن حركة التطهير الحقيقية لم تبدأ بعد، وهي في حاجة إلى خطوات حاسمة لا إلى أنصاف الحلول وأرباعها، لقد احتمل هذا الشعب ديكتاتورية طاغية باغية، شريرة مريضة مدى خمسة عشر عاما أو تزيد، أفلا يحتمل ديكتاتورية عادلة نظيفة شريفة ستة أشهر، على فرض أن قيامكم بحركة التطهير يعتبر ديكتاتورية بأي وجه من الوجوه.
كانت كلمة قطب وقتها كفيلة بأن تكون القربان الذي تقرب به الإخوان لعبد الناصر وقتها ليضمنوا تعاونًا مثمرًا بين الطرفين فيما يخص شئون الدولة، ولم يكن التقرب من جهة الإخوان فقط وإنما سعى عبد الناصر لإقرار عدة قرارات من شأنها تدل على حالة من الوفاق بين الطرفين وعبر البعض أن عبد الناصر كان على علاقة جيدة بالإخوان وكان من أبرز جوانب الوفاق إعادة التحقيق في مصرع حسن البنا وقتها ومحاكمة مرتكبي الواقعة، فضلا عن إصدار الحكم بالسجن 15 عاما على الأميرالاي محمود عبد الحميد مدبر عملية الاغتيال، كما أصدر المجلس قرارًا خاصا بالعفو الشامل عن كل الجرائم السياسية التي وقعت قبل عام 1952، وبلغ عدد المفرج عنهم 934 سجينا، معظمهم من جماعة الإخوان.
وفى 17 يناير 1953 صدر القرار بحل جميع الأحزاب السياسية، وقتها انقلبت الأحزاب جميعها على الثورة وبقيت "الإخوان المسلمين" الجماعة الوحيدة المؤيدة لعبد الناصر، الأمر الذى جعلها تطالبه بالمشاركة في الوزارة وتشكيل هيئة من الإخوان تنظر القوانين قبل صدورها، وقتها خرج عبد الناصر بكلمته الشهيرة إن الثورة ترفض الوصاية، وطلب منهما إبلاغ المرشد العام بأن الثورة ترفض مبدأ الوصاية.
عقب هذا الموقف تغير موقف الإخوان من التأييد إلى الصدام، حيث اعتبروا ما حدث انقلابا واتهموا الثورة بالقضاء على الديمقراطية العظيمة في العهد الملكي، وبدأ الإخوان حقبة جديدة من العمل ضد الثورة أولها عن طريق الاتصال بالإنجليز كما أشيع وقتها، بعد انتشار المعلومات بشأن لقاء المستر إيفانر، المستشار الشرقي للسفارة البريطانية بالقاهرة مع المرشد العام أكثر من مرة، ومقابلة البكباشي عبد المنعم عبد الرءوف، وهو أحد أعضاء الجماعة، مع موظف كبير بإحدى السفارات الأجنبية.
ومنذ ذلك الحين بدأ العداء من الطرفين حيث رفض عبد الناصر طلبات للإخوان حول ضرورة إخضاع قرارات الثورة لمشورتهم، كما رفض طلبات أخرى تتعلق بالحجاب، ومنع المرأة من العمل وإغلاق المسارح وصالات السينما وهدم التماثيل والتشديد على صالات الأفراح، وقتها قال عبد الناصر للإخوان: "لن أسمح لكم بتحويلنا إلى شعب بدائي يعيش في مجاهل أفريقيا".
لم تقف الجماعة صامتة، بل حاولت مرارا وتكرارا اغتيال الرئيس عبد الناصر وكانت أشهر هذه الوقائع حادثة المنشية التي نتج عنها حل الجماعة والقبض على قيادتها، وعقب ذلك توالت الضربات الناصرية للإخوان، حيث فتحت أبواب السجون على مصراعيها وتزايدت حملات الاعتقال المكثفة لقيادات الجماعة وكان أبرزهم سيد قطب وعبد القادر عودة وغيرهما، وحكم بالإعدام على الكثير من أعضائها، كما صدر حكم في 13 يناير عام 1954 بحل جماعة الإخوان وحظر نشاطها كما تم حل نقابة المحامين ونقابة الصحفيين حتى لا يتمكن الإخوان من الدخول فيها كستار لهم. الإخوان وثورة 25 يناير كان الإخوان المسلمين هم الفصيل المعارض الأكبر والمؤيد للثورة, خاصة أنهم ظلوا يعملون تحت وطأة ضغط جهاز أمن الدولة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ونزلوا في كل الشوارع والمحافظات مرابطين ومطالبين بعزل مبارك.
على الرغم من ذلك تركت الجماعة أمر النزول والتشارك في الثورة مفتوحًا وحرًا, فنزل شبابها في أول ثلاثة أيام لها حتى جاء يوم 28 يناير، والمعروف ب"جمعة الغضب"، ليتغير المسار ويبدأ مكتب الإرشاد بتوجيه الأوامر لهم.
وظلت الجماعة مترابطة مع الشعب في ميدان التحرير، حتى نجحت الثورة وتم عزل مبارك وبدأت الأوضاع تأخذ مجرى آخر وتولى المجلس العسكري زمام الأمور, وظهرت مطامع خاصة للإخوان تتمثل في السلطة والاستحواذ عليها. وكان ذلك واضحًا بعد جلوس محمد البلتاجى القيادي البارز بالجماعة، وعدد من قياداتها مع أحمد شفيق، رئيس الوزراء حينها, ثم تحالفوا مع عصام شرف رئيس الوزراء الثاني بعد الإطاحة بشفيق.
كل ذلك وأكثر أثار غضب الشعب أو الفئة المشاركة في الثورة, خاصة أن الأمر ازداد سوءًا بعد تخلى الإخوان عن الثوار وتحالفوا مع المجلس العسكري المرفوض من قبل ثوار 25 يناير، لأنه يمثل الدولة العسكرية.
ولم تكتف الجماعة بهذا الأمر, بل أسرّت على موافقة الشعب على دستور 2012 الذي أعده نخبة من فلول نظام مبارك، والثوار كانوا رافضين ذلك, وخرجت في كل الشوارع والمحافظات تنادى بالموافقة عليه.
كل هذا جعل رصيد الإخوان المسلمين عند الشعب والثوار يقل بل ينحدر, خاصة بعد الانتقادات الشرسة التي وجهوها للثوار بعد التحالف مع المجلس العسكري.
ودخل الإخوان منعطفًا آخر, قد يكون هو السبب الرئيس الذي أودى بحياتهم وهو "البرلمان" الذي اكتسحته الجماعة وأصبحت هي الحزب الحاكم فيه, واعتدت على الثوار بالصاعق الكهربائي عندما اقتربوا للتظاهر أمامه, للتنديد بأحداث محمد محمود وقتل المجلس العسكري لمئات الشباب حينها. ثم جاءت الانتخابات الرئاسية, ورشحت الجماعة محمد مرسي بالنيابة عنها وفاز في الانتخابات, وعقب ذلك حل برلمان الإخوان بأمر قضائي.
الإخوان و أحداث 30 يونيو
كان الرئيس الأسبق محمد مرسي, هو الضربة القاضية لجماعة الإخوان, فمنذ توليه السلطة في ال30 من يونيو 2012 وانهالت الانتقادات والتظاهرات المعارضة له ولحكمه والسياسة التي استخدمها في إدارة البلاد.
وخلال العام، ظهرت حركة تدعى "تمرد" قامت بتجميع تفويضات من الشعب لعزله ودعت لتظاهرات تطالب بخلعه في 30 يونيو 2013, كل ذلك وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي لا يتوقع أن تلك الدعوات ستكون سبب سجنه حتى الآن.
وبالفعل جمعت "تمرد" عددًا كبيرًا لا بأس به من التفويضات ونزلت ميادين التحرير وجميع المحافظات تطالب بعزل مرسي, وتم عزله.
ثم خرجت الإخوان في الشوارع والميادين واعتصمت بميداني رابعة العدوية والنهضة, وتوجهت للإعلام الغربي والتركي.
سياسي: "الإخوان" تسعى دائمًا لاستغلال الثورات للوصول للسلطة في هذا السياق، رأى عمرو ربيع ، الباحث السياسي، أن الإخوان المسلمين جماعة براغماتية تسعى دائما للنفعية والوصول والسيطرة على الحكم، مشيرا إلى أنه في سبيل ذلك تقوم بالتقرب من السلطة الشعبية الرائجة أحيانًا والوقوف ضدها أحيانا أخرى حسب النفع العائد، محاولين استغلال الثورات للوصول إلى الحكم.
وأشار ربيع، في تصريحات ل"المصريون"، إلى أن موقف الإخوان كل يوم في اختلاف، حيث يظل الإخوان على تآلف وتعاون مع الجهة الحاكمة حتى ينالوا جانبًا من السلطة والحكم، مؤكدا أنه في حالة عدم الحصول على دور يبدأ الخلاف.