كشف علماء أزهريون أسباب تراجع وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، عن قرار إلزام الخطباء وأئمة المساجد بالخطبة المكتوبة المزمع تطبيقها من الجمعة القادمة، والإبقاء عليها اختيارية أو استرشادية، مؤكدين أن هناك غضبًا كبيرًا من جانب الخطباء وهيئة كبار العلماء على قرار الوزير، مشيرين إلى أنه سيجمد الخطيب ويمنعه من الاجتهاد والإبداع في خطبة يوم الجمعة، بالإضافة إلى أن المنبر ليس مكانًا لطرح الآراء الشخصية. من جانبه، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إنه طالب وزير الأوقاف بالرجوع عن قرار الخطبة المكتوبة، وبالفعل تراجع الوزير عن إلزام الأئمة بتنفيذ القرار . وأضاف هاشم، في تصريح ل"المصريون"، أن القرار كان سيجمد الخطيب ويمنعه من الاجتهاد والإبداع في خطابات بالمساجد، لأن الخطيب سيلزم بورقة يلقي منها خطبة الجمعة. وأشار عضو هيئة كبار العلماء، إلى أنه تلقى اتصالاً من وزير الأوقاف، أكد له خلاله أن الخطبة المكتوبة لغير المتمكنين ولن تطبق على المتمرسين، مشيرًا إلى أن الخطبة ستكون اختيارية أو استرشادية، مؤكدًا أن معاقبة الأئمة غير الملتزمين بتنفيذ القرار تم استبعاده، وبالتالي هناك حرية بين الأئمة لتنفيذ القرار. في السياق ذاته، قال إبراهيم محمود, الداعية والإمام بوزارة الأوقاف, إن من الأسباب الرئيسية لتراجع وزير الأوقاف عن تطبيق العقوبة على الخطبة المكتوبة هو رفض هيئة كبار العلماء لها رفضًا تامًا. وأضاف "إبراهيم" في تصريحات ل"المصريون"، أنه يضاف إلى تلك الأسباب أيضا أن المنبر ليس مكانًا لطرح الآراء الشخصية، مشيرا إلى أن الدعاة والخطباء المميزين رفضوا الخطبة المكتوبة وأعلنوا غضبتهم عليها. وأوضح أنه يمكن التعويض عن الخطبة المكتوبة لضمان عدم خروج الخطيب عن النص بالرقابة والتفتيش وتوقيع العقوبات عليه إن ثبت وقوع ذلك منه. فيما رأى الشيخ السيد رشدي, الداعية الإسلامي, أن الخطبة المكتوبة وإلزام الدعاة بها، تعد عقبة في طريق صفوة الدعاة وأعضاء هيئة كبار العلماء، مشيرا إلى أنها لا تليق بمصر الأزهر. وأضاف "رشدي" في تصريحات ل"المصريون"، أنه يترك أمر الخطبة المكتوبة لهيئة كبار العلماء يحكمون فيه، وفقًا لما يرونه صالحًا لأئمة الدعوة، موضحًا أن القرار لا يدعم تطوير الخطاب الديني الصادر عن مؤسسة عريقة كالأزهر. على الجانب الآخر، أصدرت لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، بيانًا منذ قليل، بشأن ما يثار عن الخطبة المكتوبة. وقالت اللجنة، في بيانها، إن موضوع الخطبة المكتوبة مازال فى مرحلة الدراسة والتجريب دون إجبار إلى أن تتضح الإيجابيات والسلبيات. ومن جانبه، أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن موضوع الخطبة المكتوبة لازال في مرحلة الدراسة والتجريب، ولا إلزام ولا تعنت ولا إيذاء لأى إمام. وقال "جمعة" خلال كلمته باجتماع لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، مساء اليوم، إن موضوع الخطبة المكتوبة ليس له أي أبعاد سياسية، وجميع نواب اللجنة الدينية، مدعوون للمشاركة في إعداده. وأشار الوزير إلى أن اللجنة استمعت إلى وجهات نظر مختلفة حول الموضوع من الأئمة؛ والتى كانت جميعها بعيدًا عن الأبعاد السياسية، وتابع: لا يمكن التدخل فى مسألة الخطاب الديني فمصلحة الوطن من مصلحة الدين". وأكد تفهمه لمخاوف بعض الأئمة من كتابة الخطاب بدعوى أنه يتم إملاؤهم على قول شيء بعينه، مشددًا على أن ذلك التخوف لن يحدث، ولا يمكن إدخال الدين فى القضايا الحزبية والتوظيف السياسي، مستطردا: الدين لله، وكلكم تابعتم الانتخابات وأتحدى أن يكون مسجد واحد استخدم سياسيًا. ودلل على اختيار تقصير مدة الخطبة ل20 دقيقة بخطبة النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبة الوداع، التى لم تزد عن 12 دقيقة، فضلا عن كونها تخفيفًا على المواطنين، موضحًا "أنا فى بعض المرات خطبت 35 دقيقة، ولما خطبت من ورقة كانت حوالى 22 دقيقة.. الموضوع مش استعراض عضلات ولكن الخطبة للدروس والاستفادة الدينية". وأضاف: "في بعض الأحيان يكون بعض الأئمة في لحظات حماس وانفعال، فيمكن حينها التحدث في مواضيع ربما يندم عليها بعد ذلك، متابعًا: "أنا ضد العنف والقهر، ولا يمكن إلزام الإمام، وقلت للأئمة لا يؤذى إمام على الإطلاق على إبداء الرأي، لكن يحاسب على إساءة الأدب". وأوضح أن الهدف من الخطبة المكتوبة هو الالتزام بالوقت وجوهر الموضوع، وطالما الإمام عنده قدرة على الالتزام بذلك فلا توجد مشكلة، وبالتالي لا يوجد تضييق، ولكن الموضوع مش فوضى". وأضاف: "ليا 33 سنة فى الخطابة.. مرة خطبت من ورقة وكنت فى هذه الخطبة أكثر ارتياحا لأنى كنت فاهم الخطبة ومنظمهما فى قصاصات صغيرة ولما أحتاج أرجع إليها أثناء الخطبة أرجعلها واستعين بها، المسألة محتاجة أداء وتدريب جيد، فلو واحد مستواه ضعيف وعايز يقول من الورقة هيقول كويس، ولو هتأدى من الورقة باعتبار أن الورقة مجرد كنترول مش همنعك ولو هتأدى بالورقة طول الخطبة أفضل، ونحن فى الوزارة لدينا خطة متكاملة سنعرضها عليكم وناويين نعمل برنامج مع التليفزيون اسمه الدين والعقل، والعديد من الأئمة قالوا لى إحنا معاك ومقتنعين بالخطبة الموحدة". واستكمل حديثه قائلا: "لن أسمح للمتطرفين والمتعصبين أن يختطفوا المنابر ونشر الأفكار الهدامة والتطرف.. الموضوع مش فوضى".