الأحزاب: التمسك بعودة مرسي سبب رئيسي في فشل التوحد بين الإخوان والقوى الثورية في الداخل.. سياسيون: النظام لن يسمح بمعارضة تنادي بإسقاطه تشكلت عدد كبير من الأحزاب المعارضة والقوى السياسية بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك من الحكم في يناير 2011، وقد نشطت هذه الأحزاب والقوى المعارضة وعلى رأسها جبهة الإنقاذ خلال حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر حتى أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان من الحكم. وفور عزل مرسي وإخوانه من الحكم وتصدر نظام 3 يوليو 2013 دفة الحكم، وتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي بعد ذلك حكم مصر بعد عام من الإطاحة بمرسي وإخوانه اندثرت جميع قوى المعارضة والحركات السياسية الشابة بعد أن أصر النظام الحاكم حاليًا على إقصاء جميع الأصوات المعارضة لحكمه بدءًا من التنكيل بجماعة الإخوان والمسلمين واعتقالهم مرورًا باعتقال قيادات الحركات الثورية حتى تهميش دور الأحزاب المعارضة وتفكيك كياناتها بمنح البعض مناصب سياسية مؤقتة ومن ثم تهميشهم. ومع مرور الوقت اتسعت رقعة المعارضة للرئيس السيسي ونظامه من جماعة الإخوان المسلمين وشباب الحركات السياسية الثورية وأحزاب التيار الديمقراطي المعارض, وعدد كبير من قطاعات الشعب الرافضة لقراراته, إلا أن قيام السيسي بالفصل بين جميع هذه القوى المعارضة جعل تأثيرهم ضعيفًا مقابل أجهزة الدولة الأمنية التي باتت تسيطر على كل الأمور السياسية والاقتصادية والتشريعية في مصر. وبذلك تفتت المعارضة المصرية في ظل حكم النظام الحالي سواء القوى الثورية في الداخل أو جماعة الإخوان في داخل وخارج مصر، ولم تتوحد حتى الآن المعارضة المصرية في الداخل وخارج مصر في مواجهة النظام الذي أصبح يستمد قوته من عدم توحد المعارضة المصرية سواء داخل أو خارج مصر. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء الأحزاب والسياسيين في أسباب عدم توحد المعارضة المصرية سواء داخل أو خارج مصر في مواجهة النظام الحاكم. "ماهر": الشباب لديه القدرة على خلق أدوات تسقط النظام في البداية، يقول أحمد ماهر، عضو الهيئة العليا لحزب الوسط: "كلما كان النظام السياسي نظامًا حرًا ساهم بشكل أكبر في تقوية الأحزاب المعارضة المختلفة التى تستطيع التواصل مع الجماهير واكتساب شعبية من خلال مشروعاتها المطروحة لخدمتهم, أما في فترات القمع والذي نعيشه الآن فإن تفتت المعارضة يكون أمرًا طبيعيًا لعدم وجود أدوات سياسية سلمية تستطيع التعبير فيه عن آرائها بكل حرية وشفافية. وأضاف ماهر أن السبب في غياب دور المعارضة وضعفها في الوقت الحالي هو النظام السياسي الحالي من خلال تحديد الإقامات الجبرية والقبض العشوائي على جميع التيارات المعارضة ليبرالية أو علمانية أو إسلامية, واستخدام أجهزة الأمن لتشكيل برلمان يكون طوع أمره, مما يؤدي إلى اختفاء قدرة انتشار الأحزاب والقوى السياسية في الشارع. وأشار ماهر إلى أن هناك بعض الأمور الأخرى التى ساعدت على تفتت المعارضة متمثلة في حدوث انشقاقات داخلية بين تكتلات المعارضة الواحدة وبينها وبين القوى المعارضة الأخرى، مما أفقدها الثقة وخلق حواجز نفسية منعت توحد هذه المعارضة بمختلف توجهاتها الفكرية. وتابع: "فبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين فقد حدث لها تفتت كبير بعد الاعتقالات الكبيرة التى شهدتها ومقتل العديد منهم في رابعة وغيرها من المعارك، مما أحدث انقسامًا داخليًا أضعف جبهتها الداخلية والخارجية, ويقاس على هذا العديد من القوى المعارضة الأخرى التى تسلل إليها روح الانقسام وجعلها ترتكب العديد من الأخطاء". وأكد عضو الهيئة العليا لحزب الوسط أنه بالرغم من وجود اتفاق عام بين مختلف قوى المعارضة على رفض أسلوب إدارة نظام السيسي لمصر إلا أن هناك اختلافًا وعدم توحد في مطالب كل جبهة، فالمعارضة المصرية منذ 25 يناير 2011 تعاني من انقسام في وجهات النظر واختلاف المطالب، فالإخوان لا زالوا متمسكين بعودة الرئيس مرسي لمنصبه بينما يرفض هذا الشرط القوى المعارضة الأخرى التى تري أنه كان سبب فيما حدث، مما ساهم في عدم تكوين جبهة موحدة. وأردف: "تمت خلال الفترة الأخيرة جهود كبيرة لمحاولة توحيد صف المعارضة على مبادئ 25 يناير في بيان القاهرة وغيره، لكن القمع والتنكيل بجميع أطياف المعارضة من النظام الحالي أضعف هذه الجهود. وتوقع ماهر أن تكون فرص الشباب المعارض قوية خلال الفترة المقبلة إذا استطاع خلال الفترة الماضية التمسك بمبادئ ثورة يناير ومن ثم فهو يستطيع خلق أدوات ضغط جديدة على النظام وإجباره على الخضوع في ظل التطور والابتكار المتوالي، وشاهدنا ذلك في خروج الشباب في معركة استرداد تبعية جزيرتي تيران وصنافير رغم القمع والاعتقال. "الروبي": المصالح الشخصية أسقطت جبهة المعارضة في فخ النظام من جهته يرى شريف الروبي، الناشط السياسي وعضو حركة 6 أبريل الجبهة الديمقراطية، أنه في عصر المخلوع حسني مبارك والرئيس المعزول محمد مرسي كانت هناك العديد من الأصوات المعارضة في الشارع ما لبثت أن اختفت في الوقت الحالي؛ نتيجة لعدة أسباب من بينها تحقيق بعض الشخصيات والرموز المعارضة مصلحة شخصية جعلتهم لا يعترضون على القمع وانتهاك حقوق الإنسان. وأضاف الروبي أن من أسباب عدم توحد المعارضة هو عدم وجود رؤية حقيقية لخلق كيان سياسي بديل يستطيع تحقيق متطلبات المواطنين وآمالهم في تعليم وصحة وحرية مناسبة، أما المعارضة التي تعمل من أجل إسقاط رئيس دون خلق بديل حقيقي فهي لن تستطيع البقاء. وتابع: "النظام الحالي نجح في الانفراد بالقرارات والسلطة، مما تسبب في حدوث انقسامات داخلية جعلت كل فرد يعمل من أجل تحقيق مصلحة شخصية دون النظر إلى المصلحة الوطنية العليا". وأكد الروبي: "في السابق كان هناك حالة من القبول الواسع من العمل مع جماعة الاخوان المسلمين في جبهة واحدة وهو ما نتج عنه توحد الجميع في ثورة 25 يناير, لكن بعد ممارساتهم السيئة في الحكم وتسببهم في خلق انشقاقات بين أطياف المجتمع وتبنيهم للعنف، جعل من الصعب أن يحدث توافق معهم وخاصة الوجوه السياسية الحالية منهم على مواجهة النظام الحالي وإن كان الطرفان في خندق واحد، لكن لكل طرف وجهة نظره المستقلة في كيفية التعبير عن رأيه والوصول لهدفه". "صادق": تبني إسقاط الحكم عجّل بتصفية المعارضة وتبني موضوعات اجتماعية يعيدها من جديد في سياق آخر، يقول الدكتور سعيد صادق، المحلل السياسي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، إن المعارضة في دولة يكون فيها النظام ثابتًا دون تغيير يكون تركيزها منصبًا على المشروعات القائمة على الاقتصاد والسياسة والعمل الخارجي هذه غالبًا ما يسمح بها، أما المعارضة بهدف تغيير النظام متمثلة في جماعة الإخوان المسلمين وبعض الحركات الثورية ومن ثم من المستحيل أن يتركها النظام تعمل بحرية. وأضاف صادق أن عدم قدرة المعارضة على الحصول على إجماع أطياف المجتمع المصري بسبب تفتت آرائها ومطالبها جعل تواجدها أشبه بالعدم, وغير قادرة على تحقيق أي هدف من أهداف عملها. وأضاف صادق أن الرأي العام أصبح غير قابل لأية تغييرات بعد أن عانى خلال السنوات الماضية من آثار هذه التغييرات السياسية في المأكل والمشرب وانعدام الأمن، مما جعل تقبله لوجود مجازفة أخرى قد تكون نتائجها سلبية إذا ما فشلت صعبة للغاية، فبالتالي يصعب على المعارضة في هذا التوقيت تعبئة الرأي العام لمساندتها ضد النظام الحالي وإن كان يمارس أساليب غير مشروعة في عملية قمح الحريات. ولفت صادق إلى أن القبض على عدد كبير من المعارضة مثلت نوعًا من أنواع إضعافها, حتى وإن كان هذا الأسلوب متبعًا في عهد مبارك لكنه لم يكن بالقدر الموجود عليه في الوقت الحالي من البطش والتنكيل والوصول إلى التصفية في بعض الأوقات. وقال صادق إن لم شمل المعارضة من جديد وتوحيد قدرتهم على معارضة النظام تتطلب عدة خطوات أولها الاهتمام والتنديد بقضايا مجتمعية يلمسها جميع أفراد المجتمع مثل انتهاك حقوق الإنسان, والحديث عن الأخطاء الاقتصادية وتأثيرها السلبي على المجتمع, والبعد عن فكرة الإطاحة بالنظام في الوقت الحالي والتخلي عن عودة مرسي حتى تضمن انضمام جماعة الإخوان للأحزاب الليبرالية والحركات الثورية الرافضة لهذا الشرط لكونها شاركت في عزله. "حمدان": تطويع مؤسسات الدولة ساعد النظام في إخماد ثورة المعارضة وفي سياق متصل، يقول مجدي حمدان، المحلل السياسي وعضو جبهة الإنقاذ السابق، إن النظام الحاكم حاليًا عمل على تفتيت جبهات المعارضة منذ اليوم الأول لتولي مقاليد الحكم عبر إغراء معظمهم بالمناصب القيادية مثل تعيين البرادعي نائبًا لرئيس الجمهورية والببلاوي رئيسًا للوزراء، بالإضافة إلى إسناد بعض المناصب المؤقتة لعدد من الشخصيات أمثال عمرو موسي, مما ساهم في تفتيت أي صوت للمعارضة الحقيقية, بجانب الجلوس مع باقي الأحزاب السياسية واستمالتهم لتأييده وهذا ظهر في ضعف موقفهم رغم القبض على العديد من شبابهم في مظاهرات شعبية. وأوضح حمدان أن النظام استخدم الأجهزة الأمنية في شق الصف المعارض، بجانب تطويع بعض رجال الأعمال ساهم إلى حد كبير في تفتيت أي صوت يمكن أن يتحدث عن تغيير النظام أو إسقاطه.